أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - الطريق نحو الهاوية .. ! ( قصة قصيرة )















المزيد.....

الطريق نحو الهاوية .. ! ( قصة قصيرة )


جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)


الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


أيامٌ كانت تتشابه في مرارتها ولوعتها ..
انتهت بانفصال والديّ ، وأنا بعد صبية لم أُتم السابعة عشر . لم تكد القضية تبرد ، وتأخذ طريقها الى النسيان حتى فاجأتني أمي برجل إدعت أنه قريبها ، وقدمته لي بإسم ( لطيف ) بملامحه الملساء التي تشبه ملامح الثعبان . أخذتُ أُقلّب في ذاكرتي كل صور أقارب أمي ، فلم أعثر على مثل هذه السحنة قط .
انتقل ليعيش معنا في نفس البيت ، بل إحتل الجانب الخالي الذي كان ينام فيه أبي ، وأخذ يتصرف وكأنه صاحب البيت حتى بدأ الناس يتغامزون ، وأصبحنا حكاية تتسلى بها ألسنتهم السيئة . كنت أستغرب من هذا الرجل الذي لم يفعل شيئاً يستحق عليه مثل هذه الحظوة عند أمي التي لم ينلها رجل آخر قبله حتى المسكين أبي . لم أتمالك نفسي أكثر ، فانفجرت في وجهها :
— ما الذي تفعلينه ، ماما ؟ بأية صفة يعيش هذا الكائن الغريب معنا ؟ ألا تخشين كلام الناس ؟ أمن أجله تخليت عن أبي ؟
— أنا لا أخشى شيئاً . نحن عشرة عمر ، و سنتزوج في أقرب فرصة .. أما عن أبوكِ ، يا دلوعة أبوها ، فلم يكن يكفيني ، إفهميها لوحدك .. ها ها ها .. !
كانت أمي قد تخلت عن كل ما هو مهذب ، وضربت به عرض الحائط ، فلم تكن تتحرج من سرد أسرار علاقتها بعشيقها ، وتُكثر من الحديث عن المعاشرة بينهما ، وتتباهى بقدراته الجنسية الغير عادية التي تقول بأنها تُطفئ لهيبها الداخلي حتى أخذت سردياتها المثيرة تدغدغ غرائزي ، وتغزوا مخيلتي ، وتشهيني بما كانا يقومان به ، وأصبحتُ أجد متعتي بالدفع بها الى البوح بمزيد من المدفونات . كنت أستمع اليها بانتباه شديد كطفل مجتهد ، رغم تظاهري بالخجل والحرج مما كنت أسميهن بالبذاءات الساخنة المبتذلة .
أصبحا شغلي الشاغل . أترصد حركاتهما . أتلصص عليهما . أسمع أنات أمي المكبوتة ، وحشرجات عشيقها . تزدحم مخيلتي بالصور المثيرة حتى تنامت شهوتي بشكل مخيف لا يمكن تصوره في تقليد أمي ، وليكن مع عشيقها ، أو مع أي رجل آخر غيره ، لا يهم .. !
وذات صباح وسوس لي شيطاني أن أختلس النظر من خلال ثقب صغير أحدثته في شباك غرفتيهما .. تخنقني رغبة مجنونة لأرى الفعل حياً على الواقع . وقفتُ مترددة ، أتلفت وأنا أنتفض هلعاً ، وما كدت أضع عيني المرتعشة على الثقب حتى شعرت بيد تمتد الى شعري ، وتشده بقوة تكاد تقتلعه من جذوره . التفتُ فاغرةَ الفم مذعورة . إهتز قلبي ، وأنا أراه واقفاً أمامي كشيطان رجيم . شعرت بحرارة أنفاسه . لقد كان هو بإبتسامته الصفراء الوقحة . يا ويلي من أمي ، إن أخبرها هذا الواطي . عقد الخوف لساني . لكني تشجعت وانتصبت أمامه باستقامة هشة ، مصطنعة شجاعة ليست فيّ ، وكان هو أول من تكلم :
— ماذا تفعلين ، يا حلوة ؟
أخرجني سؤاله من دهشتي . عبثاً حاولت أن أبدو متزنة ، لكن ارتباكي كان واضحاً . عدت الى نفسي بصعوبة ، لكن صوته الدبق لاحقني من جديد :
— أيعجبك ما نقوم به أنا وماما .. أجيبي ؟ هل بلعتي لسانك ؟ أتريدين أن أنادي أمك لترى ماذا تفعل ابنتها المدللة ، بنت المدارس ؟ هل تعتقدين بأني لم الحظ تلصصك علينا .. تكونين غبية إن فعلتِ ؟
سقط بيدي ، ولم أنطق بحرف ، شعرت بنظرات عينيه تستفزني ، كما لاحظت أنه كان يستمتع بتعذيبي ، أم هذا هو أسلوبه مع ضحاياه ، ربما .
منذ اليوم الأول الذي التقيته في بيتنا ، لم أكن غافلة عن نظراته الشهوانية ، وهي تتربص بي . واضح أنه كان يرغبني ويريد جسدي ، لكن ثمة شيء يمنعه .. خوفه من أن تُلقي به أمي في الشارع .. هذا الوغد المفلس الذي يعيش ويتنغنغ بأموالها ، وها هي الفرصة قد جائته مجاناً ، وعلى طبق من فضة .
بدأ يستغل الحادثة أبشع استغلال . يلوّح لي بالعصى والجزرة .. تارةً يبتزني بأنه سيخبر أمي ، و تارةً أخرى يغويني بما ينتظرني من ملذات الجسد في عالم المتعة المبهر حتى استسلمت وانهارت مقاومتي ، وبعدها أصبحتُ لعبةً طيّعةً بين يديه . أنا سالي الجميلة المتعلمة .. الثمرة المحرمة ، وحلم كل شاب من شبان الحي أسقط في النهاية هكذا بسهولة كثمرة ناضجة في أحضان هذا المبتز . انتصر هذا الوغد أخيراً في معركته غير المظفرة معي ، ونال ما كان يحلم به .
