أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - المسيح ومخطوطات البحر الميت















المزيد.....


المسيح ومخطوطات البحر الميت


باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)


الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 18:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اثبت البحث التاريخي عن يسوع كشخصية تاريخية، ظهر في ارض الجليل بفلسطين رجل اسمه يسوع الناصري، معلناً عن نفسه بأنه صاحب الحق بعرش اسرائيل، لكن الواقع التاريخي ليسوع خالف بشكل كبير ما قدمه العهد الجديد، كان يسوع يهودياً عاش في كنف اسرة يهودية فقيرة في فترة توقعات اليهود ظهور المسيح المنتظر. من خلال النصوص الوافرة افادت مخطوطات البحر الميت قرب ظهور المسيح المنتظر، في هذا الظرف الحاسم كان يسوع المسيح عضواً في الطائفة الاسينية، ومن خلال اوجه المقارنة في مخطوطات قمران، وجدنا تشابه المعتقدات والطقوس والممارسات الواردة في ادبياتها وما قام به الآباء الاوائل في بدء عصر المسيحية وما تلاه من واقع جهادي للعقيدة الدينية للمسيح ولتاريخه الشخصي، اننا امام تعارض جوهري، بين يسوع التاريخي ويسوع المسياني. قدمت لفائف البحر الميت اشكالية دور يسوع المسيح والتعرف عليه خارج الكهنوت المغلق، حتى فهمناه كقائد لا علاقة له بالسماء. شكلت مخطوطات البحر الميت اساس العقيدة اللاهوتية للمعتقدات اليهودية بعد تفرق شملهم داخل الامبراطورية الرومانية اذ انقسمت الى طوائف دينية واحزاب في المحور اللاهوتي حتى تناحرت تلك الاحزاب في تصدّر الفكر الاعتقادي للغيب فلكل طائفة كان لها اتجاه وطقوس خاصة بها، ومع تدمير الهيكل عام 70 ميلادي لم يتمكن من الصمود امام انهيار الكيان اليهودي غير طائفة الفريسيين، فلقد كشفت لنا مخطوطات قمران ” مخطوطات البحر الميت ” تحول في النهج العقائدي اليهودي من دين تعبدي لاهوتي الى يهودية الحاخامات الى تقاليد وعادات وجدت صداها الجديد في المجتمع اليهودي وهي اليهودية المحدثة كما اشار تاريخها في العهد الجدديد عن ظهور المسيحية على يد يسوع المسيح والرسول بولس، الذي حوّل عقيدة المسيح من ثورة تحررية الى فادي فجعل دمه كفارة لذنوب البشرية بخطيئة آدم. انتقلت المسيحية لمعتقد وثني ابعد الشكل اللاهوتي لليهودية عن مسارها الجوهري. صار الشكل الاعتقادي لليهودية شكلا موصوفاً لرسم العقيدة الجديدة كما هو واضح في ادبيات قمران تلك التي سعى الى نهجها الآباء الاوائل. لقد تم تقسيم الطوائف الى اثنتي عشرة قبيلة كل قبيلة يرأسها رسولاً وهم يشكلون اسباط اسرائيل الاثني عشر حتى امتزجت ادبيات قمران بتعاليم المسيحية الباكرة وصارت مخطوطات قمران التاريخ العقائدي الذي خرجت من خلاله العقيدة المسيحية قبل ان تقع ضحية للرسول بولس فشوّه معالمها التحررية. تم اكتشاف لفائف البحر الميت داخل مغارات بالخط المحاذي لشواطئ البحر الميت عام 7194 وقد احتوت العديد من مئات المخطوطات كتبت على ورق البردي حتى ان تاريخ بعضها يعود الى القرن الثاني قبل الميلاد على اسفار العهد القديم على اجزاء منها احتوت على الترجمة السبعينية للعهد القديم وقد تناولت معلومات عن المجتمع القمراني. ”ان العديد من المخطوطات محفوظ بشكل جيد واخرى على شكل قصاصات صغيرة فقط ” (1) لماذا احتوت تلك المخطوطات تعاليم واسفار العهد القديم؟ ذلك ان ايمان مجتمع قمران وعبر مئات السنين انتظروا مجئ يسوع المسيح وكانت العبارة الآرامية ” ماران أثا ” وتعني ”ربنا آت” هي العقيدة المركزية للمجتمع القمراني ولطائفة الأسينيين. ” لعل رجوع المسيحيين الاوائل دائما الى الاسفار المقدسة ... ثم تحولت من القرن الرابع الى مجلدات من الرقوق الجلدية ... الخلاصة ان الاسفار الأصلية كانت على شكل لفائف او مجلدات من البردي ” (2) وهذا ما اشار الى اعتماد الاباء الأوائل للمسيحية في رجوعهم الى تلك اللفائف التي كانت في قمران، بتعالميها وادبياتها الجديدة فخرجت بمسيحية جديدة تختلف عن ادبيات العصر الرسالي في العهد القديم. بحسب عالم اللغات السامية، أندريه دوبون سومر André Dupont Sommer - 1900 1983 المتخصص في علم اللغات السامية وفي تاريخ اليهودية في بداية العصر الميلادي وخاصة مخطوطات البحر الميت، كان استاذ اللغة الآرامية والعبرية. ” لقد وضع جل اهتمامه بمخطوطات البحر الميت وقد اكد على صلة الاسينيين بمخطوطات البحر الميت اذ ارجع اصل المسيحية للطائفة الاسينية فلقد قدمت كتاباته الفهم الافضل لتلك المخطوطات ” (3) ان ما يسقط الشكل الروحاني للمسيحية وتعلقها بالطائفة الأسينية ان هناك عدة مؤشرات تثبت علاقة يسوع المسيح بهذه الطائفة المتشددة في طقوسها والتي كانت تنتظر مجئ المسيح الموعود بحسب الاسفار غير القانونية التي اعتمدت على الوعود المسيانية وعلى خيال النبؤات الاعتقادية والتي كانت الطائفة الأسينية قد انغلقت ذاتياً بانتظار يسوع المسيح، فهؤلاء ”الأسينيون جماعة غامضة يكتنفها الغموض. هم جماعة دينية تشبه الرهبان، تعيش في عزلة أشبه بعالم الوحوش. استدلت بعض الافتراضات التاريخية أن يسوع ربما درس معهم أو على الأقل زارهم. ظهرت مخطوطات البحر الميت وقد ارتبطت هذه المخطوطات بطريقة ما بالأسينيين والقمران ... كانت هناك أيضاً دلائل تشير إلى أن المسيحية لم تنشأ بشكل كامل مع يسوع، بل كانت بداياتها في عادات ومعتقدات الإسينيين ” (4) ازداد اهتمام علماء الكتاب المقدس منذ اكتشاف مخطوطات البحر الميت حيث درسوا العلاقة بين يسوع المسيح والأسينيين، وقد اشار سيمون جوزف simon J.Joseph الحاصل على درجة الدكتوراه بجامعة كاليفورنيا، في كتاب العهد الجديد وقد الف خمسة كتب اهمها يسوع والاسينيون و ” اصول المسيحية ” فلقد قدم عرضاً موجزاً للأدلة المتعقلة بعلاقة يسوع المسيح بالأسينيين، وأهمية تأثير الاسينيين على الحركة المسيحية الباكرة فهناك الكثير من التشابهات بينهما، وقد ثبت تأثر يسوع بالأسينيين ” اعتنق الاسينيين نظاماً حياتياً صارماً فنادوا بضبط النفس ورفضوا الزواج، وانعزالهم عن المجتمع وان امتلاك الثروة امر مكروه، ويرفضون النساء، وهذا ما كان يفعله المسيح حتى في علاقته بأمه كان يتعامل معها بنظرة استعلاء ” مالي ولك يا امرأة لم تأت ساعتي بعد ” (5) هذه الاستدلالات اظهرت بوضوح تأثر يسوع بالاسينيين، حتى حركته كانت قريبة ايديواوجياً من معتقدات الاسينيين. اشار موقع الانبا تكلا الالكتروني في شرح كلمة الاسينيين، في اعتراف ضمني من ان كلمة ” اسينيين ” كانت في مصر ما قبل المسيحية، فإن جماعة قمران يمكن اعتبارها منهم، ولعلها كانت في الواقع أقرب إلى بعض جماعات الكهوف التي ازدهرت في القرن الأول قبل الميلاد “ (6) تعترف مصادر متنوعة: ” من مخطوطات الاسينيين امكن ارجاعها الى العقيدة الأسينية ان هذه النصوص استمرار لمخطوطات