|
الشعر والاغتـراب - خصوصية حالة السيّاب
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 14:04
المحور:
قضايا ثقافية
تـمهيــد "الشاعر السيّاب في اغترابه"، هو عنوان محاضرة ألقيتها في معرض الكتاب الدولي في بيروت (2 كانون الأول / ديسمبر 2014)، تلبية لدعوة من النادي الثقافي العربي لمناسبة تكريم الشاعر الكبير. والاغتراب، حسب حليم بركات، يتكوّن من 3 مراحل؛ الأولى نتيجة وضع الفرد في البناء الاجتماعي؛ والثانية وعيه لوضعه هذا؛ أما الثالثة، فهي سلوكه كمغترب وفقًا للخيارات المتاحة أمامه. (1) وستكشف لنا مراجعة بعض النصوص الشعرية المتنوعة أن ثمة أنواع مختلفة من الاغتراب مثل الاغتراب الاجتماعي والاغتراب العاطفي والاغتراب السياسي، وما تشكّله تلك الاغترابات من عزلة نفسية واغتراب روحي، يضاف إليها أحيانًا غربة مكانية عاشها العديد من الشعراء الروّاد في العراق، سنأتي عليها سريعًا وسنتوقّف عند حالة بدر شاكر السيّاب.
نازك الملائكة كان اغتراب نازك الملائكة، اجتماعيًا، الأساس في اغترابها النفسي، وهكذا لم يكن لها من بدّ، إلّا اختيار العزلة، وهي تتدثّر بالحزن والخيبة، مثلما تتدفّق بالإبداع، واجتمعت كلّ هذه العوامل لتنتج منها إنسانةً متشائمةً، خصوصًا وهي ترى كلّ ما حولها مدعاة للتشاؤم، وكانت أقرب إلى شوبنهاور في تشاؤمه، كما يمكن ملاحظة ذلك في ديوانها (المقدمة) مأساة الحياة وأغنية للإنسان، وهو ما يظهر أيضًا في مخطوطتها "لمحات في سيرورة حياتي وثقافتي". ويرجع اغترابها في جزء منه إلى ثقافتها المتقدمة قياسًا ببنات جنسها آنذاك، اللواتي لا يعبأن بالفن، وليس لهنّ من الجدّ في الحياة إلّا اليسير كما تقول، يضاف إلى ذلك فجيعتها من الحب، وهو ما سبّب لها اغترابًا مركبًا، فقد خاب ظنّها، ووجدت في الناس أمواتًا وإن كانوا أحياءً، وهم عبيد يرسفون بقيود الذلّ والتفاهة (2). فضلًا عن التقاليد الثقيلة التي تحدّ من حريّة المرأة في مجتمعاتنا، وبعض ما ترسّب في طفولتها من كوابيس مخيفة، حيث تقول: يا ظلامَ الليلِ يا طاويَ أحزانِ القلوبِ أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحوبِ جاء يَسْعَى، تحتَ أستاركَ، كالطيفِ الغريبِ حاملاً في كفِّه العودَ يُغنّي للغُيوبِ ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليلِ في الوادي الكئيبِ
وكان الموت أحد مشكلاتها انعكاسًا لوعيها الحي: أيها الموت، وقفة قبـل أن تغري بجسمـي سكونــك الأبـديا أه، دعني أملاً عيوني من الأنوار، وأرحم فؤادي الشاعريا أه، دعني أودع العود، يا موت، فقد كان لي الصديق الوفيا وأرنـم لحــن الـوداع لدنيــاي، لأمضـي للمـوت قلبــاً شقيا
وهكذا اتّحدت العوامل الذاتية مع العوامل الموضوعية لاغتراب نازك الملائكة.
