أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - حكومة الكويت وسياسة استراتيجية الازمة















المزيد.....

حكومة الكويت وسياسة استراتيجية الازمة


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 22:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان للكويت حضور عربي وإقليمي بارز على مدار عقود حيث لعبت دورًا في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للمناطق المنكوبة في أفريقيا وغيرها حول العالم. لكن بعد انتهاء حرب إيران والعراق في 1988، بدأ يظهر على السطح دور غريب للكويت تمثل في تحول علاقاتها الإقليمية خصوصًا مع العراق. فبعد أن أرهقت حرب الثماني سنوات اقتصاد بغداد بدأت الكويت تتبع سياسة مناكفة تجاه العاصمة العراقية وهو ما مثل تحولًا في دورها الإقليمي.
هذا التحول في سياسة الكويت بات يشكل بداية لمرحلة جديدة تزداد فيها التوترات والتحديات على الصعيدين العربي والإقليمي.
ولم يختتم حكام الكويت دورهم في تلك الأزمة التي أدت الى احداث 2 اب بل استمر حتى احتلال العراق في عام 2003، حيث أصبح للكويت دور محوري في هذه الأحداث فتدفقت القوات الأمريكية والأجنبية عبر الأراضي الكويتية لتشن هجومًا واسعًا على العراق مما أسهم في تفاقم الوضع الإقليمي. كانت هذه الخطوة بمثابة تصعيد آخر في سلسلة من الأزمات التي مر بها العراق والمنطقة بشكل عام وأسفرت عن تغيير جذري في المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة.

إن الدور الذي لعبته الكويت في الأزمة العراقية وآثار احتلال العراق، له انعكاسات عميقة على دول الخليج أولاً والعالم العربي ثانيًا مما زاد حالة التوتر والانقسام بين الدول العربية وأدى ذلك إلى تراجع مكانتها على الساحة الإقليمية وجدت الكويت نفسها في وضع غير مريح حيث حملها الشارع العربي مسؤولية تسهيل التدخلات العسكرية الأجنبية في المنطقة، باعتبارها عنصر فرقة وانقسام بين العرب. واعادت الى اذهان المواطن العربي تاريخ الكويت ومرجعيتة السيادية للعراق وأسباب جعلها امارة مستقلة.
ان السياسة التي اتبعتها الكويت مع العراق بنفس عقلية حرب البسوس إذ تجسدت عقلية قادة ذلك الوقت في الإصرار على قضايا تافهة أو لا تستحق التصعيد لكنها كانت تزرع بذور العداء الذي استمر لأربعين عامًا. ان حرب البسوس نشبت بسبب قضية صغيرة تم تضخيمها بشكل مفرط مما أدى إلى صراع طويل الأمد بين قبيلتي تغلب وبكر. كان العقلية السائدة آنذاك تتمثل في العناد والمكابرة على قضايا كانت في جوهرها تافهة لكن في النهاية أصبحت سببًا رئيسيًا في دمار حياة الكثيرين.
على نفس المنوال بدأ قادة الكويت يتعاملون مع العراق بعد الاحتلال وكأنها قضية شخصية مطالبة بدعم دول الخليج بشكل متكرر ضد العراق دون أن تكون مطالبها تستند إلى أسباب حقيقية أو مبررات منطقية. ومع مرور الوقت تحولت هذه المسائل إلى صراعات سياسية تؤدي إلى توتر العلاقات بين الكويت ودول الخليج مما جعلهم يتعاملون مع الكويت باعتبارها عنصرًا فرقة وتمزق في المنطقة. ناهيك عن استقوائها بامريكا.
تمامًا كما في حرب البسوس التي أدت إلى قطيعة استمرت لعقود بسبب نزاع تافه فإن تصرفات الكويت حولت القضية إلى أزمة طويلة الأمد.
بدأت عزلة الكويت خليجيًا وعربيًا بعد خلق أزمات متواصلة مع العراق فبدلاً من أن تسعى لحلول منطقية تساعد في دفع المنطقة نحو الاستقرار وإيجاد طرق توافقية لحل النزاعات أخذت تعيش في استراتيجية الأزمة حيث أصبحت كل فترة تُفجر أزمة جديدة حيث تؤجج الصراع أكثر فأكثر. كانت هذه الأزمات الداخلية والخارجية تتراوح بين سحب الجنسيات وحل البرلمان وصولاً إلى استمالة مسؤولين عراقيين فاقدي الوطنية بالرشى في محاولات للتنازل عن حقوق الشعب العراقي التاريخية مثل قضية خور عبد الله التميمي الذي تعرض للسطو من خلال التلاعب والتدليس.
إن هذه السياسات لم تسهم في تحقيق أي نوع من الاستقرار بل أسهمت في زيادة التوتر بين الكويت وشعب العراق وأصبح الحوار والتعاون مفقودا. مثل هذه الأزمات كانت بمثابة ذرائع لصب الزيت على نار الخلافات بدلاً من البحث عن حلول جذرية تهدف إلى تطبيع العلاقات بينهما مما جعل الكويت تزداد عزلة على الصعيدين الخليجي والعربي. هذا التصعيد المستمر أثبت أن عقلية الصراع كانت أقوى من عقلية السلام والتعاون مما ساهم في تحوّل الكويت إلى طرف يفاقم التوترات في المنطقة.

