|
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
علي عبد الواحد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 21:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
المقدمة
تمنحنا الحياة دوما الوسائل والوسائط التي يتيح أستخدامها ، إمكانية الخروج من ألأزمات وألإختناقات التي تسد طريق النمو والنهوض، وبحكم إن هذه ألأدواة التي يراد لها أن تكون منقذة من هذه ألإختناقات إلأ إن هذا الخروج لايكون دائما بنفس الوتيرة من النجاح بحكم إصطدامه بآلية إسلوب ألإنتاج ألرأسمالي وحركته وقوانينه الموضوعية التي هي خالقة ومسببة لهذه ألإختناقات .فقد دأب كل الذين حاولوا معالجة تلك ألإختناقات، على أن تدور معالجاتهم تلك في فلك الحلول التي تطرحها آلية السوق ألرأسمالية ،وتميل الى طرح المزيد من فيض السكان النسبي وتسريح المزيد من القوى العاملة عن العمل ، ربما قد تؤدي بعض هذه الحلول الى نهوض عدد من المؤسسات ألإقتصادية وإنتعاشها ولكن سرعان ما يصيبها الركود وألأزمة مرة أخرى نتيجة لتراجع النشاط ألإقتصادي العام وإنخفاض الناتج المحلي ألإجمالي لعدة أشهر متتالية ألأمر الذي يؤدي الى فشل ألأعمال التجارية وإنهيارات البنوك والنمو البطئ في ألإنتاج وارتفاع جديد في معدلات البطالة والى ألإضطرابات ألإجتماعية والسياسية والى الفشل في إدارة المؤسسات والشركات. دون أن ينتبه واضعو الحلول الى النقص في عملهم الذي كان يعيد إنتاج المشاكل بعد فترة وجيزة.
وحدث ما لم يكن في حسبان هؤلاء ، إذ حدثت في العالم معجزتان كبيرتان في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، فقد خرجت كل من المانيا واليابان من هذه الحرب وهما محطمتان تماما ، من الناحية البشرية والإقتصادية ، وكانت هناك ضرورة قصوى لإعادة بناء وإعمار هاتين الدولتين وإعمار وبناء أوربا التي تضررت هي ألأخرى من الحرب .
المعجزة ألأألمانية.
ونعني بها عملية النهوض التي جرت في المانيا بعد خروجها محطمة من الحرب العالمية الثانية سمي هذا النهوض بإسم " مدرسة فرايبورغ أوالسوق الحرة ألإجتماعية " . يرجع الدور الرئيسي بها الى العالم ألألماني الفذ " والتر أوكن " الذي بنيت أفكاره على أساس مبدأ السوق الحرة ألإشتراكية والسماح للدولة بالتدخل وبالذات في وضع القوانين الصارمة التي تجنب البلاد نشوء ألإحتكارات ، والقوانين التي تضع نظام رعاية إجتماعية لحماية ألأفراد الذين يكونون في الحالات ألإقتصادية الصعبة.
ثم يليه أحد تلامذته ألبارزين ويدعى " لودفيج أيرهارد " الذي أصبح يعرف بإسم " أبو المعجزة ألإقتصادية ألألمانية "
خطوات أيرهارد:
1) سك عملة ألمانية جديدة ، فالعملة القديمة كانت قد فقدت قيمتها، وسمح تبديل العملة من سحب نسبة عالية من العملة التي كانت متكدسة لدى الناس ،وهذا أدى الى الحد من التدهور المالي لدى ألأشخاص والشركات.
2) تخفيض الضرائب لزيادة ألإنفاق وألإستثمار
هاتان الخطوتان دعت التجار والناس الى إعادة الثقة بالعملةالجديدة التي لها قيمة حقيقية فأنتعشت التجارة وتم القضاء على المقايضة والسوق السوداء
وتم توظيف ألأوضاع الدولية في أعقاب سقوط المانيا الهتلرية وسطوع قوة ألإتحاد السوفيتي ودوره الكبير في هذا السقوط وولادة دول المنظومة ألإشتراكية وبروز سياسة الحرب الباردة على المسرح الدولي ، حيث قدمت أمريكا المساعدات المالية لدول أوربا وغيرها من خلال خطة مارشال التي أمدت المانيا المنكوبة ( وقتها) بالمساعدات التي وظفتها بالشكل البناء .