بلند الحيدري أمّا بلند الحيدري، فكان اغترابه عائليًا كما يقول في مقابلة أجراها معه الشاعر يوسف الصائغ (3): أنها نبتت في البيت بذرة، ثم نمت فيما بعد، وأصبحت حالة نفسية، بدأت من إيثار أمي لأخي صفاء وإيثار والدتي لأختي الصغيرة... فأحسست بأني الشخصية الضائعة في جو البيت. واغترابه الثاني جاء من بعض أقاربه الذين احتلوا مناصب رفيعة في الدولة، في حين كان الآخرون معدمين، وهكذا بدأ الجو يحاصره، ويضغط عليه نفسيًا، فشعر باغترابه عن مجتمعه وعن محيطه: أنت يا من تحلمين الآن ماذا تحلمين؟ بالدروب الزرق، بالغابة بالموت مع الكون الذي لا تفهمين
عبد الوهاب البياتي وكان عبد الوهاب البياتي متأثرًا بالرومانسية الشعرية، التي حدّدت طريق اغترابه، خصوصًا حين ميّز نفسه عن الآخرين: لم أصطنع حبًا كهذا القطيع ولم أبع فى السوق ألحانى ولم أقل هذا ملاك وديع ولم أقل هذا من الجان عصرت خمرى من كروم الربيع فليشرب العشاق من حانى
وبين الشكّ واليقين، جهر باغترابه، فعسى أن يستطيع مقاومته بعقله الواعي المشحون باليقظة الشعرية، والمتطلّع إلى المستقبل (4). غدك الغامض إيمان كشكّي وانتظار سئمت منه النجوم
"غريب على الخليج" و "أنشودة المطر" أما السيّاب، فبقدر ما كان اغترابه روحيًا بالأساس، فقد كان اغترابًا عاطفيًا واجتماعيًا وسياسيًا ومكانيًا أيضًا. وهنا يمكن التوقّف عند قصيدتيه الأثيرتين والأكثر جمالًا وشُهرة في الآن، وأعني بذلك قصيدة "غريب على الخليج"، التي كتبها في الكويت العام 1953، وقصيدته "أنشودة المطر" التي كتبها في فترة مقاربة للقصيدة الأولى، وهو ما يذكره إحسان عباس في كتابه (5). تكاد تكون القصيدتان (غريب على الخليج و أنشودة المطر) تعبيرًا عن صورة واحدة أو صورة حركية يكمّل بعضها البعض، وكلاهما يمثّلان الصورة المزدوجة للوطن، بوجهيه المتناقضين أحيانًا؛ الأولى - التي تمثّل الاغتراب الروحي، الاجتماعي والعاطفي والسياسي، بكلّ ما فيه من حنين ولوعة بسبب الفراق والغياب المكاني؛ والثانية - التي تمثّل الوجه الآخر، وهو الشعور بالاستلاب، بما يولّد من سخط وردود فعل حانقة. وما بين هذا وذاك، تتجلّى صورة الوطن عند السيّاب شعريًا وجماليًا ووجدانيًا، بأحاسيسه المنفعلة والمتعارضة. وهكذا حاول السيّاب اقتفاء أثر حريّته وعقله بتجاوز الأيديولوجيا، دون أن يغفل حيرته إزاء تناقضاته التي تمثّل الوطن: جلس الغريب يسرّح البصر المحيّر في الخليج و يهدّ أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج أما في قصيدة "أنشودة المطر" فيقول: عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ، أو شُرفتان راحَ ينأى عنهما القمرْ. عيناكِ حين تَبسمانِ تورقُ الكروم. وترقص الأضواء... كالأقمار في نهَرْ يرجّه المجذاف وهناً ساعة السَّحَرْ كأنما تنبض في غوريهما، النّجومْ... وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
وهكذا اجتمعت المتناقضات في جوار محموم، اليقين والحيرة، الوضوح والقلق، الضياء والظلام، وهذه كلّها ترميز للحالة النفسية الاغترابية التي يعيشها الشاعر، وانعكاسًا للوضع السياسي في العراق. وفي قصيدتيه "غريب على الخليج" و"أنشودة المطر"، جعل العراق والمطر صورتان لوجه واحد، حسب إحسان عباس، حيث التطابق بين المطر والروح، وهما العراق: صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى: عراق كالمدّ يصعد، كالسحابة، كالدموع إلى العيون الريح تصرخ بي عراق والموج يعول بي عراق، عراق، ليس سوى عراق البحر أوسع ما يكون وأنت أبعد ما يكون والبحر دونك يا عراق" هكذا يبدو العراق قريبًا وبعيدًا حين يُعيد الشاعر تكرارها لستّ مرّات في قصيدة غريب على الخليج، وهو ما يتكرّر عبر كلمة مطر في قصيدة أنشودة المطر. ولعلّ مثل هذا التكرار يكون له جرس موسيقي خاص برنين وصدى ساحر يترك أثره جماليًا على المتلقي. ودغدغت صمت العصافير على الشجرْ أنشودةُ المطرْ... مطرْ... مطرْ... مطرْ... (6)
وحين يستعيد النخل فهو يقصد العراق، والمرأة هي العراق حين يقول: "أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه يا أنتما – مصباح روحي أنتما – وأتى المساء والليل أطبق، فلتشعّا في دجاه فلا أتيه لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء الملتقى بك والعراق على يديّ.. هو اللقاء ويوظف السيّاب البناء الفني للقصيدة بحيث ينقل المتلقّي إلى مناخه، فتتواتر سرديات القصيدة وصورها جامعة العراق والطفولة والأم والحبيبة في حالة من الاغتراب والشعور بالأسى كما يقول في قصيدته "غريب على الخليج": ليت السفائن لا تقاضي راكبيها أو ليت أن الأرض كالأفق العريض ويظهر صوت الشاعر جليًا نقيًا وهو يتحدّث من عمق أعماقه، في حين نراه في قصيدته "أنشودة المطر"، يتحدّث بضمير المتكلّم تارة بالمفرد وأخرى بالجمع وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموعْ ثمّ اعتللنا ـ خوفَ أن نُلامَ ـ بالمطرْ... مطرْ... مطرْ... ومنذ أنْ كنّا صغاراً، كانت السماءْ تغيمُ في الشتاءْ ويهطل المطرْ، وكلَّ عام ـ حين يعشب الثرى ـ نجوعْ ما مرَّ عامٌ والعِراق ليس فيه جوعْ. مطرْ... مطرْ... مطرْ...
