أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الصدق الفني في قصيدة الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري- أبكي على وجه..أطلّ عليّ في حظّ الشباب- ( حين يبكي الشاعر..تتوجع القصيدة )














المزيد.....

الصدق الفني في قصيدة الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري- أبكي على وجه..أطلّ عليّ في حظّ الشباب- ( حين يبكي الشاعر..تتوجع القصيدة )


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 23:59
المحور: الادب والفن
    


قد لا أجانب الصواب إذا قلت أن أمنا الدنيا مترعة بالدموع،وزماننا مفروش بالرحيل..فالفواجع في هذه الحياة كثيرة،تأتي في النفس والمال والولد وفي الصديق والرفيق وفي رفيقة العمر ( قصيدة "أبكي على وجه..أطلّ عليّ في حظّ الشباب"-للشاعر الكبير محمد الهادي الجزيري- نموذجا )
لا أقدم هنا دراسة أكاديمية في قصيدة محمد الهادي الجزيري،وإنما أتفاعل حزنا ووجعا،بفواجعه وأحاول أن أتوحد بالنص وأقدمه من رؤية قارئ شغف بالإبداع والتجديد..
نص-في تقديري-جدير بالاستقصاء بعيدا عن أسس البلاغة الكلاسيكية وتنظيراتها المغرقة في شكلياتها التي أظن أنها فقدت دورها التاريخي..
نص يفيض حزنا ووجعا..عن زوجة كانت بالنسبة للشاعر ( محمد الهادي الجزيري) وسادة ريش يتكىء عليها كلما داهمه السقوط،أو نالت منه المواجع في نخاع العظم..
يمتلك الشاعر الجزيري نفسا بنائيا مختلفا للقصيدة،ولن أتحدث هنا عن وحدة النص، فالقصيدة التي نحن بصددها تكاد تشكل نصوصا متناسقة،وإنما عن تجزيء الشاعر لقصيدته لتشكل مقاطع متناسقة الجرس الموسيقي،ومتناسقة الخطاب اللغوي..وقد جمع الشاعر في قصيدته هذه أقسى المواجع،فما في القلب أقسى من لغة القصائد،قالها الشاعر بثقة العارف بوجع القصيدة على صاحبها وعلى المتلقّي أيضا.
اصطحبنا الشاعر برحلة نفسيّة صعبة،وموغلة في الوجع،كان كل حرف فيها يمرّ على القلب يزيد من اتساع رقعة جرحه..
وهنا أقول : لم تكن القصيدة تشبه الرثاء،بل كانت رثاء كاملا حمل كل المعاني.فالشاعر متمكّن من ناصية اللغة،يشكّل الكلمات ويرتبها بإتقان المتمرس.تكون بين يديه أشبه بالعجينة،يصنع منها لوحة فنان.
هذا شاعر يعي ما يقول وهو يكتب وكأنّه ينحت في صخر:صخر القدر الصاعق،وصخر اللغة التي تحمل غبارها وشظاياها وانكساراتها وأحزانها،وكأنّه -يلسعها-بكلماته فتتوجع،أو يسعى لإستدراج قارئه لمربع الألم فينخرط معه-قسر الإرادة-في نوبة بكاء بصوت مشنوق..وأرجو من القراء الكرام،ضبط النفس،وحبس الدموع..في حضرة الجرح..وجراحك يا-محمد- ستندمل..
صبرا جميلا-يا شاعرنا الفذ-

أبكي فقط*
أبكي... لأنّي لنْ أكفّ عن البكاءِ
ولن أتوبَ عن الحياةْ

أبكي على وجه..
أطلّ عليّ في حظّ الشباب
فدلّني ..
ودخلتُ في دين الهوى..
أمْ صادني وجه الفتاةْ ؟؟؟

أبكي يدينِ صغيرتين
تبنّتا أمّي ..وعائلتي
ويوم سقطتُ ..كالمذبوح في مرضي
وجدتهما يديّ ...
تلبّيان مطالبي بالرغمِ أنّي كالرُفاتْ

أبكي على ما كان شعرَ حبيبتي
لمّا تساقط بغتة كالليل ..
أجزاء مجزّئة ..
وأشلاء مكوّمة...
ليعلنَ بدء توقيت السباتْ

أبكي.. فهذا ليس نوما...
بل سباتٌ لا إفاقة منه..
والحلّ الذهاب إليه
كي يلقى الحبيب حبيبه..
بعد الشتاتْ

أبكي على حبّي الذي ضحّى وضحّى ثمّ ضحّى..
ثمّ ماتْ
أبكي أمام الله.. وحدي..
آه كم أصبحتُ وحدي
منذ غبتِ عليّ يا روحي..
أراوحُ في فلاة مبهمَ المعنى
وأخرج منهُ مضطربا
وأدخل في فلاةْ
قد كنتِ زادي والقصيدةَ والدواةْ
كنتِ الذي لا يُستعادُ
وحافزا لنصير أبهى في الحياةْ
كنتِ الوسيلة والأداةْ