كانا هو وأمي يمضيان سحابة نهارهما في السوق . لا أدري ماذا يفعلان هناك ، و ما هو عملهما بالضبط ، وبعد ما حصل بيني وبينه أخذ يغافلها ، ويعود الى البيت لينفرد بي لساعة ، أو أكثر نمارس الفاحشه على راحتنا . كنت في قمة نشوتي وسعادتي حتى توقفت عن لوم أمي في عشقها لهذا الرجل . كان حريصاً أن لا يحصل حمل فينفضح أمره .
جائني يوماً لاهثاً ، وهو ينتفض هلعاً ، وأنفاسه تتقطع . رفض أن يُطيل أكثر من دقائق معدودة ، ثم قال بأن أمي قد بدأت تشك فيه ، لكنها الحمدلله بعيدة عنا لحد الآن ، ثم عاد الى السوق مسرعاً .
بدأت نظرتي لأمي تتغير . أصبحتُ أراها في صورة الغريمة ، أو المنافسة على الرجل الذي أُحب . وبدا البيت على وسعه أضيق من أن يحتوينا نحن الأثنتين معاً .
كشف لي عن خطته الشيطانيّة التي وصفها بالمدروسة بدقة :
— سالي روحي .. اسمعيني جيداً .. سنقصد أربيل أولاً ، ثم نتزوج هناك ، ومن ثَمَّ نطير الى بيروت . اتفقت مع صاحب ملهى أعرفه - إن نجحتِ في الاختبار - ستكونين نجمة الصالة و فنانتها الأولى ، واتفقت مع مدربة رقص لتعطيك دروساً في الرقص الشرقي . لا تستغربي فقد حدثتني أمك عن شغفك منذ طفولتك بهذا النوع من الرقص ، أم تفضلين الغناء ؟ قولي حتى أتفق مع مؤلف وملحن ومخرج ليُنتج لك فيديو كليب تكسّرين به الدنيا . كل هذا حبيبتي سهل جداً هذه الأيام وممكن وفي المتناول ، لكنه يتوقف على نجاح بقية الخطة .
كان واثقاً من نفسه ، ومن امكانياته . لا يترك شيئا يفرّ من قبضته . يخطط وينفذ دون أن يطلب رأيي . يبدو أن القدر كان يدفع بي في الاتجاه الذي أختطه لي ، ولم يبقى سوى شيء واحد قال بأنه مهمتي التي يجب أن أنجح فيها بأية طريقة ، وإلا ستذهب كل خططنا أدراج الرياح . المال والذهب في حوزة أمي . يجب أن أعرف مكانهما ، إذ بدونهما لا نستطيع أن نخطوا خطوة واحدة ، وحذرني بأن أكون محتاطة جداً مخافة أن ينكشف أمرنا ، وينتهي كل شيء ، وذكّرني بأن القحبة القذرة أمي - هكذا وصفها - ليست صيداً سهلاً أبداً . يجب أن لا نترك شيئاً للصدفة ، وبقليل من الحظ سنقفز من هذا الواقع البائس الى واقع الأضواء ، والمال ، والشهرة المبهر ، وسترين كيف ستنفتح لكِ أبواب الدنيا على مصراعيها ، صدقيني .
المستغرب أن خططه مثل حججه ، مثل ادعاءاته ، مثل أعذاره ، مثل أكاذيبه دائماً منطقية ومقنعة ، ولا يمكن معارضتها أو رفضها .
لم أسأل ، ولم أُناقش ، ولم أعترض كأني مسحورة تجرجرني أحلامي الفاسدة ورائها ، بل نفذت كل ما كان يخصني من الخطة بدقة متناهية ..
ونجحنا ..
وفي اليوم الموعود ، و المختلف تماماً عن بقية الأيام المحتشدة في ذاكرتي ، عاد من السوق متسللاً يغمره فرح غامض ، وبمعنويات عالية جداً .
كنت بانتظاره شاردة خائفة قلقة متوترة أحرث المكان جيئةً وذهاباً بلا توقف . يا لها من لحظات مصيرية مجنونة .. !
وأنا أستعد لمغادرة البيت الذي ولدت فيه وترعرعت ربما للمرة الاخيرة ، بدأ قلبي يدق بعنف يكاد ينّط من مكانه ، فدمعت عيناي ، ثم أجهشت .
التفتُ نحوه رأيته منهمكاً في حديث خافت بتلفونه المحمول ، وحينما انتهى اختطف الحقيبة فوراً ، ثم اقترب مني و وشوشني :
— هيا عجلي . التكسي ينتظر .
تمتمتُ بصوت مرتعش مُنقاد حزين :
— حاضر ..
الغريب أن أمي لم تخطر لي على بال . لم أحزن لفراقها رغم أننا قد لا نلتقي أبداً بعد أن تُغيبنا المسافات والمصالح ، ولم أهتم للصدمة التي تنتظرها ، والتي ربما ستقضي عليها ، كأني كنت في أعماقي أنتظر هذه اللحظة لأنتقم منها .. لأبي ولأحلامي ولحياتي عندما نسيتني ، وانهمكت برجل آخر كانت تظنه كل شيء وهو لا شيء .
في لحظة ما ، خشيت أن ما ينتظرني من مصير قد يكون مشابهاً لمصير أمي ، أو ربما أسوأ ، والأقدار لا تمزح أبداً مع من يتحداها .
حاولت أن أتحسس موضع الألم في قلبي .. هل هو القلق من الآتي ؟ أم هو الخوف من لطيف واحتمال أن يغدر بي مثلما غدر بأمي .. ؟ لا أدري !
جربت أن أبكي من جديد ، لكني لم أستطع . سمعته يستعجلني متلهفاً . أرد بنبرة مذعنة خانعة :
— حاضر حاضر ..
كان النهار لا يزال في أوله حينما غادرنا على عجل ، تاركين أمي لمصيرها المأساوي .. !!
( تمت )



