أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميخال شفارتس - الدولة تتآكل فسادا















المزيد.....

الدولة تتآكل فسادا


ميخال شفارتس

الحوار المتمدن-العدد: 1816 - 2007 / 2 / 4 - 11:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تزعزعت ثقة الجمهور الاسرائيلي بالمؤسسة الاسرائيلية، لفقدانها البرنامج السياسي لحل الصراع مع الفلسطينيين وحزب الله؛ كما تكشف فضائح الفساد الوجه الآخر للسياسة الرأسمالية المفرطة التي تأخذ من الفقراء وتعطي الاغنياء، مما يهدد اركان الدولة التي قامت اصلا على مبدأ المساواة الاجتماعية بين مواطنيها اليهود.
ميخال شفارتس

الخطاب المسعور الذي ألقاه موشيه كتساب، رئيس الدولة (حاليا)، في 25/1 ردا على اتهامه بالاغتصاب، احتل العناوين الرئيسية في اسرائيل، وعبر بوضوح عن الوجه غير الاخلاقي لرأس الهرم السلطوي في الدولة. ولكن تبقى الخطورة الاكبر قضايا الفساد السياسي والاقتصادي، التي تطال اعلى مستويات الحكومة، بما فيها رئيس الوزراء. اذ انها تكشف الوجه الآخر للسياسة الرأسمالية الليبرالية المفرطة، التي تتبعها اسرائيل في العشرين سنة الاخيرة.

وقد ازدادت مؤخرا الشبهات حول رئيس الحكومة، ايهود اولمرت. فاتُّهم بتنفيذ تعيينات سياسية وتسهيل مصالح لمقربين منه مقابل تخفيض في اسعار عقارات اشتراها. كما طفت على السطح في الايام الاخيرة فضيحة جديدة، يُشتبه حسبها بمحاولة التأثير على مناقصة بيع بنك ليؤومي لصالح احد اصحاب الرساميل المقربين منه شخصيا.

رئيسة مكتب اولمرت، شولا زاكين، وجدت نفسها متورطة في تهمة تعيينات سياسية لموظفين في مصلحة جباية الضرائب بينهم شقيقها، مقابل تقديمهم اعفاءات في الضرائب للمقربين من اولمرت، وغض الطرف عن ملايين الشيكلات التي اختفت من صندوق مصلحة الضرائب. المفارقة ان احد المسؤولين المتورطين اليوم في فضيحة مصلحة الضرائب، جيكي ماتسا، هو عضو في اللجنة العليا لمكافحة الاجرام المنظم.

الفساد صار ظاهرة ثابتة في اسرائيل. وزير المالية، ابراهام هيرشزون، مشتبه باختلاس اموال من الهستدروت ليؤوميت التي كان رئيسها حتى عام 2005، لاغراض شخصية وسياسية. وزير التهديدات الاستراتيجية، افيغدور ليبرمان، متورط باعمال غير قانونية في روسيا، وكذلك رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو، كما يخضع وزير العمل السابق، شلوموه بنيزري لاتهام بتلقي رشوة، ويمثل وزير الامن الداخلي السابق، تساحي هنيجبي، امام القضاء في تهم التعيينات السياسية.

ولم يُهمَل نصيب اسرائيل في العلاقات المشبوهة بين السياسة وعالم الاجرام. وكان من جملة نتائجها دخول الشابة عنبال جبريئلي للكنيست، وهي من عائلة معروفة بعلاقاتها بعالم الاجرام وبمركز حزب الليكود. ولا يزال التحقيق جاريا في الشبهات حول تورط ضباط في الشرطة بعلاقات مع عائلة الاجرام برينيان.



نظام خصخصة ورشاوى

صحيح ان فضائح الفساد لم تبدأ باولمرت، بل برؤساء وزراء سابقين، امثال نتانياهو وايهود براك (الذي نفد بريشه)، وصحيح ان من أوصل الفساد الى ذروة غير مسبوقة كان اريئل شارون وولداه. ولكن هناك فرق كبير بين عهد شارون وعهد اولمرت، فرق سياسي. الجمهور الاسرائيلي كان يثق بشارون وبخطته الانسحاب الاحادي الجانب عن غزة، وكان مستعدا ربما ان يغفر له الفساد والمهم ان يأتي له بالامن والهدوء. اما حكومة اولمرت فتفسد في الارض في وقت تحوم فوق رأسها العواقب الوخيمة لسياسة الانسحاب الفاشلة والاحباط من نتائج حرب لبنان الاخيرة.

تزعزعت ثقة الجمهور الاسرائيلي بالمؤسسة الحاكمة، اولا بسبب فقدانها البرنامج السياسي لحل الصراع مع الفلسطينيين ومع حزب الله؛ وثانيا، لان فضائح الفساد هي الوجه الآخر للسياسة الرأسمالية المفرطة التي وسّعت الفجوات الاجتماعية عندما أخذت من الفقراء لتعطي الاغنياء وخصخصت مرافق الدولة العامة لصالح نخبة رأسمالية دون نقاش.

يركّز المستشار القضائي للحكومة، ميني مازوز، جهوده حول التعيينات السياسية والفساد في مركز الليكود سيئ الصيت، والذي تغلغل الى حزب كاديما ايضا. ويضم مركز الليكود شخصيات منتفعة من اصل شرقي، بقيت خارج مراكز صنع القرار الاقتصادي بعد ان نُقل مركز الثقل الى 18 عائلة غنية اسرائيلية، معظمها اوروبية الاصل. وتركّز العائلات الغنية بيدها ثلث رأس مال الدولة من خلال سيطرتها على البنوك، البنية التحتية والعقارات، المصانع الكبيرة، ووسائل الاعلام.

