أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - ثمن الخيانة .. ! ( قصة قصيرة )














المزيد.....

ثمن الخيانة .. ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 15:29
المحور: الادب والفن
    


يتفجر غضبه مثل بركان هائج ، وهو يرشقها بنظرة إدانة باردة . تفر من عينيها دمعة بائسة . تتسمر عيناها الغائرتين في وجهه المتجهم المتحجر . تسري رعشة هلع في أوصالها . ينطلق هادراً بصوت خشن أبح :
— تلدغيني يا أفعى .. تطعنيني من الخلف . تبيعيني بسرعة مع أول طارق . ترمين سنوات العِشرة ورائك من أجل رجل لا يساوي شيئاً . أنا الذي كنت أنام هانئاً مطمئناً ظاناً بأني بمنأى من أي غدر أو خيانة . لماذا ..؟ ما جريرتي حتى تجازيني بهذا الجزاء ؟ ألم أكن لك صدراً حنوناً ، وزوجاً طيباً مخلصاً لم أخن ولم أغدر ؟ ( ثم بصوت يغلب عليه التأثر .. ) يا الهي لماذا تزلين هذه الزلة القاتلة ، يا حمقاء بعد أن كنا سعداء ببعضنا ؟ خسارة .. ! ( يخنق دموعه .. ) أذنبي أني أحببتكِ من كل قلبي ؟ والله لو طعنتيني بسكين ألف طعنة لهانت عليَّ ، ولا سقطة الغدر والخسة هذه . لقد قتلتيني ، يا بنت حليمة . اللعنة .. تصورتي حبي .. ضعفاً .. ويلك وألف ويلك ( تنتفض روح البداوة في داخله .. ) .. أنا عاشور .. تجرعت من الحياة مُرَّها ، وعشت كل همومها ، و تحديت وحشية الزمن ، وقهرت المستحيل ، وقطعت مسافات العذاب منذ أن تدليت من رحم أمي الى وقع الفقد ثم اليُتم . تعبت نعم ، تعثرت نعم ، سقطت نعم ، لكني لم أتكئ على أحد ، بل عاودت الوقوف على قدميّ ، ونهضت وحدي من تحت الرماد ، وشمخت كنخلة سامقة .
ألم أقول لكِ ، يا بنت الناس أنا يمكن أن أغفر أي شيء ، إلا الخيانة . ( يصرخ في وجهها .. ) ألم أقول ؟ كل ما طلبته من ربي امرأة تحتضنني ، وتضعني داخل قلبها ، وتكون لي زوجة طيبة وفيّة وتخلّف مني . أهذا كثير ؟ ( يدمع .. )
ثم وهو يسمّر نظره في عينيها :
— هل تريدين أن تقولي شيئاً ، يا خائنة ؟ ماذا لديك بعد فعلتك القبيحة لتقوليه ؟ تشعر بأن الدائرة قد بدأت تضيق عليها ، وبرأس منكس يأتيه صوتها همساً متقطعاً كمن يصطنع ندماً :
— سامحني .. طلقني أفضل لك ولي ، ولا تحمل وزري ، وتُلقي بنفسك في التهلكة ..
— ليتني أستطيع ، لكن ما هذا في شرعنا بالشيء الذي يمكن نسيانه أو غفرانه أو المرور عليه مرور الكرام ، أبداً .. ( يشدد على كلمة أبدأ ) .
وهي ترشقه بنظرةٍ منكسرة لا حياة فيها :
— أغواني .. فأخطأت مثلما يخطئ جميع بني آدم ..
يصفعها ، ويلوّح بيده فيُسكتها :
— بماذا أغواك هذا الكلب القميء الضال ، أم كنت لحمةً طريةً شهية ، وسقطت عليه من السماء ، هل يحفظ العهد ، ويتركها بسلام ويرحل ؟ أم يلتهمها بكل تلذذ وشهوة ، فالكلب لا يبالي لحمة من ينهش !
وإذا كان على الغواية ، فهي موجودة ما دامت الذئاب البشرية من نسل آدم موجودة ، لكنها إختبار لإرادة المرأة ، وحد فاصل بين الثبات والسقوط . كل النساء يتعرضن للغواية . هذا ليس بجديد . لا توجد امرأه بمنأى منها ، لكن الشريفة هي التي ترفض ، والساقطة هي من تستسلم من الغلوة الأولى .
يستجمع انفاسه ويُكمل :
قبل الفاجعة زارني هاتف في نومي أفزعني ، وهتف بي بالأسم ، خذ حذرك ، يا عاشور ، استعد للآتي وكن رجلاً ، وما إن مرَّ يومان فقط حتى ضبطتكُما معاً متمرغَين بالوحل ( يبصق على الأرض باشمئزاز .. ) . يا لها من لحظة ! صورة واضحة لوغديّن كأنها تحدث أمامي الآن . كنت أرتجف ولا أزال كلما تذكرتها ، والنار بدأتني من رأسي حتى قدميّ .. مشتتاً تحت وقع الصدمة مدة لا أدري كم طالت ، وعندما استعدت سكينتي كان شريكك في الجريمة قد أختفى ، اللعنة ( يهز رأسه أسفاً ) يبدو أن العيش بشرف هذه الأيام أصبح صعباً ومُكلفاً !
عهداً مني سأدفنك كجيفة ، وبعدها سألحقه بكِ ، يا فاجرة . أسفي أني لم أنال منه . لم يكن رجلاً .. تنكر لصداقتي أولاً ، وتخلى عنك وتركك لمصيرك ثانياً بعد أن أخذ وطره منك ، وحتى أُدَّفعكِ ثمن زلة قدميك سأغسل عارك ، وليس عاري بذراعي من أدران أوسخ خيانة عرفها إنسان حينما يجد الرجل زوجته التي يحبها تتمرغ في أحضان رجلٍ غيره ، كيف إذا كان هذا ممن يعتبره يوماً صديقه !
تشتدّ الأعصاب ويغلي الدم . يدفعها الى الحائط . تتراجع كقطة مفزوعة . يحيط بها كالقيد المحكم . يحاصرها بنظراته النارية الغاضبة ، وبوجهه الصارم الجامد . يُطوّق عنقها بكفّه الفولاذية . يند عنها أنين خافت . يحشر ركبته بين ساقيها غير عابئ البتة بتضرعاتها . يرشقها بنظرة حقد شرسة ، وفي غمرة هياجه يضغط على عنقها بشدة جازّاً على أسنانه حتى تنغرس أصابعه في لحمها . تنتفض كالمذبوحة . تجحض عيناها . تتشبث بكفه تحاول عبثاً زحزحتها . يتناثر الزَبَد من فمها ، وتنز قطرات دم من أنفها . يسمع شخيراً كأنه نذير وداع . تحاول عبثاً أن تنتشل نفساً مستحيلاً يؤخر النهاية الحتمية ، لكن هيهات . لم يعد بينها وبين الموت سوى نُسيمة . تشعر بقواها تخور . يحس بثقلها على كفه . يحرر فجأةً رقبتها من قبضته . تتهاوى كخرقة قماش بالية على الأرض .. جسداً صامتاً ، وروحاً مغادرة ، ثم يسكن كل شيء .
إيهٍ يا عاشور ، أكانت هذه آخر جرعة ألم ، أم أن القادم أكثر إيلاماً ؟ رحلت الزوجة والحبيبة ، وذهبت أيامها بحلوّها ومرها ، ولم يتبقى منها سوى رائحتها تتضوع في المكان ، وحلّت أحزان الغياب قاسية ثقيلة دميمة ، و وجع الفراق المر الذي سيظل يطاردك ليل نهار .
يفترش الأرض شاحباً منهاراً ، وهو في حالة إعياء شديد محتضناً جرحه النازف . قلب حزين و وجه مكدود ، ويلك يا عاشور ، يا وجه العذاب . يضرب براحة يده على جبهته بعنف عدة مرات ، و وجهه يسبح بالدموع . يُسبل عينيها ، ويلبث وقتا طويلاً منكفئاً على أحزانه جاثياً على ركبتيه الى جانب الجسد المسجى . يا للعجب ! إنها جميلة رغم الموت ، وجسدها تفوح منه رائحة طيبة كأنها المِسك . يضع رأسه بين يديه وينتحب ، كمن ضيّع أغلى الناس .. !!
( تمت )