هكذا يبدأ من السكون ثمّ التوتّر ثم الصعود والارتقاء على نحو متعال حتى بلوغ الذروة في تكرار لفظة العراق. إذا كان الاغتراب ظاهرة إنسانية قديمة قِدَم الوجود الإنساني، فإن غربة شاعر مبدع مثل بدر شاكر السيّاب تأخذ شكلاً مختلفاً من حيث طاقته وقدرته وتأثيره، سواء على مجتمعه بالتمرّد والانشقاق، أم حين تقوده أحياناً إلى العزلة والانكفاء على الذات. وكان أبو العلاء المعرّي يطلق على نفسه "رهين المحبسين"، فقد ظل نحو 40 عاماً لم يبارح منزله، إضافة إلى أنه يعاني من فقدان البصر، حيث مثّل ذروة الاغتراب النفسي والزماني والمكاني (الزمكاني) في الآن، للجسد والروح. وإذا كنّا نتحدّث عن اغتراب الشاعر السيّاب، فذلك لأن الاغتراب كان يشكّل جوهر شعره وحياته والمآسي الإنسانية التي عاشها، سواء صدمة المدينة أو صدود النّساء أو فقر الحال والعوز أو المرض الذي نخر عظامه، وكل ذلك في ظلّ ارتكاس سياسي وانكسار معنويّ وضعف اجتماعي، زاده طفولة معذّبة، بفقدان والدته وهو ما سيظهر في شعره على نحو صارخ ومتكرّر. وبعد كل ذلك، فالاغتراب قضية وجودية، شغلت الفلاسفة والمفكّرين بالدراسة والتحليل وبالبحث والاستقصاء، ولاسيّما بعد الثورة الصناعية، حيث تناولها جان جاك روسو وهيغل وماركس وفيورباخ وأريك فروم وفرويد ومدرسة فرانكفورت وتحديداً هابرماز وغيرهم.
ماركس والاغتراب شكّل مفهوم الاغتراب عند كارل ماركس نقطة محورية، حيث تناوله من زاوية معناه الإنساني الاجتماعي، لاسيّما بين عامي 1844-1845، وذلك بالمخطوطات الاقتصادية والفلسفية التي لم تنشر في حينها، ولكنها ظهرت في وقت لاحق (1932)، فقد كان ماركس حينها يُعتبر من الهيغليين اليساريين، وتأثّراً بهيغل وفلسفته، ناقش مفهوم الاغتراب، لكنه اعتبر أن تحقيق الحرّية لم يأتِ من العقل حسبما ذهب إلى ذلك هيغل، بل من العالم المادي، خصوصاً وأن السّبب هو المجتمع الطبقي الذي لا بدّ من إلغائه. وعلى الرغم من دعوته للإفادة من تطوّر التكنولوجيا والوفرة المادية لكنه اعتبرهما، "وإن فتحا الباب لتحرّر الإنسان"، إلاّ أن نتائجهما المباشرة كانت في "زيارة تجريد الإنسان من الإنسانية" بسبب طبيعة النظام الاجتماعي السائد (الرأسمالي)، مثلما هو اغتراب العامل عن الآلة، والإنسان عن مجتمعه. وقد زادت الثورة العلمية - التقنية من اغتراب الإنسان، وخصوصاً بعد حربين عالميتين مدمّرتين، راح ضحيتهما ملايين البشر. واليوم بفعل ثورة الاتصالات والمواصلات وتكنولوجيا الإعلام والتدفّق الهائل للمعلوماتية والطفرة الرقمية "الديجيتل"، وبفعل العولمة والطور الرابع للثورة الصناعية واقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي، فإن اغتراب الإنسان ازداد عمقاً، بتعمّق عمليات المحق اللاّإنسانية لإنسانيته، بسبب الحروب واستخدامات التكنولوجيا والعلوم لتدمير حياة الإنسان وثقافته وقيمه، وهي إحدى وجوه العولمة المتوحّشة. وحسب ماركس هناك أربعة أنواع من الاغتراب وهي: 1- الاغتراب عن منتجات العمل، أي السلعة التي ينتجها العامل. 2- الاغتراب داخل عملية الإنتاج نفسها (حين يصبح العمل ليس لإشباع الذات ورغبة مستقلّة، بل أمر مفروضاً). 3- الاغتراب عن الوجود البشري، أي محاولة تشكيل وإعادة تشكيل العالم من حولنا وفقاً للاحتياجات والقدرات الإبداعية. 4- اغتراب الإنسان عن الإنسان نتيجة لتعميم الطبيعة اللاّإنسانية للمجتمع الرأسمالي، واستخدام جهد العمال كسلعة، بدلاً من أن يكون نشاطاً اجتماعياً واقتصادياً منتجاً لصالح تحسين حياة المجتمع. وإذا كان ثمّة اغتراب اقتصادي واجتماعي تحدّث عنه ماركس، وهو يبحث في مضمون العدالة، فلا بدّ هنا من التوقف عند أشكال أخرى من الاغتراب متفاعلة ومتداخلة مع هذه الأنواع، مكمّلةً ومتمّمةً، ونعني بها الاغتراب العاطفي والنفسي والروحي، وكلّ ما له علاقة بالجوانب المتنوّعة من الحياة اليومية، ولا يمكن التغلّب عليه، حسب ماركس، إلاّ باستعادة الطبيعة الإنسانية (البشرية) للعمل، وذلك بتغيير طبيعة النظام وعلاقات إنتاجه وتطويع الطبيعة لصالح الإنسان، لأنه يعتبر الاغتراب هو التمايز بين الوجود والجوهر، لكن ذلك ليس كافيًا للتعبير عن اغتراب الإنسان بشكل عام والشاعر بشكل خاص، دون حساب اغترابه الروحي بتجسيد كلّ أنواع الاغتراب، بتجاوز مفهوم ماركس.
