أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب مال الله ابراهيم - أقاليم للأقليات… أم أوطان تتسع للجميع؟














المزيد.....

أقاليم للأقليات… أم أوطان تتسع للجميع؟


حبيب مال الله ابراهيم
أكاديمي وباحث في مجال علوم الإعلام والصحافة

(Habeeb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 19:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم النقاشات المتصاعدة حول مستقبل سوريا وعدد من دول الشرق الأوسط، يبرز طرح الفيدرالية كحل سياسي دائم لضمان حقوق الأقليات وترسيخ التعددية. غير أن هذا الطرح، رغم وجاهته النظرية، يفتقر في كثير من الأحيان إلى مقاربة واقعية لطبيعة المجتمعات ما دون الدولة، وسلوكها السياسي في بيئة لم تعرف الاستقرار المؤسسي طويل الأمد.
فالأقليات العرقية والدينية في المنطقة من الكرد والإيزيديين والكاكئيين، إلى الأشوريين والتركمان والعلويين والدروز لم تمر عموما بمراحل ناضجة من التمرين السياسي والديمقراطي، تؤهلها لإدارة كياناتها بمعزل عن إعادة إنتاج التسلط المحلي. وعليه، فإن الفيدرالية قد تتحول من وسيلة لحماية الحقوق إلى بنية مغلقة تكرس سلطة نخبوية جديدة باسم المكوّن.
التجربة العراقية تقدم مثالاً واضحًا على ذلك. فمنذ عام 1991، حين أُعلن إقليم كردستان كمنطقة حكم ذاتي، دخل الكرد في مسار فيدرالي طرح كنموذج للتعايش. لكن بعد أكثر من 34 عاماً، انقسم الإقليم فعلياً إلى إدارتين متصارعتين: واحدة في أربيل بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأخرى في السليمانية يقودها الاتحاد الوطني الكردستاني. بين عامي 1994 و1998، اندلعت مواجهات مسلحة خلفت آلاف الضحايا، وسجلت حالات اختفاء قسري وتهميش سياسي واقتصادي متبادل، فضلاً عن احتكار الثروات واستبعاد المعارضين داخل المكون الكردي نفسه.
كما لا يمكن إغفال التجربة اللبنانية، حيث أدت المحاصصة الطائفية، التي بنيت على أساس توزيع السلطة بين الطوائف، إلى إنتاج نظام سياسي هش، عطل مؤسسات الدولة، وساهم في تفشي الفساد والانهيار الاقتصادي. وهو ما جعل كثيراً من اللبنانيين يرفعون شعار “كلن يعني كلن” في احتجاجات عام 2019، في إشارة إلى فشل زعماء الطوائف في إدارة الدولة، رغم امتلاكهم كيانات شبه مستقلة سياسياً وإعلامياً وأمنياً.

أما في سوريا، فقد شهدت الأقليات حالة مركبة من التهميش السياسي والاستغلال الرمزي. فالنظام الحاكم منذ عام 1970، بقيادة حافظ الأسد ثم ابنه بشار، قام على مركزية شديدة تغلّفها شعارات “الوحدة الوطنية”، بينما مارس إقصاء فعلياً لأي تمثيل سياسي مستقل للأقليات. الكرد وهم ثاني أكبر قومية في البلاد حُرم عشرات الآلاف منهم من الجنسية السورية بموجب إحصاء استثنائي عام 1962، وظلوا حتى عام 2011 يعاملون كأجانب في وطنهم. في حين جرى استخدام الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس، كأداة لتقوية النظام الأمني، لا لتمكين المجتمع العلوي نفسه أو إشراكه في بناء دولة مدنية.
كل هذا يدفع إلى القول إن منح أي أقلية كياناً سياسياً مستقلاً ليس بالضرورة مدخلاً للعدالة، بل قد يكون بوابة لإعادة إنتاج الاستبداد بصيغة محلية، وسط غياب الضمانات الدستورية والثقافة المؤسسية الديمقراطية.
الدعوة لتقسيم الدول على أساس قومي أو ديني، أو حتى لبناء فيدراليات مرهونة بالهويات، تعني عملياً تكريس الانقسامات وتعريض المجتمعات لمخاطر التفكك والحرب الأهلية. كما أنها تضعف الدولة في مواجهة التحديات الخارجية، وتعيق بناء هوية وطنية جامعة.
فالتجارب الناجحة حول العالم من ألمانيا إلى كندا إلى الهند لم تبنِ استقرارها على أساس تقسيم الهويات، بل عبر مؤسسات عادلة تستوعب التعدد، وتكفل حقوق الجميع دون تمييز.
وعليه، فإن الطريق نحو الاعتراف الحقيقي بالتنوع لا يمرّ عبر الكيانات الانعزالية، بل عبر بناء دولة مدنية عادلة، قوية، حيادية، تُنهي منطق الهيمنة وتحتضن كل مكوناتها ضمن عقد اجتماعي جديد.
المستقبل، كما نراه، ليس في الانعزال، بل في التفاهم؛ وليس في إنتاج انتماءات ضيقة، بل في توسيع إطار المواطنة ليشمل الجميع، بحقوق كاملة، وهوية وطنية تتسع للكل.



#حبيب_مال_الله_ابراهيم (هاشتاغ)       Habeeb_Ibrahim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا بعد حزب العمال الكردستاني: معالم مرحلة جديدة وتحولات إ ...
- علم التربية الإعلامية Medienpädagogisch
- كيف يُمكن للإعلام أن يُضّر الأطفال
- السينما والدراما المصرية، الى أين؟
- الرأي العام
- المُساءلة الإعلامية
- ثورة الإعلام الترفيهي
- أمين المَظالِم الصحفي
- جيل وطني من المهد
- -اصفع والدك-، -اطمع في زوجة جارك-، -تطاول على الأنبياء-: نكت ...
- قوة وتأثير وسائل الاعلام في المانيا
- هل وسائل التواصل الاجتماعي سيئة بالنسبة لنا؟
- البيت القديم
- عقدة الذنب الالمانية
- تحالفات الشرق الأوسط الحديدة
- قطرات الندم
- إستقلال إقليم كوردستان .. سيناريوهات ومواقف
- توازن القوى في الشرق الأوسط
- العقول العراقية المهاجرة
- الثقافة العربية في زمن الثورات والحروب


المزيد.....




- في هذا الموعد.. سلوم حداد يقدم -الزير سالم- على مسرح أبوظبي ...
- أجواء تشاؤم تسود في إسرائيل إزاء نتيجة غارتها في قطر.. إليكم ...
- ولي العهد السعودي يوجه رسائل شديدة اللهجة بشأن هجمات إسرائيل ...
- ضربات إسرائيلية في اليمن.. والحوثيون يتوعدون بـ-رد قوي-
- رافضة -فرض الأمر الواقع-.. مصر تشكو إثيوبيا في مجلس الأمن بع ...
- ماذا نعرف عن خليل الحية الذي حاولت إسرائيل اغتياله في قطر؟
- صراعات وتضامن وآلاف الضحايا - كواليس بناء سد النهضة الإثيوبي ...
- إدانات دولية متواصلة ضد الضربات الإسرائيلية على العاصمة القط ...
- غموض يلف مصير قادة حماس في الدوحة بعد الضربات الإسرائيلية وم ...
- أعضاء من البرلمان الأوروبي يتضامنون مع غزة وتدابير أوروبية ج ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب مال الله ابراهيم - أقاليم للأقليات… أم أوطان تتسع للجميع؟