البحر الميت وان كانت لا تمثل بالضرورة دائماً ... لا نستطيع إلا ان نلاحظ في هذه المخطوطات استمرارية الفكر الأسيني وتحولاته من خلال تغيير الظروف السياسية وحتى تغيير بعض المفاهيم الدينية والثقافية ... التي كانت تتطور وتنبثق في المنطقة كما وتشكل نوعا من رد الفعل على التطورات التي اثرت على المفاهيم الدينية خلال القرون التالية للأسينيين ولبداية المسيحية ” (7) الآن وقد اثبتنا تاريخياً صلة المعتقدات الدينية لطائفة الأسينيين بمخطوطات البحر الميت ” مخطوطات قمران ” آن لنا ان نظهر اهمية ذلك في حياة يسوع المسيح، ان المراجع التاريخية اثبتت الحقيقة التاريخية التي ربطت يسوع بالأسينيين: ” أما بالنسبة لعلماء يهود أرثوذكس، مثل هاينريش غراتس Heinrich Graetz فيمكن تعريف يسوع بأنه إسيني لم يكن هدفه إنشاء دين جديد، بل إصلاح اليهودية. وهكذا، اعتمدت المسيحية على اليهودية في وجودها وأفكارها ” (8) عاش اليهود رعايا في كنف السلطة الرومانية، فكان الحكم على الخارجين عن نظام الدولة يتم في مجمع السنهدرين فلم يتم اعدام المحكومين بتهم ظنية إلا بعد ااتهام بأعمال اجرامية مشهودة، وقد ادرج التمرد على السلطة بمثابة اعمال اجرامية ادانها اليهود انفسهم فطلبوا صلب يسوع. ان الثورة التي قادها يهود يهودا ضد السلطة الرومانية قد جعلت الاسفار المنحولة بمثابة الانقاذ القومي للشعب اليهودي بعد ان عانى من ويلات التشرد والانهيار، منذ سيطرة روما على يهودا عام 63 قبل الميلاد (9) كان شائعاً عند اليهود ان النبي ايليا سيعود الى الارض من السماء، ويعلن عن مجئ المسيح قبل وصوله، الامر الذي جعل اليهود يحاربون اي زعيم يهودي يقود ثورة لا يكون فيها قادم من السماء. لقد مهدت الكثير من كتابات المصلحين الدينيين امثال النبي دانيال، ايليا، اشعياء، الى اعتناق الفكر الثوري اليهودي الأسيني كطريق للخلاص في استعادة مجد اليهود. فهذا دليل ان يسوع المسيح نفسه قد دعا لقتال السلطة الرومانية، مشيراً الى النزعة القتالية والثورية في شخص يسوع المسيح ” فَقَالَ لَهُمْ: «لكِنِ الآنَ، مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا ” (10) مرة اخرى تضع القرينة الأساس الصحيح لفهم شخصية يسوع كقائد ثائر، قائد اسيني، اذ اكدت جميع المؤشرات والأدلة التاريخية ذلك، لقد اعتمد من يوحنا المعمدان، ماضياً خلوته في البرية، متشبثاً بتطهير الجسد، قدم الخبز والخمر لأتباعه كما فعل الأسينيون، كوّن مجموعة من اثني عشر تلميذاً فكان هذا متبعاً في نظام الاسينيين، وقد اشار فردريك الثاني ملك بروسيا عن اعتقاده هذا قائلاً ” ليس يسوع سوى واحد من الأسينيين، فهو مشبَّع من الروح الأخلاقية التي تجدها عند الأسينيين، والتي تمت بصلة وثيقة إلى أخلاقيات زينون الأيلي ” (11) ولعل ما شهدت به مصادر تاريخية عديدة مؤكدة بالدليل القاطع على هوية يسوع المسيح الرسالية بجوهرها الحقيقي في الواقع المادي للتاريخ، اننا ازاء رجل ثائر متمرد نذر حياته لثورة استلهم في جهاده تاريخاً حافلاً بالصراع فصان تراثه اتباعه في ثورة اتخذت طابعا تحررياً لم ينفصم عن شخص يسوع فصارت شخصيته على غير حقيقتها الواقعية في كتابات الرسول بولس، وقد كتبت رسالة من شاهد عيان بعد حادثة الصلب بسبع سنوات ”من الاسينيين في اورشليم الى شيخ أسيني آخر في الاسكندرية ان يوسف، ويوحنا المعمدان ونيقوديموس ويسوع والملاك الذي