المعجزة ألإقتصادية اليابانية
سميت هذه المعجزة بالظاهرة التاريخية سارت هذه المعجزة عبر طريقين
ألطريق ألأول والذي كان هو الطريق الرئيسي وهو طريق التدخل ألإقتصادي للحكومة اليابانية ألأمر الذي مكن من صمود ألإقتصاد الياباني أمام الركود الكبير، فما كان من الحكومة اليابانية التي وعت دورها في دفع دفع النمو ألإقتصادي في القطاع الخاص أولا فسنت القوانين وتشريعات الحماية التي حدت من ألأزمات ألإقتصادية ، وتوجهت لاحقا الى توسيع التجارة وضبطتها.
الطريق الثاني والذي ساعد جزئيا في النمو وهو ألإستفادة من الحرب الباردة ومن مساعدات ومعونات الولايات المتحدة جراء خطة مارشال وخاصة بعدنهاية الحرب الكورية .
الخلاصة :
في هاتين المعجزتين لآحظنا التأثير الكبير الذي لعبته الدوله في تدخلها المباشر في سنها القوانين البناءة وفي تحديد المسار المؤثر لهذه القوانين لا سيما وإن كل من المانيا واليابان وكذلك قارة أوربا كانوا محطمين إقتصاديا وبشريا وأبنية تحتية وإن اليابان نفسها ضربت بقنبلتين ذريتين في هيروشيما وناكازاكي .
فما الذي فعلته الدولة ؟
فرض رسوم كمركية على الواردات
حماية البضائع التي تواجه منافسة من الواردات الرخيصة
تشجيع ألإنتاج المحلي في الزراعة والصناعة
تقليل الضغط على العملات ألأجنبية
إدارة ألأزمات بحكمة والتعامل الناجح مع الملفات ألإقتصادية
التنبأ بحدوث ألأزمة قبل وقوعها.
بذلك إنتبه الكثير من ألمنظرين الرأسماليين وكذلك ألأمم المتحدة الى أهمية الدور الذي تقوم فيه الدولة سواء أثناء ألأزمات أو بدونها.
عموما إن ذلك أجبر الرأسماليين ومفكريهم على الرجوع لأهمية الدور المنقذ للدولة خاصة عند حدوث ألأزمات، رغم إن غالبيتهم من المنادين بآلية إقتصاد السوق وبإبتعاد الدولة عن ألإقتصاد،إلا إنهم اصبحوا مضطرين الى ألإقرار بدور الدولة وخاصة في أعقاب ألأزمة التي المت في النظام الرأسمالي والعالم في 2008 م التي أثارت الشكوك على قدرة النظام الرأسمالي على الصمود .
إبتدأ تدخل الدولةألرأسمالية في ألإقتصاد ألمأزوم في حده ألأدنى ، حيث عادوا الى تعاليم ألإقتصادي ألإنكليزي المشهور آدم سميث سنة 1776م الذي أكد " إن السوق هو أفضل أداة لتحقيق النمو وتحسين الرفاه إنه يتعين على الدولة على الدولة القيام بدور تنظيمي من خلال توفير السلع العامة وسن القوانين والتشريعات وحفظ ألأمن والنظام والدفاع "
وعجلت أزمة الكساد الكبير سنة 1929م والسنوات التالية لها من تطور دور الدولة في الفكر ألإقتصادي، حيث حدث تحول في دور الدولة من الدولة الحامية للنظام الى الدولة الفعالة في النشاط ألإقتصادي نفسه إعتمادا على ألإنفاق الحكومي في المجالات ألإتمانية ورفع مستوى الطلب الفعال ومن خلال التكامل في دور الدولة وآليات السوق بحيث يتم :
* في حالة فشل آليات السوق تتدخل الدولة
وعندما تبرز مظاهرفشل الحكو مات ، تلعب قوى وآليات السوق دورا محوريا.
