أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - بين الحماية والتسوية: لماذا تتباين استراتيجيات قسد والدروز في سوريا؟















المزيد.....

بين الحماية والتسوية: لماذا تتباين استراتيجيات قسد والدروز في سوريا؟


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 14:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدمة

شهدت سوريا منذ عام 2011 تحولات جيوسياسية ومعقدة، فرضت على مكوناتها الاجتماعية والسياسية تبني استراتيجيات بقاء مختلفة. من بين هذه المكونات، برزت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشمال الشرقي ومكون الدروز في محافظة السويداء الجنوبية، كل منهما بطريقته الخاصة في التعامل مع الدولة المركزية والمخاطر الإقليمية. بينما تميل قسد نحو خيار التفاوض والحكم الذاتي ضمن سوريا موحدة، تتجه أصوات دروزية نحو المطالبة بـ "دولة محمية" تستند إلى حماية خارجية. هذا المقال يحلل العوامل الكامنة وراء هذا الاختلاف، مع التركيز على المعطيات الجغرافية والديموغرافية، حسابات القوة، التحالفات الإقليمية، والتأثيرات الدولية.

1. السياق التاريخي والجيوستراتيجي

أ. قسد: مشروع الحكم الذاتي المادي

النشأة والتكوين: تشكلت قسد في أكتوبر 2015 كتحالف عسكري متعدد الإثنيات (كُرد، عرب، سريان، آشوريون..وغيرهم) بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش .
السعي للشرعية: منذ البداية، ركزت قسد على بناء مؤسسات حكم ذاتي في مناطق سيطرتها (الحسكة، الرقة، دير الزور..)، مع التأكيد على أن مشروعها ليس انفصاليًا بل يهدف إلى فدرالية أو لامركزية داخل سوريا .

ب. الدروز: من الدفاع المحلي إلى خطاب الحماية

الخصوصية الطائفية: يتميز الدروز في السويداء بتجانس ديموغرافي ونسبة سكانية عالية (حوالي مليون نسمة معظمهم دروز مع وجود اقلية مسيحية واخرى سنية) .
الفلتان الأمني: تعرضت المنطقة لموجات من الاغتيالات والانفلات الأمني، مما دفع بعض الأصوات إلى المطالبة بـ حماية دولية أو دولة محمية، كآلية ضغط أكثر من كونها مشروعًا انفصاليًا .

2. العوامل الجغرافية والديموغرافية: الفارق الحاسم

جدول مقارن: قسد مقابل الدروز

المعيار قسد (شمال شرق سوريا) الدروز (محافظة السويداء)
المساحة ~50,000–60,000 كم² ~1,000–2,000 كم²
التعداد السكاني 4–5 ملايين نسمة ~1 مليون نسمة
التنوع الإثني/الطائفي متعدد متجانس (غالبية دروزية)
(أكراد، عرب، سريان..)
الموارد الاستراتيجية النفط، الغاز،. المياه محدودة
الحدود الدولية تركيا، العراق. الأردن

قسد: تمتلك موارد طبيعية هامة (النفط في دير الزور والحسكة) وتسيطر على مناطق حدودية حساسة مع تركيا والعراق. هذا يجعل أي مشروع انفصالي مغامرة غير محسوبة بسبب:
الرفض التركي المطلق لأي كيان كُردي .
أهمية هذه المناطق للدولة السورية من الناحية الاقتصادية والأمنية .
الدروز: منطقة محدودة الموارد والمساحة، مما يجعل مشروع "الدولة المحمية" يعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي وليس على إمكانيات ذاتية.

3. حسابات القوة والتحالفات: بين القوة العسكرية والضغط السياسي

أ. قسد: القوة العسكرية والرهان على التفاوض

القوة العسكرية: تُقدر قوات قسد بـ 60,000–70,000 مقاتل، دربتهم و دعمتهم الولايات المتحدة بشكل مباشر .
التحالفات الإقليمية:
الولايات المتحدة: دعم عسكري لكن دون غطاء سياسي لأي مشروع انفصالي .
العلاقة مع دمشق: تدرك قسد أن شرعيتها طويلة الأمد تحتاج إلى اعتراف من الحكومة المركزية، لذلك تمسكها بـ اتفاق 10 مارس 2025 الذي ينص على دمج مؤسساتها في الدولة السورية .