ظهر عند القبر جمعيهم كانوا اسينيين ولم تحدث قيامة ولكن الاسينيين افاقوا يسوع من اغمائه بعد صلبه ” (12) فهذا اقرار واضح ان عقيدة يسوع المسيح تحررية لتغير واقع مرير عاشه اليهود، فالملاك كان رجلاً اسينياً كما وصفه مرقس في انجيله ”رأين شاباً جالساً عن اليمين بحلة بيضاء” وفي انجيل متي وصف الرجل ” بثياب براقة ” وقد اقـرّ ” لماذا تطلبن الحي بين الأموات ” اي ان يسوع كان حياً بين الأموات ولم يمت. لقد تمكن الفعل الإيماني الساذج اختراع عقيدة القيامة بشكله الظني الذي ابتدعه خيال كتبة الأناجيل، وعلى نحو مماثل، كان اليهود الإصلاحيون مثل كوفمان كولرkaufmann kohler باحث وناقد توراتي أمريكي يهودي من اصل الماني ” قد اظهروا أن يوحنا ويسوع كانا أعضاء في حزب الإسينيين وأن الإسينيين انضموا إلى الكنيسة الأولى لأن ذلك بدا وكأنه يفسر تاريخ المسيحية من منظور يهودي ” (13) تعترف مصادر متنوعة ان يسوع المسيح نتاج عصر التنوير والثورة على الواقع المرير للحياة اليهودية وكما اثبت الواقع التاريخي يسوع الثائر، فهي محاولة لتصوير يسوع كإنسان دون أي إضافات أسطورية للعقيدة اللاهوتية. فذلك القائد طالما أثارت فكرة تأثر يسوع، أو يوحنا المعمدان، يهوذا الاسخريوطي بحركة يسوع المبكرة بـ"الأسينيين" جدلاً واسعاً. ورغم أن ألبرت شفايتزر، Albert Schweitzer في كتابه "البحث عن يسوع التاريخي" استنتج، بعد مراجعة أكثر من 200 عام من أبحاث يسوع، أن نظرية يسوع الأسيني كانت في كثير من النواحي أكثر "تاريخية" من النظريات النفسية السائدة عن يسوع في عصره، إلا أنها لا تزال موضع تجاهل ورفض، بل وسخرية من قبل العديد من علماء الكتاب المقدس. ويبدو أن بعض سمات المجتمع المسيحي المبكر في أورشليم تحمل أصداءً للتأثير الأسيني. إن صمت الأناجيل عكس فقط الشكل اللاهوتي واغفل عن عمد الشكل الثوري في شخصية يسوع فمن الصعب تخيّل أن يسوع لم يكن على اتصال بأسينيين لقد اصبح هذا الأمر حقيقة تاريخية لا مفر منها. كيف يمكننا ان نستوثق حقيقة الربط التاريخي والعقائدي ليسوع المسيح بالأسينيين؟ مرة اخرى تفيدنا القرينة ” ففي السياق نفسه توفر مخطوطة البحر الميت 4Q246، أو سفر الرؤيا الآرامي، لمجتمع الاسينيين اليهودي، قبل المسيح بقرنين، نهجاً لدراسة علمية لمفهوم ابن الله. ”سيأتي البلاء على الأرض... سيُدعى عظيماً... سيُدعى "ابن الله" وسيُدعون "ابن العلي" ... ستكون مملكته مملكة أبدية... سيحكم الأرض بالحق، وسيُحقق الجميع السلام” (14)بحسب انجيل لوقا في الاصحاح الاول ” أَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ ” مصطلح عقائدي ورد كذلك في سفر صموئيل الثاني في الاصحاح 7” :انا اكون له اب وهو يكون لي ابن ” فموروث الابن والأب مصطلحان لعقائد سابقة منها نقلوا عقيدة الأبن لجعل رسالة يسوع المسيح تتخذ شكلاً لاهوتياً. كان الفراعنة المصريون يُؤلَّهون كأبناء الله. وكان الأباطرة الرومان يُؤلَّهون كأبناء الله. ففي سفر المزامير الثاني ” انت ابني، اليوم ولدتك ” فكلمة ”اليوم ولدتك” اصبح ملك اسرائيل ابن الله عندما نصّب ملكاً، فانتقال النص العقائدي من عقيدة لأخرى لا يسبغ عليه شكل الشرعية الإلهية، لكنه لاهوت اندمج في المعتقدات لما تعنيه مصالح الرعية في ظروف المحن وانتظار الرجاء. لقد احدثت مخطوطات البحر الميت صراعات بين مختلف الطوائف الدينية فالكثير من مصطلحات الفكر