دور حليب البغال في مسيرة حزب البعث السوري

خالد زغريت

الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 12:49
المحور: كتابات ساخرة
    

كان لي صديق، كأنما جُبل من عجين فلين وبنزين، دائماً كان مشتعلاً حماسة لكل فكرة يؤمن بها، بداية شبابه آمن بحزب البعث، فتحول إلى كتلة لهب من النضال البعثي. فطلّق زوجته لأنها مسحت طاولته بفولار طلائع البعث لما اهترأ. وتبرع بقطعة أرضه التي ورثه من أبيه لبناء مقر الفرقة الحزبية. وبناه بيده. ولم تشفع له كل هذه التضحيات بأن يترفع إلى عضو قيادة فرقة. وكل ما حظي به أن يكون مستخدماً فيها.
ورأى في إحدى ليالي الشتاء الممطرة. مقر الفرقة مضاء، فظنّ أنه نسي أن يطفئ الأنوار، والظنّ البعثي ليس كله أو بعضه إثماً، بل نضال وقائي، فهرع ليفتح المقر، ويطفئ الأنوار. فصعقه مشهد مخز، إذ رأى أمين الفرق مع أمينة سر التربية في غمرة نضال ثوري. وكانت رائحة العرق البلدي, تفوح من مقر الحزب و أدبياته الثورية. فلم يتمالك نفسه الثورية، فشتم دعارة أمين الفرقة وصاحبته. وخرج غاضباً.
عزم الرأي على أن يكشف الأمر للسيد أمين الفرع، وبعد تريث عدة أيام أمضاها في إعداد تقرير عن انتهاك عرض البعث، ذهب لمقابلة أمين الفرع الذي استقبله بتجهم شديد، ولم يسمح له بتلفظ كلمة، متوعداً إياه بإحضار الأمن السياسي لمحاسبته على شتم قيادة الفرقة، وقصف البعثية المحصنة، ولأنه أعلم بما سيلقاه في فرع الأمن، خرج، وتعهد بالصوم عن الكلام وبالعزلة عن الناس إلى أن طالت لحيته.
رغب يوماً بالخروج من بيته ليمشي بين الحقول ترويحاً عن نفسه، فرآه أمين الفرق، ولم يخمّن أن لحيته الطويلة عفوياً. ستنقله إلى بساط الريح، ومع فجر ذلك اليوم طرق بابه زوار الفجر، واقتادوه معصب العينين. فأمضى عشر سنين في سجن فرع فلسطين بتهمة انتمائه إلى حزب الإخوان، ولم يدر كيف خرج . لكن خرج يكفر بفلسطين وبالبعث، ويحكي الحكايا عن البعثين، بل تطاول بالحديث عن مؤسسي حزب البعث، فصار يفهم بأنهم مجموعة من البغّالة سرقوا ملفات الأحزاب اليمينية الفرنسية، وفبركوا منها المنطلقات النظرية لحزب البعث وأهدافه ومبادئه.
وكان يردد كلما دقّ الكوز بالجرة أن حافظ أسد ومجموعته البعثية التي قادت الحركة التصحيحة البعثيين، سرقوا في ليل بهيم سجلات حزب البعث وصندوق، واشتراكاته، وهربوها على بغال في الطرق الجبلية، وكانوا إذا نفد زادهم من المال والطعام، يشربون حليب البغال، فتطبعت أفعالهم وأفكارهم بالروح البغلية .

#خالد_زغريت (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات