أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - معاداة السامية بين التوظيف السياسي والمغالطات القانونية














المزيد.....

معاداة السامية بين التوظيف السياسي والمغالطات القانونية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 17:17
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة
أثار تصريح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي ربط فيه بين الاعتراف بدولة فلسطين ومعاداة السامية، ردود فعل دولية غاضبة، كان أبرزها موقف الإليزيه الذي وصف هذا الربط بـ"الدنيء" و"المبني على مغالطات". هذا التصريح ليس مجرد زلة لسان سياسية، بل يمثل استراتيجية إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى تحويل مفهوم معاداة السامية من سياقه التاريخي والقانوني الصحيح إلى أداة لتبرير الاحتلال وإسكات الأصوات المنتقدة لسياساته الاستيطانية والعنصرية.
أولًا: المفهوم التاريخي لمعاداة السامية
تعود جذور مفهوم معاداة السامية إلى أوروبا القرن التاسع عشر، حيث استُخدم للتعبير عن أشكال التمييز والاضطهاد ضد اليهود، وبلغ ذروته في الحقبة النازية التي ارتكبت جرائم إبادة جماعية. وقد دفعت هذه الجرائم المجتمع الدولي إلى تبني منظومة من القوانين والاتفاقيات الدولية، أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965)، لتجريم أي شكل من أشكال التمييز أو التحريض على أساس ديني أو عرقي.
ثانيًا: الخلط المتعمد بين اليهودية والصهيونية
يعمل نتنياهو ومن خلفه التيار اليميني الإسرائيلي على خلط الهوية الدينية اليهودية بالمشروع السياسي الصهيوني. وبذلك يسعى إلى تصوير أي انتقاد لممارسات إسرائيل الاستيطانية والاحتلالية على أنه عداء لليهود كجماعة دينية. هذا الخلط يتناقض مع المبادئ القانونية الدولية التي تفصل بين حماية الأديان والأقليات ومساءلة الدول عن انتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني. فالنقد الموجه لإسرائيل لا يستهدف اليهودية كديانة، بل يطال سياسات الاحتلال القائمة على الاستيطان، مصادرة الأراضي، والتمييز الممنهج، وهي أفعال موصوفة بأنها جرائم حرب وفقًا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.
ثالثًا: التوظيف السياسي للمفهوم
في السنوات الأخيرة، جرى الترويج لما يُعرف بـ"تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)" لمعاداة السامية، والذي وسّع المفهوم ليشمل أي انتقاد لإسرائيل أو وصفها بدولة فصل عنصري. هذا التوسيع تعرض لانتقادات واسعة من منظمات حقوقية وأكاديميين، معتبرين أنه يشكل تسييسًا للمفهوم وتحريفًا لجوهره، ويؤدي إلى تكميم الأفواه وتجريم التضامن مع الشعب الفلسطيني.
رابعًا: الاعتراف بفلسطين حق قانوني لا علاقة له بالعداء الديني
الاعتراف بالدولة الفلسطينية يستند إلى قواعد القانون الدولي، وعلى رأسها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 67/19 لعام 2012 الذي منح فلسطين صفة دولة مراقب، فضلًا عن قرارات مجلس الأمن التي أكدت بوضوح عدم شرعية الاحتلال والاستيطان. وعليه، فإن ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية ليس سوى مغالطة قانونية وأخلاقية تهدف إلى تجريم الحق الفلسطيني في تقرير المصير، وتكريس الحماية السياسية للاحتلال تحت غطاء الدين.
خامسًا: الموقف الأوروبي والرد على الابتزاز الإسرائيلي