الديني التي وردت في تلك المخطوطات لم تنسجم مع الفكر المسيحي السائد في عصرنا. حاول الفاتيكان بالتدخل في عملية ترجمة المخطوطات ونشرها، محاولين اخفاء معلومات وردت فيها لانها تخالف تعاليم الكاثوليكية. ”لقد استهان الاسينيون بالمخاطر وآلام الفتوح يتحليهم بقوة الارادة فالموت لديهم اذا كان مشرفاً تفوق قيمته قيمة الحياة الابدية فقد امتحنت ارواحهم اعظم امتحان خلال حربهم ضد الرومان الذين اذاقوهم الوان العذاب من قتل وحرق وتدمير واخضعوهم لأنواع التعذيب المختلفة التي لم تبتدع بعد، لكي يغصبوهم على الكفر بالمشرع، او ليجبروهم على تناول بعض انواع الطعام المحرم” (15) كان يوحنا المعمدان يتردد على دير قمران ويتبع طقوسهم الدينية وقد عمّد يسوع المسيح في نهر الأردن، تحدث اللغة الآرامية وهي لغة الأسينيين، تحدث يسوع بلغته العبرية، لكن يوم الصلب صرخ يسوع بصوت عال وبلغة آرامية قائلاً ” ايلي ايلي لما شبقتني ” الهي إلهي لماذا تركتني؟ وهي اشارة واضحة توحي بأنه نشأ وتتملذ في المنطقة الآرامية. عاش يسوع عصر الأمبراطورية الرومانية التي حكمت اسرائيل وقد انتشرت فيها الطائفية فكان اليهود في صراع واضطراب دائم بين امبراطورية وثنية وشعب يهودي تمسك بقيم لاهوتية، تلك السياسات الرومانية ولدت استياء في صفوف كبار كهنة اليهود وفتحت لهم آمالاً في مخلص يستعيد السيادة اليهودية في ارض اسرائيل وقد ساد الاعتقاد اليهودي ان العصر المسياني سيعيد الاموات وان المخلص سيكون من نسل داود عبر ابنه سليمان، لكن المسيح بحسب اتباعه ابن الله اي ليس له اب فهذا الرجل خالف اللاهوت التوراتي والاسفار المنحولة. تحدثت مخطوطات البحر الميت عن مسيحيين احدهما قائد عسكري والآخر كاهن وهذا خالف عقيدة اليهود في طبيعة شخص المسيح. لم يعيد يسوع مملكة اسرائيل الى مجدها السابق ولا اعاد بناء الهيكل فهو ليس المخلص الذي وعدت به اسفار العهد القديم. اي نوع من الحقيقة هذه التي اراد يسوع الينا ان نعرفها؟ هل مسيح ذليل متخاذل ضعيف بلا قيم وطنية يصلب مع لصوص؟ ام مسيح ثائر تحرري تحدى الرومان فراهن لكرامة شعبه ودافع عن كيانهم فتم صلبه؟ إن معرفة كهذه تجعلنا ندرك الواقع التاريخي لليهود فنعلم من دافع عنهم. هل اعدمه اليهود؟ كلا. اعدم على يد الرومان. كان الصلب شكلاً رومانياً للإعدام وليس شكلاً يهودياً، لقد كان يسوع المسيح ثائراً سياسياً سعى لاستعادة السيادة اليهودية فاعدمه الرومان بتهمة التحرض على الفتنة، محرضاً لحرب اهلية، والواقع ان رؤساء الكهنة لم يكونوا بحاجة الى خائن بين تلاميذ يسوع ليتمكنوا من القبض عليه وقد دخل اورشليم علناً، حاول الكهنوت اليهودي ردع يسوع عن مسعاه لنيل الزعامة على اسرائيل عن طريق التهديد والوعيد فلم يرتدع فتم القاء القبض عليه. لم يكن المسيا الموعود، لذا طالب اليهود بإعدامه، فأتباعه كانوا غيورين مهتمين بتمرد مسلح ضد روما، كان الشكل الثوري في تحريك الاحداث التي ادت الى صلبه فلم يكن منطقياً ولا واقعياً يعدم مع لصوص وصفوا بقطاع طرق، ان لم يكن رجلاً ثورياً متمرداً وقد كسب اتباعاً رأوا فيه شخصية مسيانية. إن الكم الهائل في موروث نصوص الأناجيل تلك التي كتبت في عقيدة الفداء، الدم، الصلب، الحياة الأبدية، القيامة، عقيدة الثالوث المقدس، رسائل بولس كلها كتابات وتنظير لتخيلات عقلية لا علاقة لها بالواقع التاريخي الذي تسبب في اعدام يسوع المسيح.

