أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - اسس القيادة في المجتمع العربي الاسلامي ( السياسة وقيادة الاستبداد )















المزيد.....


اسس القيادة في المجتمع العربي الاسلامي ( السياسة وقيادة الاستبداد )


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 01:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اسس القيادة في المجتمع العربي
( السياسة وقيادة الاستبداد )


إن الأنظمة السياسية الثابتة تدافع عن بقاء الدولة الثابتة في نموذجها الأحادي البعد وهذا الدفاع معزز بشكل مادي ومعنوي لا ينفك من إبعاد وإقصاء أي أشكال مختلفة عنه أو معارضة له حتى بعد التحول إلى الأزمنة الحديثة حيث ثبات عائدية الملكية الاقتصادية والسياسية بيد شخص واحد فحسب يقوم بقمع جميع الأصوات المخالفة له وهي أصوات خاطئة هكذا يحاول أن يروجها للناس ، ولكن هل هي أصوات خاطئة حقا ؟ ! بالطبع سوف يكون الجواب بالنفي وإلا ما مورس عليها المنع والقمع ، وأي إسكات لصوت إنسان بشري معين سوف يعطي العصمة للحاكم والخطأ للمحكوم ، وهنا نقع في تراتبيات الأعلى والأدنى ، الولي والعبد ، الحكم والطاعة ، بالرغم من تفصيل النص الديني القرآني لطبيعة شكل هذه الطاعة مرتبطة بالإيمان وعدم الظلم والكفر والفسق والفساد في الأرض .. الخ ، ولكنها في النهاية أيضا تقع في تفضيل نموذج سياسي ديني معين دون سواه يبيح للحاكم أو ولي الأمر محاسبة جميع المعارضين له أي العيش ضمن " ثيوقراطية " أو مملكة دينية ثابتة ومطلقة يكون أساسها الأخلاق الدينية فحسب بشكل يمنع أي تصور مغاير لها . وهذا في حد ذاته يتضمن عدم الثقة بالعقل البشري وإمكانياته في تكوين الاختلاف الذي سوف يرمى في " خانة الشيطنة " أو " اللوثة العقلية " التي ينبغي استئصالها ليس بشكل فردي فحسب بل بشكل جمعي على حد سواء ، والمطلب الجوهري من السياسة هو الرئاسة التي تتضمن عدم التكامل بين البشر أنفسهم حيث دائما ما توجد النقائص أو العلل والأمراض وبالتالي العيش ضمن هرمية تبدأ بالرؤساء في مطلقهم الايدولوجيا الديني والقومي ومن ثم بقية التعقيدات الاجتماعية التي تصل إلى الحدود الدنيا للمجتمع المغلوب على أمرة من طبقات العبيد في الماضي أو من الفقراء والعمال والمسحوقين في الأزمنة الراهنة والتكامل هنا ليس بمفهومه الاقتصادي والطبقي بل السياسي ذلك الذي ينفي قيمة الإرادة والاختيار البشريين ما دام من يفكر بدلا عن الناس هم الرؤساء وأجهزتهم العقائدية المدعومة سياسيا واقتصاديا .
إن السياسة بداياتها ارتزاق جماعي أو قيادة جماعية تكون تحت إمرة قائد معين يملك التأثير والقوة والسيطرة على جماعته فيقودهم نحو المزيد من الانتصارات العسكرية ومن ثم تكوين حدود سياسية خاصة بهذه الجماعة تدعى الدولة ومن ثم هناك التوسعات والهيمنة وصولا إلى تثبيت المجتمع وفق سياقات ثابتة تقدس المرتزق المثالي الأولي وتعكس وجهة النظر الثابتة بخصوص ثنائيات الذات والأخر ، النحن والغرباء ، وصولا المزيد من التعديلات والصياغات القانونية ، وهذه الطبيعة تكاد أن تكون أكثر زمنية في وجودها وتطبيقاتها العملية حتى الأزمنة الراهنة ، ويدخل القهر احد الأساليب المتبعة في تثبيت سياسة الحاكم بل هي الوازع الأساسي في بقاء النموذج الأحادي الحاكم ومن بعدها تأتي بقية السياسات الأخرى المتعلقة بالحاجة إلى الناس والاهتمام بشؤونهم وأوضاعهم وكل ذلك يدخل من باب " الإحسان " اضطرارا كما يعبر ابن خلدون حيث يقول بما معناه إن الرئيس يحتاج إلى العصبية " عصبية الجماعة " من اجل الدفاع عن ملكه فضلا عن التغاضي عن العداء الذي من الممكن أن يحدث أو الهجران والابتعاد عن سياسته ، وهذه الأخيرة كثيرا ما يعمل الدين بشخوص مؤثرة على المجتمع ومن ثم تثبيتها لفترات زمنية طويلة ( 1)