أنواع الاغتراب لا يصحّ أن نُخضع السيّاب لمفهوم ماركس المحدّد عن الاغتراب، بل يمكن إدراجه ضمن مفهوم أريك فروم المستند إلى مفهوم ماركس (الاقتصادي - الاجتماعي)، ومفهوم فرويد (النفسي - الفرداني)، حيث يمكن القول إن السيّاب خضع لأنواع متعدّدة من الاغتراب الاجتماعي - الاقتصادي بكل تجلّياته، وأساسه شكل التعبير والموقف من النظام السياسي، والاغتراب النفسي - الفردي بما فيه الجنسي حسب فرويد من الناحية العاطفية، سواء العائلية أم العلاقة بالنساء أم الاغتراب عن نفسه، مثلما هو عن محيطه ومجتمعه، أي أن السيّاب عاش شكلاً من أشكال الاغتراب الاجتماعي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، والاغتراب النفسي بكل ما تعنيه هذه الكلمة من مدلولات لها علاقة باغتراب الإنسان عن مجتمعه، وأحياناً انكفائه على ذاته (7). هكذا حاول فروم الحديث عن الاغتراب، بما له علاقة باغتراب الإنسان (كفرد) عن مجتمعه (كجماعة بشرية) وبين الإنسان ومحيطه. وكان هيغل قد ركّز على مفهوم الحرّية لتحديد ماهيّة الإنسان من خلال المصالحة بينه وبين محيطه وبين الإنسان والطبيعة، ولعلّ انفصال الإنسان عن الثقافة التي هي "حياة الروح" كان قد عمّق اغتراب الإنسان، وذلك من خلال توجّه أخلاقي ونفسي، وحسب أريك فروم ليس العامل الاقتصادي هو الأساس مثلما ذهب ماركس، كما أنه ليس العامل الجنسي كما استنتج فرويد، وإنما هو نتاج خلطة وجودية جعلها أريك فروم شخصية الطابع واجتماعية المنشأ، ووضعها في إطار وجودي إنساني عريض. وبدر شاكر السيّاب كان يشعر بالاغتراب إزاء ذاته أيضاً، وإن كان لاغترابه مدلولات اجتماعية واقتصادية ونفسية وروحية، لاسيّما بانحلال الصّلة بينه وبين مجتمعه، خصوصاً عدم تمكّنه من احتلال الموقع الذي يريده. والاغتراب السياسي لديه بدأ بتسيّد أيديولوجيا محدّدة وتقديسها، أو فيما بعد نقضها والانخراط في غيرها بانتقاله إلى صف خصومها وأعدائها، مثلما ينساق أحياناً بفعل الفكرة السّائدة للإذعان لزعيم أو قائد، وهو أنتج ما أطْلق عليه "عبادة الفرد"، وذلك جزءًا من الاغتراب الذي أصاب مجتمعات وكتل بشرية بكاملها أو على مستوى الأفراد. أما لودفيغ فيورباخ فقد تناول ما يطلق عليه "الاغتراب الدّيني"، الذي يشكّل جوهر فلسفته الحسيّة، فالإنسان يكشف جوهره الخاص بفضل الدّين، ولكنّه يظلّ مفصولاً عنه طالما يسلّم بوجوده المستقلّ خارج ذاته. يقول فيورباخ: "لقد كان شغلي الدائم أن أضيء الأماكن المظلمة للدّين بمصابيح العلم، حتى لا يقع الإنسان فريسة القوى المعادية التي تستفيد من غموض الدّين لتقهر الجنس البشري". وجمع هابرماز بين الهيغلية والماركسية ومدارس علم الاجتماع والنفس، في محاولة نقد نمطية الوعي والأيديولوجيات الجامدة، وذلك بهدف إعادة بناء المادية التاريخية على أسس جديدة، مكرّراً قول ماركس إن المجتمع المدني والدولة كانا غرباء عن الحياة الإنسانية الحقيقية، الأمر يحتاج إلى إعادة بناء المجتمعات وفقاً لأسس جديدة لتحرير الإنسان من علاقات إنتاج مريضة ومن جبروت الطبيعة، الأساس للخروج من مأزق الاغتراب، علماً بأن ماركس كان قد حذّر من الاستخدام المفرط للموارد الطبيعية. إن اغتراب المثقّف يزداد طردياً مع تعقّد الحياة الاجتماعية، وشحّ فرص الحرّية والعدالة، والأمر ينعكس سلبياً عليه، بحكم حساسيته، خصوصاً بتراجع منظومة القيم الإنسانية، وصعود النفعية والانتهازية والاستلاب والاستغلال، محل مبادئ الحرّية والمساواة والعدالة الاجتماعية والمشاركة والحقوق الإنسانية.
