أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - قراءة صوفية تأويلية في قصيدة : عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائكتِكَ بَشَرًا – للشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة. بقلم : كريم عبدالله – العراق .














المزيد.....

قراءة صوفية تأويلية في قصيدة : عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائكتِكَ بَشَرًا – للشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة. بقلم : كريم عبدالله – العراق .


كريم عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 20:16
المحور: الادب والفن
    


قراءة صوفية تأويلية في قصيدة : عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائكتِكَ بَشَرًا – للشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة.
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
ليس في القصيدة متّسع للمصادفة، وليس فيها من التجربة العادية شيء.
هي واردٌ روحي لا يُكتب بمداد اللغة، بل بتنهيدة نفسٍ عبرت ضيق الأرض إلى فسحة النور، ثم عادت محمّلة بإشراقات لا تُحدّ، ودموع لا يُرى منها سوى بلل الكلمات.

"عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائكتِكَ بَشَرًا"
هذا البيت الافتتاحي ليس إعلان ولاء لحبيب، بل قسمٌ في محراب العرفان، يضع القارئ منذ البدء في فضاء مختلف:
المحبوب ليس شخصًا، بل مرآة نورانية، تتجلّى منها الرؤيا، وتغيب فيها كل تجلّيات الدنيوي. هنا يبدأ العشق لا كحالة بشرية، بل كارتقاء روحي يتجاوز اللمس إلى الشهود.

في القصيدة، لا نرى الشاعرة... بل نُبصر "العارفة".
هي لا تُنشد بلسان امرأة، بل بـ"نَفَس سالكٍ" عبر المراحل، ثم عاد حاملًا لألوان لا تراها إلا قلوب اختبرت مقام الذوبان.

"تحرسني، إنّما استحضرتْكَ دعواتي،
ترجّلتَ هرولةً، تُخلّفُ سماواتِكَ العاليات..."

هنا، لا زمن خطيّ ولا سرد واقعي، بل نزولٌ رمزي من سماء التجلي إلى أرض الحضور.
المحبوب ينحدر من مطلقه لا ليدنو جسديًا، بل ليحضر بوصفه استجابة للنداء الداخلي. هو نزول أشبه بـ"نزول الرحمة"، حيث يصبح اللقاء طقسًا لا جسدًا.

ثم تفيض الصور:

"تهفهف على جدران وحدتي..."
"قلبك الأنيق يدعوها..."
"قهوة الانشراح، محاريب العزلة، ألوان الأمل..."

كأن اللغة أصبحت سجادة من صوف تتلوى تحت قدمي الوجد، لا تقول إلا ما لا يُقال.
المحاريب هنا ليست مكانًا للصلاة، بل رمزٌ للتفرّد، للعزلة المختارة التي تصبح مأوى النور.
و"قهوة الانشراح" ليست شرابًا، بل تجليًا من تجليات الصفاء، حين يرتخي القلب في يقينه.

في مقاطع أخرى، تتلبّس اللغة حالة من الجذب الروحي العنيف:

"قلبه معابد للشياطين،
تغوي أجراس الأحزان..."

ليس هذا نقيض المحبوب، بل مرآة العالم الدنيوي الذي تهرب منه الشاعرة إلى النقاء.
إنه "الضدّ" الضروري ليكتمل العشق كطريق تطهير.
الألم هنا ليس مجرّد شعور، بل بوابة كشف.

ثم تأتي أعذب اللحظات، لحظات الفيض الشعري:

"يرتدّ سناها سَنًى أشهَبَ بصيراً..."
"تغسل كل قبح العالم الشرس..."
"أشد بشعلة نجمك حلمي..."

هنا لا يعود النص يُقرأ، بل يُرتّل كدعاء مأخوذ بالنشوة.
فيه تتداخل الأنوثة بالحكمة، والعشق بالفناء، والرغبة بالتطهّر.
لا توجد هنا حدود بين العاشقة والمعشوق، بل ذوبان تام، يُفضي إلى قول أخير يشبه اليقين:

"أتوكّأُ مرمرَك المؤتلقَ حياةً لا تفنى..."

هذه ليست جملة شعرية، بل خاتمة الرؤيا.
المرمر لا يُحمل، لكنه هنا عصا موسى، تُشقّ بها بحور الهمجية، وتُحْيَا بها الأرواح التي ذاقت العشق الأعلى.