فكان التحدي الحقيقي لإمكانيةومقدرة النظام ألرأسمالي على التكيف مع الظروف الصعبة وتجاوزها هو إيجاد التوازن المعقول بين دور الدولة في مقابل آليات السوق وبين النشاط الحكومي وغير الحكومي. فأسفرت البحوث عن المضي في الدراسات المتعلقة في إمكانيات الدولة والحاجة اليها والى دورها حتى في غير أيام ألأزمات فوصلت الينا البحوث عن الحكم الرشيد وعن الحوكمة الرشيدة.وعن التنمية المستدامة لاسيما بعد أن زال الحذر لدى العديد من المنظرين الرأسماليين من الخوض في مسألة الدور ألإقتصادي للدولة ، فكيفوا عدد من المفاهيم التي التي تدور في مواضيع إدارة المؤسسات والشركات العامة لتكون ملائمة أيضا لتدل على ألدور الفاعل للدولة إقتصاديا في ألإقتصاد ألرأسمالي ووجدوا ضالتهم في أرشيف المعالجات الرأسمالية في هذا الموضوع الشائك بالنسبة لهم .
كيف ظهر الى العلن مفهوم التنمية المستدامة ؟
لدينا تواريخ مهمة ورد خلالها ذكر هذا الموضوع عالميا ، التاريخ ألأول في عام 1972م جاء الحديث عن التنمية المستدامة في مؤتمر ألأمم ألأمتخدة المعني بالبيئة البشرية الذي عقد في السويد ، حيث تبنى المؤتمر عددا من أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة المباشرة بالبيئة وهي كما جاءت في البيان:
الهدف 6 : مياه نظيفة وصرف صحي
الهدف 7 : طاقة نظيفة وبأسعار معقولة
الهدف 11 : مدن ومجتمعات مستدامة
الهدف 12: إستهلاك وإنتاج مسؤولان
الهدف 13: العمل المناخي
الهدف 14 : الحياة تحت الماء
الهدف 15: الحياة على ألأرض
وفي عام 1980م ورد ذكر للتنمية المستدامة في منشور أصدره ألإتحاد الدولي من أجل حماية البيئة ، هذا ألإتحاد الذي اسس في عام 1948م أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ليعالج آثارها البيئية.
وأتخذ مفهوم ألتنمية المستدامة بعدعام 1987م أبعادا جديدة ، خاصة عندما جاء ذكره في تقرير " مستقبلنا المشترك " في نفس العام وهو الذي قدم من قبل ( غيرو هارلم بروندتلاند ) رئيسة وزراء النرويج. حيث أصبح شعارا لكافة المنظمات الدولية وألأقليمية والمحلية
فما هي التنمية المستدامة؟
إنها التنمية التي تأخذ بعين ألإعتبار ألأبعاد ألإجتماعية والبيئية لاى جانب وألأبعادألإقتصادية لحسن إستغلال الموارد المتاحة لتلبية حاجات ألأفراد مع ألإحتفاظ بحق ألأجيال ألقادمة ومواجهة
خطر التدهور البيئي مع عدم التخلي عن التنمية ألإقتصادية وتحقيق المساواة والعدالة ألإجتماعية.
إذن ألتنمية ألمستدامة تتطلب تحسين ظروف المعيشة لجميع ألأفراد ، دون ألزيادة في إستخدام ألموارد الطبيعية.
فهي إذن :
ألنمو ألإقتصادي حفظ الموارد الطبيعية والبيئة ألتنمية ألإجتماعية
وعندما ندقق مليا بهذه المهام سنجدها من مهام الدولة وبالذات الدولة التي تضع مصلحة الناس فوق كل إعتبار دون أن تهمل المصالح ألأخرى.
