خالد زغريت
الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 17:14
المحور:
كتابات ساخرة
كُهْنُ السيدة الأولى وكيد الوزيرات
( إشارة لابد منها:
هذه القصة من الدفتر الأسود للبيت الأبيض صفحات سرية دونتها سكرتيرة رايس حول قرار مجلس الأمن 1701 ، المتخذ بالإجماع في 11 آب/أغسطس 2006، كتبت القصة بعد صدوره).
كانت الوزيرة رايس مستغرقة في شرودها، تسبح في ضباب التنبؤات ،فلم يُنّبهها دويُّ طرقات رئيس مجلس الأمن مؤذناً بافتتاح الجلسة . كانت نظراتها زجاجية تعكس ذاتاً جامدة كقطة مسلوخة مثلجة. ولم تثرها أضواء الكاميرات المنهمرة على المؤتمرين كشعر الغجر، كانت رابضة على كرسيها كذنب ثور كسيح.
عجز كل ضجيج القاعة الأعرج الذي وهبه صوت "كوفي أنان" عكازين من الصدى عن استردادها من ذوبانها في سوداها النائم كفنجان العزاء الإفريقي. أربكتني حالتها، وهي تنسى متابعة كلمات المندوبين، لتوزع نظراتها بين السجادة الحمراء تارة، فترتعش، فتشيح عنها إلى مندوب إسرائيل، فلا تفتأ أن تلوي برأسها إلى جانب آخر مذعورة مثل عنزة شمطاء لسعتها بغتة ذبابة قليلة الأدب.
ظننت بداية الأمر أنها لسعات غيرتها من استلطاف" جورج" بوش لوزيرة خارجية إسرائيل "ليفني" الذي عضته ذئاب الشهوة المسعورة في نظراتها، فبدا تعلّقه بها صاخباً مضطرباً كلحية حاخام فرنسي، واهتمامه مفضوحاً َ ولامعاً كصلعة "أولمرت"، وقد ساقه ولعه بـ"ليفني" في أثناء متابعة تطورات الحرب إلى الاقتصار على الاتصال بها فقط.
كانت تمرّ أيام بتمامها من دون أن يردّ "بوش" على " أولمرت"، وكان كلما أراد شيئاً من إسرائيل يهاتف "ليفني". أمس كان يحادثها بحضور "رايس" ذاتها، بينما كان "حالوتس" كالتيس الأثول، ينطح الجدران منتظراً "بوش" أن يفرغ من غزله بـ"ليفني"، ليطلب منه تزويد المستوطنات الإسرائيلية بما يحميها من القذائف اللبنانية التي تجاوزت المئتين في تلك اللحظة، فلم يعر "بوش" "حالوتس" ومستوطناته أي اهتمام ، وبقي مستغرقاً بملاطفة "ليفيني".
يروي لها كيف طلب من " ميشيل آليوي ماري" وزيرة دفاع فرنسا أن تحمل لها في زيارة عاجلة آخر صرعة البارفانات الفرنسية، أما الذي حوّل شك" رايس" إلى يقين هو اتصال زوجة" يهود باراك " نافا" التي كانت أشهر خليلات "حالوتس"، و"رايس" تعرف تماماً مقدار غيرة "نافا" من "ليفني" التي خطفت قلب "حالوتس" فأهداها محفظة أسهمه قبل الحرب.
كانت "نافا" تتحدث بصوت مبحوح كدجاجة خنقتها أنفلونزا الغيرة، وقالت لرايس: آنستي أخبرني "حالوتس" ليلة أمس أنه نكاية ببوش الذي راح يسلبه ليفيني، سيدفع أولمرت إلى إيقاف الحرب ليخّيب رغبات "بوش"، أما المسكينة رايس التي تعي مقدار سياميتها مع القرود البنغالية الهرمة، فقد كانت تتلظى حسداً وغيرة، و ما زلت أذكر والكاتيوشا لا تستدعي الذكريات كيف غلبت غريزة الغيرة رايس، وهي تستقبل ليفني في البيت الأبيض، فغرزت ظفرها في ظهرها، وهي تدّعي احتضانها، و على الرغم أن حدة النقاشات في المجلس لا تتيح للمرء كل هذا الوقت لاسترجاع تلك الأحداث لتفسير اضطراب "رايس" وذهولها، إلا أنني كنت مضطرة لمعرفة سبب حال "رايس" ولاسيما أن أعضاء الوفد الأمريكي مصابون بداء السكري الذي يضطرهم إلى الخروج المستمر من القاعة، وهذا يعني أن هناك خللاً سيلحق بالقرار، لكن المفاجأة الأسوأ هو أن "رايس"- التي لم تكن تردّ على جوّالها في مثل هذه الحالات إلا إذا كان "بوش" بذاته هو المهاتف - قامت مذعورة لما انتبهت إلى اهتزاز الجوال، فرافقتها ظناً مني أن "بوش" يريد أمراً.
