أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - الحكم اللامركزي في دولة تمر بمرحلة انتقالية: فرصة للإصلاح أم تهديد لوحدة الوطن؟














المزيد.....

الحكم اللامركزي في دولة تمر بمرحلة انتقالية: فرصة للإصلاح أم تهديد لوحدة الوطن؟


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 02:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشهد العديد من الدول المتغيرة خاصة تلك الخارجة من أزمات أو النزاعات مطالب متزايدة بتطبيق الحكم اللامركزي بوصفه حلاً لإدارة التعددية وتحقيق التنمية المحلية. ورغم أن اللامركزية قد تحمل في ظاهرها فرصًا للإصلاح وتعزيز المشاركة الشعبية إلا أنها قد تتحول في ظروف عدم الاستقرار إلى مشروع خطر على وحدة الوطن. ففي حالات كثيرة تقود هذه المطالب أطراف عنصرية أو فئوية تتستر بشعار اللامركزية بينما تطمح إلى إقامة كيان إقليمي على حساب الدولة الوطنية مما يهدد تماسك المجتمع والدولة على حد سواء. لذا من الضروري الانتباه إلى مثل هذه المشاريع الانفصالية المقنّعة والتعامل مع اللامركزية بحذر شديد في السياقات الهشة. نناقش هنا ما إذا كان الحكم اللامركزي في دولة متغيرة يمكن أن يكون فرصة للإصلاح أم تهديدًا لوحدة البلاد مع بيان لمزاياه ومخاطره في ضوء هذه التحديات.
رغم أن الحكم اللامركزي قد يُطرح باعتباره خطوة إصلاحية لتوسيع المشاركة الشعبية وتحسين الخدمات إلا أن تطبيقه في ظل دولة تعاني عدم الاستقرار وتعيش مرحلة انتقالية يمكن أن يفتح الباب أمام مخاطر جسيمة إذا استغلته أطراف ذات أجندات عنصرية أو فئوية. إذ غالبًا ما تتخفى بعض الجماعات خلف شعارات اللامركزية لتكريس واقع الانقسام العرقي أو الطائفي وتحويل السلطة المحلية إلى أداة لترسيخ نفوذها الإقليمي بعيدًا عن سلطة الدولة المركزية.
في مثل هذه الحالات، يصبح مشروع اللامركزية وسيلة لتأسيس كيانات سياسية أو إدارية شبه مستقلة بحكم الواقع، قد تصل لاحقًا إلى حد المطالبة بالانفصال أو فرض الأمر الواقع على حساب الوحدة الوطنية. وهذا الخطر يتفاقم عندما تكون مؤسسات الدولة المركزية ضعيفة وغير قادرة على فرض سيادة القانون أو مراقبة حسن تطبيق اللامركزية.
كما أن غياب إطار قانوني صارم يحدد بوضوح صلاحيات الأقاليم ويضمن وحدة القرار السيادي، قد يسمح بظهور مناطق نفوذ ذات ولاءات ضيقة تتناحر فيما بينها وتعرقل أي مشروع وطني جامع. لذلك فإن تبني اللامركزية في هذه الظروف يجب أن يكون مصحوبًا بضمانات قوية تحمي وحدة الدولة وتضع حدًا لمحاولات تحويلها إلى مشروع إقليمي انفصالي كما حدث في العراق.
شروط الدولة الصالحة لتطبيق الحكم اللامركزي وضوابط نجاحه كخيار إداري بحت
إن الحكم اللامركزي ليس مجرد خيار إداري عابر بل مشروع وطني حساس يتطلب وعيًا كاملًا بالمخاطر المحتملة التي قد تتخفى خلف شعارات براقة. وفي دولة غير مستقرة تصبح الحاجة أكبر لتطبيق هذا الخيار وفق مقومات مدروسة تضمن أن يبقى أداة للإصلاح والتنمية لا وسيلة للتفتيت الدستوري أو تمرير أجندات عنصرية وإقليمية.
ولذلك يجب أن تقوم اللامركزية على أسس صلبة أهمها:-
• أن تكون إدارية وتنموية بحتة لا سياسية ذات طابع سيادي.
• أن تُبنى على دستور واضح يحدد الصلاحيات ويصون وحدة الدولة.
• أن تُطبق في ظل مؤسسات مركزية قوية قادرة على الرقابة والمتابعة.
• أن تُرفض أي تقسيم إداري يقوم على أسس عرقية أو طائفية.