من ألأمور ألأخرى التي جرى الخوض بها هي مسألة
الحكم الرشيد
هذا المفهوم القديم كان أول ظهوره في اللغة الفرنسية في القرن الثالث عشركمصطلح مرادف لمصطلح الحكومة، ثم ظهر كمصطلح قانوني في 1978م ليستعمل في نطاق واسع معبر عن تكاليف التسيير (charge de gouvernance) من هنا يتضح ألأصل الفرنسي للكلمة. ومن هنا يتضح أيضا وخاصة من الكلمة ( gouvernance) التي تعبر عن إسلوب أو طريقة للحكم تسيير أعمال منظمة قد تكون دولة أو مجموعة من الدول أو مؤسسات عمومية أو خاصة.
فالحكم الرشيدهو مفهوم يعبر عن موضوعة سياسية حديثة في ألإدارة وفي إدارة ألمجتمعات بحكمة ورشاد وهو يعني
قيم ومؤشرات ألجودة ألسياسية
ألإستثمار ألأمثل للموارد البشرية والمادية والمصرفية
الكفاءة والشفافية والفاعلية
سيادة القانون
التناوب في الحكم
الرقابة والمحاسبة والمساءلة
وعند الربط ما بين معطيات الحكم الرشيد وبين التنمية المستدامة سنجد إن الحكم الرشيد يتكامل بها. وكذلك سيتكامل بالديمقراطية وبحقوق ألإنسان المساواة والعدالة ومنع الفساد ومكافحته,
لذلك فإن الحكم الرشيد هو أساسا عملية تقوم بموجبها ألمؤسسات العامة وألدولة ومؤسساتها بتسيير الشؤون العامة وإدارة الموارد العامة بشكل مستدام وضمان أعمال حقوق ألإنسان. وبذلك فإن تسييرالشؤون العامة يكون وفق ألإحترام الكامل لحقوق ألإنسان ، والمشاركة الفعالة، وسيادة القانون ، والشراكات المتعددة للجهات الفاعلة ووفق التعددية السياسية، وحق الحصول على المعلومات ،والمواقف والقيم التي تعزز المسؤوليةالفردية والجماعية التضامن والتسامح. إضافة لما ورد ذكره من صفات.
الحوكمة
ظهر هذا المصطلح في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الماضي
وحتم ظهوره وتطور إستعماله وتوسع هذا ألإستعمال نتيجة ألأزمات المتكررةفي النظام ألرأسمالي العالمي،وخاصة ألأزمات ألإقتصادية الدورية المتكررة. ونتيجة العجز الواضح والتقصير في نظم إدارة المؤسسات والشركات الرأسمالية ، فقد رأى المنظرون وصناع القرار ، إن العطل يكمن في كيفية إدارة هذه المؤسسات،غاضين النظرعن عيوب الملكية الفردية لوسائل ألإنتاج وسعيها المحموم للإستحواذ على عمل المنتجين الحقيقين ونتاج هذا العمل. فوجدوا الحل في في هذه الكلمة السحرية " الحوكمة " وبحثوا في جذورها التاريخية ، ولكن قبل التوغل في الجذور التاريخية هذه، أود أن أوضح إن جوهر الحل الذي أوجدوه يكمن في الدور الفاعل للدولة في العمليات وفي تصريف شؤون البلد المعني ، هذا الدور الذي ينكره النظام الرأسمالي العالمي ، ويتعمد منظروه إستبعاده .
تعريف الحوكمة.
هناك عدة تعاريف لهاولكن كلها تجمع على إنها ألأسلوب أو الطريقة التي يتم بها التعامل مع المؤسسة وكيفية إدارة شؤونها.وألإشراف عليها بشكل عام. وهذه التعاريف لها نفس الجوهر الذي هو حمايةألأقلية وحماية المساهمين.
