أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين المعارضة














المزيد.....

بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين المعارضة


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8271 - 2025 / 3 / 4 - 16:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لطالما لعبت بريطانيا دورًا محوريًا في صياغة المشهد السياسي في العراق، بدءًا من الاحتلال وصولًا إلى تكريس نظام طائفي يخدم مصالحها. فهي صاحبة المبدأ الاستعماري الشهير "فرّق تسد"، والراعية الفعلية للمرجعية الدينية لضمان استمرار نفوذها. ومع تصاعد الدعوات الشعبية للتغيير، تلجأ بريطانيا إلى أسلوب مجرّب يُعرف بـ"تدجين المعارضة"، حيث توهم القوى المعارضة بدعم التحول السياسي لكنها في الواقع تسعى إلى شلّ حركتها وإجهاض أي موجة تغييرية تهدد النظام القائم. هذا السيناريو تكرر في احتجاجات تشرين، ويعاد الآن بأسلوب جديد تقوده شخصيات محسوبة على بريطانيا، لتكرار الخداع وإبقاء العراق ضمن المعادلة التي تخدم بريطانيا التي لم تكن مجرد قوة استعمارية مرت بالعراق ثم غادرته، بل بقيت بصماتها واضحة في بنية النظام السياسي والاجتماعي للبلاد، إذ أنها لم تكتفِ بوضع أسس نظام طائفي قائم على الانقسامات، بل استمرت في رعايته وضمان بقائه بالشكل الذي يخدم مصالحها. ومن أبرز أدواتها في ذلك رعايتها لقضية المرجعية الدينية، حيث تدرك بريطانيا أن وجود مرجعية قوية ومؤثرة يمكن أن يكون أداة فعالة للتحكم في المشهد السياسي العراقي. هذه الرعاية لم تكن دعمًا عقائديًا، بل كانت وسيلة لضبط التوازنات السياسية والاجتماعية بما يضمن بقاء العراق تحت السيطرة غير المباشرة.
إضافة إلى ذلك، فإن بريطانيا صاحبة فكرة "القناع"، حيث تعمد إلى دعم شخصيات ذات نفوذ في العراق، تُقدم نفسها بوصفها مستقلة أو معارضة، بينما تعمل وفق أجنداتها. هذه الشخصيات تلعب دورًا أساسيًا في إعادة إنتاج النظام الطائفي نفسه، لكنها تقدم نفسها بوجوه إصلاحية أو تغييرية، مما يتيح لها احتواء المعارضين وإعادة توجيه مسار حركات الاحتجاج.
ان ادعاء هناك تنسيق مع برلمانيين بريطانيين أعطى انطباعًا لدى بعض المعارضين بأن هناك دعمًا حقيقيًا لمشروع التغيير، وأن المجتمع الدولي، ممثلًا ببريطانيا، قد قرر أخيرًا التدخل لصالح القوى الوطنية الساعية لإنهاء النفوذ الإيراني وإنقاذ العراق من نظامه الطائفي القائم. وبحكم أن المعارضين كانوا يبحثون عن أي بارقة أمل، فقد تجاوبوا مع هذه الدعوة بحسن نية، وبدأوا بإرسال بياناتهم الشخصية ومعلوماتهم التنظيمية إلى الجهة المنظمة التي يديرها ذلك الشخص المقيم في لندن، على أمل أن يكون هذا التحرك خطوة جادة نحو تحقيق تطلعاتهم الوطنية.
واليوم، ومع تصاعد الحراك الشعبي من جديد، عادت بريطانيا لاستخدام الأسلوب نفسه، ولكن هذه المرة من خلال شخصية جديدة، امرأة عراقية ، تحمل الجنسية البريطانية وتقيم في اسكتلندا، وتنتمي إلى حزب المحافظين البريطاني هذه السيدة، التي عُرفت بتنقلاتها بين عدة أحزاب لأسباب مصلحية، ظهرت فجأة على الساحة السياسية العراقية مقدمة نفسها كمنقذة للمعارضة، وداعية لتوحيد جهودها تحت مظلة مشروع سياسي تدعمه أطراف غربية.