• أن تُرافق ببرامج لبناء الثقة الوطنية وتعزيز الهوية المشتركة.
هكذا فقط يمكن للامركزية أن تتحول إلى رافعة للإصلاح لا أداة تمزيق ونضمن ألا تتعرض الدولة إلى مخططات مشبوهة تستهدفها بالتفتيت الدستوري وتفكيك بنيتها الوطنية.
وجدير بالذكر أن الدول التي نجحت في تطبيق الحكم اللامركزي مثل الدنمارك والسويد وغيرها هي دول عريقة في الممارسة الديمقراطية لعشرات السنين ما وفّر لها ثقافة سياسية ناضجة ومؤسسات قوية ضمنت أن يبقى الحكم اللامركزي خيارًا إداريًا تنمويًا يخدم وحدة الدولة ولا يهددها.
الحذر والوعي والالتزام بالمصلحة العليا للوطن هي الضمانة الحقيقية لنجاح أي نموذج من نماذج الحكم وعلى رأسها الحكم اللامركزي.
في النهاية، يبقى الحكم اللامركزي مشروعًا حساسًا يتطلب قدرًا عاليًا من الوعي والمسؤولية. فكما أنه قد يكون أداة فعّالة لتعزيز التنمية والشراكة الوطنية فإنه قد يتحول إلى وسيلة لتغذية الانقسامات وتقويض الدولة إذا أسيء فهمه أو استُغل لأجندات ضيقة. وهنا تبرز أهمية الثقافة السياسية الديمقراطية لدى الشعب فهي التي تمكّنه من إدراك أن اللامركزية ليست تقاسُمًا للغنائم ولا بابًا للانفصال بل خيار إداري تنموي يخدم الجميع في إطار الوطن الواحد. بتحقيق هذا الوعي يمكن أن تصبح اللامركزية جسرًا نحو الإصلاح والبناء، لا طريقًا نحو التمزق والانهيار.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم التفاؤل السياسي يصنع آمل زائف
- حين يحتقر الأبناء مجد الآباء، تيهٌ في دوامة الضياع
- السيادة المفقودة في العراق: اتفاقية خور عبد الله التميمي أنم ...
- تفاقية خور عبد الله التميمي المزعومة في ضوء اتفاقية فيينا وا ...
- العقيدة التفاوضية الإيرانية بين فقه الخميني والمصلحة السياسي ...
- أزمة الكادر السياسي في العراق مقاربة نقدية في ضوء فكر ديمترو ...
- طفولية المعارضة العراقية
- بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المع ...
- بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين ...
- الزمن الجميل: بين السردية التاريخية والتعايش المجتمعي
- قرأة في القانون والفقه الدستوري
- تعريف كتاب الديمقراطية في العراق بين النظرية والتطبيق
- الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
- من احتلال بغداد الى دمــار غزة
- السطو الاعظم
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
- اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان


المزيد.....




- عدسة مصوّر ترصد درب التبانة من إحدى أحلك بقاع المملكة المتحد ...
- مصر.. ما قد لا تعلمه عن -الحزام الشمسي السحري- وحل مشكلة انق ...
- عامي أيالون لـCNN: لا أستطيع تبرير ولا الدفاع عما نفعله في غ ...
- -أين أنظمة السلامة؟-: حريق الكوت يثير الغضب في العراق
- ماذا نعرف عن أسرار شوارع دبي القديمة التي تتحدى لهيب الصيف؟ ...
- دمشق تتهم مقاتلي السويداء بخرق الهدنة وتستعد لإعادة الانتشار ...
- الاتحاد الأوروبي يفرض -أقوى- عقوبات ضد روسيا وفرنسا تتطلع لإ ...
- الانسحاب من السويداء بين الهزيمة وتجنب الفوضى
- ترامب يوقف الضربة على إيران: ضربة مؤجلة أم معركة مؤطرة؟
- ألمانيا.. سلطات اللجوء تعاود البت بالطلبات المقدمة من غزة


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - الحكم اللامركزي في دولة تمر بمرحلة انتقالية: فرصة للإصلاح أم تهديد لوحدة الوطن؟