أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم علي خضر - الرحيل نحو المنفى !














المزيد.....

الرحيل نحو المنفى !


قاسم علي خضر
صحفي وكاتب

(Qassim Ali Khedher)


الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انطلق الباص من كراج "علاوي الحلة" ببغداد يوم الثلاثاء الموافق 12/8/1980، وهو يعج بركابه القلقين والحالمين بالوصول الى بر الامان في العاصمة السورية (دمشق)، للخلاص من التدهور السياسي والاقتصادي واجواء التصعيد العسكري مع جميع الدول المجاورة باستثناء المملكة الاردنية الهاشمية، بحثاً عن حياة آمنة وعيش كريم، وبينهم عدد من الركاب - وانا واحد منهم – من قرر الرحيل الى المنفى نهائياً هرباً من مطاردات جلاوزة الدكتاتورية الصدامية الصاعدة والمنفلتة من عقالها لتبطش بكل "الرفاق" المعارضين لاستباحة "السيد النائب" للموقع الاول في الدولة العراقية والحزب الحاكم "حزب البعث العربي الاشتراكي".. ويطيل البطش والاستبداد السياسي كل القوى الديمقراطية والوطنية والاسلامية المناهضة لنهج الحكم الدكتاتوري البعثي.
من نافذة الباص ذات الزجاج المضلل ارى اخي "باسم" يضع كلتا يديه على جسم الباص وهو يبكي بصمت، كأنه يودع تابوتاً الى مثواه الاخير. وبجانبه يقف صديقي الاقرب "صلاح فتة علي" يغطي عينيه بمنديل ابيض يبكي حرقة فراق صديقه، الذي تقاسم معه اياماً حلوة واياماً مرة لن تعود ولن تنسى!
من المقعد الخلفي خاطبتني امراة مسنة وفي حظنها احد احفادها الصغار:
- شد حيلك وليدي .. على ايش تبكي ؟ هي جم يوم وترجع لهم ان شاء الله !
لربما تصورت هي انني ذاهب بسفرة سياحية الى بلاد الشام، اقضي فيها ما تبقى من العطلة الصيفية، واعود بعدها الى مواصلة دراستي في المرحلة الثالثة (الاخيرة) باعدادية التجارة المركزية / فرع المحاسبة. وهل اعود من جديد للمعاناة من الضغوط النفسية لزمرة المنظمة الطلابية البعثية المسماة "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" ودورها المشين في عسكرة المجتمع الطلابي وتبعيثه؟، اضافة لدورها المخزي الى جانب بقية اتحادات البعث الحاكم في التطبيل والتزمير لـ "منجزات الحزب والثورة"، التي قادتنا الى حروب خاسرة واحتلالات ظالمة وفوضى غير خلاقة !
اشاهد في زاوية بعيدة من الكراج يقف رفيقي في المنظمة السرية المعارضة للنظام الدكتاتوري البعثي. وكنت قد التقيته حسب الموعد قبل ساعة من انطلاق الباص ليسلمني "الترحيل الحزبي" الى رفاق منظمتنا في الشام.. "الترحيل" كان عبارة عن وريقة تم طيها الى اقصى مديات الطي، ومن ثم تم تغليفها بشريط لاصق، ليصبح على شكل حبة الحمص او حبة الفاصوليا. وطلب مني بتشدد ان اخبأه في جوف الحذاء ولا افتحه الا بعد وصولي الى كراج الباصات في دمشق.
انطلق الباص بنا .. وانطلقت معه الاحلام بالعيش في مدن آمنة، وحياة دراسية بلا منغصات، والعودة الى الوطن بشهادة علمية، للحصول على فرصة عمل ملائمة، وبناء حياة عائلية مستقرة في عراق يسوده الأمن والسلام والطمأنينة. ولكن تلك الاحلام تبخرت بعد شهر من رحيلي عندما اندلعت "قادسية صدام" المشؤومة، واستمرت ثمان سنوات من القتل والدمار والخراب (من 22/9/1980 – ولغاية 8/8/1988).
فجر يوم الثالث عشر من آب 1980 وصل الباص الى "كراج بغداد" في العاصمة السورية. فسارعت بعد النزول من الباص واستلام حقيبتي الى الانزواء في ركن بعيد عن الناس لافتح "الترحيل" واجد فيه عنوان صلة الوصل.
استذكر بوجع ذلك اليوم الذي مر عليه خمس واربعون عاماً منذ ان غادرت عراقنا الحبيب، واستذكر امي حين ودعتني عند باب بيتنا بالدموع ورشات الماء، املاً ان اعود اليها بسلام. ولقد عدت اليها بعد مرور ربع قرن تقريباً عندما سقط صنم الدكتاتورية البغيض. واستذكر ذلك اليوم كل عام مع اخي باسم، الذي اصر على ان نلتقط صورة لذكرى يوم الرحيل..متمنين ان يعود المهاجرون والمهجرون من شتى بلدان العالم الى ديارهم آمنين سالمين!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القارئ الموسوعي في شارع المتنبي
- جائزتان لفيلم عراقي في مهرجان كان السينمائي الدولي
- بريد الغربة في -بيت الجواهري-
- بطاقة بريدية من صديقتي -بان-
- حركة انصار الحزب الشيوعي العراقي تدعم عودة صحافة المنظمات ال ...
- قصائد بصوت الشاعر العراقي الكبير رشدي العامل


المزيد.....




- الكوفية الفلسطينية تروي حكاية وطن عبر الموضة
- طيران الإمارات تعلن تزويد أسطولها بخدمة -ستارلينك- للإنترنت ...
- -أمالا-.. وجهة سياحية فاخرة للسفر المستدام في السعودية
- متحف الوسائط الجديدة يفتح أبوابه ويعرض الفن الرقمي عبر تقنيا ...
- مجلس الأمن يناقش مستقبل غزة اليوم: أبرز بنود وتفاصيل المقترح ...
- بيان مشترك: محاكمة هدى عبد المنعم للمرة الثالثة
- هل يزعجك أصدقاء أطفالك؟ إليك ثلاث نصائح
- ألمانيا تعتزم استئناف تصدير أسلحة إلى إسرائيل
- ترامب يدعم الإفراج عن المزيد من الملفات المتعلقة بقضية إبستي ...
- هل يضغط ترامب على نتنياهو من أجل مصلحة بن سلمان؟ وما حقيقة م ...


المزيد.....

- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم علي خضر - الرحيل نحو المنفى !