أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - منال حاميش - على حافة العدم














المزيد.....

على حافة العدم


منال حاميش
مهندسة مدني.. باحثة بالباراسيكولوجي

(Manal Hamesh)


الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 03:18
المحور: الطب , والعلوم
    


على حافة العدم: هل نعيش على غشاء يطفو في زمكان خماسي الأبعاد؟

منذ أن بدأ الإنسان يرفع بصره نحو السماء، سعى لفهم ما إذا كان الكون يمتد بلا حدود، أم أن له حافة ما، أو بداية ونهاية. الفيزياء الحديثة، وبالأخص نظرية الأوتار، نقلت هذا التساؤل من ميدان الفلسفة إلى قلب المعادلات الرياضية. ومع ذلك، بقيت الأسئلة الكبرى بلا إجابة حاسمة، بل ظهرت فرضيات أكثر غرابة مما تخيله القدماء: ربما لا نعيش في وسط الكون على الإطلاق، بل على غشاء رقيق يطفو فوق فقاعة من الزمكان، محاط بفراغ مطلق لا يحتوي على أي شيء على الإطلاق.


---

معضلة الأوتار والتمدد الكوني

نظرية الأوتار هي محاولة لدمج الجاذبية مع ميكانيكا الكم عبر افتراض أن الجسيمات الأولية ليست نقاطًا، بل أوتارًا دقيقة تهتز بأنماط مختلفة. غير أن هذه النظرية، رغم قوتها الرياضية، اصطدمت بعقبة كبيرة: عندما يحاول العلماء اشتقاق كون شبيه بكوننا منها، يجدون صعوبة في الحصول على التمدد المتسارع الذي نرصده اليوم بواسطة مشاهدات المجرات وإشعاع الخلفية الكونية.

هذا التحدي قاد الفيزيائيين إلى التفكير خارج حدود النموذج الكوني التقليدي، بحثًا عن سيناريوهات تشرح لماذا يبدو كوننا كما هو، دون أن تتعارض مع إطار الأوتار المعقد.


---

من الأكوان المتعددة إلى الأكوان على الأغشية

في أواخر التسعينيات، اقترح ليزا راندال ورامان سوندرام فكرة جريئة: الكون الذي نعرفه ليس كل القصة، بل هو غشاء رباعي الأبعاد (ثلاثة أبعاد مكانية + بعد زمني) يطفو بين فضاءين خماسيي الأبعاد. في هذا التصور، جميع الجسيمات والقوى التي نعرفها محصورة داخل الغشاء، باستثناء الجاذبية التي يمكنها التسرب إلى الأبعاد الأعلى، وهذا ما يفسر ضعفها الكبير مقارنة بالقوى الأخرى.

هذه الرؤية غيّرت طريقة التفكير في الجاذبية والبنية الكونية، وفتحت المجال أمام نماذج أخرى أكثر تطرفًا، منها نموذج الفقاعة المظلمة الذي طرحه فريق من جامعة أوبسالا، حيث تتشكل الأكوان على هيئة فقاعات زمكانية غير مستقرة داخل فضاء أكبر، ويمكن أن يولد كوننا من تفاعل مع أكوان أو فقاعات أخرى. وهناك أيضًا نموذج غشاء نهاية العالم الذي اقترحه باحثون من جامعة نوتنغهام، وفيه توجد فقاعة وحيدة من الزمكان، محاطة بالعدم المحض، ونحن نعيش على سطحها الخارجي.


---

فيزياء على الحافة

في هذه النماذج، الزمكان نفسه يصبح كيانًا محدودًا بسطح أو "غشاء"، يشكل الحد الفاصل بين الوجود واللاوجود. خارج الغشاء لا يوجد حتى الفراغ الكمومي، بل لا يوجد أي "شيء" يمكن وصفه.

لكن هذه الرؤى تواجه تحديات ضخمة:

الدمج الرياضي: يجب أن تكون متوافقة مع البنية الرياضية لنظرية الأوتار ذات الأبعاد العشرة (أو الأحد عشر في بعض الصيغ).

استقرار الجاذبية: ينبغي ألا تتسرب الجاذبية إلى الأبعاد الأعلى بشكل يجعل الكون غير مستقر.

التحقق التجريبي: لا بد من إيجاد بصمات فيزيائية قابلة للرصد، مثل انحرافات طفيفة عن قانون الجاذبية على مسافات صغيرة جدًا، أو أنماط غير متوقعة في إشعاع الخلفية الكونية.