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جار السوء .. ! ( قصة قصيرة )
- ضياع في المَهجَر .. ! ( قصة قصيرة )
- جِراح تنتظر من يداويها .. ! ( قصة قصيرة )
- الطريق نحو الهاوية .. ! ( قصة قصيرة )
- الحب وحده لا يكفي .. ! ( قصة قصيرة )
- علاگتين بربع .. ! ( قصة قصيرة )
- المال الحرام .. ! ( قصة قصيرة )
- حب مدفون في العفن .. ! ( قصة قصيرة )
- امرأة من ذلك الزمان .. ! ( قصة قصيرة )
- خرجتْ ولم تعد .. ! ( قصة قصيرة )
- المخاض .. ! ( قصة قصيرة )
- لعنة الموبايل .. ! ( قصة قصيرة )
- المال حين يتكلم .. ! ( قصة قصيرة )
- سرّي الدفين .. ! ( قصة قصيرة )
- هَمْ البنات للممات .. ! ( قصة قصيرة )
- راشيل .. ! ( قصة قصيرة )
- يد القدر الثقيلة .. ! ( قصة قصيرة )
- عامل الزمن .. ! ( قصة قصيرة )
- لا حياة مع زوج خائن .. ! ( قصة قصيرة )
- في حياتنا رجل .. ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - ثمن الخيانة .. ! ( قصة قصيرة )