أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان الفرج الله - الاقتصاد الإبداعي في العراق بين التقدير والاختزال: قراءة نقدية لمنشور “كريتف عراق”














المزيد.....

الاقتصاد الإبداعي في العراق بين التقدير والاختزال: قراءة نقدية لمنشور “كريتف عراق”


قحطان الفرج الله

الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


أصدر المجلس الثقافي البريطاني في بغداد، التابع للسفارة البريطانية، كتيبًا بحثيًا بعنوان “كريتف عراق – Creative Iraq”، يتناول ملامح الاقتصاد الإبداعي العراقي، ويطرح رؤية أولية لتأطير هذا القطاع الواعد. وقد وصلتني نسخة من هذا المنشور بمحض الصدفة أثناء زيارتي للصديق المصوّر الفوتوغرافي ماهر يوسف، فوجدت فيه جهدًا يستحق التقدير من حيث المبدأ، كونه يسلّط الضوء على زاوية مهمّشة من الاقتصاد العراقي، تتعلق بالإنتاج الثقافي والفني والإبداعي وما له من دور في التنمية، المنشور يتناول تنوع الصناعات الإبداعية وتوزعها الجغرافي، ويحاول تحليل البيئة الداخلية للاقتصاد الثقافي من خلال أدوات بحثية مثل إدارة المخاطر، ويقدّم خريطة أولية لمكوناته، ما يشكل خطوة أولى في مجال ظل لوقت طويل بعيدًا عن الرؤية المؤسساتية.
غير أن النظرة المتأملة لهذا العمل تكشف عن صورة مختزلة ومبتسرة لا تفي بتعقيد الواقع الثقافي العراقي، إذ غابت التفرقة الأساسية بين الدور الحكومي في تحريك النشاط الثقافي من جهة، وبين الحراك المتصاعد والمتنوع الذي يشكّله القطاع الخاص والمبادرات المستقلة من جهة أخرى، وهو ما شهد نموًا ملحوظًا في السنوات العشر الأخيرة.
كما اقتصر الكراس على محافظات محددة (بغداد، الموصل، أربيل، البصرة، السليمانية، كربلاء، دهوك)، متجاهلًا محافظات ذات ثقل ثقافي ومعرفي مثل بابل والنجف والناصرية، رغم ورود إشارات في نهايته لأهمية معلم مثل زقورة أور، في مفارقة تُضعف اتساق الرؤية الجغرافية للمنشور.
الأغرب من ذلك هو ما ورد في تصنيف المخاطر، حيث صنّفت الكتابة والأدب كأنشطة عالية المخاطر، في وقت باتت فيه منصات التأليف والنشر ووسائل التعبير مفتوحة للجميع، فيما جاءت السياسة كمجال منخفض المخاطر! وهذا يناقض كل ما يعرف عن حساسية الواقع السياسي في العراق والمنطقة عمومًا، ثم تأتي القشة التي تقصم الوعي الثقافي في هذا العمل، حين وضعت الدراسة في مقدمتها – التي تقول إنها استغرقت عامًا كاملاً واعتمدت على مقابلات مع 600 شخصية ومع ذلك فهي تخط – مقولة في البنط العريض تزعم أن: “الشعر وُلد في العراق، وعاش في سوريا، ومات في مصر”!
بغض النظر عن النوايا الأدبية وراء هذه العبارة، إلا أن إدراجها بهذا الشكل يكشف سذاجة ثقافية فادحة، فالشعر لم يمت في مصر، فكيف مات ومن قتله !!!!ولا في غيرها، بل هو حيّ في وجدان الشعوب، وفي مصر آلاف الشعراء يرفع لواء شاعريتهم شوقي وحافظ إبراهيم إلى الأصوات الجديدة، كما أن الشعر ليس كائنًا فرديًا يتنقّل ثم يُدفن في جغرافيا ما، بل هو ميراث جمعي متجدد لا يموت.
يمثل كتيب “كريتف عراق” محاولة طموحة لرسم معالم الاقتصاد الإبداعي في العراق، لكنه – في صورته الحالية – لا يرتقي إلى مستوى الشمول والعمق المطلوبين، ويكتفي بمسحٍ سطحي للمشهد دون إدراك جدلياته وتشابكاته. ورغم الادعاء بالاعتماد على مصادر ومقابلات واسعة، فإن المخرجات جاءت مليئة بالثغرات التحليلية والتعميمات الخطرة، فضلًا عن تغافل واضح لمحافظات ومكونات ثقافية فاعلة.
أتمنى أن تلتفت الجهات الثقافية العراقية الرسمية والمستقلة، وعلى رأسها وزارة الثقافة، مؤسسات البحث الأكاديمي، والنقابات الثقافية والمبدعين المستقلين، لرصد هذه المبادرات الأجنبية وتحليلها بوعي، والمشاركة النشطة في إنتاج دراسات أكثر عمقًا وشمولًا، تنبع من الداخل العراقي وتعبّر عن تنوعه الحقيقي. إن الاقتصاد الثقافي ليس ترفًا فكريًا، بل رافعة تنموية حقيقية في عصر الصناعة الإبداعية. وأي محاولة لرسم ملامحه ينبغي أن تكون أكثر اتساعًا في الرؤية، وتنوعًا في المصادر، وإنصافًا في التمثيل…



#قحطان_الفرج_الله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلاج ، سؤال لا يموت…. بين الفلسفة والتصوف.
- ذاكرة الخصم أقوى من وعي الحليف… قراءة في عقل الرئيس رفسنجاني ...
- والآن… ماذا بعد أن سقطت ورقة التوت؟!
- ( إيمان) يفرض بسلطة القانون
- حديث راهي جدًا….
- تفاهة اليقين: والخوف من السؤال: لماذا يعادي بعض رجال الدين ا ...
- (اللام الشمسية ) في سياسة حماية الطفولة
- ولاد الشمس: ذكاء الموضوع وعبقرية الأداء
- بين وهم التنمية البشرية والعنف الديني
- مقهى الوجودية
- تجليات معاصرة لشخصية عتمان (ابن الحبلة)
- الفكر الإنساني والأدب قراءة في كتاب د. سليمان العطار (عقلان ...
- صقور الحاج فويلح
- لماذا تأخر العرب وتقدم الصهاينة؟
- رياح التجهيل ومواسم التفاهة
- ثناء على الجيل الجديد ((يترجم القلب كلمات الحب بمعنى واحد …) ...
- سيرچاو صديقي الكردي...
- شعرية (الغموض الإيجابي)
- علم طفلك نطق الــ(لا)
- تشرين ولادة وطن اجهض في اسبوعه الأول


المزيد.....




- BBC تقدم اعتذرا لترامب بشأن تعديل خطابه في الفيلم الوثائقي
- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...
- تحسين مستوى اللغة السويدية في رعاية كبار السن
- رش النقود على الفنانين في الأعراس.. عادة موريتانية تحظر بموج ...
- كيف نتحدث عن ليلة 13 نوفمبر 2015 في السينما الفرنسية؟
- ميريل ستريب تلتقي مجددًا بآن هاثاواي.. إطلاق الإعلان التشويق ...
- رويترز: أغلب المستمعين لا يميزون الموسيقى المولدة بالذكاء ال ...
- طلاق كريم محمود عبدالعزيز يشغل الوسط الفني.. وفنانون يتدخلون ...
- المتحف الوطني بدمشق يواصل نشاطه عقب فقدان قطع أثرية.. والسلط ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان الفرج الله - الاقتصاد الإبداعي في العراق بين التقدير والاختزال: قراءة نقدية لمنشور “كريتف عراق”