الاغتراب المركّب دخل بدر شاكر السيّاب، ومعه جيل من الشعراء والأدباء والمثقفين معركة أساسها اجتماعي وجذرها فردي، بسبب حالة الاغتراب التي عاشها بين الحلم والواقع. وكانت مقدّمات اغترابه الأولى قد بدأت من جيكور، منها غرابة شكله وهزال جسمه، يضاف إلى ذلك فقدانه والدته وهو طفل صغير (لم يتجاوز السادسة من العمر)، وزواج والده، ثم وفاة جدته. وظلّ الموت يحوم فوق رأسه، كلّما استذكر أمه، لذلك عانى من شدّة الألم والوحدة، وهما أوّل من دفعاه دفعاً نحو اغترابه المجتمعي، إضافة إلى المرض لاحقاً، والشقاء وصدود الحبيبات الموهومات. كل ذلك قد عاظم من اغترابه الوجودي والروحي. لقد رافق اغتراب السيّاب الاجتماعي - الوجودي، اغتراب عاطفي، فهو مستوحش عائلياً وصداقياً وعاطفياً، ولم يجد ما يعوّضه عن هذا الفقدان والفداحة والحرمان. وما من عادتي ماضيّ الذي كانا ولكن.. كل من أحببت قبلك ما أحبوني ولا عطفوا عليّ، عشقت سبعاً... إلى أن يقول: أحبيني لأنّي كلّ من أحببت لم يحبوني
عاش ولم يعش يقول بدر شاكر السيّاب: أشعر أنّني عشت طويلاً.. رافقت جلجامش في مغامراته، وصاحبت عوليس في ضياعه، وعشت التاريخ العربي كلّه... ألا يكفي هذا؟ كلّ ذلك والسيّاب لم يعش سوى ما يقارب 39 عاماً، فقد وُلد في العام 1926 وهناك من يقول إنه ولد في العام 1925 وتوفي في 24 كانون الأول / ديسمبر 1964، لكنّه كان يشعر وهو يستحضر كل هذا التاريخ بخياله الشعري، إضافة إلى الميثولوجيا العالمية، حيث كانت أساطير الشرق وحكاياه، فضلاً عن تراثه والأسطورة اليونانية، تتدفّق بقوّة وحرارة في قصيدته، حتى نكاد نسمع نبضها في ثنايا شعره. في قرية جيكور التي تغفو على نهيرُ البويب، وحيث النخيل الذي يلقي بظلاله على تلك القرية المسحورة من قضاء أبو الخصيب في البصرة، وُلد الشاعر، وظلّت تلك البقعة أثيرة على قلبه، ضاجّة بالأسرار والحَكايا والأشباح، مثلما تشعّ بالجمال والسّحر والإشراق، وظلّ السيّاب متعلّقاً بموطن الصّبا الأوّل، لا يكاد يفارقه، حتى يعود إليه، بل إنه يشعر بالتيه كلّما ابتعد عنه، لدرجة أن الاغتراب كان قد تأصّل فيه منذ لحظة انتقاله إلى بغداد للدراسة في دار المعلمين العالية (قسم اللّغة الإنكليزية) حيث الشوارع العريضة والأحياء الواسعة، التي شعر معها بكيان حاجز وسور مرتفع فصل بينه وبين جيكور. لنقرأ ما يقوله في قصيدة "تموز جيكور": جَيْكُورُ سَتُولَدُ لَكِنِّي لَنْ أَخْرُجَ فِيهَا مِنْ سِجْنِي فِي لَيْلِ الطِّينِ الْمَمْدُودِ لَنْ يَنْبِضَ قَلْبِي كَاللَّحْنِ فِي الْأَوْتَارِ لَنْ يَخْفُقَ فِيهِ سِوَى الدُّودِ
