أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قحطان الفرج الله - ذاكرة الخصم أقوى من وعي الحليف… قراءة في عقل الرئيس رفسنجاني.














المزيد.....

ذاكرة الخصم أقوى من وعي الحليف… قراءة في عقل الرئيس رفسنجاني.


قحطان الفرج الله

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذاكرة الخصم أقوى من وعي الحليف…
قراءة في عقل الرئيس رفسنجاني.
قحطان الفرج الله/ الحوار المتمدن

في مذكراته التي نُشرت على مراحل بعد وفاته، يكشف الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني عن جوانب خفية من الموقف الإيراني تجاه العراق خلال الحرب وبعدها، ويقدم صورة دقيقة عن العقل السياسي الذي أدار صراعًا داميًا امتد لثماني سنوات وتجاوزها إلى ما بعد الغزو الأمريكي. ما يثير الانتباه في هذه المذكرات، ليس فقط وصفه الدقيق لتفاصيل الحرب، بل أيضًا صراحته التي تكاد تكون مدهشة في الكشف عن نوايا القيادة الإيرانية. ففي أحد المقاطع، يعبّر رفسنجاني عن حسرة مغلفة بالعتاب قائلاً: «لو أن هذه الرسالة أُرسلت قبل ثماني سنوات، لكان من الممكن أن تُنقذ أرواح جنود وتمنع الخسائر الفادحة»، وذلك تعليقًا على رسالة أرسلها صدام حسين عام 1990 في محاولة لتحسين العلاقات بعد انتهاء الحرب. هذه العبارة لا توحي فقط بالفرص الضائعة، بل توضح كيف كانت إيران، حتى بعد الحرب، تتعامل مع العراق بوصفه ساحة مفتوحة للحسابات الاستراتيجية.
رؤية رفسنجاني للحرب العراقية الإيرانية لا تتوقف عند كونها حربًا دفاعية كما كانت تروج الرواية الرسمية في طهران، بل يكشف في مواضع متفرقة عن أن القيادة الإيرانية، وخصوصًا في مرحلة ما بعد استعادة خرمشهر (المحمرة)، لم تكن ترغب بإنهاء الحرب، بل كانت تطمح إلى “فتح الطريق نحو كربلاء والنجف”، وهي عبارة تكررت في خطاباته، وتدل على الطموح السياسي-المذهبي في آنٍ واحد. فقد كتب في مذكراته: «كنا نعلم أن العراق لن ينهار بسهولة، لكننا كنا نعتقد أن استمرار الضغط العسكري سيدفع الشعب العراقي إلى الثورة من الداخل»، وهو اعتراف صريح بأن الحرب، بعد استعادة الأراضي الإيرانية، تحوّلت إلى وسيلة لتغيير النظام في بغداد، لا لمجرد ردع العدوان. ويبدو أن الرهان الإيراني على الداخل العراقي، خصوصًا الشيعة، لم يؤتِ أكله كما كانت طهران تأمل، وهو ما يعبّر عنه رفسنجاني بلهجة ملتبسة تنطوي على خيبة: «رغم تضحياتهم، فإن الولاء الوطني لدى كثير من العراقيين كان أقوى من روابطهم الدينية».
ما بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 شكّل منعطفًا جديدًا في المذكرات، إذ يرى رفسنجاني أن الغزو كشف عجز واشنطن عن فهم التركيبة العراقية، ويعلق ساخرًا في خطبة الجمعة: «أنا مطمئن إلى أن الأميركيين لن يستطيعوا البقاء طويلاً في العراق… كل قتيل أو جريح أميركي في العراق هو قنبلة داخل الولايات المتحدة». هذا التصريح لا يعبّر فقط عن قراءة دقيقة للورطة الأمريكية، بل يعكس أيضًا رهانًا إيرانيًا على الوقت، وعلى تفكك المشروع الأمريكي بفعل الأخطاء التكوينية، لا سيما قرار حلّ حزب البعث والمؤسسات الأمنية، وهو ما يسميه رفسنجاني “الخطأ الذي ليس من السهل تفاديه”، رغم اعترافه بأن نتائجه كانت “لصالح الشعب العراقي”. لكنه، في موضع آخر، يشير إلى أن «حل الأجهزة الصلبة للدولة يفتح المجال للفوضى، وهي الفوضى التي يمكن أن تستثمرها قوى أخرى»، في إشارة ضمنية إلى الفصائل الموالية لطهران.
لكن الخطير في هذه المذكرات ليس مجرد التحليل السياسي، بل ذلك الحضور المكثف لفكرة “الاستثمار في الشيعة العراقيين” كمحور استراتيجي طويل الأمد. إذ يرد في عدة مواضع تلميح إلى أن إيران كانت تنتظر لحظة الانفجار الداخلي في العراق، لكنها تفاجأت، كما يقول، بولاء كثير من الشيعة لوطنهم، ما اعتُبر في الداخل الإيراني “خيبة سياسية”. هنا تتكشف طبيعة الرهان الإيراني الحقيقي: ليس تحرير العراق من نظام صدام، بل تهيئة الظروف لتحوّله إلى حليف استراتيجي تابع. ولذلك، حين يتحدث رفسنجاني عن مرحلة ما بعد الاحتلال، لا يخفي ارتياحه من “سقوط الحاجز العسكري”، لكنه يشير في الوقت ذاته إلى قلقه من “صعود تيارات وطنية عراقية قد لا تنسجم مع المشروع الإيراني”، وفي ظل هذه الاعترافات الصريحة التي تضمنتها مذكرات رفسنجاني، يتجلى الغياب المروّع للوعي التاريخي لدى الطبقة السياسية العراقية، التي لم تقرأ هذه الوثائق يومًا بتمعّن، ولم تستخلص منها دروسًا، وكأنما التاريخ لا يعنيها إلا بمقدار ما يصلح لخطابات المناسبات. كثير من السياسيين، بل حتى من المحللين والمثقفين في العراق، لا يقرأون التاريخ إلا من أغلفته، والأغلفة لا تقول شيئًا سوى العناوين. هم قرّاء عناوين لا محتوى، وخطابات لا وقائع، ومرويات شفاهية لا أرشيفات. لذا، لم يكن غريبًا أن تتكرر الأخطاء نفسها، وأن تفشل النخبة في إدراك منطق “الدولة الراديكالية” التي تشتغل من خلال بنى صلبة تحكم الزمن ولا تحكمه اللحظة. الحكومات القوية تصنع الحدث ولا تلهث خلفه، وتعيد تشكيل الخارطة بما يتجاوز ردود الأفعال، بينما ظل العراق ساحةً مستباحة، بسبب غياب القراءة الاستراتيجية التي تبدأ بفهم نواة الدول المتماسكة، كما عبّرت عنها تجربة إيران في مذكرات رفسنجاني.
إن مذكرات رفسنجاني، في خلاصة قراءتها، لا تمثل فقط شهادة سياسية على مرحلة مضطربة، بل يمكن اعتبارها مرآة عاكسة لطبيعة التفكير الإيراني تجاه العراق منذ 1980 وحتى ما بعد 2003. من الحرب إلى السلام، ومن المواجهة المباشرة إلى التغلغل الناعم، يكتب رفسنجاني بمنطق رجل الدولة، لكن خلف لغته المنضبطة تختبئ رؤية إمبراطورية قديمة، تعتبر العراق امتدادًا طبيعيًا لنفوذها، لا جارًا مستقلًا يجب احترام حدوده وسيادته