التعريف ألأول:
هو تعاون بين ثلاث مجموعات من الجهات الفاعلة التي هي الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص في تصريف شؤؤن البلد على جميع المستويات
ولو وقفنا مدققين في عناصرهذا التعريف التي هي :
الدولة.
التي يجب وبالضرورة أنها دولة سليمة تعبر عن الحكم الرشيد.........1
الدولة السليمة تعني :
مشاركة جميع المواطنين في صنع القرار
سيادة القانون والعدالة من دون تفرقة
الشفافية وتطبيق حق المواطنين في الوصول الى المعلومات
تساوي المواطنين في فرص تحسين معيشتهم
المساءلة أي أن يكون صناع القرار مسؤولين أمام رأي ألجمهور العام
الرؤية ألإستراتيجية أي فهم ألماضي لبناء المستقبل
المجتمع المدني:
هو في حالتنا هذه كل من له مصلحة في الأداء الناجح والسليم للمؤسسة ، فلذلك فإن هذا المجتمع يشمل كل المتعاملين والمستفيدين منها وما يسمون أصحاب المصلحة بما فيها المؤسسات ألأخرى التي يتم التعاون معها .......2
وهو كذلك كل المنظمات والجمعيات والنوادي والنقابات......الخ
القطاع الخاص
المجموعة الثالثة من الجهات الفاعلة في تصريف البلد على المستويات ألإقتصادية والقانونية وألإدارية وتأمين السلامة العامة من المخاطر والتنمية البشرية ورفع الكفاءة وتطوير المعارف .
وهو هنا يشمل كل حملة ألأسهم وكل العاملين في ألإدارة
التعريف الثاني:
إنها نظام متكامل فصلت عناصره وآلياته في تعريف ألأمم المتحدة:
" ميزت ألأمم المتحدة ثمان عناصرأساسية للحوكمة " هي
المشاركة في إتخاذ القرارات
التوافق بين الجهات المشاركة في إدارة شؤون ألدولة .......3
المساءلة
الشفافية
الإستجابة لمتطلبات الناس
الفعالية والكفاءة
ألإنصاف والشمول.......( العدالة ألإجتماعية ...علي)
سيادة القانون
التعريف الثالث
وهو التعريف الذي قدمه الدكتور شرف جمال مدير معهد الحوكمة في فيديو مفيد يمكن الحصول عليه من الجوجل أو اليوتوب
" هي النظام الذي من خلاله يتم توجيه أي مؤسسة وألإشراف عليها بشكل عام"
ولكون الحوكمة كما توضح في اعلاه لها أبعاد مختلفة منها القانوني ، ألإداري والمالي وتأمين السلآمة من المخاطر وهي في نهاية ألأمر منظومة متكاملة لتوجيه أي مؤسسة من أجل ألإشراف والرقابة عليها من أجل النجاح وألإستدامة.
ما هي المنظومة المتكاملة:
هي المنظومة التي :
لها صلاحيات واسعة في المؤسسة
لها قيادة عليا
لها قيادة تنفيذية
لها قيمة إشرافية ورقابية
لها إطار تشريعي في هذه المؤسسة
هناك آليات خاصة في تحديد المخاطرالتي تتعرضلها المؤسسة
لها آليات خاصة في التعامل مع مع أصحاب المصالح المختلفين سواء أكانوا عملاء أو متعاملين أو مؤسسات أخرى تتعامل معها المؤسسة أو مع الجهات الحكومية.
هنا يجب ألتأكيد على مسألة هامة وهي إن الحوكمة تختلف من مؤسسة الى اخرى وفقا لنوع المؤسسة ومجال عملها ونقاط تشريعها ولذلك فإن لكل مؤسسة نظام خاص بها يتناسب مع النظام التشريعي لها والإشراف الخاص بها.