تأبيد التماثل أو النسخ المتشابهة


دائما ما تطبع السياسة في المجتمع العربي الإسلامي أهلها بطابعها ولا توجد أية مجالات لصور مختلفة عن السياقات المفروضة اجتماعيا وسياسيا وقانونيا ، والتماثل الاجتماعي يتضمن تعزيز هوية الدولة الملكية الثابتة أو الجمهورية التي تفتقر إلى معايير الاختلاف والديمقراطية ، وبالتالي يكون التماثل ممثلا للحفاظ على عصبية الجماعة المصبوغة بالتسليم للقدر والاستغناء عن أي أشكال بديلة عما سائد وجاثم على حياتها ، وباختصار إنها تتحرك ضمن بنية ثابتة لا تفكر إلا بجعل المجتمع مصبوب في قالب واحد فحسب ، فإذا كانت الدولة دينية ينعكس أثرها بشكل كبير على المجتمع ، وإذا كانت متفرعة أكثر من الدين طائفية دينية فإنها أيضا سوف تغزو المجال العام بطائفيتها الدينية ، كذلك مع ارتباطاتها الأخرى من قومية أو عرقية أو عسكرية أو إيديولوجية .
والمعرفة المتماثلة دائما ما تجعل " النحن " او المجتمع الداخلي اكثر هيمنة من سواه على امتلاك الحقيقة والمعنى ، وبالتالي يشكل الغرباء قاعدة للنفي ، خصوصا اذا كان هؤلاء الغرباء يشكلون النقيض للتماثل الاجتماعي الثابت غير المتحول ، وبالتالي تكون " درجة البرومثيوسية " ضعيفة جدا في هذا المجتمع بسبب التكوينات الابوية العشائرية ، ومن ثم الدينية والسياسية ، اذ تكتمل حلقات التماثل مع الاندماج المطلق لهذه الثلاثية وثباتها اجتماعيا (2)
والتماثل الاجتماعي ليس في مجملة امرا سيئا ولكن في حالة نبذه للاختلاف والتنوع وعدم حث الناس على التطور والتغيير ، يغدو خطرا حقيقيا يهدد مستقبلهم خصوصا ان العالم من حولهم كله عبارة عن ثورة وحركة وتطور ووعي متجدد .