ب. الدروز: الافتقار إلى القوة العسكرية والرهان على الحماية الخارجية

القوة المحلية: تعتمد على الميلشيات المحلية (أبرزها "قوات البناء")، وهي أقل تنظيمًا وتسليحًا من قسد .
التحالفات الإقليمية:
إسرائيل والأردن: تهتمان باستقرار السويداء كمنطقة عازلة، وقد يقدمان دعمًا غير مباشر لضمان أمنها .
الضعف في الدعم الدولي: لا يوجد دعم دولي صريح لمشروع "دولة محمية"، مما يجعل المطلب أقرب إلى أداة ضغط منه إلى خطة عملية.

4. اتفاق 10 مارس 2025: نموذج لاستراتيجية قسد التفاوضية

هذا الاتفاق بين قسد والحكومة السورية المؤقتة (برئاسة أحمد الشرع) يعد مثالًا على سعي قسد للحل عبر التفاوض وليس الانفصال. البنود الرئيسية تشمل:

1. دمج المؤسسات العسكرية والمدنية التابعة للإدارة الذاتية في مؤسسات الدولة السورية.
2. الاعتراف بالحقوق الثقافية والدينية للأقلية الكُردية دستورياً.
3. التأكيد على وحدة سوريا تحت علم واحد وسيادة واحدة لكن ان لا يذكر اسم أي قومية باسم الدولة.

التحديات في التنفيذ:

الجمود: تتهم دمشق قسد بـ المماطلة في تنفيذ الاتفاق، بينما تلقي قسد باللوم على الضغوط الخارجية والانقسامات الداخلية .
التدخلات الإقليمية: تركيا وإيران تعارضان أي تقوية للنفوذ الكُردي في سوريا .
لذا فالبعد الكُردي له تداعيات إقليمية واضحة

5. العوامل الإقليمية والدولية: ضغوط متباينة

الدور التركي: تركيا تعتبر قسد امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) وتتهدد دائما بـ عمليات عسكرية ضدها. هذا يدفع قسد للتفاوض مع دمشق لتجنب المواجهة مع أنقرة .
الدور الإسرائيلي: إسرائيل مهتمة باستقرار السويداء وتقديم دعم غير مباشر للدروز كمنطقة عازلة أمام إيران وحزب الله .
السياسة الأمريكية: تركز واشنطن على مكافحة الإرهاب والاستقرار النسبي في سوريا، وليس دعم مشاريع انفصالية. هذا يحد من خيارات قسد .

6. الاستدامة والمستقبل: لماذا استراتيجية قسد أكثر واقعية؟

قسد: تمتلك مشروعًا مؤسسيًا (الإدارة الذاتية) وقوة عسكرية، وتعمل ضمن إطار التفاوض الذي يمنحها شرعية داخلية ودولية. اتفاق 10 مارس 2025 – رغم جموده – يظل إطارًا قانونيًا يمكن البناء عليه .
الدروز: خطاب "الدولة المحمية" يفتقر إلى القوة العسكرية والدعم السياسي الدولي الصريح. هو أقرب إلى آلية ضغط لانتزاع ضمانات أمنية من دمشق أو حلفاء خارجيين .

خاتمة

الاختلاف في الرؤى بين قسد ودروز السويداء ليس مجرد تباين في الخطاب السياسي، بل هو انعكاس لفروق عميقة في:

الموارد الجغرافية والقوة العسكرية.
طبيعة التحالفات الإقليمية والدولية.
الرهانات الاستراتيجية لكل طرف.

بينما تملك قسد أوراق قوة مادية وتعمل ضمن استراتيجية تفاوضية طويلة النفس، فإن مطالب الدروز بـ "دولة محمية" تبقى رهينة بدعم خارجي غير مضمون. التسوية السياسية ضمن دولة سورية لا مركزية تبقى الخيار الأكثر واقعية واستدامة للطرفين وللمستقبل السوري عامة.


