أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس قاسم المرفوع - سوريا المستقبل من نموذج الاستعمار إلى أمة التحرر: المرأة أساس















المزيد.....

سوريا المستقبل من نموذج الاستعمار إلى أمة التحرر: المرأة أساس


أنس قاسم المرفوع

الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 16:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان الأزمة في الشرق الأوسط جوهرها لا ينفصل عن أزمة نموذج الدولة-الأمة ذي الطابع المركزي الأحادي الذي يقمع التعددية وينفي الحقوق الأساسية للشعوب والمجتمعات المتعايشة وهو نموذج منتج دائم لكافة أشكال العنف والاستبداد وهذا النموذج حقيقة هو من صنع الحقبة الاستعمارية وهو إرث مباشر للأستعمار ليبرر تدخله الدائم بالمنطقة والتي صنعته لأجل تبرير التدخل في شؤون المنطقة فحقيقة ان الصراع العربي الإسرائيلي الذي تجذر في وعد بلفور والسياسات الاستعمارية البريطانية يعتبر من اعقد الصراعات في العالم وأكثرها دموية وايضا الصراعات بين الدول العربية كما في حالة غزو العراق للكويت والصراعات على الحدود بين العديد من الدول والتي تعكس إشكاليات الحدود المصطنعة والصراع على الهوية والسلطة والصراعات الطائفية والعرقية...... هذه النماذج السياسية المفروضة حقيقة أنتجت دولا هشة ذات هويات مصطنعة مما عزز دائرة العنف وأعاق بناء أنظمة سياسية مستقرة قائمة على المواطنة الحقيقية والتعددية ومن هذه الدول سوريا فحقيقة ان ما تواجهه سوريا مابعد المرحلة التي تلت إسقاط نظام الاسد الاجرامي ليست مشكلة أفراد أو جماعات بل هي مشكلة طريقة التفكير ذاتها فالنظام السابق بنى الدولة على فكرة المركز الواحد الذي يسيطر على كل شيء السياسة، الاقتصاد، الثقافة، وحتى الحق في الرأي. هذه الفكرة حقيقة لم تختف بإسقاط النظام بل بقيت عالقة في أذهان الناس وفي طريقة عمل المؤسسات فما يحصل الآن هو أن الجماعة التي حصلت على القوة و السلطة تحولت إلى مركز جديد يحاول السيطرة وفرض رأيه على الآخرين تماما كما كان يفعل النظام السابق وهذا يؤدي إلى المكابرة والاستعلاء أي أن كل طرف يعتقد أنه يملك الحقيقة المطلقة وأن الآخرين على خطأ وأيضا يؤدي إلى الشحن العاطفي وبذلك يتم استغلاف مشاعر الناس بالخوف والكراهية للطرف الآخر بدلا من مخاطبة عقولهم وأيضا غياب المساواة والكرامة فحقيقة كل طرف ينظر إلى الآخر المختلف ليس كشريك في الوطن بل كمنافس أو عدو يجب إخضاعه الحل يتطلب تغيير عقلية الدولة بعقلية الأمة الديمقراطية فالحل لا يكمن في استبدال نظام استبدادي بنظام ديمقراطي مركزي جديد لأن الديمقراطية الحقيقية لا يمكن أن تأتي من مركز واحد فالحل حقيقة هو تغيير طريقة تنظيم المجتمع نفسها وهذا يقوم على الديمقراطية المباشرة من القاعدة بدلا من الانتظار لسنوات لاختيار حاكم واحد بل يجب أن يبدأ الناس بإدارة شؤونهم اليومية بأنفسهم في أحيائهم وقراهم من خلال مجالس محلية وبلدية ففي هذه المجالس يكون لكل شخص صوت ويتم حل المشكلات عبر الحوار والتوافق بين جميع المكونات (العربية، الكردية، الدرزية ،السريانية، الإسلامية( السنية،العلوية) ، المسيحية... إلخ) فحقيقة هنا تتحول الديمقراطية من مجرد انتخابات إلى أسلوب حياة يومي ، وايضا التركيز على دور المرأة فدورها ليس مجرد قضية بل هو شرط التحرر الأساسي للمجتمع بأسره فالمجتمع الذي يستعبد المرأة ويستغلها هو مجتمع مريض قائم على علاقات هيمنة واستغلال ستنتقل حتما إلى جميع مجالات الحياة الأخرى (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية). لذلك فإن محاربة استغلال المرأة والانحلال الأخلاقي ليس مجرد قانون عقابي بل هو ثورة ثقافية وأخلاقية شاملة تقوم على تفكيك عقلية التملك والهيمنة التي تعتبر المرأة ملكية أو جسدا يمكن استهلاكه وتجارته هذه العقلية هي نفسها التي تنتج الدكتاتور السياسي والاستغلال الاقتصادي ولذلك يجب بناء وعي مجتمعي جديد يرى في المرأة كيانا حرا مستقلا وأقدم مستعمرة يجب أن يتم تحريرها لأن تحريرها هو معيار تحرر المجتمع وأن يتم العمل على تمكينها اقتصاديا واجتماعيا فالمرأة المعيلة لذاتها اقتصاديا والمشاركة فعليا في إدارة المجتمع هي المرأة الأقدر على رفض الاستغلال والوقوف ضد أي شكل من أشكال الانحلال القسري وايضا ضرورة العمل على إنشاء تعاونيات ومشاريع اقتصادية تديرها النساء وتوفير التعليم والعمل لهن لضمان أنهن لسن مضطرات لبيع جسدهن أو كرامتهن من أجل البقاء وأن يكون للقيم الأخلاقية المجتمعية وزن أكبر من القوانين المفروضة من أعلى في سوريا المستقبل وأن تتبنى الحكومة السورية عقدا اجتماعيا أخلاقيا يرفض بشكل قاطع كل أشكال استغلال المرأة والاتجار بها ويعتبره خيانة للمجتمع والدين وقيمه والعمل على التمييز بوضوح بين التحرر الحقيقي للمرأة الذي يعني سيطرتها على جسدها ومصيرها وبين الانحلال المدبر الذي هو أداة للنظام المهيمن لإلهاء المجتمع وتفكيك روابطه وتحويل المرأة إلى سلعة فحقيقة العقلية التي تسمح باستغلال جسد المرأة وتسليعه هي نفس العقلية التي تسمح باستغلال عمال في مصنع أو قمع رأي مختلف أو احتلال أرض شعب آخر كلها تنبع من منطق واحد وهو منطق الهيمنة والتسلط والامتلاك فالمرأة هي أساس المجتمع الكياني والأخلاقي والثقافي هي التي تلد وتربي الأجيال وهي التي تنقل القيم واللغة والتاريخ لذلك أي ضرر يلحق بها هو ضرر يضرب المجتمع في الصميم وأي إصلاح لها هو إصلاح لجميع بنى المجتمع لأنه الشرط الأساسي لبناء مجتمع ديمقراطي حقيقي قائم على القيم الأخلاقية السليمة. حقيقة إن المشروع الديمقراطي الحقيقي لا يمكن أن يتم تطبيقه جزئيا لأنه إما أن يكون جذريا وشاملا وإما أن يتحول إلى ديكور يخفي استمرار الهياكل السلطوية القديمة بأسماء جديدة لذلك إنني أرى ان ما يجري في سوريا هو صراع بين ذهنيتين: ذهنية الدولة القديمة القائمة على الاحتكار والعنف الرمزي والمادي وذهنية تسعى للمشاركة والتضامن وتقاسم السلطة والثروة فعقلية النظام المركزي يرى أن يكون هناك مركز واحد يسيطر على الجميع والعقلية الجديدة ترى أن الوطن بيت كبير يتسع للجميع وترى بالتنوع قوة وبالاتفاق حماية حقيقة لا أحد يملك الحقيقة المطلقة وما نشهده من فوضى وصدامات هو أعراض ولادة جديدة صعبة، إنه صراع بين هاتين العقليتين والطريق نحو الاستقرار ليس باختيار مركز جديد أقوى بل يتطلب هدم النظام القديم ببناه الفكرية والسياسية والأمنية وبناء عقد اجتماعي جديد يعترف بالتعددية كأساس للدولة ويحول الاختلاف من سبب للصراع إلى مصدر لقوة المجتمع ويحقيق العيش المشترك الذي يحفظ كرامة الجميع وأمنهم ويحول دون إعادة إنتاج أزمات الماضي وهذا ليس مجرد تغيير سياسي بل هو ثورة على إرث الاستعمار وأنماط الحكم الاستبدادية التي كرست العنف والاستبداد فحقيقة هذه الرؤية تستدعي إعادة نظر جذرية في نموذج الحكم القائم والبحث عن أشكال جديدة تتجاوز الإرث الاستعماري وتستند إلى إرادة الشعوب وتاريخها وخصوصياتها الثقافية.