في الختام، يظهر جليًا أن حكومة الكويت من خلال سياساتها الحالية تجاه العراق لا تهتم بمستقبل الأجيال القادمة في الكويت بل تترك لهم مجموعة من المشاكل الكبيرة والجراح العميقة التي أفرزتها سنوات من التوتر والصراع مع العراق. هذا النهج لن يؤدي إلا إلى انهيار المجتمع الكويتي على المديين القريب والبعيد ويمنع بناء أسس سليمة ومستقبل مستقر للأجيال القادمة. إذ أن استمرار تعميق العداء والتمسك بالحقد بدلاً من الانفتاح على حلول منطقية يشكل تهديدًا حقيقيًا للتماسك الاجتماعي والسياسي في الكويت. لقد اصبح مصطلح الغزو (القزو باللهجة الكويتية) كابوسا ومرضا نفسيا تعمقه حكومة الكويت بدل من الاعتراف امام شعبها انها كانت الوجه الثاني للمشكلة ليكون هذا الاعتراف توازنا نفسيا لهم. ان شباب الكويت داخل ازمة حقيقية بسبب سياسة استراتيجية الازمة هذه .

ومع ذلك يبقى طريق التعقل في التعامل مع العراق هو مفتاح الحل لمستقبل الأجيال الكويتية. إن العمل على بناء جسور من الحوار والتعاون مع العراق بدلاً من تمسك بالمواقف العدائية والمطالبات التي قد تكون غير قابلة للتحقيق سيكون الطريق الأكثر نضجًا لبناء مستقبل مستقر وآمن. فمن المعروف أن هناك فارقًا هائلًا في ميزان القوى بين الكويت والعراق حتى وإن مضت مئة عام من حكم الفاسدين، فإن العراق سيظل صاحب اليد العليا في المنطقة وبالتالي فإن سياسة التعقل والتعاون هي الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحفظ الاستقرار في المنطقة ويضمن بناء مستقبل أفضل للأجيال الكويتية القادمة. ان الكويتيين الان يعيشون ازمة نفسية واجتماعية لشعورهم ان المستقبل غامض فيذهب شبابهم الى المخدرات والأفكار المنحرفة وهذه نتاج سياسة استراتيجية الازمة التي تتبعها حكومة الكويت.
على حكومة الكويت أن تدرك حجم المشكلة الحقيقي ولا تواصل المكابرة فنتائج هذا التوجه لن تظهر الآن ولكن الأيام هي التي ستقول كلمتها. ولتدرك أيضا ان موازين القوى الدولية لا تبقى على حالها فهي تتغير وفق المصالح لكن يبقى العراق عراقا.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكم اللامركزي في دولة تمر بمرحلة انتقالية: فرصة للإصلاح أم ...
- وهم التفاؤل السياسي يصنع آمل زائف
- حين يحتقر الأبناء مجد الآباء، تيهٌ في دوامة الضياع
- السيادة المفقودة في العراق: اتفاقية خور عبد الله التميمي أنم ...
- تفاقية خور عبد الله التميمي المزعومة في ضوء اتفاقية فيينا وا ...
- العقيدة التفاوضية الإيرانية بين فقه الخميني والمصلحة السياسي ...
- أزمة الكادر السياسي في العراق مقاربة نقدية في ضوء فكر ديمترو ...
- طفولية المعارضة العراقية
- بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المع ...
- بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين ...
- الزمن الجميل: بين السردية التاريخية والتعايش المجتمعي
- قرأة في القانون والفقه الدستوري
- تعريف كتاب الديمقراطية في العراق بين النظرية والتطبيق
- الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
- من احتلال بغداد الى دمــار غزة
- السطو الاعظم
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - حكومة الكويت وسياسة استراتيجية الازمة