---

فلسفة العدم وحدود الوجود

إلى جانب التحديات العلمية، هناك بُعد فلسفي عميق لهذه النماذج. إذا كنا على حافة الغشاء، فما طبيعة "اللاشيء" خلفه؟ وكيف يمكن أن ينشأ كون كامل من عدم مطلق؟ هذه الأسئلة ليست جديدة؛ أفلاطون في محاوراته تحدث عن عالم الظلال، حيث ما نراه ليس إلا انعكاسًا لواقع أعمق. لكن اليوم، هذه الفكرة تأخذ شكلًا رياضيًا دقيقًا داخل أطر فيزيائية متقدمة.


---

مقارنة النماذج الثلاثة

عند النظر إلى النماذج الثلاثة الكبرى، نرى أن نموذج راندال–كارش يصور كوننا كغشاء بين فضاءين خماسيين، يتمدد بفعل هندسة الزمكان المحيط، مع إمكانية تسرب الجاذبية جزئيًا إلى الأبعاد العليا حيث يوجد فضاء خماسي آخر وراءه. أما نموذج الفقاعة المظلمة فيراه فقاعة زمكانية داخل فضاء أكبر، يتحدد تمددها بعدم استقرارها، مع إمكانية تفاعلها مع فقاعات أخرى أو فراغ أعلى. في حين أن نموذج غشاء نهاية العالم يقدم صورة أكثر حدة: فقاعة وحيدة محاطة بالعدم المطلق، حيث يتمدد الكون بفعل هندسة الغشاء ذاته، والجاذبية فيه محصورة داخله بالكامل.


---

الخاتمة: على حافة الوجود

قد تكون حياتنا اليومية محصورة في عالم ثلاثي الأبعاد من المكان والزمن، لكن النظريات الحديثة تشير إلى أن واقعنا قد يكون جزءًا صغيرًا من بنية أعظم. إذا كان كوننا غشاءً على حافة العدم، فإننا لسنا في "وسط" الكون، بل على حدوده الفاصلة مع اللاشيء.

إن أثبتت التجارب القادمة وجود أثر للأبعاد الإضافية أو انحرافات في الجاذبية، فقد نجد أنفسنا أمام أعظم إعادة تعريف لمكاننا في الوجود منذ أيام كوبرنيكوس. وحتى ذلك الحين، ستبقى الفيزياء النظرية تحوم على الحافة، تحاول النظر عبر الستار إلى ما وراءه — حيث قد يكون كل ما هناك… العدم.



#منال_حاميش (هاشتاغ)       Manal_Hamesh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تصدقوا أن الزمن ثلاثي الابعاد ؟؟
- مفارقة الجد/بين هوكينغ و الفلاسفة /
- سلسلة الظلال
- لماذا يخاف الناس من الباراسيكولوجي و الميتافيزيقيا
- عندما يدرس علماء،الفيزياء الوعي
- الباراسيكولوجيا بين الرفض الكسول و العقل المتسائل
- الخلق المتجدد.
- الوعي _الظل الذي لا نراه
- اسماء،منسية
- أزمة عقل لم يكسر قيده بعد
- علم الايزوتيريك
- حكمة الطاوية
- الخريطة الميتافيزيقية للوجود.
- العلم و الروح
- (أولو) بوابة نحو بعد.خفي
- فلسفة الزمن و الترددات
- الظل في عقل نيوتن
- ازدواجية الزمن
- ما هو الزمن ؟؟؟
- ماهي الميتافيزياء،الحية ؟؟


المزيد.....




- علامات تكشف بها عن مدى سلامة اللثة لديك..وأخرى تحذرك من أمرا ...
- 5 اختبارات تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية لدى الشباب
- 5 تغيرات سلوكية شائعة لدى الأطفال ناتجة عن نقص الفيتامينات
- 15 عامًا ستغيّر كل شيء.. تحذير صادم من مسؤول عربي سابق في غو ...
- راقب الشامات.. 5 أمراض تسببها لا يجب تجاهلها
- ابتكار طريقة جديدة لتخفيف آلام أسفل الظهر على المدى الطويل
- لا يضخ الدم بكفاءة.. ما هو قصور القلب الاحتقانى؟
- الارتفاع مستمر في إصابات سرطان القولون.. فهل اكتشف العلماء ا ...
- دراسة.. ابتكار جديد لزراعة خلايا عصبية بالعين يحمى من فقدان ...
- هل جميع الأطعمة فائقة المعالجة مضرّة للصحة؟


المزيد.....

- هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟ / جواد بشارة
- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - منال حاميش - على حافة العدم