أبكي نعم
أبكي جهارا مثل كلّ الناس..
لمّا يُرغمون على حياة كالمماتْ
أو خلسة لمّا... ينام الناس والدنيا تنامُ
و تقبلين عليّ من أنأى وأخصبَ ذكرياتْ


أبكي أنا والبيت..
الغرف الكئيبة... تشتكي فقدان ذاتكِ
وقعِ خطوك
طعمِ صوتك
آه يا بكمي
ويا عجز اللغاتْ

* سأسبق الزمن بقصيدة البكاء
فعمّا قريب سأحتفل بعيد ميلادها الثالث والخمسين
تلك هي الحياة..

*ملحوظة : حين قرأت هذه القصيدة التي صيغت بمداد الروح،كدت أن أخرج عن مألوف الرجال وجميل صبرهم،وأنخرط في نحيب شفيف..فأنا-مكلوم-كالشاعر تماما،إلا أني أعض على جرحي،بصبر الأنبياء..ونيابة عن محمد الهادي الجزيري،سأهدي قصيدته هذه،إلى كل من بكى على أوتار الوفاء،وعرف معنى الإخلاص بعد فقد أليفه،إلى كل من ذاق لوعة الفراق،وصان ذكرياته الهانئة مع أنيسه..وكفى..
ختاما أقول : محمد الهادي الجزيري..شاعر مسكون بالحرف،والشعر بالنسبة إليه وطن يلجأ إليه..وهو يعرف جيدا..كم وجعا يحتاج إلى قصيدة..!
لكن في كل هذا وذاك يمتح من حب لا ضفاف له ولا شطآن..
صبرا جميلا-يا محمد-



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتوجع القصيدة في رثاء أليم لشهداء الوطن..يخضر عود الزيتو ...
- لمن لا يعرف الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير. ...
- حين يقبض الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري على الجمر ...
- أيها الشعراء العرب..شدوا رحالكم إلى خيمة الشاعر التونسي الكب ...
- تجليات القصيدة وتوهجها..في الأفق الشعري لدى الشاعر التونسي ا ...
- قصيدة الشاعرة التونسية المتميزة صباح نور الصباح-فينوس تُلهِم ...
- التصعيد الدرامي،تجليات الأسلوب السردي وإخراج المسكوت عنه من ...
- حين تتسلل الكلمات..ألى شغاف القلب..! تقديم -مقتضب-لقصيدة الش ...
- تجليات الإبداع في قصيدة-أعتاب قافيتي-للشاعر التونسي القدير-د ...
- حين ترتجف الحروف،وتتوجع الكلمات بين ثنايا القصيد.. قراءة مقت ...
- قراءة-عجولة-في ومضات القاص والشاعر التونسي الكبير أ-عادل الج ...
- حين تراهن الشاعرة الفلسطينية الكبيرة -أ عزيزة بشير على الإده ...
- قراءة في مجموعة القاص والشاعر التونسي المتميز عادل الجريدي “ ...
- تجليات الإبداع في شعر الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجز ...
- هي ذي الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير كما عر ...
- تونسيات مبدعات..في المهجر) الشاعرة والباحثة التونسية د-آمال ...
- جولة-في قصيدة الشاعرة التونسية الكبيرة د-آمال بوحرب -تجملت ب ...
- وحدها المقاومة الفلسطينية الباسلة..قادرة على كسر بعض المحرّم ...
- على هامش -الصمت العربي الخلاّب- في ظل محرقة غزة ! -متى ستُسع ...
- على هامش اليوم العالمي للغة العربية* شعراء عرب يتغزلون في سح ...


المزيد.....




- فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- يحقق نجاحًا باهرًا.. ما سرّه؟
- موسيقى -تشيمورينغا-.. أنغام الثورة في زيمبابوي
- قائد الثورة الإسلامية يعزي برحيل الفنان محمود فرشجيان
- -عندما يثور البسطاء-: قراءة أنثروبولوجية تكسر احتكار السياسة ...
- مدن على الشاشة.. كيف غيّرت السينما صورة أماكن لم نزرها؟
- السعودية.. إضاءة -برج المملكة- باسم فيلم -درويش-
- -الدرازة- المغربية.. حياكة تقليدية تصارع لمواكبة العصر
- بيت جميل للفنون التراثية: حين يعود التراث ليصنع المستقبل
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - الصدق الفني في قصيدة الشاعر التونسي القدير محمد الهادي الجزيري- أبكي على وجه..أطلّ عليّ في حظّ الشباب- ( حين يبكي الشاعر..تتوجع القصيدة )