أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم برسي - وداعًا زياد… أيها الغريب الذي يشبهنا أكثر من أنفسنا














المزيد.....

وداعًا زياد… أيها الغريب الذي يشبهنا أكثر من أنفسنا


ابراهيم برسي

الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


رحل زياد…
كما يرحل الحزن من دون وداع، وكما تنكسر موسيقى من غير أن يُسمع لها نشاز، وكما يتوقف البيانو عن العزف فجأة… لأن القلب خاف أن يخذلها.

زياد الذي لم يكن ابن فيروز وحدها، بل ابن كل من عرف أن الكلمة سلاح، وأن السخرية أنبل أنواع الصراخ.
زياد الذي علّمنا أن الجملة قد تكون رصاصة، والضحكة قد تكون وصمة، والبيانو وطن بديل، و"كيفك إنت؟" سؤال فلسفي يُطرح على دولة، لا على حبيب.

لم يمت زياد اليوم فقط، مات مرّات كثيرة، متشظيًا بين موت الحرب، وموت الصداقة، وموت الغدر، وموت الخيبة.
مات يوم وجد نفسه يُغنّي في مدينة مقسومة على الطوائف، ويكتب في جريدة مُحاصرة بالرقابة، ويحبّ امرأة تحب صمته أكثر من موسيقاه.

مات حين رأى جوزيف صقر يرحل من دون أن يأخذ معه أغنياته،
ومات حين قرأ التعليقات على اسمه في "التيارات" التي حوّلها إلى نكتة،
ومات أكثر حين احتاجوه مهرّجًا لمرحلة ولم يعرفوا أنه كان ينزف وهو يُضحكهم.

زياد لم يكن رجلًا، بل حالة.
لم يكن فنانًا، بل حوارًا طويلًا بين وجع الناس وفوضى العقل.
كان يشبه بيروت حين كانت تحلم، ويشبه الشام حين كانت تصغي إلى العود، ويشبه الخرطوم حين كانت تصنع من الحروف ثورة.

برحيله، لا يرحل نجم.
بل تخفت الإضاءة في زاوية المقهى،
تسكت آلة كاتبة كانت تكتب تاريخ البلد الهارب من حقيقته،
تذبل شجرة على شرفة لا أحد يسقيها،
ويُغلق باب مسرح لن يُفتح بهذه النبرة مرة أخرى.

سامحيه يا فيروز،
لقد جرّب أن يكون ابنًا، فلم تسمح له العبقرية.
جرّب أن يكون رجلًا عاديًا، فخانته الموسيقى.
جرّب أن يكون مرتاحًا، فلم تعطه الحياة استراحة.

رحل زياد،
وترك على الطاولة نصف لحن، ونصف سطر، ونصف نكتة،
ورائحة عرق لم تجفّ من خشبة المسرح،
وصوتًا يقول: "أنا مش كافر… بس الجوع كافر، والخذلان كافر، والوطن الحزين كافر".

وداعًا زياد…
يا آخر من عزف على أعصابنا دون أن نغضب،
ويا أول من قال الحقيقة بطريقة تُضحكنا وتُبكينا في الوقت نفسه.
وداعًا أيها الغريب القريب،
أيها الحاضر الغائب،
يا من علمتنا أن نُحبّ من يقول لنا الحقيقة بمرارة… لا من يبيعنا أملًا بلا طعم.

وداعًا حزينًا… دعوا البيانو يستريح قليلاً. فقد تعب القلب.



#ابراهيم_برسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملامح الشكلانية في الأدب السوداني
- “ماركيز ونفي المطلق: هل يعيد السرد إنتاج المقدس؟-
- صراع المعاني بين الرصاصة والخطاب: حين يتهاوى العقل الدولي
- في حضرة اللهب: الهيمنة تخلع قناعها النووي… والخليج يشتري الأ ...
- في حضرة الوحشية: رثاء الكائن الذي لم يكتمل قراءة في كتاب أشي ...
- عملية “الأسد الصاعد”: الضربة الإسرائيلية الكبرى
- صوتٌ بلا أثر… وعيٌ بلا أفق: المثقف وأزمة الفعل المؤجل
- نغوجي واثيونغو، الذي كَتَب كما يُكتب اللهب… وظلّ نبيًّا بلا ...
- من السجود إلى السيادة: انحناءة الشكل على خراب الجوهر
- بين كامل إدريس و اللا كامل…. ربطة العنق التي لم تُقنع مجلس ا ...
- حين ينعى الفقراء أحدهم، فإنهم يطرقون الأرض بأقدامهم، لا بأصو ...
- نحن والحمير في المنعطف الخطير: صمت الحواف حين يهزم صوت الطري ...
- الشتات بوصفه مَجازًا مضادًا: قراءة نقدية في أطروحة “الشتات ق ...
- في أثر فرانسيس دينق: سؤال الهوية بين النهر والمجلس
- العبودية الطوعية في الإسلام السياسي: قراءة في فلسفة الهيمنة
- -تأملات في طمأنينة لا تُشبه الخرائط… عن العراق الذي يكتبه ال ...
- الدولة النكرة: محاكم التفويض وخرافة السيادة
- سردية لندن: مؤتمر غاب عنه القتلة ولم يصفّق له كهنة السلطان
- غسان كنفاني: هشاشة الاسم والمنفى المؤجّل
- عندما يصير الجسد ساحة معركة: تراجيديا الإنسان السوداني بين ا ...


المزيد.....




- آنا وينتور تدلي برأيها الحقيقي في فيلم -الشيطان يرتدي برادا- ...
- فاطمة الشقراء... من كازان إلى القاهرة
- هل يعود مسلسل (عدنان ولينا) من جديد؟!
- فيلم -متلبسا بالسرقة-.. دارين آرنوفسكي يجرب حظه في الكوميديا ...
- طالبان وتقنين الشعر.. بين الإبداع والرقابة
- خطأ بالترجمة يسبب أزمة لإنتر ميلان ومهاجمه مارتينيز
- فيلم -هند رجب- صرخة ضمير مدويّة قد تحرك العالم لوقف الحرب عل ...
- خالد كمال درويش: والآن، من يستقبلنا بابتسامته الملازمة!
- فنانون عالميون يتعهدون بمقاطعة مؤسسات إسرائيل السينمائية بسب ...
- الترجمة بين الثقافة والتاريخ في المعهد الثقافي الفرنسي


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم برسي - وداعًا زياد… أيها الغريب الذي يشبهنا أكثر من أنفسنا