أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - قراءة في قصة - الوردة الحمراء - للكاتب صخر المهيف















المزيد.....

قراءة في قصة - الوردة الحمراء - للكاتب صخر المهيف


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 1781 - 2006 / 12 / 31 - 08:13
المحور: الادب والفن
    


عند قراءة هذا النص شعرت بكم من الثبات والسير بخطى متأنية .. تبدأ بخيط بداية منطقية .. ليصل إلى بؤرة وسط تحتل الحكاية .. هي رسوخ اليقين وثبات القيمة .. قيمة ما .. ثم ننتقل إلى نهاية منطقية أيضاً تتواءم مع منطق البداية والوسط .. لتأتي النهاية بغير مفاجأة .. لربما هو فقط إحساس النص بتوالي الصور والتفاصيل الدقيقة الجميلة .. حيث نجح الكاتب في الوصف ودقته واختيار الكلمات أو الألفاظ المعبرة حقيقة عن الموقف .. أو الشعور .. إلى جانب أن القصة تأتي بإبداعها المتكامل والمتناسقة معبراً عن تميز الكاتب بأخذه بنوع السرد التابع لفكرة النص التقليدي بداية ووسط ونهاية .. على اعتبار أن النص ما بعد الحداثي لربما قفز على هذا التراتب الواضح جداً في هذه القصة .. كما أن انسياب الأفكار وتسلسلها معبراً عن حركة الوعي الذي يسلط الضوء في بؤرة هي الحقيقة الملموسة لدى البطل .. وهي ما جاء في وسط القصة .. وهو الشيء ذو الخصوصية الشديدة .. وكأن فكرة الصراع في بدايتها ما هي إلا مدخلا مشروعاًُ ليحكي ما يحتويه القلب .. الذي هو قد يكون في لحظة البطل الحقيقي في القصة .. أو صاحبة الوردة الأولى .. هي البطل المتخفي وراء سرد الأفكار .. لذا قد تكون القصة ما هي إلا كشف النقاب عن يقين ما راسخ .. هو ما يعطي البطل / الكاتب نقطة صالحة للتفكر والتأمل .. ومن ثم القدرة على النقد.. وتحليل المشاعر على وجهة هي ذاتية / فوقية ... بمعنى أن الكادر الذي جاء في حلقة وسط بين البداية والنهاية .. متتماً له الكاتب / البطل سرد النهاية .. هو ما يكمن فيه سر المتعة وسر الحقيقة النهائية .. ذلك أنه وجاء وكأنه تسليم لما بات متحقق بالفعل من يقين .. وأن البدائل أو مفردات الوجود لمجرد الوهم .. لا تعيش مع حقيقة راسخة .. ليرمي بالوردة .. ذلك أن الوردة منذ البداية أخذت قيمتها الحقيقية .. كتعبير أولي للحبيبة ..ومن ثم مع عدم وجود الحبيبة أصبحت الوردة لا قيمة لها ز. ومن ثم . كانت النهاية برغم منطقيتها إلى أنها تحمل عنصر المفاجأة ليس في الموقف .. ولكن لأن هناك ما يمكن أن نقول عنه .. أنه امتلاك البطل / الكاتب .. فكرة اليقين الذي حضر على وجع .. ومن هنا .. لم يكن ممكناً أن يتمثل موقفاً مغايراً لحقيقة يقينه وشعوره .. فكان اختياره حقيقي ومنطقي للنهاية .. ولربما هي التي أعطت قيمة نهائية لمواقف القصة كلها ..


