أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟














المزيد.....

سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 13:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اندلاع الأزمة السورية، تحولت البلاد إلى ساحة مفتوحة لتقاطع المصالح الإقليمية والدولية، حيث تداخلت حسابات القوى الكبرى مع رهانات اللاعبين المحليين. ومع الإطاحة بالنظام السابق في ديسمبر 2024، دخلت سوريا مرحلة جديدة من إعادة تشكيل النفوذ، لا تقل تعقيدًا عن سنوات الحرب، بل ربما أكثر غموضًا. وبينما تسعى القيادة الجديدة إلى استعادة السيادة الوطنية، تبقى خريطة النفوذ الخارجي هي العنصر الأكثر تأثيرًا في رسم مستقبل البلاد.

خارطة النفوذ: من إدارة الصراع إلى تثبيت المصالح

لم تعد سوريا ساحة حرب مفتوحة فحسب، بل تحولت إلى مسرح تفاهمات غير معلنة بين قوى إقليمية ودولية. فإيران، رغم تراجعها التكتيكي، لا تزال تحتفظ بوجود عسكري وأمني في الجنوب والشرق، بينما تعيد روسيا تموضعها في الشمال الشرقي، وتحتفظ بموطئ قدم استراتيجي في الساحل. أما تركيا، فتواصل تعزيز حضورها في الشمال، عبر دعم فصائل محلية وتثبيت واقع إداري موازٍ.

هذا التوازن لا يعكس استقرارًا، بل يكرّس حالة "اللاحسم"، حيث لا يملك أي طرف القدرة على فرض رؤيته الكاملة، لكن الجميع يملك أدوات التأثير والعرقلة.

إيران: تمدد عسكري في قلب الجغرافيا السورية

حتى منتصف عام 2025، حافظت إيران على شبكة واسعة من القواعد والنقاط العسكرية داخل سوريا، في محاولة لترسيخ نفوذها الإقليمي ودعم النظام السابق. وقد بلغ عدد مواقعها نحو 529 موقعًا، موزعة بين 52 قاعدة عسكرية و477 نقطة انتشار. وتمركزت هذه المواقع بشكل كثيف في حلب (117 موقعًا)، وريف دمشق (109)، ودير الزور (77)، وحمص (67)، إلى جانب انتشار أقل في محافظات حماة، إدلب، القنيطرة، اللاذقية، درعا، الرقة، السويداء، طرطوس، الحسكة، ودمشق العاصمة.

هذا التوزيع يعكس رغبة إيران في السيطرة على مفاصل النقل والإمداد، والاقتراب من الحدود الإسرائيلية، مما يفسر تصاعد وتيرة الغارات الجوية الإسرائيلية على هذه المواقع، إلى جانب الضغوط الدولية المتزايدة التي تطالب بتقليص هذا النفوذ. ورغم التحديات اللوجستية، فإن طهران لا تزال ترى في سوريا بوابة استراتيجية لا يمكن التخلي عنها بسهولة.

القيادة الجديدة: بين الطموح والواقع

مع سيطرة المعارضة على معظم المدن الكبرى، أعلنت القيادة السورية الجديدة مراجعة شاملة للوجود العسكري الأجنبي، بما في ذلك القواعد الإيرانية. هذه الخطوة، وإن بدت جريئة، تعكس رغبة في استعادة القرار الوطني وإنهاء حالة التبعية العسكرية التي طبعت المرحلة السابقة.

لكن هذه الطموحات تصطدم بجدار النفوذ الدولي، حيث لا تزال القوى الخارجية تتحكم في مفاصل الأمن والسياسة، وتعيد رسم الجغرافيا السورية بما يخدم مصالحها، لا مصالح السوريين.

روسيا وتركيا: إعادة تموضع لا انسحاب

روسيا، التي فقدت حليفها الرئيسي بسقوط النظام السابق، سارعت إلى تعزيز وجودها العسكري في مطار القامشلي وبعض المناطق الاستراتيجية، في محاولة لاستعادة دورها كلاعب رئيسي عبر شراكة أمنية مع القيادة الجديدة. أما تركيا، فقد واصلت تمركزها في الشمال، خصوصًا في إدلب وأجزاء من حلب والرقة، مركزة على مصالحها الأمنية على الحدود، بالتنسيق مع قوى محلية.

هذا التوازن بين القوى الثلاث – إيران، روسيا، تركيا – لا يعكس شراكة حقيقية، بل تنافسًا على النفوذ، يُدار في ظل ضعف الدولة السورية وغياب حكومة تشاركية قادرة على فرض السيادة أو بناء مشروع وطني جامع.