ابتعدت عني صوب الحمام، عرفت أن المكالمة خاصة جداً، غير أن انشغالها وتوترها حالا دون الانتباه لملاحقتي لها، لقد كانت على الخط" لورا بوش" التي اشترطت على جورج في حملته الانتخابية الأولى أن يكون نائبه "ديك تشيني"، لأن الرئيس لا بد أن ينشغل جداً عن بيته، لذلك هي بحاجة إلى نائب له قادر على تخصيص واحد وسبعون بالمئة من اختصاصاته لحياة الرئيس الزوجية، فيجيد نيابة الزوج.
قالت لورا: رايس ياغبية، أنا لا أخشى منك على جورج فأنت ظلك يأنف من الالتصاق بك، لكن أوهامك تهمني، وتحقق أمنياتي، صحيح أنني لا أبالي بحماقات جورج النسوية، غير أن كرهي لليفني يجعلني أدلك على طريقة تنتقمين بها من تلك الخنزيرة المسلوخة "ليفني" التي نقلت وركيها إلى خديها، فتعكرين العلاقة بينها وبين زوجي وبينها وبين "حالوتس" فتضربين كلبين بعظم،
هذا يعني أنه عليك أن تعملي على أن يكون قرار المجلس غامضاً مربكاً مقلقاً، وهذا يترك"جورج بوش" يعيش قلقاً دائماً، وكذلك "ليفني" التي ستعيش في هاجس خلعها من كرسي الوزارة، وهذا القلق سيمنع "حالوتس" من الاستمتاع بها في ليالي "طبريا" التي تقضّ مضاجعها صواريخ لبنان، وبذلك تجعلين الخلان مشوشين متوترين، فيتاح لك أن تشمتي بعذاباتهم.
ردت "رايس" هذا ما كان يبلل خاطري سيدتي، ردّ" تشيني" من خلف ظهر "لورا" حيث كان نائباً عن "بوش" في "لورا"، لاهثاً :غمضيه غمضيه" يقصد القرار"، فأجابت "رايس ": نعم سيدي النائب شكراً لجهودك الوطنية.
أغلقت الجهاز، واستدرنا معاً عائدتين إلى المجلس وإذا بـ" ميشيل ماري" وزيرة دفاع فرنسا خارجة نحو حمام آخر تردّ على جوالها: بلى مسيو "تشيني"، لقد دار بذهني ما يدور بذهنك، لعل "لورا" تقدّر، ولا تعاود الاتصال ب"شيراك " قبل الفجر لتعبّر له عن إعجابها بعطره، لكن سيدي لماذا كل شيء عندنا تعدّه أمريكا تابع لقوات الناتو وتمنح نفسها الحق بمشاركتنا به؟؟؟ فحتى عطر شيراك تشاركنا به، والتفتت إلى "رايس" معاتبة حانقة :الست "لورا" تطلب من معهد بحوث البنتاغون اختراع هاتف ينقل الرائحة مع الصوت، مدعية أن ذلك يسهم في حفظ بصمة الرائحة، والملعونة لا تريد إلا التمتع بعطر "شيراك".
ردّتْ عليها "رايس" ببسمة حلمت بأن تكون بلاستية، ودخلت القاعة، ولما فضّ الاجتماع وقرّر المجلس القرار 1701، خرجت الوفود، وبوغتنا أن" بوش" أرسل من يحملنا إلى البيت الأبيض مباشرة، حين وصلنا كان "بوش" على باب مكتبه، ومنظره يوحي بشكل بهيئة ضبّ قشّرته نيران غيظه، جذب "رايس" من شعرها عاضاً كتفها بكل نزق أنيابه، وأدخلها المكتب، ثم أغلق الباب خلفه.
سمعت كل أصوات الغابة تقلدّها "رايس" بذعر، كما سمعت كل أصداء اللطم واللكم والركل، وكل أنواع الشتائم النسائية و الرجالية ينبح بها "بوش"، حتى اجتمع كل موظفي البيت الأبيض، ولم يفرج عنها حتى صرخ أحدهم: السي أي أبلغت" رامسفليد" أن القاعدة تسللت إلى البيت الأبيض، فرفع درجة التأهب إلى اللون البرتقالي، والسيدة( الغولة) لورا طلبت من شيراك طائرة خاصة لتلجأ إلى الأليزيه.
أنا متأكدة أن "بوش" حين سمع ذلك أدرك أن " لورا" لاتهمها أمريكا ولا البيت الأبيض فلا همّ لها إلا حماية ناتو "شيراك"، فهو يدرك عظمة العهر القومي الذي ستلحقه "لورا" بأمريكا، فاضطر إلى إفلاتها، فخرجت حينها "رايس" وكأنها عنزة مشوية، وما على جسدها سوى بقايا ملابس خاصة جداً، حوّلها ثوران "بوش" إلى لون برتقالي، وكانت المسكينة لا تعرف ما الذي تستره من جسدها بكفيها، وبينما كان "بوش" يلاحقها بألفاظ نابية فوق العادةً مردفاً كل شتيمة بقوله كيد الوزيرات، كانت رايس تردد حالة تأهب .. درجة برتقالي .. درجة برتقالي، ركضتُ إليها لألقي عليها شالي، نظرتْ إليَّ وقالت: من الحب ما قتل .. .
#خالد_زغريت (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