صور الاغتراب لقد تحوّل اغتراب السيّاب إلى قدر من النوستالجيا كما يقول الفنان والشاعر عمران القيسي (في حوار بيني وبينه 2012 )، لاسيّما حيال طفولته وقريته، حين كان مستمتعاً وعارفاً بموعد المدّ والجزر الذي يتأثّر به نُهير البويب الصغير، وقد شاءت الصدف أن تكون القرية بموضوعها النفسي أو الذاتي، وكذلك الموضوعي أي المادي، حديثاً دائماً للسيّاب، ولعلّه في ذلك كان جزءًا من القصيدة الجديدة التي ولدت في مرحلة نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات، وهي قصيدة ذات نكهة اغترابية، كان السيّاب أحد روّادها الأوائل ومؤسّسيها اللاّمعين. فهذا بلند الحيدري زميل السيّاب وبعد اغترابه لأشهر عن مكان عيشه يقول:
كان الشتاء يجر أرصفة المحطه وتموء عاصفة كقطه وعلى الطريق يهتز فانوس عتيق فيهز قريتنا الضنينه ماذا سأفعل في المدينه … ؟ وسألتني : ماذا ستفعل في المدينه … ! ؟ ستضيع خطوتك الغبية في شوارعها الكبيرة ولسوف تسحقك الازقات الضريرة
لا … لن أعود لمن أعود فقريتي أمست … مدينة أمست مدينه
أو عند محمود الريفي الشّاعر الذي كتب قصيدة من الشعر الحديث قبل "قصيدة الكوليرا" الشهيرة لنازك الملائكة، التي تعتبر ريادية مع السيّاب والحيدري وعبد الوهاب البياتي في كتابة الشعر الحديث. يقول الريفي: ما مات شيطان الهوى لم يزل يزرع في آدمنا روحا فالهدبُ خلف الهدبِ أرجوحة والعمر كله.. أرجوحة
لقد أيقظت نازك الملائكة ما في داخل العراقي من غربة معتّقة وبؤس وحنين إلى البراءة، مثلما كان محمود البريفكان مصاب بالاغتراب والحنين، ففي قصيدته يا سلمى يناجي امرأة لم يرها، بل سمع اسمها من أخيها شريكه في الزنزانة، فكان اليوم الذي أطلق سراح الشقيق أكثر الأيام كآبة وغربة لهذا العاشق الشفوي، مثلما يغترب وهو يكتب عن موظّف اعتيادي كأنه يردّد إحدى شخصيات تشيخوف أو ما كتبه لاحقاً غائب طعمة فرمان. اعتاد أن يستيقظ حين تقرع الساعة دقاتها السبع ويعلو صخب الباعة يفتح مذياعه يدهن شاربيه ويصلح عارضيه ثم على زوايا شفتيه يرسم ابتسامة غبراء، خدّاعة ونقتبس من خليل حاوي الذي يقول: وعرفت كيف تمطّ أرجلها الدقائق تكبر، تستحيل إلى عصور
لكن السيّاب الذي سبقه ريح قصيدته إلى كل أرجاء العالم، وهو لم يزل على مقاعد الدرس في دار المعلمين العالية، كان يصرّ على أن يكون محليّاً، إلاّ أن عالميته كانت ظاهرة باهرة وملموسة، فهو من أسمع الكثير من أقرانه بالشاعر ت. س إليوت وعزرا باوند وإيديت ستويل، مثلما كان هذا الدور الريادي لجبرا إبراهيم جبرا. وقد جسّدت حياة السيّاب والمرض الذي لازمه إضافة إلى شعوره بالوحدة السبب الأساسي في تكريس اغترابه، خصوصاً انتقاله إلى أجواء جديدة مفعمة بالدهشة والتيه والعوز، وتجسّد ذلك في اغترابه من جميع الوجوه.