والتماثل التام للمجتمع المطلوب تكوينه سياسيا يفتقد بدوره إلى أية بوادر للتحولات والتغيرات الجوهرية في طبيعة النظام السياسي او بطيعة المجتمع الخاضع له , حيث ما تزال العائلة او النظام الابوي هو من يحكم التوجه السياسي للمجتمعات العربية الاسلامية ضمن حدود النسبي ، والابوية هنا من الممكن ان تتجاوز القرابة وارتباط الدم لتصل الى الارتباط الروحي والمعنوي المهيمن على المجتمع
والتغيرات او التحولات ان وجدت فإنها سوف تحدث بشكل فرعي أو نموذجي ولكن تبقى عملية التماثل واضحة في النموذج الجديد ، فالتحول العائلي الإسلامي من الأموي إلى العباسي لم يغير من طبيعة الدولة بأنها دولة انتشار إسلامي أو يلغي اثر الثورات الاجتماعية المتتالية عليها رغم الطول الزمني العباسي مقارنة بالأموي ولكن السياسة واحدة في تثبيتها العائلي وفي تمييزها دولة قهر وغلبة واستبداد ولا تنفك آثار التحولات مع العثمانية أو بقايا الدولة الدينية الطائفية هنا وهناك وكلها نموذج صارخ للتماثل الاجتماعي لسياسة الدولة ، ولا تختلف اليوم أيضا طبيعة الدولة العربية الإسلامية من تأبيدها لهذا التماثل وابسط مثال على ذلك هو التعليم الجامعي الذي يفترض إن يكون فضاء حرا للدراسة والبحث والنقد والتداول المعرفي يوجه من قبل الدولة بما يخدم أيديولوجيتها ولا توجد اختلافات من الممكن أن تمس جوهر ووجود الدولة وسلوكها بالنقد ، والأخير أكثر امتناعا ليس داخل مؤسسات الدولة فحسب بل المجتمع أيضا ضمن حدود النسبي الاكثري (3)
واكثر ما يديم التماثل الاجتماعي هو التعزيز السياسي للطقوس الاجتماعية والدينية ، بشكل يحافظ على الهويات الداخلية السائدة ، وهذا التعزيز السياسي يمارس تطبيقه اما بشكل مقصود من اجل تفريغ المجتمع نفسه من حدة واثر التنوعات والاختلافات او يكون جزءا طبيعيا من التكوين الايديولوجي للنظام السياسي نفسه وفي الحالتين هناك المحافظة على التجانس والانغلاق الاجتماعيين ولا يمكن لأي وعي بروميثيوسي اختراق هذه الهويات الا وتم نبذه او طرده من خانة الحقيقة والمعنى ، وبالتالي يكون مصيره النفي ماديا او معنويا .
واكثر ما يعانيه المجتمع المتماثل معرفيا هو فقدانه للتسامح فضلا عن الخوف من الاخر المختلف الى درجة اشاعة وهم العدو لجميع المعارضين الذين يختلفون مع اطارها وشكلها ونظامها الاجتماعي والسياسي ، ولا يتوقف الجمود وعدم المرونة في تكوينه المعرفي بل هنالك ايضا غياب القدرة على التراكم والتجديد الداخلي فضلا عن غياب القدرة على البناء والتجاوز ، وهاتان الميزتان مع صفة التسامح تشكل ابرز سمات الهويات المتجددة المنفتحة التي لا تنظر الى الحقيقة كأصل ثابت بل متغير ومتحول من شكل الى اخر وجوديا واجتماعيا .



مفاضلة الكم على النوع


بين الكمية والنوعية هناك الكثير من المفاضلة داخل العقل السياسي العربي ، فالكمية تشمل الحشود الاجتماعية التي تضمن الولاء لسلطة الملك أو الرئيس ، والنوعية تشمل النخب الفاعلة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا وعلميا ، ولا توجد اية تقريب وتقدير واهتمام واحترام للكمية والنوعية الا وهما تابعتان ومندمجتان ضمن مؤسسات الدولة وسياستها ، والا ما برزت وضمن اجيال واجيال هجرة المغتربين المنفيين من مختلف الطبقات الاجتماعية ، من العلماء والادباء والفنانين ,, الخ والنخب الفاعلة من بين المقدمة الرئيسية لهذه الهجرة المتعمدة ، حيث جميع قوى الدولة مركزة نسبيا على جعل العقل الكمي والنوعي تابعا لا منفصلا عن العقل السياسي ، وضمن هكذا سياسات يتعزز الانتصار السياسي للأنظمة الثابتة هي ومجتمعها على حد سواء .
وبعد الانتصار السياسي هناك المحافظة على ضمان بقاء الكمية الاجتماعية الكبيرة ملتصقة بولائها للملك وأبنائه وأحفاده من بعده ، او الرئيس وحزبه ونظامه وايديولوجيته ، وهكذا ضمن دورة لا تنتهي إلا بالغلبة والصراع حيث كل شيء يؤخذ بالسيف قديما والدعم الدولي المسلح حديثا بعد ضمان وجود العصبية المناصرة بالطبع ، والعقل السياسي العربي يفضل أن تبقى الأكثرية موالية مطيعة هادئة مذعنة حتى وان جارت عليها الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، ولكي تسيطر السياسة على الحشود تحتاج إلى الكثير من الوسائل المادية والمعنوية ، حيث تشمل الأولى المادية على قدرة القمع والسيطرة وفرض الأنظمة والقوانين وكذلك على القدرة في توفير شروط الحياة من مأكل وملبس ومسكن .. الخ من مصادر الإشباع المادية رغم عدم تطبيقها بشكل مثالي ، في حين تكون الثانية أهم وأكثر ديمومة وثباتا في السيطرة على الأولى وهي إيجاد المعنى الذي من اجله يستمر الإنسان في الحياة ويقتنع بضرورة البقاء على صورة معينة أو شكلا معينا يوائم ويلاءم السياسة التي تستهدف المجتمع الكمي نفسه وتذيبه في بوتقتها وهي في النهاية استهداف مصالح وغايات شخصية ينال منها الأقلية الحظوة والامتياز أكثر من المجتمع نفسه .