18 عائلة هي التي استفادت بشكل رئيسي من سياسة الخصخصة التي تمارسها اسرائيل في السنوات العشرين الاخيرة. هذه العائلات لم تدفع شيكلا واحدا من جيبها لشراء املاكها الكبيرة من الدولة. بل حصلت على قروض سخية من البنوك، اصدرت اسهما وباعتها وتمكنت بهذه الطريقة من اعادة القروض وحصد ارباح خيالية. وتحصل هذه العائلات على تسهيلات كبيرة من سلطة الضرائب، بشكل رسمي وقانوني، ولكنها تسهيلات لا يحظى بها جميع الخلق. هكذ بيعت شركات عامة مثل "سوليل بونيه"، بنك "هبوعليم"، شركة الطيران "ال عال".

في وضع تسيطر فيه العائلات الغنية على الاقتصاد الاسرائيلي، باسم القانون، وعلى حساب الجمهور، وتتحكم بالقرار السياسي ايضا لضمان مصالحها، يصبح تحصيل حاصل ان يطمح منتفعو مركز الليكود واشباههم من الدرجات المتوسطة، كي ينالوا بعض الثراء، وكل الطرق تصبح مشروعة.

من هنا، فالنضال ضد الفساد لن ينجح ما دام الزواج غير المقدس مستمرا بين رأس المال والسلطة السياسية، وما دامت الدولة تمارس سياستها الاقتصادية الرأسمالية التي تفضل مصالح 18 عائلة ومن حولها على المصلحة العامة للمواطنين.



فقدان سبب وجودها

تحول الفساد الى مرض مزمن في انظمة مختلفة في العالم، وهو بلا شك يشير الى تآكل هذه الانظمة. ولكنه يصبح ذا تأثير خاص في اسرائيل. فهذه الدولة اقيمت، حسب ادعاء الحركة الصهيونية ومؤسسات الدولة، لانقاذ وحماية الشعب اليهودي، واحاطته بافضل الظروف الامنية والاقتصادية والاجتماعية، كي يزدهر ويصبح نموذجا للعالم. لهذا الهدف انشأت اسرائيل شبكة واسعة من الضمانات الاجتماعية، وشبكة صحية وتعليمية عالية المستوى، وكانت المساواة والتماسك الداخلي والتضامن الاجتماعي اهم القيم فيها، والسبب الاساسي في توحيد اليهود ضد الفلسطينيين الذين تشردوا عن اراضيهم ثمن تأسيس الدولة اليهودية.

لكن الاستهتار بالانسان الفلسطيني، بحقوقه، بكرامته واملاكه، انقلب على المجتمع اليهودي ايضا. في السنوات العشرين الاخيرة، تبدلت قيم التضامن الاجتماعي والمساواة بقيم رأس المال، وتفشى الفقر في شرائح واسعة من المجتمع اليهودي. حتى ان الكثيرين من كبار السن الناجين من النظام النازي، يعيشون في دولة اليهود تحت خط الفقر. والفجوة بين غني وفقير في اسرائيل حطمت ارقاما قياسية. لا شك ان الوضع الاقتصادي له اثره في تهرب الكثير من الشباب الاسرائيليين من الخدمة العسكرية وانخفاض الحافز للدفاع عن دولة تهمّشه وتفقره، وهو ما بدا واضحا في اداء الجنود الاسرائيليين في حرب لبنان الاخيرة.

يؤدي هذا الوضع الى تآكل مصداقية اسرائيل في نظر مواطنيها، كما انه يهدد سبب وجودها. وتأتي فضائح الفساد لتزيد الطين بلة. فالدولة لم تعد توفر لمواطنيها اليهود لا الامن ولا الرفاهية ولا المستقبل. الشرخ يزداد اتساعا في مجتمع منقسم اصلا، وازمة الثقة تتعمق بين المواطنين وبين المؤسسات السياسية، والايمان بالقيم الصهيونية يصبح ضربا من الماضي.

اذا تقرر تقديم لائحة اتهام ضد اولمرت، فقد يعني هذا ان ايام الحكومة محدودة، الامر الذي من شأنه زعزعة المؤسسة الحاكمة الاسرائيلية، مجددا. الشخصيات والاحزاب البديلة لاولمرت، مثل بيرتس والعمل ولا سيما الليكود، لا تتمتع بسمعة افضل. جميعها يؤيد الرأسمالية الليبرالية المفرطة مثله، وجميعها يفتقد الحلول للخروج من الجمود السياسي في المواجهة مع الشعب الفلسطيني. انها باختصار ازمة قيادية سلطوية مزمنة.



#ميخال_شفارتس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون تجميد الحب
- الطلاب الفلسطينيون رهائن الصراع السياسي
- اختلاف فتح وحماس يجر تصعيدا اسرائيليا
- حكومة وحدة قبل الهاوية
- معًا في ندوة دولية عن -حقوق المرأة العاملة
- قانون الجنسية: خطوة فاشلة في الحرب الديمغرافية
- السلطة الفلسطينية من فتنة الى حكومة وحدة؟
- حكومة حماس، تكون او لا تكون
- حماس والعالم في إرباك
- فتح تنقلب على منظمة التحرير
- خلل قيادي في فتح
- القدس في خطر
- اخلاء غزة: المنتصر والمهزوم
- الصهيونية في ازمة ايديولوجية عميقة
- المرأة الضحية الاولى للفقر
- كل الاساليب لانتزاع اعتراف من طالي فحيمة
- الانتخابات الفلسطينية لن تحل المشاكل الاساسية
- رواية -شيفرة دافنشي- ممنوعة في لبنان
- وثيقة حزب دعم - العرب في اسرائيل 1999-2004: من الانتفاضة الى ...
- اعتقال طالي فحيمة اداريا دليل هستيريا


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميخال شفارتس - الدولة تتآكل فسادا