الوردة الحمراء
صخر المهيف


ذاك مساء جميل حين غادرت المنزل ، لم أكن أعرف الى أين أذهب ، كل ما كنت أريده هدوءا في حجم الليل، لا أعرف كيف خانني زمني وتنكر لي من أحبهم بقوة ، للأسف عوقبت على جرم لم أقترفه، مضيت في الشارع الكبير وحيدا تائها في مدينة نائمة تحن كثيرا إلى مجد غابر، بدت لي أجساد ممتشقة جذابة وعيون أخذها الأرق تدور في اتجاهات مختلفة... سألت نفسي :
_أهذه مدينتي ؟ أهذه ابناؤها ؟
كل هذا الفضاء ضاق بي ، قادتني قدماي إلى مكتبة تعودت ارتيادها ، اخترت كتابا عن الحاسة السادسة وآخر عن حرب الخليج الثانية، ألح علي سؤال كبير :
_ إلى أين المسير؟
تقدمت خطوات إلى الأمام، رأيت حانة، أغرتني بالجلوس فيها فدلفت إليها، اخترت الركون خلف الواجهة الزجاجية... طفقت أطل بعينين حزينتين إلى الشارع الرئيس ، رأيت الأمواج البشرية أشباحا تتراقص أمامي، بعض الوجوه كنت أعرفها...في هذه اللحظة حاولت أن أهرب بعيدا لكني سمعت صوتا جبارا يخاطبني :
_ لكن إلى أين ؟
راقت لي الوحدة فعلا ... توحدت مع فضاء غامض يؤثثه رواد قلائل، ذلك يتيح للمرء أن يتعمق بفكره في مسائل كثيرة تؤرق وجوده، شملتني راحة عميقة، تمايل دخان سجائري وملأ الفضاء، تمعنته جيدا ، كأني به يتدلل ...أحسب الأن نفسي سعيدا لأنني أخذت أتخلص من بعض الأوهام، أو هكذا شبه لي ...ذلك لأن الأوهام في كثير من الأحيان تقتل وربما كان دونكيشوت من أعظم ضحايا الوهم...الوهم كالأسطورة...يعبر عن مرحلة الطفولة في حياة الإنسان، هو ذاك الوهم، تجده يتجدد حسب العصور فيغير جلده كالثعبان الأرقط .
الجعة اتخذت طريقها الى شراييني، راقبت دخان سيجارتي، تاه عقلي عندما أخذه طوفان الغضب بعيداوسرحت بنظري إلى الشارع ...غريب أنا في مدينة أسطورية، قلت لنفسي :
_ماذا أريد ؟
وقتها كان كل شيء مشلولا في ...آه من لحظات الحقيقة هاته ... الأرض الجرداء، الثعابين والعقارب، الوجوه الجامدة، الأفق البعيد الذي تحاصره جبال عالية...كلها مرت بذهني في سرعة وضخ في دمائي حزنا دفينا، والمساء يفنى في ذاته ...شربت بنهم حتى بدأت أحس بالزمن ثقيلا كالرواسي، جاءني بائع الورد بسلة صغيرة... راقت لي الورود الحمراء، أعطيته درهمين والبسمة لا تفارق محياي وأخذت وردة ...وردة حمراء تحيط بساقها ورقة بيضاء ، فتحتها لأقرأ السطر الوحيد المكتوب بلغة موليير:
_الحب حادث في حياة الرجل ، لكنه تاريخ في حياة المراة .
قلت لنفسي :
_ سأمنح هذه الوردة لأول امرأة أصادفها خارج البار .
الشمس ... السماء... تلتحمان، تتحالفان...شيء من الليل يزحف ...قلبت الوردة الحمراء بين يدي ..آه، خلال عامين لم تأخذ مني أي امرأة وردة حمراء ولا سوداء، كانت آخر مرة أهديت فيها وردة حمراء لامرأة في مساء ثلاثاء، كنا في صدر الربيع، ماذا تعني سنتان ؟ وماذا تعني أيام الدهر الغرقى في يم الحب ؟ تلك المرأة تواجدت في زمني مثلما تواجدت في نغوصي ، كان ذلك آخر لقاء بيننا، لم نعرف وقتها أنه الأخير، همست وهي تشد ذراعي بيدها :
_ نحن رائعان ...لما نكون معا.
مقهى باريس عانقت أحلامنا، كانت تعي جيدا بأن كل شيء قد انتهى بيننا وكانت تعي أيضا بأن محاولتنا لرأب الصدع تشبه محاولة ساموراي رفض الهزيمة وفضل الانتحار على الهزيمة...استرسلت هي في حديث قطعته بسبابتي اليمنى وقد وضعتها على شفتيها ، تألقت مثل نجم شارد وسط سماء ملبدة بغيوم رمادية، أذكر أنني اشتريت وردة حمراء ... شديدة الحمرة في لون دمي ، نعم وردة حمراء...أخذتها بين أناملها فرحة، لازلت أذكر كم ذبت في عينيها العميقتين ... فيهما سحر وفيهما نقاء وفيهما عذاب ذقت سوطه .... هي عرفت أنها الحب الوحيد لدي ... قالت لي أنت مجنون ... رائحة الورد انتشرت في المكان على إيقاع رشفات من فنجان قهوتي السوداء ....قالت لي :
_سأنتظرك حتى تعود من سفرك .
قلت بيأس:
_حقائبي تبكي لفراقك.
شعرت بأنني شربت كثيرا وعلي التوقف حفاظا على جيبي المثقل بالديون، كان الليل قد هجم وأخرجني من سفينة الذكريات وقد ترنحت فوق أمواج المفاجآت العاتية...لا زالت صورتها ملتصقة بذهني، هذه المرأة كانت أقدس ما لدي، كانت أرق النسمات وأجمل نساء الكون ...تواجدت في كل ثانية من عمري، في قلبي ودمي وقهوتي ومائي و حلمي وقد كنا كالرماد لما تحمله العواصف حين تصدح في الكون موسيقى جسدينا المتحدين، آه، كم كان رائعا ذلك العراء...
خرجت في ليل أرخى سدوله و الوردة الحمراء بين يدي تبتسم ... غصت وسط أمواج بشرية وحسبت نفسي أبحث عن شيء ضاع مني حتى ألفيت البيرة تمنح المرء تأشيرة الدخول إلى جنة الوهم...غمرتني النشوة العارمة التي أوحت لي بأن لا امرأة تستحق أن أهديها وردتي الحمراء وقد كنت حريصا عليها أشد ما يكون الحرص ، نسيم الفضاء لفني ، مصابيح الشارع حجبت عني خيوط المطر... ما أحوجني الآن إلى خلاء أسامر فيه القمر وأتلذذ فيه روعة السهر، الليل طويل وفيه متسع للتسكع في مدينة أخالها وكرا لأشباح الرذيلة... لم أكن أعرف إلى أين أذهب وأنا أتأبط كتابي وأناملي ممسكة وردتي ...أحسستها عبئا ثقيلا علي...مثل مهاجر يتخلص من زاده أثناء الخطر، رميتها على الأرض فداستها أقدام كثيرة ... بلا رحمة وبلا هوادة



