أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - الفرد عصفور - هل يخدم التقصير موازنة الدولة















المزيد.....

هل يخدم التقصير موازنة الدولة


الفرد عصفور

الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 09:24
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


بعيدا عن فكرة المؤامرات ونظرياتها وبعيدا عن تخيل عبقريات خارجة عن المألوف هناك سؤال يتبادر إلى الذهن كلما فكر المرء في ما يعاني منه القطاع العام وبشكل خاص ثلاثة ميادين هي الصحة والتعليم والنقل.
هل يتم وبصورة ذكية أم بصورة عشوائية استغلال التقصير في هذه القطاعات الثلاثة لخدمة الموازنة ودعم الواردات المالية للخزينة؟ قد يبدو التساؤل غريبا لكن عند تحليل المعطيات المتوفرة التي يمكن أن يتلمسها أي شخص يدقق فيها فإنها ستبدو صحيحة.
الموضوع بكل بساطة أن تعطيل وتأخير خدمات القطاع العام وبصورة خاصة في مجالات التعليم والصحة والنقل يتماشى طرديا مع تحسين ظروف القطاع الخاص في هذه المجالات ذاتها.
تستطيع الحكومة أن تعمل على تحسين خدمات القطاع العام الصحي ومن دون تحمل أي تكاليف إضافية وإنما بنقل مخصصات بعينها في الموازنة إلى موازنة وزارة الصحة.
هناك مبلغ 217 مليون دينار مخصصة في الموازنة العامة (وفق ما يظهر في الحسابات الختامية الصادرة عن وزارة المالية لسنة 2024) لدعم السلع الغذائية الاستراتيجية والمقصود الطحين والأعلاف وهذا الدعم في واقع الأمر يذهب هباء ولا يسعى إليه المواطن ولا يريده من الحكومة رغم انف الذين يتظاهرون رافعين شعار أن الرغيف خط احمر فهذه كلها شعارات يحرض عليها أصحاب المصالح الذين لا يريدون الإصلاح.
عند المطالبة بتحويل مبالغ بعينها من الموازنة إلى موازنة وزارة الصحة وتوفير الخدمات اللازمة عبر مؤسسات الوزارة فهذا سيؤدي إلى توفير ملايين كثيرة تدفعها الحكومة على شكل إعفاءات طبية (32 مليون دينار) ومعالجات طبية (25 مليون دينار) ومعالجات مرض السرطان (42 مليون دينار). ويمكن للحكومة أن تفعل ذلك بقرار جريء لا يحتاج وقتا طويلا.
قد تحافظ أموال دعم الخبز والأعلاف على سعر خبز رخيص نسبيا ولكن أيهما أكثر أهمية للمواطن خبز رخيص يلقى كثير منه في الحاويات أم توفر علاج وسرير في المستشفى عند الحاجة؟ ما حاجتنا إلى خبز رخيص وعلبة سردين في المؤسسة الاستهلاكية ارخص بعشرين فلسا عن سعر السوبرماركت إذا كان المصاب بالتهاب الزائدة الدودية مثلا بحاجة إلى انتظار شهرين أو ثلاثة لإجراء العملية الجراحية؟ كيف يمكن تفسير هذا الحال إلا بأنه عمل مقصود لتوريط المواطن في قروض لخدمة المستشفيات الخاصة؟
سيتحمل المواطن شراء خبز بسعر مضاعف فكل الأسعار مرتفعة أصلا، إذا ما علم أن فرق الدعم سيتم توجيهه لبناء مستشفيات ومراكز صحية توفر له الخدمة المطلوبة بكرامة وبدون عناء وتوسلات الإعفاءات وغيرها.
المؤكد أن الحكومة لن تفعل شيئا من هذا لأن ذلك لن يصب في مصلحة الخزينة وسيضر بمصالح القطاع الخاص في هذا الميدان.
كما أن قرارا مثل هذا بتحسين وتوفير خدمات صحية للمواطنين عبر مؤسسات وزارة الصحة تؤدي إلى اختصار مدة المواعيد وتوفير الأدوية وأسرّة المستشفيات سيكون له ضرر كبير على واردات الحكومة المالية من القطاع الطبي الخاص. وترك القطاع العام الطبي بدون تطوير وتحسين يعني إجبار المواطنين على اللجوء إلى القطاع الخاص الذي يتضخم دخله ومن هنا تزداد موارد الدولة المالية من ضرائب المستشفيات الخاصة والصيدليات الخاصة برغم كل التهرب الضريبي الذي نسمع عنه. وكذلك ستظل شركات التامين تعمل وتربح وتدفع الضرائب وأيضا البنوك ستظل تمنح القروض وتستوفي الفوائد وتدفع الضرائب المطلوبة.
وهنا تساؤل مشروع لو افترضنا أن البنوك الأردنية وعددها أربعة عشر بنكا مرخصا ستقوم بمساهمة جذرية لدعم القطاع الطبي الحكومي من خلال التبرع بمئة مليون دينار سنويا لبناء مستشفيات ومراكز صحية فهل ستقبل الحكومة بهذا؟ تقديري وأرجو أن أكون مخطئا لن تقبل بل قد تحرض البنوك على عدم التبرع حتى لا يتعرض القطاع الخاص الطبي لأي خسائر مع أنه قطاع متغول على المواطن وينهب جيوبه بشراسة لا مثيل لها.
القطاع الآخر المهمل بشكل متعمد بقصد زيادة موارد الخزينة هوة قطاع النقل العام. في عام 2016 أجرت مؤسسة دولية دراسة على قطاع النقل العام في الأردن وخلصت إلى نتيجة مفادها انه "لا يبدو بأن النقل العام من أولويات الدولة الأردنية ولا يحظى بأي شكل من أشكال الاهتمام". هذا يعني أن مشكلة النقل في الأردن ستظل مزمنة. فإهمال حل مشكلة النقل العام يرفد الحزينة بمئات الملايين من الدنانير سنويا على شكل جمارك ورسوم ترخيص وتشغيل لشركات التامين وأرباح التامين تعني واردات ضريبية للدولة...
هناك من زين للحكومة فكرة تسهيل استيراد السيارات وخصوصا المستعملة فأصبحت البلد مكب نفايات لسيارات العالم. تزيد أعداد السيارات في المملكة بمعدل خمسة وسبعين ألف سيارة سنويا. واصبح الأردن في المرتبة الخامسة بنسبة استيراد السيارات المستعملة. وازدحمت البلاد وفق تصريح لمدير سابق للجمارك بسيارات قديمة وغير آمنة وكلفة صيانتها عالية جدا ولا توفر الوقود وهي الأكثر تسببا للحوادث وبعضها حوادث مميتة.
كذلك فإن إهمال مشكلة النقل العام يعني المزيد من مبيعات البنزين وبالتالي المزيد من تحصيل الضرائب عليه وكذلك أرباح لتجار السيارات وتحصيل لضريبة الدخل وانفاق واسع من التجار يعني المزيد من تحصيل ضريبة المبيعات ولذا فإن اهتماما حقيقيا بحل مشكلة النقل العام سيخفض دخل الخزينة.
لكن حل المشكلة عبر شركة نقل عام وطنية بأسعار تذاكر رخيصة ستعني تخفيض فاتورة النفط السنوية، وتخفيض استيراد البنزين، تخفيض فاتورة استيراد السيارات وقطع السيارات، تخفيض كلفة الحوادث، وتوفير أوقات الناس، وتخفيض نسبة التلوث البيئي وبالتالي تخفيض نسبة الإصابات السرطانية التي هي في الأردن من الأعلى في العالم.
ما يقال على إهمال قطاعي الخدمات الصحية والنقل العام يمكن إسقاطه أيضا على قطاع التعليم. فإهمال التعليم الحكومي فتح الباب واسعا أمام الاستثمار الخاص في التعليم الأمر الذي خلق طبقتين من المدارس التي قسمت المجتمع إلى فقراء وأغنياء. لكن الأمر يصب في مصلحة الموازنة والخزينة. فكلما زادت المدارس الخاصة زاد دخل الحكومة من الرسوم والضرائب أما المواطن الفقير فلا عزاء له.
من الواضح أن قطاعات الخدمات الحكومية الصحية وكذلك التعليمية والنقل العام دون المستوى المطلوب بكثير. والتساؤل الكبير هو إلى متى يمكن الاستمرار في هذا النهج؟