تعاريف أخرى للحوكمة
هذه التعاريف لها نفس المدلول في ألإطار العام:
هي الممارسة الرشيدة لسلطات ألإدارة من خلال ألإرتكازعلى معايير وقوانين وقواعد منظمة
هي النظام الذي يتم من خلاله توجيه أي مؤسسة وألإشراف عليها بشكل عام
هي تدعيم ومراقبة نشاط المؤسسة ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها
هي نظام متكامل يجمع بين السياسات والعمليات والهياكل التنظيمية يتم من خلاله توجيه وإدارة المؤسسات بفعالية ونجاح .
أصل الكلمة:
استعملت هذه الكلمة منذ القدم ، ووجد لها إستعمال في ىاللغةاليونانية القديمة مشتق من الفعل ( kubernao) اليوناني الذي يعني توجيه
في اللغة العربية صيغ هذا المصطلح مقابل اللفظ ألإنكليزي ( governace) وولد مصطلح "الحوكمة " على وزن فوعلة كما هي العولمة والحوسبة
وجاءت هذه الكلمة الحوكمة للدلالة على النشاط الذي تقوم به ألإدارة من القرارات التي تحدد التوقعات وألأداء وكل ما جرى بحثه وما سيجري لاحقا من أمور ألأدارة والقيادة، وفي مجال أوسع يمكن التمييز بين معنى الحكومة ومعنى الحوكمة :
فألحوكمة هو ما تقوم به الحكومة من أنشطة
وإنطلاقا من هذا المفهوم يمكن لنا أن صيغ سؤالا مهما عن مدى إمكانية ألإستفادة من موضوع الحوكمة لمعالجة ألأزمات والمشاكل المستفحلة في بلادنا العراق والخروج من هذا الموضوع بحلول ناجحة لوضع البلاد على مسار التنمية المستدامة وحقوق ألإنسان والمساواة والعدالة ألإجتماعية.وسيادة القانون .
لاسيما وأن تجربة بلادنا في موضوعة الحوكمة ,إستعمالاتها، فهي تظهر وتبدو واضحة في كل عملية تسيير أمور مؤسسة ما ،أو مديرية من ألمديريات العاملة في البلد فلا بد أن يكون لها نظام أو قواعد معينة تدير بها شؤونها وشؤون العاملين بها ، إعتاد عليها ألعاملين بها وأصبحت من ضمن التقاليد العامة ، وبذلك تصبح عملية تطبيقها على ألدولة وعلى آلياتها أكثر معقولية وسهولة، وفي العراق
يبدو إن آلية تغيير وتبديل القوى المسيطرة على الحكم ، ترتبط بعملية ألإنتخابات لمجلس النواب ونتائجها.
وهذه ألآلية ترتبط أيضا بالعرف الذي جرى التوافق عليه بين القوى المتصدرة لإدارة الدولة ، حيث قسمت وظائف إدارة الدولة بين المكونات الطائفية وألأثنية .
فأصبحت رئاسة الوزراء من نصيب " الشيعة "، ورئاسة الجمهورية من نصيب " الكرد " ورئاسة مجلس النواب من نصيب " السنة ".
ولكل رئيس من هذه ألرئاسات الثلاثة نائبان أو أكثر توزع حسب ضرورة الموقف بين المكونات المختلفة حسب ألأهمية.
وهناك جمع من المستشارين لكل رئيس ولكل نائب رئيس حسبما تقتضيه الضرورة وما تتطلبه حالات التوازن وألإرضاء وبوس اللحى.
هذه التشكيلة الغريبة أدت فيما أدت الية إضافة لعوامل أخرى متعددة الى ألإخلال بالعملية الديمقراطية وظهور المحسوبية والمنسوبية والى الفساد والكوميشونات وغيرها.