في الختام:
قصيدة رحمة عناب ليست نصًا، بل وصلة صوفية، نُشِدتْ على عتبات الغياب، وأوقدت قنديلها من زيتٍ لا يضيء إلا للقلوب التي ذابت، ثم بُعثت على هيئة صلاة.

في هذا النص، الشاعرة لا تقول: "أنا"،
بل تقول:

"أنا ظلّ التجلّي، أنا نَفَسُ من رأيتُه ولم أرَه، أنا مَنْ لا يشركُ بملائكةِ الحضورِ غيرَ النور."

عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائكتِكَ بَشَرًا

تحرسني، إنّما استحضرتْكَ دعواتي، ترجّلتَ هرولةً، تُخلّفُ سماواتِكَ العاليات، تَهفهفُ على جدرانِ وحدتي، وقلبُكَ الأنيقُ يدعوها: احتسي قهوةَ الانشراح، لا تُبارحي محاريبَ عُزلتي، تنشرين الألوانَ أملاً يملأ فراغاتِ الزمنِ الحقير، قلبُه معابدٌ للشياطين، تُغوي أجراسُ الأحزان، تدقّ آذانَ الوجعِ العتيد، قرصنتْ أشرعةَ المحبّة، تئنُّ احتراقاً سحيقاً، تتوسّد ضباباً مسحوراً، سكنته قيامةُ الريح. حِسانُ جنائنِكِ تعمُرُ الروح، أبثُّها أكوامَ الهموم، يرتدّ سناها سَنًى أشهَبَ بصيراً، يمنحُ ثماري سُدًى ليّنةً تتوثّبُ توّاقةً على أغصاني، تَهمي أمطارُها رَوعاتٍ تغسلُ كلَّ قُبحِ العالمِ الشرس، ساعةً بساعة، تأخذُ يدي الشقيّة، أشدُّ بشعلةِ نجمِكَ حلمي، مأزوراً يتشبّثُ، سُؤْلُ أجنحتِكَ فَيّاضةٌ عشقاً، فَوَلِّني صلواتِكَ المجيدات، وحدَها تُطهِّرُ همجيّةَ آثامي، أتوكّأُ مرمرَك المؤتلقَ حياةً لا تفنى...



#كريم_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة صوفية في قصيدة : فتافیت من أحضان ديسمبر – للشاعر ...
- على درب الحُب الضائع
- قراءة نقدية لنص -في خلايا عقولكم أوجد- وفق نظرية ماسلو- بقلم ...
- شكوكٌ تزرعها في قلبي
- الحب.. بين الصمت واللغة: تأملات في مستحيل التعريف قراءة نقدي ...
- قراءة تأويلية في قصيدة : قنّاصة النّور – للشاعرة : جميلة مزر ...
- أَيَّتُهَا الضَّوْءُ الَّذِي لَا يَغِيبُ
- أنين الذاكرة: حين يتحول الحب إلى قيود قراءة نقدية في قصيدة : ...
- قراءة نقدية تأويلية في قصيدة : فوق سابع عشق – للشاعرة : يسرا ...
- قراءة نقدية في قصيدة: -في انهاركِ يتلاطمُ الغيم- – للشاعر ال ...
- قراءة نقدية تأويلية في قصيدة : نيسان الرحيل – للشاعرة : آمال ...
- خَمريّةُ العِشقِ أنتِ
- الحب الكوني والاتحاد الروحي بين الشاعر والمحبوب قراءة نقدية ...
- قراءة نقدية تحليلية في قصيدة : رِحْلَةُ الْوَجْعِ عَلَى ضَفّ ...
- قراءة نقدية اسلوبية في قصيدة : ريحانُ القلب – للشاعرة : حنان ...
- قراءة نقدية اسلوبية في قصيدة : مذبحة الأبرياء – بقلم الشاعرة ...
- قراءة نقدية تحليلية في نصّ - وأهربُ - بقلم الشاعرة : حنان يو ...
- سيّدةُ اللون الأسود
- قراءة نقدية تفكيكية في قصيدة : رسائل أذار – للشاعرة : حنان ي ...
- الدم كجمالٍ ثائر: قراءة في المكياج الدموي قراءة نقدية سيميائ ...


المزيد.....




- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كريم عبدالله - قراءة صوفية تأويلية في قصيدة : عاهدتُكَ ألّا أُشْرِكَ بملائكتِكَ بَشَرًا – للشاعرة : رحمة عناب – فلسطين المحتلة. بقلم : كريم عبدالله – العراق .