وفي كثير من الاحيان يكون المجتمع الكمي متشابها في سلوكه وتطلعاته وتمثله الغارق في الاستقرار وعدم محاولة التحول او التغيير لنسق وجوده اليومي او المستقبلي على حد سواء ، واكثر ما يغرق الكم الاجتماعي هو

1- سلطة الايديولوجيا : - وهذه الاخيرة متنوعة في المجتمع العربي الاسلامي ولكنها قد انتهت اليوم ضمن صورتها الدينية المغلقة والثابتة في قناعاتها التاريخية ،
2- الاساطير الدنيوية : - ولا يحتكر الدين فقط الكمية الاجتماعية في مشاغلها اليومية واهتمامها فحسب بل هنالك بقية الانساق الدنيوية المرتبطة بتتبع اساطير الرياضة والفنون الاستهلاكية الفارغة من محتوى اثارة الذهنية الاجتماعية حول قضاياها المهمة والرئيسية المرتبطة بتنوع حاجاتها ومشاكلها اليومية المعاشة ، فضلا عن الاهتمام بالمستقبل ، والاخير ما يزال مرهون لنظرية القدر الالهي وليس لدور واهمية وتدخل الانسان فيه
3- سلطة التقنية : وهذه الاخيرة جعلت مجتمعاتنا تغرق بالتفاهة اكثر من سواها لعدة اسباب ابرزها ثبات الانظمة السياسية والاجتماعية التقليدية وفشل التحول الى المجتمع الصناعي الحداثي ، فضلا عن تحكم راس المال بطبيعة انتاج وتصدير المعلومات وتداولها بين الناس الامر ادى الى تراجع الوعي العام الذي يرتقي بالكمية الاجتماعية معرفيا وثقافيا

كل ذلك يزيد ولا يقلل من عدد المجتمع الكمي وكلما زيد في كمية المجتمع المحدود والسطحي كلما زيد في مستوى الالهاء المقدم له ، كلما زيد في مستوى خداعه وزيد ايضا في بقاء السلطة المشوشة للواقع السياسي والاجتماعي وبالتالي هيمنة اقلية سياسية على اكثرية او كمية اجتماعية منضبطة ومخدرة اجتماعيا عن تطوير وتغيير نسق حياتها ، ونوعية تابعة وذليلة او مغتربة داخليا او خارجيا .