#الفرد_عصفور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يخلف البابا فرنسيس
- البابا فرنسيس: هناك إيمان في الفكاهة
- العلاقات مع الناتو حق سيادي للأردن
- بعد ألف وسبعمئة سنة على نيقية الأول هل من سبيل لمجمع نيقاوي ...
- قانون المواريث للأردنيين المسيحيين أين وصل ولماذا يتعثر
- هل تحظى بطريركية القدس بكاردينالية دائمة
- خمسة وسبعون عاما على النكبة أين دولة فلسطين
- هل كان الغزو الأميركي للعراق مفتاح إيران الذهبي للهيمنة عليه ...
- ماذا بعد رحيل البابا بندكتوس واحتمال استقالة البابا فرنسيس؟
- الدكتور سمير مطاوع 1938-2022
- كيف تعطل قيام الدولة الفلسطينية
- استهداف منظمات المجتمع المدني الفلسطينية هل هو انتقام شخصي؟
- كيف يدعم النقل العام المجاني وشبه المجاني موازنة الدولة
- صديق المدخن كتاب يستحق القراءة
- الديمقراطية لا تحتاج انتخابات والانتخابات لا تصنع الديمقراطي ...
- اين الشرق الاوسط في الانتخابات ا لاميركية
- هل يواصل المسيحيون العرب هجرة أوطانهم؟
- لكل دولة من زعيمها نصيب
- الرمح والهدف الصعب مذكرات سمير مطاوع
- على مشارف الخمسين: التلفزيون الاردني الى اين؟


المزيد.....




- أعضاء فرقة -U2- عن غزة: -اختبارٌ لإنسانيتنا المشتركة-
- قصف متواصل على غزة ووفد من حماس يتوجه إلى القاهرة لبحث مقترح ...
- السيسي: مُخطىء من يعتقد أن مصر ستغض الطرف عن حقوقها المائية ...
- -أَفْطِرْ كَملكٍ- .. الأهمية والوقت الأمثل لوجبة بداية اليوم ...
- معاقبة حكم إنجليزي بتهمة إهانة المدير الفني الألماني يورغن ك ...
- الجزائر: استخراج الملح مهنة متوارثة ومصدر رزق للسكان في منطق ...
- تفشي الإيدز في الجيش الروسي.. قنبلة موقوتة تفاقمت مع الحرب ف ...
- الجيش الروسي يتقدم على خط الجبهة في شرق أوكرانيا قبل قمة بوت ...
- لاريجاني في بغداد وبيروت بين حصر السلاح وتثبيت النفوذ
- زوجة الشهيد محمد قريقع تناشد بوقف القتل في غزة


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - الفرد عصفور - هل يخدم التقصير موازنة الدولة