أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - حافلة .. سياحية .. قصة قصيرة














المزيد.....

حافلة .. سياحية .. قصة قصيرة


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 1824 - 2007 / 2 / 12 - 05:17
المحور: الادب والفن
    


بالأمس البعيد .. صرح لي أبي أنني تجاوزت مرحلة الطفولة .. بمراحل كثيرة .. هذا صوتي وقد اخشوشن .. وهذه القامة وقد أخذت تعاين مساحات التمرد والقوة .. تستبين الجسد .. وكثيرا ما رآني شديد الاستغراق في أحلام اليقظة ..عميق الانصراف مع شطحات ذكورتي .. إلا أنني كثيرا ما تمنيت .. في الغربة .. رغم سني الصغيرة .. تمنيت أن أعود .. أن أعيش بين الأهل والأقارب .. على أي شبر من وطن .. لا أكون فيه لاجئا ..
كان أبي .. يصمت الشكوى .. عبر شوارع مخيم .. ضيقة المنافي .. تعبر بنا حيث .. لا منفذ ..
ولكن أبي .. تعجل الرحيل .. قاومت فكرة التسليم .. عابرا فضاء مرحلتي .. مراهقا .. شاخت مراهقته قبل الأوان .. وعندما تداولتنا الأيام كعملة مرهونة لقرارات فجة .. حاولت خلالها التوفيق عنوة بين تناقضات كثيرة .. ابغي حلا جذريا .. كان علي أن اقبل .. بفتات العيش .. خارج رهان السبق .. وأبقيت الجذر والحلم القديم .. رصاصة كانت لا تزال .. تحمل ..
بصمات ذلك المخيم ..
ولكن اليوم .. تستبيحني أعاصير وطن مذبوح .. وتستكين في مراسم عزاء لم يتم بعد .. تجاوزت حد العداء لمقولات فرغت من مضامين إنسانيتها .. واستوعبت تاريخا جديدا .. بلا ملامح .. عندها شعرت بعمق .. أن كثيرا ما يتدخل القدر إن شاء .. لتقلب الأمور .. وتباديل الزمن المقهور .. عند عتبات منازل .. مازالت مصرة لطرده .. تعتذر جدرانها عن الاحتواء .. واستعصاء الأبواب .. وصفعات النوافذ .. عن ضمه .. قابلته صدفة .. مراسل صحفي .. يجاهد كي يبقي عينيه مفتوحتين .. وهو يرصد شوارع المدينة .. ويلاحق أطفال الحجارة .. عبر شريط قابل للاستنساخ .. يسألني : عن أمنيات كثيرة .. ويسألني عن وجه الطفولة هنا .. ولكن عن أي طفولة تتحدث ..؟ إن كنت تقصد تلك التي تعرضون صورها صباح مساء في برامجكم وأفلامكم .. فقد عشتها كثيرا .. ورايتها بعد ذلك أكثر في وجوه أطفال كانت تطل في الغربة بين أهليهم .. أما هنا فكثيرا ما كانت وجوه أطفالنا محطة قدوم لحافلات سياحية تجتاز معابر الحدود للفرجة .. تضاحك مني .. وتساءل أمنياتي .. كأنه يسخر مني في قلب هزيمتي .. أي أمنيات تلك التي مازالت باقية .. ؟؟ مازال ذلك الصحفي يمثل لي هاجسا قويا .. محركا لذاكرة مفعمة بضنك الأيام .. ومازالت كلماته .. صدى يباغتني .. كلما .. استوقفتني .. حركية الأحداث .. وتشيئ العقول والإنسان ..
الآن لو جاء يسألني .. عنها .. هي ما أتمناها .. حربا ضروسا .. لا تبقي ولا تذر .. فيما أنا أعاين استباق الأحداث .. وبلغني ما بلغني .. إلى حد الطفح .. من مذاق القهر تحاصر الرمال قبل الرجال .. ورايات تخاط من فقر المهمشين .. ومراجل عتيدة تبدو .. وكأنها نسور وقد بترت أذرعتها .. لا .. لن اقبل السلام خوفا وطمعا .. لن أتوج القدمين قبل الرأس .. لن يترك للقائمين بأعمال الهدم المبرمج أن يتبارون صنع الضحايا .. كنت وقتها .. أعدو مبتعدا عن بيتي الذي لم يمهلوه دقيقة واحدة .. دقيقة واحدة كانت تكفي .. وهي هنا حقيقية .. جادة .. قاتلة .. مرعبة .. تسارعت بي الخطى .. بينما حطام منزلي .. كان يعزيني بآخر الدعوات و أنا احمل ما خف حمله .. حتى أيقنت آخر مسافاتي .. هي مسافة ما بين .. الحياة والموت ..




#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبيض .. وأسود .. قصة قصيرة
- 1 خواطر .. شعرية
- خواطر .. شعرية 2
- بكائية على صدى مشاهد منسية .. قصة قصيرة
- هوية .. من قلب الخراب .. قصة قصيرة
- منير شفيق وقراءة في الحداثة والخطاب الحداثي
- - رنين العزلة .. وتوق الذات - قراءة نقدية في ديوان الشاعرة ا ...
- قراءة في قصة - الوردة الحمراء - للكاتب صخر المهيف
- فينومنولوجيا العولمة .. تاريخها وتعريفها
- آليات العولمة .. آثارها وتجلياتها
- العناصر الكامنة والفاعلة ضمن نسق العولمة
- واقع الثقافة العربية والإسلامية في ظل العولمة
- مخطوط ..
- ارتحالات اللؤلؤ وتجديد الشكل عند نعمات البحيري
- الثقافة العربية في زمن العولمة / قراءة في كتاب أحمد حجازي
- ماجد السامرائي .. وسؤال الحرية
- ممر خلفي .. قصة قصيرة
- عناق .. وردة سماوية .. قصة قصيرة
- تيار الوعي .. دراسة نقدية تحليلية لرواية الخباء للكاتبة ميرا ...
- قراءة في قصائد متناثرة للشاعر الفلسطيني موسى أبو كرش


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - حافلة .. سياحية .. قصة قصيرة