آفة التباين الطبقي


ان ادامة التباين الطبقي داخل المجتمع الواحد بعرقيته او بقبليته او بطبيعته الطائفية او الدينية الواحدة او المتعددة ، بل حتى المدنية ايضا ، يشكل هدفا من اهداف السياسة في العالم العربي ، وذلك بسبب الانغلاق الذي تفرضه السلطات على المجتمع حيث لا رقابة ومحاسبة سياسية واجتماعية لممارساتها واثارها التي تزيد ولا تقلل من اثر التباين الطبقي الذي يظهر في عدة مشاكل مثل الفقر والتلوث وسوء التغذية والصحة والتعليم ، فضلا عن التراجع في مستويات الوعي العام الثقافي والسياسي والاجتماعي ، اضافة الى تراجع الانفتاح على العالم وجميع منجزاته العلمية والادبية ، المادية والمعنوية .
والانغلاق السياسي بالمفهوم الحديث لا يشير الا الى وجود السيطرة الكبيرة على النقابات والمنظمات المدنية والانسانية ، وبالتالي اخضاعها الى ما يسميه هربرت ماركوز الى الالية او المجتمع الميكانيكي الذي تتم تسييره او السيطرة عليه عبر الالة التكنلوجية ، فكل شيء مقنن حيث المجتمع عبارة عن " ذرات انسانية مدفوعة الى نوع من التجمع والاتحاد بفعل الرابطة التكنلوجية " (4) وبالتالي هناك اندماج اجتماعي كامل مع هذا التسيير الذاتي للتقنية ، فضلا عن وجود التباين الطبقي بشكل او باخر زاد او قل وفقا لهذا المجتمع او الدولة وما تملك من موارد وثروات مادية ومعنوية
ونحن هنا نتحدث عن المجتمع الصناعي الحديث ولكن كيف يظهر الامر مع المجتمع الذي يعيش في اطراف العالم ومحكوم بالنظم الثابتة عرقيا وقبليا وطائفيا ودينيا ؟ !
من المؤكد سوف تكون التباينات الطبقية اشد حضورا خصوصا وان الضامن لبقائها وثباتها متمثلا بوجود الهويات القبلية والدينية والطائفية ، حيث تكون المسألة اكثر تعقيدا ليس لان السياسة التي تفرض هكذا تباينات طبقية هي نفسها تعيش في طرفية العالم وليس في مركزه فحسب بل انها كما يقول سمير امين تعمل على تكوين فوارق اجتماعية تأخذ شكل انتفاخ كتل ضخمة من الجماهير المفقرة والمهمشة وبالتالي لا توجد اية اشارة توحي بالتقدم في مجال الاندماج الاقليمي (5)
وما يعيق هذا التقدم ليس السياسة القابعة في دعمها لمجتمع متخلف اقتصاديا حيث صيرورتها ضمن عالم ما قبل الصناعة او ضمن عالم ذو صناعة هشة وضعيفة بالرغم من امكانياتها في تصدير المواد الاولية للصناعة من جهة بل ايضا تدخل المنظومة المعرفية الثابتة في دعم عناصر التخلف حيث لا مشروعا او استراتيجية خاصة للخروج من دوائر الهيمنة للمراكز الاقتصادية الكبرى وهذه الاخيرة تعمل على التفكير نيابة عنها او تعمل على صياغة المشاريع الخاصة وما يتبقى جميع وسائل الخطابة المعادية للغرب او سلطة الايدلوجيا المرتبطة بالأوهام الدينية من جهة اخرى .
وسلطة الايديولوجيا تعمم اكثر مما تخصص ، مطلقة اكثر مما هي نسبية ، ذلك ما يتم تطبيقه عمليا في العالم العربي حيث التشويش على الواقع واسطرته وجعله مليء بالخرافات والاوهام والطقوس الدينية التي لا تنتمي للعصر الحديث الفاعل المتحرك المنتج رغم هيمنة الايديولوجيا عليه ايضا وهنا نقصد بهيمنة السوق وامكانياتها باكتساح العالم بطرق ووسائل غير شرعية وانسانية عبر افتعال الحروب وتقسيم الدول الفقيرة المتخلفة الى سلطات وليس الى دول من شأنها ان تزيد التباينات الطبقية اكثر واكثر من جهة وتزيد الانغلاق الهوياتي الثقافي من جهة اخرى .






اهمال حقوق الانسان


حقوق الانسان من المصطلحات الغريبة على الذهنية السياسية في المجتمعات العربية الاسلامية تطبيقا ماديا واجتماعيا ، حيث تعد حديثة النشأة والظهور بتعددها المرتبط بحقوق الانسان في الحياة والكرامة والعمل والحرية والتجمع والضمان الاجتماعي .. الخ ولا توجد قيادة سياسية في القرن العشرين عربيا واسلاميا ضمن حدود النسبي عملت على تطبيق هذه الحقوق على مستوى الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي وبالتالي هي تستمد سلوكها من التاريخ القمعي الاستبدادي ، وهذا الاخير غارق في الاحادية وصورة الحقيقة ضمن جاهزيتها المطلقة وليست النسبية
واكثر ما يعيق هذه الحقوق من حيث التطبيق العملي :-

