أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - طارق الحلفي - الانسان الذي سبق الثورة














المزيد.....

الانسان الذي سبق الثورة


طارق الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 02:47
المحور: قضايا ثقافية
    


صدر يوم 2025.09.18
للأديبة سعاد الراعي
كتاب: "الانسان الذي سبق الثورة ـ الجوانب الإنسانية في سيرة سلام عادل"

يأتي الكتاب ليعيد إحياء سيرة رجل استثنائي ارتبط اسمه بمرحلة فارقة من تاريخ العراق الحديث. فهو لا يقدّم سلام عادل، الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي، بوصفه قائداً سياسياً فحسب، بل يكشف عن إنسان ومفكر وفنان، جسّد قيم النضال والالتزام الأخلاقي، وترك إرثاً يتجاوز حدود الحزبية ليغدو جزءاً من ذاكرة الوطن.
ولد حسين أحمد الموسوي، المعروف باسمه الحركي سلام عادل، عام 1922 في النجف. عايش الفقر والظلم منذ صغره، فصاغت تلك التجربة وعيه المبكر وأشعلت جذوة نضاله. عمل معلماً في الديوانية، لكنه لم يكن مجرد موظف يؤدي واجبه، بل مربياً استخدم الفن والمسرح وسيلة للتنوير. وحين تولى منصب سكرتير الحزب الشيوعي عام 1955، اتضح أنه لم يكن مجرد قائد تنظيمي، بل ضمير حيّ، يرى في القيادة الجماعية شرطاً لصدق العمل السياسي، ويرفض تحويل الثورة إلى دماء عبثية.
يستعرض الكتاب مسيرته الإنسانية من محطات مفصلية: المؤتمر الثاني للحزب عام 1956 حيث أعاد بث الحياة في جسد التنظيم، تأسيس جبهة الاتحاد الوطني عام 1957، ثم دوره في ثورة 14 تموز 1958 وما تبعها من مؤامرات وصراعات. ويكشف عن مواجهاته مع خصوم سياسيين مثل عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم، حيث ظلّ متمسكاً بالحوار الإنساني والشراكة النضالية، مؤمناً بأن النصر الحقيقي لا يُقاس بالسلطة، بل بقدرة القائد على حماية كرامة الناس.
لا يقتصر الكتاب على الوقائع السياسية، بل يقدّم وثائق ورسائل كتبها
عادل نفسه، مثل كراسته الشهيرة " وجهة نضالنا في الريف" التي أكدت أن الثورة لا تُصنع في المكاتب، بل تنبع من الأرض، من عرق العمال وأنين الفلاحين. وفي هذه النصوص يظهر البعد الإنساني واضحاً؛ نقد ذاتي صريح، وحسّ وجداني يجعل السياسة امتداداً للأخلاق.
الجزء الثاني من الكتاب يغوص في السنوات العاصفة بين 1958 و1963. هنا يظهر سلام عادل في مواجهة أزمات داخلية وانقسامات حزبية، وأحداث كركوك الدامية التي واجهها بموقف انساني وأخلاقي يرفض الانتقام ويدعو إلى النقد الذاتي. وعند عودته من موسكو عام 1962، حاول تصحيح مسار الحزب برسائل كتبت بدم القلب لا بالحبر، محذراً من الانهيار الوشيك قبيل انقلاب شباط 1963.
في فصوله الأخيرة، يرسم الكتاب صورة مؤثرة لرجل واجه التعذيب حتى الموت دون أن ينكسر. استشهد سلام عادل في شباط 1963، لكن صموده حوّله إلى أسطورة وطنية. لم يكن مجرد شهيد سياسي، بل رمزاً أخلاقياً صاغته الفكرة وصاغها، وترك لنا إرثاً لا يزال يروي الأجيال القادمة بقيم التضحية والعدالة والإنسانية.
تكمن أهمية الكتاب في أنه يتجاوز السرد التاريخي إلى قراءة فلسفية، سياسية وانسانية، تجعل من سيرة سلام عادل نموذجاً للتفكير في معنى القيادة، وحدود السياسة حين تستند إلى الأخلاق. فهو يذكّرنا بأن النضال لا يُختزل في إسقاط نظام أو تغيير وجوه، بل في إعادة الاعتبار للإنسان.
الكتاب ليس مجرد مرجع عن تاريخ سلام عادل، بل وثيقة عن العراق نفسه، عن جرحه وأمله، عن إنسان عاش الثورة بكل جوارحه، وبقي في الذاكرة نهراً يفيض بالكرامة ولا ينضب.
**



#طارق_الحلفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقنعة المكائد
- تقديم مطالعة لرواية بين غربتين للروائية الاديبة سعاد الراعي ...
- صراع الذكاء
- -حين تكون القصيدة مفتوحة كأفق وملمومة كقطرة ماء- (2)
- قصائد رقمية
- راقصة
- طفولة لم تغب بعد!
- -حين تكون القصيدة مفتوحة كأفق وملمومة كقطرة ماء- (1)
- -حين تكون القصيدة مفتوحة كأفق وملومة كقطرة ماء-
- لي.. ما اشاء
- شهوة الالوان
- غداة ذكرى
- ايها الحنين
- زغب في خريف العمر
- هايكو/ التوت
- فيض ذكرى
- زحام
- ارتباك
- متاهات العالم الجديد
- الطلق


المزيد.....




- الأردن.. فستان الأميرة رجوة بعشاء نائب الرئيس الأمريكي برفقة ...
- الإمارات.. ولي عهد أبوظبي يثير تفاعلا بلقطات له من اليابان
- لحظة مؤثرة.. كاميرا توثق إنقاذ حيوان موظ عالق في بئر وسط غاب ...
- الاستعراض والاحتفالات الرسمية مفتاح قلب دونالد ترامب.. وبريط ...
- بعد ضربة الدوحة.. متحدث قطري يوضح لـCNN موقف بلاده
- سوريا.. أحمد الشرع يشعل تفاعلا بتصريح عن الثقة بإسرائيل و-سو ...
- لماذا تواجه فرنسا خطر التحول إلى -رجل أوروبا المريض- الجديد؟ ...
- -خط أحمر- يهدد اتفاقات أبراهام... الإمارات تحذر من ضم الضفة ...
- أييلِت غوندار غوشِن: أديبة إسرائيلية تتحَسُّسُ أوجاع طرفي حر ...
- باريس وحسابات ما بعد الاعتراف بفلسطين: ضم الضفة -خط أحمر-


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - طارق الحلفي - الانسان الذي سبق الثورة