ويتصدر المشهد العراقي صعود الطائفية والعودة الى العشائرية وبروز الميليشيات والتنظيمات العسكرية وإنتشار ألأسلحة وتجارتها وحيازتها خارج سلطة الدولة، وعدم خضوع معظم هذه المليشيات لسلطة الدولة ، بل إظهار العلنية في العداء للدولة وقراراتها.في غالب ألأحيان
وأصبح المجتمع يعاني معاناة قاسية من إلبطالة ، ومن السلاح الخارج عن سيطرة الدولة، ومن سيادة الجهل والخرافات في المجتمع ومن شيوع تجارة المخدرات وسيطرة مافيات الفساد ، ومن القوانين المتخلفة والمجحفة لمكونات المجتمع
ويعاني البلد من النزاعات الخفية بين المسيطرين على الدولة والحكم، ومن هظم حقوق المواطنين المعدمين غير القادرين على دفع الرشاوي والتكلفة العالية لإنجاز معاملاتهم، ومن ألإستيلاء على عقارات الدولة وممتلكاتها، وعقارات ألأقليات الدينية، غير المدعومة بالقوة
إن هذا الواقع ينبئ عن بنية غريبة وعن قوى كاسحة تربعت على الحكم في العراق ، غير مهتمة بكل التطورات الجارية في العالم وبكل ما جادت به الجهود العلمية والعملية للنهوض والتقدم ، لاسيما وإن العراق يمتلك المقومات المادية لهذا النهوض، من ثروة مالية ضخمة ومن كفاءات بشرية بمختلف ألإختصاصات وإداريين قادرين على إستيعاب مختلف النظريات وطرق التنمية.
وإن التجربة التاريخية للبلد كفيلة بتذليل الصعاب وإزالة كل العقبات والتعقيدات التي زرعتها الجهات الفاسدة والفاشلة في طريق قوى التجديد والنزاهة والتطور، وسنتوقف عند الحوكمة كإحدى السبل لتحقيق التنمية الرشيدة والحكم الرشيد الذي أصبح معيارا ومؤشرا على قدرة الحكومات في إدارة الدولة.وسنجد عند التمعن إن عناصر الحكم الرشيد هي
الدولة 2) القطاع الخاص 3) المحتمع المدني.
وهي نفس مكونات التعريف ألأول للحوكمة. الذي سنجد فيه تفصيلا كامل لكيفية النهوض بالبلد في كل المتطلبات السياسية والإقتصادية وألإجتماعية والحقوقية وألأمنية وتحقيق الرفاه والعدالة ألإجتماعية والمسواة.
ومن خلال هذا الترابط الوثيق بين الحوكمة والحكم الرشيد الذي من شأن تطبيقه على يد أنظمة سياسية كفوءة تشرع في تطبيق وتفعيل عناصر وآليات الحوكمة التي وردت في تعريف ألأمم المتحدة المتكونة من النقاط الثمانية والتي وردت اعلاه وما ورد في التعاريف ألأخرى، يمكن لنا إضافة إن للحوكمة دور في ترسيخ الديمقراطية السياسية وفي تبيان إن للديمقراطية آليات وقواعد وهي ليست فقط عملية ألإنتخابات مع إن هذه العملية تشكل جانبا هاما من الديمقراطية ، كما إن الحوكمة قادرة على تخليص بلدنا من الفساد المستشري فيه. فهي توفر مناخا ملائما وبيئة خصبة للتنمية المستدامة.
الحوكمة وكافحة الفساد
للحوكمة آليات واضحة لتخليص البلد من الفساد ، ويتم ذلك عبرالديمقراطية وحرية الرأي والمساواة والعدالة والشفافية والمحاسبة ، ووضع البنك الدولي برنامجه لقياس جودة الحكم وهي :
1) السيطرة على الفساد
فعالية الحكومة
ألإستقرار السياسي
جودة التشريعات وتطبيقها
سيادة القانون
المشاركة والمساءلة
وبالمقابل عرف البنك الدولي معنى الحكم السئ
" إنه شخصنة السلطةوعدم إحترام حقوق ألإنسان وإستشراء الفساد ووجود حكومات غير منتخبة وغير ممثلة للشعب.
