أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - حين يصبح الموت أهون من النزوح ..غزة بين الإبادة والتهجير القسري..بقلم د. وسيم وني














المزيد.....

حين يصبح الموت أهون من النزوح ..غزة بين الإبادة والتهجير القسري..بقلم د. وسيم وني


وسيم وني
كاتب

(Wassim Wanni)


الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 15:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في غزة اليوم كما كل يوم لم يعد الموت خياراً مفروضاً بقدر ما أصبح أهون الشرّين ، فحين تُحاصر العائلات بين نارين: البقاء تحت حمم القصف وآلة القتل التي لا ترحم أو النزوح نحو المجهول بتكاليف تعجيزية وتفوق قدرتهم المالية، ندرك أن المأساة خرجت من إطار الكارثة الإنسانية إلى جريمة منظمة ضد الإنسانية و لم يعد النزوح مجرّد انتقال جغرافي، بل عملية اقتلاع قسري تُدار بوحشية وإرهاب قادة الاحتلال وصمت دولي مريب يغض الطرف عن هذه الجرائم ، حيث يُطلب من الضحايا أن يدفعوا ثمن البقاء أحياء، في واحدة من أبشع صور الابتزاز الإنساني في تاريخ البشرية.

نزوح بتكاليف خيالية
لم يعد قرار النزوح من مدينة غزة نحو الوسط أو الجنوب مرتبطاً فقط بالقصف العنيف واستحالة البقاء في المدينة، بل أصبح عبئاً مادياً يفوق طاقة أبناء شعبنا الفلسطيني، بعد عامين من حرب الإبادة لم يعد بإمكان الأسرة الفلسطينية أن توفر حتى وجبة طعام يومياً تسد الرمق ، فكيف يمكنها أن تغطي نفقات النزوح التي تصل إلى آلاف الدولارات؟

إعلام العدو الإسرائيلي والذي لا يخجل من نفسه كونه سبب هذه الكارثة والمأساة التي حلت بشعبنا الفلسطيني (القناة 12 العبرية ) نفسها كشفت أن نزوح عائلة واحدة يكلف ما يقارب 20 ألف شيكل (6200 دولار أمريكي)، تشمل تكاليف النقل، استئجار أرض لنصب خيمة، بناء مرحاض، وشراء مستلزمات إضافية مثل براميل المياه ، وهنا المفارقة المؤلمة أن هذه التكلفة تكفي قبل الحرب لبناء طابق جديد في منزل وبشكل مميز، أما اليوم فهي ثمن “حياة في الشارع” بلا سقف ولا جدران .

هذا الواقع حوّل عملية النزوح إلى رحلة “فانتازيا قاسية” كما يصفها الناس: تخرج من بيتك ومسكنك وأحلامك وذكرياتك ومولدك، لتجد نفسك على قارعة الطريق، مضطراً لدفع ثمن باهظ مقابل حياة لا تشبه الحياة فقط هرباً من الموت الذي يحيط بهم من كل صوب.

مأساة تتكرر آلاف المرات وبشكل يومي

لقد صار النزوح عند أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة خياراً قسرياً لا يملكونه، رحلة مليئة بالإذلال والدموع، رحلة تُدفن فيها الخيام كما تُدفن البيوت تحت الركام حتى أصبحت صورة عامة تتكرر عشرات آلاف المرات مع كل عائلة دفعتها آلة الحرب لمغادرة بيتها بحثاً عن أمان لم تجده.

الاحتلال بين الإبادة والتهجير القسري

ما يجري في غزة ليس نزوحاً طوعياً، بل تهجير قسري منظم، وهو جريمة يعاقب عليها القانون الدولي فبموجب القانون الدولي الإنساني يُحظر على القوة القائمة بالاحتلال تهجير المدنيين قسراً تحت التهديد أو القصف ، وهنا تقع على الاحتلال مسؤولية حماية المدنيين وضمان وصول الغذاء والماء والمأوى والخدمات الأساسية لهم ،ويصنف فرض النزوح بهذه الطريقة، تحت القصف والقتل العشوائي ووسط انعدام المقومات الإنسانية، على أنه جريمة ضد الإنسانية قد تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية.

القوانين الدولية واضحة:

• المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للمدنيين من الأراضي المحتلة.
• المادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تدرج الترحيل القسري ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
• ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان يكفلان الحق في الحياة والسكن والكرامة الإنسانية.
إن الاحتلال بممارساته يخرق كل هذه النصوص، ويمارس جريمة مركبة: قتل ممنهج وتهجير قسري، في وقت يفرض فيه حصاراً شاملاً يمنع وصول الإغاثة والمساعدات الإنسانية.




عجز داخلي وصمت دولي

في غرب النصيرات، فتح بعض الأهالي أراضيهم الزراعية للنازحين مجاناً ، لكن سرعان ما امتلأت تلك الأراضي بالخيام، وتحولت المبادرات الفردية إلى عجز جماعي أمام أعداد النازحين المتزايدة. لم يعد هناك مكان شاغر، فعاد كثيرون أدراجهم إلى غزة مفضلين الموت في بيوتهم على الموت في العراء.