المراجع

1. هذه معالم التسوية التي تعمل عليها واشنطن لمستقبل "قسد"
2. ما الذي يرسم علاقة قسد بدمشق؟
3. تركيا تُصعّد شمال سوريا و" قسد " تتّهمها باستغلال... - YouTube
4. الحرب الأهلية السورية
5. على ماذا تراهن قسد في التنصل من تطبيق اتفاقية مارس؟
6. ناقش المجلس العسكري لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)...
7. يقفش فبزاز اخته تطلع ظبره و تمصله بلوحوب ياخدها علي...
8. سوريا بين الساحل والأكراد والدروز
9. قوات سوريا الديمقراطية



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة الشيباني إلى واشنطن: شروط تعجيزية ووساطات لانتزاع التأ ...
- سوريا بعد الأسد: صراع القانون الدولي والمصالح الإقليمية في م ...
- تصنيف الميليشيات العراقية إرهابياً: تداعيات جيوستراتيجية ومخ ...
- انعطافة أميركية حادة في سوريا: قراءة في قرار إبعاد الدبلوماس ...
- سوريا على مفترق الطرق: رؤية مجلس سوريا الديمقراطية لمستقبل د ...
- عمّان الثلاثي والجنوب السوري: بين وعود السويداء وصواريخ إسرا ...
- من الدوحة إلى أنقرة: رسائل الاستهداف الإسرائيلي وحدود الرد ا ...
- سوريا بين وهم الوحدة وحقيقة الانقسام: هل يكسر القرار 2254 حل ...
- ملامح المشهد السوري بين رؤية مناف طلاس واستحقاقات المرحلة ال ...
- سوريا على فوهة بركان: بين صراع الشمال الكردي وتفاهمات الشرع ...
- أحداث 11 أيلول وإعادة تشكيل النظام العالمي: قراءة معمّقة في ...
- من صراع المصالح إلى الفيدرالية: قراءة في الأوضاع الجيوسياسية ...
- طبول الحرب على أبواب أوروبا: بين اختبار الناتو وهاجس الحرب ا ...
- محاولة اغتيال قادة حماس في الدوحة: قراءة في المؤشرات والتداع ...
- بارزاني: سلام معلق في سوريا.. ومخاوف من تكرار سيناريو داعش ف ...
- تركيا بين تصدير الأزمات الداخلية واللعب بالورقة السورية
- اللامركزية في العراق وسوريا: هل تكون مفتاح العدالة والاستقرا ...
- اللامركزية في سوريا… بين الانتخابات المثيرة للجدل وحتمية الت ...
- باريس تكرّم البيشمركة: تكريم رمزي أم بداية لتحوّل سياسي في ا ...
- تركيا وسوريا بين أوجلان و-التسوية المؤجلة-: هل يقترب زمن الح ...


المزيد.....




- البيت الأبيض: أمريكا ستُكمل صفقة تيك توك -خلال الأيام المقبل ...
- بوتين يختبر -صمت- ترامب لإعادة رسم معادلة الحرب في أوكرانيا ...
- هاتريك كاين يقود البافاري لفوز كبير.. ونصر أول لهامبورغ
- كيف يفكر نتنياهو في مواجهة العزلة التي يعيشها الكيان الصهيون ...
- من عمود الحلاق إلى سهم أمازون.. حكايات الرموز ودلالاتها الخف ...
- مسعد بولس يكشف التوجه الأميركي بأفريقيا وجهود السلام في الكو ...
- قتيل في قصف إسرائيلي على سيارة جنوب لبنان
- حماس: إسرائيل تستخدم عربات مسيّرة مفخخة لإبادة المدنيين بغزة ...
- الديمقراطيون يضغطون للقاء ترامب مع اقتراب الإغلاق الحكومي
- معهد العالم العربي في باريس يناقش الاعتراف الفرنسي المؤجل بف ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - بين الحماية والتسوية: لماذا تتباين استراتيجيات قسد والدروز في سوريا؟