المصادر ومراجع البحث :

1 - "The Digital Dead Sea Scrolls: Nature and Significance". Israel Museum Jerusalem. مؤرشف من الاصل في 2023-06-09. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-04.
2 - دائرة المعارف الكتابية، ج 1، ص 1496، ”مخطوطات العهد الجديد”
3 - https://en.wikipedia.org/wiki/André_Dupont–sommer
4 - Jesus and the Essenes, By Dolores Cannon, united kingdom, 1992, re--print--ed 1993.
5 – سفر يوحنا 2 : 4
6 - موقع الانبا الالكتروني - للكنيسة القبطية الارثوذكسية. شرح كلمة ” الاسينيين ”
7 - مخطوطات قمران – البحر الميت، التوراة كتابات مابين النهرين، التوراة المنحول، اندريه دوبون سومر ، ترجمة موسى ديب الخوري، طبعة اولى 1999 ، ص 5 ، دار الطليعة الجديدة سوريا دمشق.
8 - The Bible and interpretation, on Jesus and the Anxiety of influence, by Simon J. Joseph. www.simonjjoseph.com.
9 - الطبقة الحاكمة في يهودا، اصول الثورة اليهودية ضد روما، The Rulling class of Judaea ، Marin Goodman ، مطبعة جامعة كامبرج، 1987 ،
10 - سفر لوقا 22 : 36
11 - الأب بولس إلياس - يسوع المسيح - شخصيته - تعاليمه ، ص 140
12 – دائرة المعارف الكتابية، ج 1 ص 60
13 - The bible and interpretation .... by simon J.Joseph
14 - The Dead Sea Scrolls—Discovery and Meaning, Part II—What Do the Scrolls Tel l Us about Chr istianit y?, pages 15-16. Hershel shanks, revised edition, The Biblical Archaeology Society.
15 - ص 196 ، خديعة مخطوطات البحر الميت، ترجمة وسيم عبده، تقديم منذر الحايك، مايكل بيجنت، دار صفحات للدراسات والنشر، سوريا دمشق، 2010 .



#باسم_عبدالله (هاشتاغ)       Basim_Abdulla#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوحنا الدمشقي والوهية المسيح
- مخاطر ايران واذرعها الارهابية
- انجيل يوحنا بين الوثنية واللوغوس اليوناني
- هل يسوع المسيح كلمة الله في الكتاب المقدس؟
- أين جسد المسيح؟
- فلسطين، بين ماساة الاحتلال وحلم الإستقلال
- الانهيار الأخلاقي في شعوب عرب الشرق
- خرافة المهدي واوهام انتظاره
- الاتحاد العربي، واقع ممكن ام استحالة؟
- الدولة العلمانية والإسلام الأصولي
- القيامة والعبور لخرافة الخلود
- نقد كتاب -حقيقة السبي البابلي- لفاضل الربيعي
- خرافة البحث العلمي عند فاضل الربيعي
- هل ستواجه اسرائيل حرباً إقليمية؟
- معرفة الله فطرية ام مكتسبة؟
- الاسلام السياسي وسلطة التشيع
- حرق القرآن، اضطهاد معتقد ام حرية تعبير؟
- صراع المذاهب والحروب الدينية
- هل برهن القرآن بطلان العصمة؟
- الجذور الدينية والتاريخية لختان الإناث


المزيد.....




- أوليفييه روا: الغرب لا يرى الإسلام مشكلة ثقافية بل كتهديد وج ...
- البيت الأبيض: واشنطن قد تدعم تصنيف جماعة الإخوان -إرهابية-
- المحامي العام يكشف تفاصيل تتعلق بوفاة شاب في الجامع الأموي
- من سوريا إلى ألمانيا .. العنف الطائفي وصل الشتات السوري
- صحيفة سويسرية: الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط بين التهديد ...
- حركات يهودية مناهضة للصهيونية تتحدى إسرائيل من أوروبا
- وفاة شاب في الجامع الأموي.. السبب يشعل مواقع التواصل
- الأردن.. النيابة تستدعي -متسترين- على أملاك جماعة الإخوان
- مقتل الشاب يوسف اللباد بعد اعتقاله بالجامع الأموي يثير جدلا ...
- النيابة الأردنية تستدعي متهمين -بالتستر- على أملاك جماعة الإ ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باسم عبدالله - المسيح ومخطوطات البحر الميت