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فينومنولوجيا العولمة .. تاريخها وتعريفها
- آليات العولمة .. آثارها وتجلياتها
- العناصر الكامنة والفاعلة ضمن نسق العولمة
- واقع الثقافة العربية والإسلامية في ظل العولمة
- مخطوط ..
- ارتحالات اللؤلؤ وتجديد الشكل عند نعمات البحيري
- الثقافة العربية في زمن العولمة / قراءة في كتاب أحمد حجازي
- ماجد السامرائي .. وسؤال الحرية
- ممر خلفي .. قصة قصيرة
- عناق .. وردة سماوية .. قصة قصيرة
- تيار الوعي .. دراسة نقدية تحليلية لرواية الخباء للكاتبة ميرا ...
- قراءة في قصائد متناثرة للشاعر الفلسطيني موسى أبو كرش
- قراءة نقدية .. تهويمات على صدى الحقيقة .. لديوان - أف - للشا ...
- ظهور الحركة الصهيونية وتحولاتها التاريخية
- جيل دولوز بين الطبيعية والتجريبية وفقا لهيوم
- جيل دولوز والسؤال الفلسفي
- تهويمات على صدى الحقيقة .. لديوان - أف - للشاعر الفلسطيني مو ...
- قراءة على هامش الأدب والنقد
- الفقد .. شرخ في ذاكرة فلسطينية
- -إدارة الأفكار وإرادة المعرفة - الرهان المعرفي عند الكاتب عل ...


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - قراءة في قصة - الوردة الحمراء - للكاتب صخر المهيف