الموقف الفرنسي الأخير يُعبر عن إدراك أوروبي متزايد لخطورة الانجرار خلف هذا الخلط المتعمد. إن وصف الإليزيه لتصريح نتنياهو بالدنيء، يعكس قناعة متنامية لدى الدول الأوروبية بأن تجريم التضامن مع فلسطين لا يخدم مكافحة معاداة السامية، بل يضعفها، لأنه يفرغ المفهوم من معناه الحقيقي ويحوّله إلى أداة ابتزاز سياسي.
الخلاصة
إن محاربة معاداة السامية واجب إنساني وقانوني وأخلاقي، لكنها لا يمكن أن تُختزل في حماية الاحتلال الإسرائيلي أو في تبرير سياساته العنصرية. المطلوب اليوم إعادة الاعتبار للتفريق الجوهري بين معاداة اليهود كجماعة دينية أو إثنية، وهو أمر مرفوض ومدان ومجرم بموجب القانون الدولي، وبين انتقاد إسرائيل كدولة احتلال، وهو أمر مشروع ومسنود بالنصوص والقرارات الدولية.
إن استغلال نتنياهو لهذا المفهوم لتحقيق مكاسب سياسية آنية لا يغير من الحقيقة القانونية والموضوعية: الاعتراف بفلسطين ليس معاداة للسامية، بل هو خطوة في اتجاه العدالة وإنفاذ قواعد القانون الدولي.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس التأسيسي الفلسطيني والدستور المؤقت: من الشرعية الوطني ...
- تشكيل لجنة صياغة الدستور الفلسطيني بين الإطار القانوني ومتطل ...
- ✦ أهمية إعداد وصياغة دستور دولة فلسطين المستقلة وعاصم ...
- الحراك الإسرائيلي وأهميته لوقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى
- قمة ترامب – بوتين في ألاسكا: استعراض دبلوماسي أم إعادة تشكيل ...
- -الحق يحتاج إلى قوة-: مشروع E1 وتصفية حل الدولتين
- تصاعد الضغوط الأوروبية على إسرائيل: احتجاجات داخلية ومطالبات ...
- تصريحات وزيرة الخارجية الفلسطينية بين ثوابت الموقف الوطني وو ...
- تعيين حاكم لقطاع غزة خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية: قرا ...
- غزة والهولوكوست: اختبار الضمير الإنساني لليهودية التقدمية
- منظمة التحرير الفلسطينية: نحو إصلاح شامل وتجديد الشرعيات على ...
- إلى حكومة نتنياهو وائتلاف اليمين المتطرف: عودوا إلى التاريخ ...
- عن -النصر المطلق-: إسرائيل بين أزمة القيادة واستنزاف الواقع
- متطلبات الإعلان عن الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ...
- خطة احتلال غزة في ظل إدارة ترامب: الأبعاد، التداعيات، وخطر ا ...
- -إسرائيل الكبرى-... مشروع استيطاني توسعي يهدد دول الجوار تحت ...
- بوابة العبور للوحدة وتوحيد الصفوف ومواجهة التحديات والمخاطر ...
- زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكي لمستوطنة -أريئيل-: شرعنة للا ...
- المؤتمر الثامن لحركة فتح: بوابة العبور للوحدة وتوحيد الصفوف ...
- -بالروح بالدم نفديك يا غزة-... بين رمزية التظاهر وتغييب الحق ...


المزيد.....




- -أصبح مشلولا-.. الجيش العراقي يرد على تحذيرات أمريكية من توس ...
- في -اليوم المفتوح-.. مقرات الحكومة الألمانية في برلين تستقبل ...
- الهند تعلّق إرسال الطرود إلى الولايات المتحدة بسبب رسوم جمرك ...
- وزارة الداخلية تطلق ورش إعداد «جيل جديد» من برامج التنمية ال ...
- من مطاردة الكلاب له إلى -مجند- في مركز شرطة.. إليكم قصة هذا ...
- شريكة إبستين السابقة تدافع عن ترامب: -لم أره قط في وضع غير ل ...
- بينهم نساء وأطفال.. مقتل 25 فلسطينياً في غزة بهجمات إسرائيلي ...
- وسائل إعلام إسرائيلية: نتانياهو يدفع لتسريع عملية السيطرة عل ...
- الغيطة الجبلية.. نبض الاحتفالات في قبائل جبالة بالمغرب
- صحيفة روسية: ترامب ارتكب خطأ جيوسياسيا بشأن الهند


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - معاداة السامية بين التوظيف السياسي والمغالطات القانونية