1- جميع الموروثات الثقافية التي تتخذ بشكل تبريري للدفاع عن ديمومة حالة الفصل ما بين المجتمعات الحديثة والمجتمعات القديمة وبالتالي تتعامل السلطات السياسية وفقا لهذه الموروثات فحقوق الانسان في التعبير عن الراي والنقد كثيرا ما تصطدم بهذه الموروثات اضافة الى حقوق المرأة والطفل وبقية الحقوق السياسية والاجتماعية المتعلقة بحق التجمع والتظاهر والاضراب العام وغيرها ، اذ تتعامل السلطات السياسية مع هذه الحقوق بإهمال ونسيان كبيرين سواء كان شكل هذه السلطات دينية او قومية وجل ما تسعى له هو ادامة الواقع محافظا على ذات الفصل بين المجتمعات الحديثة والمجتمعات القديمة وهذه الاخيرة هي ذات دعم وجودي من قبل القوى المهيمنة على المجتمعات الحديثة وهنا المفارقة الكبيرة في التعثر الوجودي من تطبيق حقوق الانسان بشكل عملي خالص حيث لا تنفصل هذه الحقوق عن بعضها البعض الاخر فحقوق الحياة والكرامة والسلامة مرتبطة بحقوق العمل والحرية وتحقيق الذات الفردية والجماعية على حد سواء ، وحقوق المرأة والطفل مرتبطة بحقوق المساواة والتعامل الانساني بشكل يتجاوز حالات التمييز العنصري والعنف الاسري الممارس والمدافع عنه قانونيا ودينيا ، وهذه الحقوق تصطدم بالموروثات التي تعلي من قيمة واهمية الرجل في السيطرة على المرأة والاطفال ، وبالتالي عدم الاتساق والارتباط بالقوانين الحديثة ، والموضوع بقدر ما اجتماعي وديني وثقافي ، بقدر ما هو سياسي ، والاخير يؤثر بشكل كبير في المحافظة على الموروثات الثقافية وتثبيتها اجتماعيا وقانونيا والامثلة كثيرة ونذكر كيفية ادخال الماضي المذهبي في قانون الاحوال الشخصية العراقي بشكل يتجاوز القضاء ويربطه بالمؤسسة الدينية او يجعلهما شريكين معا ، وذلك الامر يشكل محاولة لاستنساخ التجربة الايرانية وفرضها على المجتمع العراقي من خلال استغلال الحضور الايديولوجي للنزعات الدينية وهيمنها ، الامر الذي يديم اكثر واكثر حالة الفصل بين المجتمعات الحديثة وبين المجتمعات القديمة .
2- الدعم السياسي من " الغرب الحديث " لأكثر الجماعات السياسية الطائفية والعرقية في العالم العربي بشكل مباشر او غير مباشر ، وهنا الامر ليس مرتبط بالدول التقليدية المحافظة ذات الاطار الملكي فحسب بل مرتبط ايضا بالتحولات التي حدثت في اكثر الدول التاريخية " تلك التي تتجاوز الاثر الديني لتصل الى الاثر القومي بشكل ايديولوجي كالعراق وسوريا وليبيا ومصر والسودان واليمن حالة مصر فشلت مع عودة العسكر " وهذه التحولات رسخت اكثر واكثر الهويات الدينية الطائفية ، بشكل يديم حالة الفشل الحداثي ويفصل الناس عن جميع التطلعات نحو الاختلاف وبناء الاشكال والصور الجديدة المختلفة ، ومن ثم غياب شكل " الدولة " التي تحمي الاختلاف وما هو سائد متمثل بالأحزاب والتشكيلات السياسية ذات الازدواج المدني والعسكري على حد سواء ، وما تفتقده هو الامكانية في بناء الدولة ، وما تقيمه وتحميه وتؤسسه هو شكل السلطة في تشظيها وتبعثرها الى سلطات مستقرة في المحاصصة وتقسيم الثروات فيما بينها من جهة ، ومتصارعة فيما بينها ايضا في حالة الاختلاف المحاصصي من جهة اخرى .
3- الانفجار السكاني العشوائي لمجتمع الفقراء وهو ارث تشكل مع " الدولة الوطنية " واستمر مع الدور السياسي في التلاعب في اقتصاد الفقراء ضمن حقب سلطوية بالشكل الذي لا يديم حالة الفقر لديهم فحسب بل الجهل ايضا فضلا عن التلاعب بمستقبلهم المادي والمعنوي على حد سواء ، فالمادي مرتبط بتثبيت الظروف الاجتماعية والاقتصادية على انها قدر طبيعي لا يتدخل الانسان فيه والمعنوي هو ادامة حالة الفقر الروحي والمعرفي لديهم فضلا عن الانغلاق في جميع التصورات والمدركات الحياتية المعيشية الغارقة بالإلهاء الطقوسي اليوم للتدين الشعبي وليس التدين المعرفي الانساني ضمن رقع جغرافية منفجرة سكانيا وبشكل عشوائي او ثابت في عدم تحولها او عدم احداث تغيرات في اشكالها العمرانية بشكل جديد ومختلف حيث كل تغيير مكاني يتبعه تغيير انساني وذلك هو ما مفقود وغير معمول فيه داخل المجتمعات المنفجرة سكانيا في الوقت الحاضر .