هذا المشهد يكشف عجز الداخل وصمت الخارج معاً شعبنا الفلسطيني يُذبح ويُهجّر، بينما العالم يرى هذه المأساة ولا يحرك ساكناً فالمؤسسات الدولية تتحدث عن "مساعدات إنسانية" في وقت يتعرض فيه أبناء شعبنا لجرائم إبادة وتهجير قسري، دون وجود أي إجراء فعلي لوقف هذه المأساة أو محاسبة الاحتلال وقادته .

مسؤولية التوثيق والمساءلة

التوثيق هنا ليس ترفاً إعلامياً بل واجب قانوني وأخلاقي ، الشهادات، الصور، الأدلة الطبية، التسجيلات الميدانية، كلها أدوات لا بد أن تُجمع لتشكل ملفات قابلة للمساءلة أمام محكمة الجنايات الدولية وغيرها من الهيئات المختصة.

كما إن التهجير القسري والإبادة الجماعية جرائم لا تسقط بالتقادم، ومن واجب المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية أن تتابع، وتبني قضايا محكمة، وتضغط باتجاه تفعيل آليات المساءلة والمحاسبة، كما أن المجتمع الدولي — بصمته أو تقاعسه — يتحمل شراكة أخلاقية وسياسية في استمرار هذه الجريمة.

ختاماً ما يحدث في غزة ليس قدراً ولا كارثة طبيعية، بل جريمة ممنهجة ومنظمة مكتملة الأركان،أن يُطلب من الفقراء والجائعين أن يدفعوا ثمن النزوح ليبقوا أحياء، بينما تُستباح حياتهم وكرامتهم، فهذا امتحان أخلاقي وقانوني للعالم بأسره، التاريخ لن يرحم الصامتين، والقانون لن يسقط جرائم الاحتلال بالتقادم.

إن الحق في الحياة والكرامة ليس امتيازاً يُشترى، بل حق كوني ثابت لا تسقطه حرب ولا يلغيه حصار،إننا نكتب لنشهد، ونشهد لنحاكم، ونحاكم كي لا يُترك أطفالنا في غزة بلا مأوى، ولا يظل خيار الموت أهون من النزوح.



#وسيم_وني (هاشتاغ)       Wassim_Wanni#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام الفلسطيني في لبنان.. معركة الوعي وحماية الهوية...بقل ...
- غزة… الجوع كقنبلة صامتة في وجه الإنسانية...بقلم د. وسيم وني
- الأقصى بعد نصف قرن من إحراقه: من ألسنة اللهب إلى مخطط الإحلا ...
- في غزة المُجوَّعة.. حوامل يواجهن الموت، وأجنّة يُحاصَرون في ...
- المساعدات الإنسانية بين القانون الدولي وممارسات الاحتلال غزة ...
- في يوم الأسير الفلسطيني لابد للقيد أن ينكسر مهما طال أمد الا ...
- اسرائيل الكيان الخارج عن القانون
- إنهاء الأونروا تمهيد لتصفية القضية والعمل بصفقة القرن مع عود ...
- هل تشهد المنطقة بداية النهاية للحرب؟..
- عداد الموت والدمار في غزة لا يتوقف مع استمرار المجازر اليومي ...
- الفلسطيني يتحدى آلة الموت الإسرائيلية ويتمسك بأرضه..
- أطفال فلسطين ضحية آلة القتل الإسرائيلية ...
- مجزرة الخيام هولوكوست فلسطين.
- عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة بين المساومة الإسرائيلية ...
- قرار مجلس الأمن هل سيلتزم الاحتلال بهذا القرار ويوقف الإبادة ...
- العميل الصامت... في عصر الذكاء الاصطناعي...
- تصفية -الأونروا - الشاهد على النكبة الفلسطينية والبحث عن بدا ...
- مائة يوم من المجازر الإسرائيلية ومازال نزيف الدم الفلسطيني م ...
- الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني لن تكسر صموده
- مستشفى المعمداني في غزة عُمدت بدماء شعبنا الفلسطيني


المزيد.....




- طاقم برنامج جيمي كيميل سيتلقون رواتبهم ولا يزال مستقبل البرن ...
- -هذا أمرٌ مروع!-.. قاضية توبخ والدين تركا أطفالهما ينامون في ...
- بعد تصريحات الشرع.. نتنياهو يتحدث عن تطورات -محادثات السلام- ...
- -يتصدى لمحاولات تكريس الاحتلال-.. أنور قرقاش يعلق على الاعتر ...
- على ضوء التوتر مع واشنطن.. مودي يدعو الهنود إلى مقاطعة المنت ...
- ستارمر يعلن اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطين
- وسط تصاعد المواجهة مع واشنطن.. فنزويلا تستعرض ترسانتها العسك ...
- مهددة بالانقراض.. مبادرات في ألمانيا لدعم لغات محلية بالسودا ...
- الاعتراف بدولة فلسطينية: عباس يشيد بـ-خطوة على طريق السلام- ...
- سوريا تحدد موعد 5 أكتوبر لإجراء الانتخابات البرلمانية


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وسيم وني - حين يصبح الموت أهون من النزوح ..غزة بين الإبادة والتهجير القسري..بقلم د. وسيم وني