المومس العمياء في قصيدته المومس العمياء يقول دفاعاً عن الاستلاب والاغتراب وفقدان الحقوق: اللّيل يطبق مرة أخرى، فتشربه المدينه والعابرون، إلى القرارة... مثل أغنية حزينه وتفتّحت كأزاهر الدفلي، مصابيح الطريق، كعيون ""ميدوزا""، تحجّر كل قلب في الضغينه، وكأنها نذر تبشر أهل ""بابل"" بالحريق من أي غاب جاء هذا الليل؟ من أي الكهوف من أي وجر للذئاب؟ كلّما كان السلّ العظمي ينهش جسده الذاوي كان يزداد اغتراباً، فقد أصبح ذلك نهجاً شاعرياً موسوماً بدرامية عالية وحبكة مركّبة، ليتبيّن أبعاد الوجود الإنساني الحقيقي الذي لا يتجلّى إلاّ بالأحزان وحتى في جلسات السيّاب الخاصة، كان لا يميل إلى الفرح الزائد وإن كان يستغرق في المقالب مع الأصدقاء، ويقول علينا ألاّ نرفع أصواتنا، بل نرفع أحزاننا ليسمع العالم أننا البشر المسحوقون.. أننا الضحايا، مقتفياً إثر الشاعر الإسباني غارسيا لوركا الذي يقول: في هذه الليلة سأكتب أكثر الأشعار حزناً
وقد تكسرت أحلام السيّاب الواحد بعد الآخر، عاطفياً وسياسياً وصداقياً وصحّياً ومادّياً، مكاناً وزماناً، فقد كان غريباً على من أحبّهم من النّساء، وكان غريباً عن الحزب الذي انتمى إليه، وانتقل إلى صف خصومه، بعد خيبات ومرارات، وكان غريباً بعد جيكور والبصرة عن الكثير من أقرانه، وكان غريباً في المدينة حيث يشعر بانتمائه إلى القرية، وكان غريباً عن المجتمع، بل منشقاً عليه ومنفصلاً عنه وحتى عندما تزوّج إقبال شعر بالاغتراب سريعاً. الغرفة موصدة الباب والصّمت عميق وستائر شباكي مرخاة رب طريق يتنصّت لي ، يترصّد بي خلف الشباك وأثوابي كمفزع بستان سود أعطاها الباب الموصود نفساً ذر بها حسّاً فتكاد تفيق من ذاك الموت وتهمس بي والصمت عميق لم يبق صديق ليزورك في اللّيل الكابي والغرفة موصدة الباب
لم يحمّل بدر شاكر السيّاب غربته بُعداً فلسفياً، كما حمّل الشاعر خليل حاوي وحدته بُعداً فلسفياً، بل أراد أن يتركها مثل أغنية عراقية يحزن الناس عند سماعها، وهم يغنّونها في أفراحهم. لم يكن اغترابه بالمعنى الوجودي "السارتري"، بل كان اغتراباً تتأكّد فيه حرّيته الداخلية، حيث يشكّل شعره شهادة رسولية للحزن الجليل حتى وإن كان في لجّة الفرح. ولعلّ خاصية اغتراب السيّاب تحتاج إلى فهم خاص، فقد كان يحتاج إلى الاعتراف به كغريب ومبشّر بهذه الغربة، وكشاعر فريد لا يُعترف بأهمّيته إلاّ بعد رحيله. وكان اغترابه حتى في عمله، فرغم سعيه للوظيفة في الدولة، فإنه يحتقر اللّحظة التي يشعره فيها أحدهم أنه يرضع من ثديها، أي أن اغترابه في العمل هو أقرب إلى اغتراب العامل عن الآلة في الفكر الماركسي. يقول إحسان عباس في كتابه عن "بدر شاكر السيّاب - دراسة في حياته وشعره": إن العشرين كانت من أصعب الجسور التي اجتازها بدر، فقد أحسّ أنه يعبر حدّاً فاصلاً بين عهدين، وهو لا يدري إلى أين تتّجه به الأقدار. كان قد سمّى المجموعة الشعرية التي رتّبها في كرّاس "أزهار ذابلة"، وبسببها تعرّض إلى لوم بعض أصدقائه، لحالة اليأس والحزن المبالغ فيها، خصوصاً وهو في عزّ الشباب، لكن خيبته وهو لا يزال في دار المعلمين هي التي ألقت به في هذا العذاب العظيم. كتب السيّاب إلى خالد الشوّاف مفسّراً حالته، بقوله: أي خالد كم عاهدت نفسي في سكون اللّيل العميق أن أخفت نغمة اليأس في أشعاري، وأمحو صورة الموت من أفكاري حتى لا تسمع الآذان ركناً من تلك، ولا تبصر العيون خطأ من هذه، لكنّني واحسرتاه عدتُ بصفة الخاسر، وحظّ الخائب، وقد نذرت نفسي للألم والشقاء واليأس والعناء، ما أجهل من لامني على أنّني سمّيت مجموعة أشعاري "بالأزهار الذابلة"، ليته كان معي ليرى أن كل الكون، الأرض والسّماء والتّراب والماء والصّخر والهواء، أزهار ذابلة؟ ذابلة في عينيّ الشاحبتين ونفسي الهامدة الخامدة.