المصادر : -
1- عبد الرحمن ، بن خلدون / الموسوعة / دار الكتاب اللبناني / بيروت 1992 / المجلد الأول ، ص 267
2- درجة البروميثيوسية مصطلح يستخدمه علماء الاجتماع وهو يشير الى اسطورة الاله اليوناني " بروميثيوس " الذي تحدى الالهة وسرق النار من جبل الاولمب واعطاها للبشر ، كي يتمكنوا من الدفء ، وقبل النار قام باعمال كثيرة محبة للبشر تساعدهم في تطور وتغيير حياتهم من مثل فنون العمارة والبناء والنجارة واستخراج المعادن .. الخ ، وكل ذلك ابغض السلطة التي تريد ان يبقى الانسان ضعيفا خائفا محتاجا اليها وهي سلطة الالهة بشكل رمزي يشير برومثيوس الى القدرة الاجتماعية على التحدي والخروج من الانساق والقوالب الاجتماعية الثابتة .
3- هناك من يشبه النقد في المجتمع الحديث مثل " بطل فيلم يقوم بمشاغلة المجرم الذي يضع يديه على فتيل التفجير حتى تأتي الشرطة التي لن تأتي أبدا " هذا الأمر في المجتمعات الأكاديمية الحديثة فكيف الحال مع مجتمعات السجون العقائدية من المؤكد سوف يكون الوضع أكثر تراجعا وسوءا .. يراجع بهذا الخصوص كتاب النقد والمجتمع / حوارات مع مجموعة مفكرين / فصل حوار مع الفيلسوف جاك دريدا / دار كنعان للدراسات والنشر والخدمات الإعلامية / الطبعة الأولى ، دمشق ، 2004 ، ص 80 .
4- ماركوز ، هربرت / الانسان ذو البعد الواحد / دار الآداب / الطبعة الثالثة ، بيروت 1988 ، ص 61 .
5- امين ، سمير / الاقتصاد السياسي للتنمية في القرنين العشرين والواحد والعشرين / دار الفارابي – بيروت – لبنان / الطبعة الاولى 2002 ، ص 40 .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسس القيادة في المجتمع العربي الاسلامي ( الثقافة وقيادة الاس ...
- قراءة ونقد في ( عن الحرية) لجون ستيوارت ميل
- نقد الدولة - دولة النقد (البحث عن دولة حديثة ناقدة ) الجزء ا ...
- نقد الدولة - دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) الجزء ...
- مختارات من نصوص الهايكو
- نقد الدولة - دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) الجزء ...
- نقد الدولة- دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) الفصل ا ...
- نقد الدولة - دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) الفصل ...
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) الفصل ا ...
- حتى يكتمل الموت جيدا
- مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (١_٧)
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (1_6)
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (١_٥)
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...
- مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (١_٤)
- مجتمع المعرفة ضمن ثنائية الابداع والخطر (١_٣)
- نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (£ ...


المزيد.....




- مصدر لـCNN: وزيرة العدل الأمريكية توجه بالتحقيق مع مسؤولين ف ...
- مصدر يكشف لـCNN موقف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من -توسيع ...
- القضاء الإسرائيلي يجمّد قرار حكومة نتنياهو بعزل المدعية العا ...
- ديمقراطيون يوجّهون رسالة إلى إدارة ترامب تطالب بالاعتراف بال ...
- هل تحدث زيارة ويتكوف لروسيا اختراقا لإنهاء حرب أوكرانيا؟
- الدعم السريع في الرمق الأخير
- عندما يصبح الحليب سلاحا محظورا.. غضب بالمنصات على موت أطفال ...
- ما أسباب تفوق الجزائر على أوغندا في كأس أفريقيا للمحليين؟
- الاستخبارات التركية توصي ببناء الملاجئ والاستعداد للحرب مع إ ...
- طحالب قادمة من المحيط الهادي تغزو شواطئ بالجزائر


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - اسس القيادة في المجتمع العربي الاسلامي ( السياسة وقيادة الاستبداد )