تعريف المنظمات الدولية للفساد
تعريف البنك الدولي:
"هو إساءة إستعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص
وهو تعيين ألأقارب-سرقة أموال الدولة مباشرة"
ويشترك كل من صندوق النقد الدولي، البرنامج ألإنمائي للأمم المتحدة ، ومنظمة الشفافية الدولية في التعريف التالي:
"إساءة إستخدام السلطة لتحقيق مكاسب خاصة "
إذن تصبح ألأمور واقعية أكثر حينما تقود الدولة الحكومة الرشيدة التي تتمتع بثقة المواطنين من جهة وتكون تشريعاتها واضحة وخاضعة للمساءلة والرقابة وغاية في الشفافية، يصبح تفاعل العناصر الستة التي صاغها البنك الدولي عن جودة الحكم مع عناصروآليات الحوكمة، يؤدي حتما الى مكافحة الفساد والمفسدين، فكل عنصر من هذه العناصر يفي بالغرض المطلوب منه فعندما تكون الحكومة فعالة وقوية وقادرة فعليا على أتخاذ القرارات التي تصب في مصلحة الناس ،وجادة في تنفيذ هذه القرارات ، تكون قادرة فعليا في التصدي للفساد وللمفسدين وللمرتشين، لاسيما في حالة تمتعها بالإستقرار السياسي، فهي تكون قادرة على تحقيق رغبات وأماني المواطنين وقادرة على السير بطريق التنمية المستدامة ، وفي التنمية البشرية ، فالحكومة الرشيدة هي التي تعمل في سبيل العدالة ألإجتماعية والمساواة وخاضعة للمساءلة الجماهيرية .
الهوامش
إن المصادر ألتي أعتمدت في الموضوع هي مجموعة من المقالات ألألكترونيةعن المواضيع التي ضمنت في الموضوع نفسه عن دور الدولة ألإقتصادي ، وعن التنمية المستدامة ، وعن الحكم الرشيد أو الحكم الراشد عن الحرب الباردة وإعادة إعمار المانيا وإعادة أعمار أليابان بعد دمارهما في مجريات الحرب العالمية الثانية
وفيما يتعلق الوضع في العراق مجموعة من وثائق الدولة العراقية ووثائق ألحزاب المعارضة العراقية.
#علي_عبد_الواحد_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رأسمالية أصحاب ألمصلحة
-
القرارات في الحياة العملية
-
شئ ما عن ألأخلاق
-
العصف الذهني
-
هل يتكيف الفاسدون مع فسادهم
-
إنترنت ألأشياء
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء 11
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء10
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء9
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء 8
-
أهمية العلاقات الدولية المتعددة القطبية لدولة مثل العراق
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء 7
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء 6
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء 5
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء 4
-
أيام ليس كمثلها أيام لجزء 3 مفارقات السكن
-
أيام ليس كمثلها أيام الجزء2
-
الإعتقال والإضراب عن الطعام - أيام ليس كمثلها أيام الجزء 1
-
من نتائج توقف التعيينات المباشرة في العراق
-
المقدس
المزيد.....
-
أرسلوا له دراجة بطائرة مسيرة.. ابتكار جنوني ينقذ جنديًا أوكر
...
-
بين القصف والاحتجاج: الانقسام يتعمّق في إسرائيل حول حرب غزة
...
-
البرتغال تستنفر آلاف رجال الإطفاء لمواجهة حرائق الغابات
-
بنين تحتفي بمهرجان الأقنعة السنوي تخليدًا لذكرى الأجداد
-
-بدي شي من ريحته-.. طفل غزاوي يبكي أبًا قُتل قرب موقع توزيع
...
-
الجوع يجبر السودانيين في مدينة الفاشر على أكل علف الحيوانات
...
-
أوكرانيا تعول على المسيرات الاعتراضية كدرع جوي.. ما ميزاتها؟
...
-
نتانياهو سيجتمع بمجلس الوزراء الأمني لتحديد الأهداف التالية
...
-
سلاح حزب الله على طاولة الحكومة اللبنانية.. سيناريوهات الجلس
...
-
من الاستعمار والصراعات القبلية إلى غزّة.. تاريخ التجويع كسلا
...
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|