#جلال_الاسدي (هاشتاغ)       Jalal_Al_asady#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب وحده لا يكفي .. ! ( قصة قصيرة )
- علاگتين بربع .. ! ( قصة قصيرة )
- المال الحرام .. ! ( قصة قصيرة )
- حب مدفون في العفن .. ! ( قصة قصيرة )
- امرأة من ذلك الزمان .. ! ( قصة قصيرة )
- خرجتْ ولم تعد .. ! ( قصة قصيرة )
- المخاض .. ! ( قصة قصيرة )
- لعنة الموبايل .. ! ( قصة قصيرة )
- المال حين يتكلم .. ! ( قصة قصيرة )
- سرّي الدفين .. ! ( قصة قصيرة )
- هَمْ البنات للممات .. ! ( قصة قصيرة )
- راشيل .. ! ( قصة قصيرة )
- يد القدر الثقيلة .. ! ( قصة قصيرة )
- عامل الزمن .. ! ( قصة قصيرة )
- لا حياة مع زوج خائن .. ! ( قصة قصيرة )
- في حياتنا رجل .. ! ( قصة قصيرة )
- رغبات مكبوتة .. ! ( قصة قصيرة )
- شجاعة نسوان أيام زمان .. ! ( قصة قصيرة )
- أنا .. وأمي الخائنة .. ! ( قصة قصيرة )
- لعنة عناق .. ! ( قصة قصيرة )


المزيد.....




- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال الاسدي - الطريق نحو الهاوية .. ! ( قصة قصيرة )