#قحطان_الفرج_الله (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والآن… ماذا بعد أن سقطت ورقة التوت؟!
- ( إيمان) يفرض بسلطة القانون
- حديث راهي جدًا….
- تفاهة اليقين: والخوف من السؤال: لماذا يعادي بعض رجال الدين ا ...
- (اللام الشمسية ) في سياسة حماية الطفولة
- ولاد الشمس: ذكاء الموضوع وعبقرية الأداء
- بين وهم التنمية البشرية والعنف الديني
- مقهى الوجودية
- تجليات معاصرة لشخصية عتمان (ابن الحبلة)
- الفكر الإنساني والأدب قراءة في كتاب د. سليمان العطار (عقلان ...
- صقور الحاج فويلح
- لماذا تأخر العرب وتقدم الصهاينة؟
- رياح التجهيل ومواسم التفاهة
- ثناء على الجيل الجديد ((يترجم القلب كلمات الحب بمعنى واحد …) ...
- سيرچاو صديقي الكردي...
- شعرية (الغموض الإيجابي)
- علم طفلك نطق الــ(لا)
- تشرين ولادة وطن اجهض في اسبوعه الأول
- مسلسل -الجنة والنار- وانعكاس لذّة العنف والبكاء
- الموت من أجل البقاء…


المزيد.....




- إيران.. تصريح رئيس مجلس الشورى عن الضربة بالمنطقة ومصير البر ...
- رئيس الوزراء الأرمني يعلن إحباط -محاولة انقلاب-
- اليونان: الآلاف يحتجون على الضربات الأمريكية على المواقع الن ...
- بوتين يوقّع قانونًا لإنشاء تطبيق مراسلة بديل عن واتساب وتيلي ...
- شبكات التجسس تثير أزمة ثقة في إيران.. النظام يحذر من التفاع ...
- السودان ـ مقتل العشرات بينهم أطفال في هجوم على مستشفى
- ترحيب دولي بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ودعوات لتوسيع ...
- مجلس النواب الأميركي يحظر استخدام -واتساب- على أجهزته
- واشنطن تعرض 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن أميركي محتجز بأف ...
- منظمة تتهم علامات تجارية فاخرة بالمساهمة في إزالة غابات الأم ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قحطان الفرج الله - ذاكرة الخصم أقوى من وعي الحليف… قراءة في عقل الرئيس رفسنجاني.