محاكاة بودلير ولعلّ في ذلك محاكاة للشاعر بودلير الذي كتب "أزهار الشرّ" فكتب السيّاب قصيدة مطوّلة على غرارها أهداها إليه تحدّث فيها عن الحب الآثم، فأي اغتراب يعيشه الشاعر، خصوصاً وهو يقدّم مثل هذه القراءة الحزينة التي لم تزده إلاّ يأساً، خصوصاً وهو يودّع هواه البكر، حين اضطر إلى الذهاب إلى القرية بعد فصله من الدراسة في دار المعلمين، حيث شارك بإضراب طلابي، ثم من فقر مستكلب ومن "فراغ وبطالة وسأم وهمود". وردّاً على رسالة خالد الشوّاف الذي حاول ثنيه ممّا هو عليه، فبعد أن ترك في نفسه الرضا، حتى وإن كانت كلماته زاجرة وأقواله ساخرة، كما ورد في كتاب إحسان عباس، حيث يقول: ولكن ليل الريف الندي، تهب عليه أنسام الشمال التي أحسبها آتية من بغداد، أقول: لكن هذا اللّيل تسرق فيه الأحلام خطاها الخفية الواهنة مفضفضة بالشعاع الباهت ينطف من نهر المجرّ المختفي وراء الأبعاد، هاج لي الألم واستنزل على صدري الخافق حسرات راعدة وآهات صاعدة، ضاق بها صدر الأفق الأرقط. ويستطرد السيّاب: ليت لي براعة شعراء الأرض جميعاً لأصوّر لك حلمي المقطوع، الحافل بالثمار، الخالي من القطاف، الباكي على الصورة الهاربة من الإطار، ولعلّ هذا هو التناقض الجميل أو جوار الأضداد الذي كان يحفل به السيّاب شعراً ونثراً ووجوداً. كان السيّاب يمنّي نفسه بالحب، حتى وإن كان غير حقيقي أو من طرف واحد ولربما خادعاً، وإلاّ فإن نهايته ستكون لا محالة حسبما يوحي. وكان هذا الاغتراب حدّ التناقض يمتد إلى السياسة، فمن جهة كان السيّاب ينتمي إلى حزب يؤمن بالمستقبل وبالتفاؤل التاريخي، ولكنه في الوقت نفسه يتحدّث عن الضياع واليأس والموت، خصوصاً عندما يتحدّث عن حرمانه من المرأة التي يبدو أنها سرّ الأسرار في رفضه للشيوعية فيما بعد، كما يقول إحسان عباس وإن كان هناك أسباب أخرى. وكان متمزّقاً بين اللّهفة إلى الحب والموت والانكفاء. المصادر: 1- أنظر: غربة المثقف العربي، مجلة المستقبل العربي، العدد 2، بيروت، تموز / يوليو 1978. 2- أنظر: عبد الرضا علي - نازك الملائكة دراسات ومختارات، دار الشؤون الثقافية - آفاق عربية، بغداد، 1987، ص 59 وما بعدها. 3- أنظر: مجلة الأدب المعاصر، العدد 5، 1973. 4- أنظر: محمد راضي جعفر - الاغتراب في الشعر العراقي المعاصر: مرحلة الرواد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1999. 5- أنظر: بدر شاكر السيّاب - دراسة في حياته وشعره، دار الثقافة، بيروت، ط1، 1969. 6- أنظر: بدر شاكر السياب - دار العودة، بيروت، 1986، ص 318 وص 475. 7- أنظر: عبد الحسين شعبان - تحطيم المرايا: في الماركسية والاختلاف، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2009.
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في كتاب فقه التسامح
-
-سلعنته- التعليم أم -أنسنته-؟
-
السويداء وممر داوود
-
عبد الحسين شعبان.. المُتفرّد فكراً وسلوكاً
-
غزّة و-الثمرة المرّة-
-
الرابطة العربية للقانون الدولي إدانة العدوان الإسرائيلي - ال
...
-
عبد الحسين شعبان.. اسم مُشرِّف في سورية
-
فوردو والصبر الاستراتيجي
-
هي النجف التي كانت وستكون...
-
النجف -الغري- والذاكرة والميتافيزيقيا
-
مجلس -دزئي- العامر
-
تقريظ لكتابي الدكتور عبد الحسين شعبان - الهولوكست صانع إسرائ
...
-
عبد الحسين شعبان. إلّا فلسطين!!
-
عبد الحسين شعبان واللّاعُنف
-
النجف بين المرئي واللّامرئي
-
قراءة في كتاب: “مذكرات صهيونيّ… يوميات إيجون ريدليخ في معسكر
...
-
غائب طعمة فرمان رائد الرواية البغدادية
-
ذاكرة الألم والعدالة الانتقالية
-
النجف -شقائق النعمان-
-
شعبان.. شذرات من فكره القانوني والدستوري
المزيد.....
-
فيديو متداول لـ-مظاهرات مناهضة للسيسي- في مصر.. هذه حقيقته
-
لا حوار مع -حكومة الثقة العمياء بواشنطن-.. بيونغ يانغ ترفض
...
-
كلمة محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب في جنازة الرفي
...
-
فرنسا تصر على حل الدولتين للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي في مؤت
...
-
غانا تنشر قوات لاحتواء نزاع حول الزعامة التقليدية بالشمال
-
ناشطة على متن -حنظلة- تروي للجزيرة نت تفاصيل الاقتحام الإسرا
...
-
3 وفيات و53 إصابة بضربات شمس شرقي السودان
-
لبيد: العالم بأسره سينبذ إسرائيل إذا لم توقِف الحرب
-
تعرف على أحدث الروبوتات المساعدة المعززة بالذكاء الاصطناعي
-
الأسكتلنديون يستقبلون ترامب بالاحتجاج اللاذع ونفخ القرب والت
...
المزيد.....
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|