وبهدف إضفاء الشرعية على هذا المشروع المزعوم، تم الترويج لقائمة تضم أسماء كيانات وشخصيات سياسية معروفة، زُعم أنها جزء من هذا التكتل المعارض الذي يتم تشكيله بدعم بريطاني. إلا أن الحقيقة سرعان ما انكشفت، حيث أنكرت العديد من هذه الشخصيات أي صلة لها بالمشروع أو حتى معرفتها به، مما أثبت أن هذه القائمة لم تكن سوى وسيلة للترويج لهذا المخطط وإضفاء مصداقية زائفة عليه. أما باقي الأسماء التي وردت في القائمة، فاتضح أنها أسماء وهمية لا وجود لها في الواقع، مجرد واجهات خُلقت لتضليل الرأي العام وإيهام المعارضين بأن هناك تكتلًا قويًا وموحدًا يقف خلف هذه المبادرة.
والمستفيد من هذا النهج، إلى جانب بريطانيا، هم بطبيعة الحال الطبقة السياسية الفاسدة التي تحكم العراق منذ عام 2003، وعلى رأسهم نوري المالكي ومن تحالف معه من الكتل التي تشكل نظام المحاصصة الطائفية.
إن المالكي وحلفائه من اركان العملية السياسية يدركون جيدًا أن أي تغيير حقيقي في العراق يعني نهاية نفوذهم وسلطتهم، ولهذا فإنهم أكثر من يستفيد من المخططات التي تهدف إلى تدجين المعارضة وإضعافها. فهم بحاجة إلى إبقاء المشهد السياسي كما هو، حيث يتم تداول السلطة بين نفس الوجوه والأحزاب التي تعتمد على الفساد والمحاصصة لضمان بقائها. ولذلك، فإن أي تحرك شعبي أو معارضة جادة تهدد هذا الترتيب، يتم استهدافها مباشرة عبر أساليب متعددة، منها ما تقوم به بريطانيا من إغراق الساحة بمشاريع معارضة وهمية، هدفها ليس التغيير، بل إلهاء المعارضين وإدخالهم في دوائر الانتظار والوعود الفارغة حتى يفقدوا زخمهم ويتراجعوا.
إن استمرار هذا النهج هو سبب رئيسي في الأوضاع المأساوية التي يعيشها العراق اليوم، حيث يتم سحق أي محاولات لبناء قوة معارضة حقيقية تتبنى التغيير الحقيقي. وبالنظر إلى تجارب الماضي، فإن الحل الوحيد أمام القوى الوطنية العراقية هو عدم التعويل على أي مشاريع خارجية، خصوصًا تلك التي تأتي بوعود براقة لكنها في حقيقتها ليست سوى أدوات لإعادة إنتاج النظام نفسه وإحباط أي فرصة لإنقاذ العراق من قبضة الفساد والطائفية.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزمن الجميل: بين السردية التاريخية والتعايش المجتمعي
- قرأة في القانون والفقه الدستوري
- تعريف كتاب الديمقراطية في العراق بين النظرية والتطبيق
- الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
- من احتلال بغداد الى دمــار غزة
- السطو الاعظم
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
- اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
- للانتصار وثبة وفرح
- مسرحية التبادل تمثيل امريكي هابط
- بلينكن واكاذيب امريكا المتجولة
- قراءة في المشروع الامريكي – البريطاني في تكوين شرق اوسط جديد ...
- محمد شياع السوداني وبناء عالم افتراضي
- مهرجان البصرة الرياضي والهوية الوطنية العراقية
- كم انت طيب يا صديقي
- التوافقية في العراق مشروع استعماري
- فوضى المفاهيم لدى السياسي العراقي


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين المعارضة