السيادة المعطّلة: بين الطموح الوطني والضغوط الخارجية

الحكومة الانتقالية، رغم إعلانها نية استعادة السيادة، تواجه تحديات جسيمة:

- مؤسسات الدولة لا تزال هشّة، تعاني من نقص الموارد وانعدام السيطرة على الحدود.
- القرار السياسي يُصاغ في ظل ضغوط دولية، لا في إطار عقد اجتماعي داخلي.
- القوى الوطنية لم تُدمج بعد في مشروع جامع، ما يضعف شرعية أي مسار سياسي.

وفي ظل هذا المشهد، تبدو الإدارة الحالية وكأنها تُدير الأزمة لا تحلّها، وتُراكم التفاهمات دون أن تُعيد بناء الدولة.

شراكة دولية مؤجلة:

في ظل هذا الواقع، تبدو فكرة "الشراكة الدولية لإعادة الإعمار" بعيدة المنال. فالقوى الدولية التي شاركت في الحرب، هي نفسها من يقود اليوم لعبة النفوذ، والدولة السورية لا تزال تفتقر إلى مؤسسات مستقلة، بينما لم تُظهر الحكومة الجديدة بعد انفتاحًا حقيقيًا على القوى الوطنية أو رغبة في بناء عقد اجتماعي جديد.

خلاصة: إدارة أزمة لا حلّ لها

ما يحدث اليوم في سوريا ليس حلًا للأزمة، بل إدارة لها. القوى الدولية تتقاسم النفوذ، والقيادة المحلية تحاول فرض السيادة وسط توازن هش. التغيير الحقيقي لن يحدث إلا إذا ظهرت إرادة داخلية لبناء دولة تشاركية، وتغيرت المعادلات الإقليمية والدولية لصالح الشعب السوري.

حتى ذلك الحين، تبقى سوريا ساحة مفتوحة على احتمالات متعددة، تتراوح بين إعادة التموضع، واستمرار الاستنزاف، أو انفجار جديد يعيد رسم الخريطة من جديد.


ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصدد تعريف اللامركزية الإدارية: مؤسسات محلية تحت إشراف الدول ...
- سوريا : ضرورة إبرام -اتفاقية أخلاقية- في فضاء النشر المفتوح ...
- الانفصال لا يُقرّره فرد أو تكتل، بل يُحسم بالدستور الوطني - ...
- من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة ...
- الإعلان الدستوري: بين ضرورته السياسية وتهديده لمدنية الدولة
- مشيخة رقابة الدولة - ظاهرة خفية خلف إدارة الدولة السورية
- العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري
- أحداث الساحل – قراءة في نتائج لجنة تقصي الحقائق وتوصيات لضما ...
- سردية المظلومية بين الابتزاز والواقع
- سوريا بين وحدة الدولة وتعدد الرؤى: لا وطن يُبنى على السلاح و ...
- واشنطن وسوريا: انفتاح مشروط وحذر استراتيجي
- في أول رد فعل حقوقي : أحمد سليمان يقترح جمال قارصلي لرئاسة ا ...
- تابعية الدين والطائفة
- دراسة في ” أرواح هائمة ” للكاتب التونسي كمال العيادي
- سوريا : جوازات سفر مُغَمّسة بالدم ، في خطوة من اجل انتخاب رئ ...
- معمودية الدم السوري ... مفترقات الثورة والعدالة الفالتة
- كفى تلاعبا بطوائفكم .. أمراء الإرهاب صناعة المخابرات
- مسودات من جنّة - باير - عن بنت -السنكري - و ” قوّاد الحتة ”
- نبيّك مكسور يا وقت
- أربعة اعوام على سجنها… طل الملوحي كاتبة وأسيرة حرب


المزيد.....




- -كافية لقتل كل سكان فلوريدا-.. خفر السواحل الأمريكي يصادر كم ...
- -أنا رجل يتمتع بفطنة سليمة عظيمة وذكاء-.. رد فعل ترامب على م ...
- ماذا يحدث عند انفجار جهاز يحمله غالبية المسافرين على متن الط ...
- -استقبلت 18 طفلًا برصاص في الرأس-.. طبيبة مُنعت من العودة إل ...
- ألمانيا ـ قطاع السيارات يخسر أكثر من خمسين ألف وظيفة
- لبنان يتسلم الرد الإسرائيلي وحزب الله يكرر رفضه التخلي عن ال ...
- مجلس الأمن يرجئ البت بمصير قوة اليونيفيل في جنوب لبنان: ما ن ...
- برّاك ينقل رسائل من إسرائيل إلى لبنان
- في 10 أعوام.. الاحتلال يدمر 1986 بئرا وبركة وخزان مياه بالضف ...
- ترامب يقيل محافظة الاحتياطي الفدرالي ومخاوف من التداعيات


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - سوريا بين توازن النفوذ وتعثر السيادة: إدارة أزمة أم غياب حل؟