#أنس_قاسم_المرفوع (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا ما بعد الأسد: من دولة الهيمنة إلى مجتمع التعاقد - نحو ...
- الأخلاق كبنية تحتية للأمة الديمقراطية: قراءة في فكر أوجلان ح ...
- الضربات الأمريكية على إيران هل تفتح الباب لثورة داخلية أم حر ...
- من التشرذم إلى الثورة: كيف تصنع شعوب الشرق الاوسط مصيرها في ...
- الشرق الأوسط الجديد كيف تم تحويل الأخوة إلى اعداء؟ من التفتي ...
- من الدولة الدينية إلى الأمة الديمقراطية: تحليل المفكر أوجلان ...
- صدام الرؤى: حرية النخبة المجردة مقابل حرية المجتمع الجذرية م ...
- قراءة في خطاب السفير الأمريكي ورؤية أوجلان الاستشرافية


المزيد.....




- قطر تؤكد مقتل مدير مكتب خليل الحية خلال الغارة الإسرائيلية ع ...
- قطر تبحث مع الشركاء بالمنطقة الرد على الهجوم الإسرائيلي ...ك ...
- لغز الهجوم على أسطول الصمود في تونس: ماذا أظهرت كاميرات المر ...
- مقتل الناشط الأمريكي المحافظ تشارلي كيرك في إطلاق نار وترامب ...
- محللون: نتنياهو وضع أميركا بمأزق ولا يستطيع تكرار عدوانه على ...
- شاهد.. هل انتقاد الجزائريين للمدرب بيتكوفيتش حالة صحية؟
- الحرب على غزة مباشر.. عشرات الشهداء وإدانات متواصلة للهجوم ع ...
- عاجل | الخارجية القطرية: نستنكر بأشد العبارات التصريحات المت ...
- قطر تؤكد استشهاد مدير مكتب خليل الحية بالهجوم الإسرائيلي
- الكابوس الأكبر لإسرائيل الآن


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس قاسم المرفوع - سوريا المستقبل من نموذج الاستعمار إلى أمة التحرر: المرأة أساس