أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكرم بوتاني - إقتصاد قوي --- لكن بعد وجبة الفطور














المزيد.....

إقتصاد قوي --- لكن بعد وجبة الفطور


أكرم بوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من على درج مديرية المواد الغذائية أكتب لكم
من الطبيعي أن تراودنا الشكوك احيانا عندما نواجه سلوكا غير مألوف ، خصوصا في مؤسسات الدولة "الدوائر الحكومية" ، التي وجدت اساسا لخدمة المواطنين وفق القوانين الوضعية ، والتي انيطت مسؤولياتها للمتعلمين واصحاب الشهادات ، إلا ان غياب المتابعة والمحاسبة القانونية عند وقوع الاخطاء ، جعل بعض العاملين في تلك المؤسسات لايدركون أن واجبهم الاساسي اولا وأخيرا هو خدمة المواطن لا غير .
في الآونة الاخيرة طٌلب من العراقيين تحديث البطاقة التموينية لأسباب لسنا بصدد ذكر تفاصيلها ، ولتسهيل عملية تحديث البطاقة استخدموا اسلوب التحديث الألكتروني عبر الهواتف الذكية ، ويقينا انها خطوة جيدة لمن يمتلك المعرفة والخبرة بإستخدام التقنية الحديثة ، لكن ماذا عن المواطن البسيط الذي يجهل استخدام التقنية! اليس من حقه القانوني أن يتوجه الى الدائرة المختصة لإنجاز معاملته؟ أليس تسهيل امور المواطن من صلب واجبات موظفي تلك المؤسسة؟ .
نادرا ما اراجع الدوائر الحكومية ، إذ انني قد وكلت احد أشقائي قانونيا لينوب عني في انجاز معاملاتي ، إلا ان هاتفي لم يكن ذكيا حاله في ذلك حال صاحبه ، ولم يتمكن من انجاز عملية التحديث ، عليه قادتني الضرورة الى مراجعة مديرية المواد الغذائية شخصيا لإتمام معاملة تحديث البطاقة التموينية .
وصلت الى دائرة المواد الغذائية بعد الساعة الثامنة والنصف صباحا معتقدا بأن الدوام الرسمي يبدأ في الثامنة صباحا كما يفترض ، لكن خاب ظني . وجدت عددا من المراجعين يقفون مبعثرين هنا وهناك ، وبدأت جمهورية افلاطون تتقاذفني يمنة ويسرة ، وهذا هو حال الوطنيين المثاليين الذين لايزالون يؤمنون بمثالية النظام في واقع يعج بالفوضى واللامبالاة .
جلست على احدى الدرجات ادون ملاحظاتي التي اصفها بالجنونية ، أو هكذا يجب ان توصف ، لأني على يقين أنها لن تجد من يعيرها اهتماما حتى وإن قرأت ، ومع ذلك أرى من واجبي كمواطن يؤمن بهذه التربة أن اطرحها هنا وأن اضعها أمام أنظار محافظ دهوك الدكتور "علي تتر" ، عسى ان تجد آذانا صاغية :
• عدم وجود صالة مؤثثة للمراجعين ، وكأن المواطن جاء ليعاقب لا ليخدم .
• غرف الموظفين عبارة عن اكشاك صغيرة من البلاستك ، وكأنك امام اكشاك لتبديل العملة .
• الاستعلامات تدار من قبل شرطي الأمن والفراش ، وهو أمر غريب يدل على {الاستخفاف بالمواطن} .
• في نهاية درج الطابق الأول تتكدس بقايا اثاث قديم تشمئز منها النفس ، وتفوح منها رائحة الاهمال .
• الطامة الكبرى عادة وجبة الفطور التي اصبحت عرفا في معظم الدوائر الحكومية وأمام انظار المراجعين ، في مشهد يشير وبوضوح الى سرقة صريحة من وقت الدوام الرسمي .
رأيت الشرطي والفراش منشغلين في إدارة حركة المراجعين وإصدار التعليمات وكأن الامر كله بيدهم ، تولّد لدي انطباع بأن الفساد في هذه الدائرة يختبئ خلف هذه الشخصيات"الفراش والشرطي" ، الذين يمارسون سلطات خارج السياق القانوني ، وعندما اقتربت الساعة من التاسعة ولم يبدأ اي موظف عمله ، ادركت ان ساعة كاملة سرقت من وقتي ووقت العشرات غيري من المراجعين .
عندما وقعت عيناي على صورة رئيس الحكومة مخطوط عليها عبارة{اقتصاد قوي} ، لم اتمالك نفسي وتدفقت الكلمات من فمي دون تخطيط مسبق ، وبصوت عالي قلت "أهكذا سنبني اقتصادا قويا ونحن نسرق ساعة من وقت العمل؟" .
الحقيقة التي احاول أن اتوصل اليها ، وأن اضعها امام أنظار القارئ الكريم ، لاترتبط بمسألة تأخير الدوام أو نقص الخدمات ، وإنما ترتبط بمشكلة اعمق بكثير ، والتي تتمثل في وضع الاشخاص غير المناسبين في أماكن المسؤولية ، فغالبا ما تجد المدير قد استلم منصبه لكونه من اقرباء المسؤول ، أو أحد اتباع شيوخ العشائر ، أو جاء به من التدرج الحزبي ، ومن النادر جدا ان تجد شخصا مؤهلا فعليا قد تولى منصبا متخصصا بمؤهلاته ليبدع في عمله ، وكذلك الحال مع معاون المدير الذي لا يمتلك الحد الادنى من المعرفة بطبيعة عمله ، لذلك تجد في الكثير من الدوائر موظفا بسيطا ذو خبرة تراكمية يتحكم بالمدير ومعاونه وهذه هي النقطة المفصلية في عمليات الفساد .
في الختام نقول :
لا اقتصاد قوي ، ولا وطن يبنى ، ما دام المواطن يهان ويستخف به ، والدوام يؤكل على الافطار .



#أكرم_بوتاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تُحكم الشعوب في ظل الأنظمة الاستبدادية
- ايران بين اوهام القوة وحقيقة الضعف
- أزمة الرواتب في اقليم كردستان
- البدو في القمة واصحاب الحضارة في وادي سحيق
- العراق بين آمال التغيير وصناديق لاتأتي بتغيير
- الديمقراطية والوطنية في العراق – شعارات معلقة على واقع مغاير
- العراق ينتظر الأسوأ بعد تسريبات المالكي
- عودة العراق الى المربع الأول
- الحرس الثوري صانع سياسات الإتحاد الوطني


المزيد.....




- عارضات لا وجود لهنّ.. الذكاء الاصطناعي يقتحم عالم الموضة
- أمريكا والصين تتفقان على تمديد الهدنة التجارية لمدة 90 يومًا ...
- الوضع الأمني وإعادة الإعمار في سوريا على طاولة البحث بين دمش ...
- بي بي سي تقصي الحقائق: هل أصبحت الجريمة في واشنطن العاصمة -خ ...
- قصف إسرائيلي يقتل العشرات في غزة بينهم 6 من منتظري المساعدا ...
- قبل قمة ألاسكا.. قادة أوروبا يؤكدون حق أوكرانيا في تقرير مصي ...
- المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لعام 2026: تأكيد على ...
- وثائق للبنتاغون: إدارة ترامب تدرس تشكيل قوة رد سريع لمواجهة ...
- اتحاد الشغل بين التصعيد والتردد في مواجهة السلطة بتونس
- نتنياهو يُلزم بالمثول أمام المحكمة 3 مرات أسبوعيا ابتداء من ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكرم بوتاني - إقتصاد قوي --- لكن بعد وجبة الفطور