أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - الاقتصاد العراقي مكشوف جويًا ورقميًا: الحرب الصامتة على الموارد والثروات














المزيد.....

الاقتصاد العراقي مكشوف جويًا ورقميًا: الحرب الصامتة على الموارد والثروات


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 07:47
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لم تعد التهديدات التي يواجهها الاقتصاد العراقي محصورة في تقلّبات أسعار النفط أو أزمات الموازنة، بل باتت تتخذ أشكالًا أكثر خطورة وتعقيدًا، تُصنّف ضمن ما يُعرف بـ”الهجمات غير التقليدية” التي تجمع بين الضربات الجوية بالمسيّرات المجهولة والهجمات السيبرانية الخفية.
في الأسابيع الأخيرة، تكشّف حجم الاختراق الأمني الذي تشهده البلاد، مع تكرار الهجمات بالطائرات المسيرة ، سبقتها سقوط متكرر للطائرات المسيّرة في مدن مختلفة، بالتزامن مع هجمات سيبرانية استهدفت بنى الدولة الرقمية، من شبكات الاتصالات إلى البيانات الحساسة في مؤسسات
مدنية واقتصادية. هذه الهجمات لم تُواجه حتى الآن بردع حازم أو بنية دفاعية كافية، ما يثير تساؤلات خطيرة عن قدرة العراق على حماية منظومته الاقتصادية الحيوية، في مقدمتها المنشآت النفطية، المصافي، أنابيب التصدير، ومراكز البيانات المالية.
إن تجاهل هذه التهديدات أو التقليل من شأنها ليس مجرّد خلل في أولويات الأمن الوطني، بل مغامرة قد تُكلّف العراق خسائر اقتصادية فادحة، واضطرابات في بيئة الاستثمار، وشللًا في مشاريع التنمية على المدى القريب والبعيد. فالهجمات غير التقليدية لا تحتاج إلى جيوش جرارة،
بل إلى ثغرة في منظومة سيادية، أو غفلة عن جبهة غير مرئية. في هذا السياق، لم يعد التساؤل حول “ما إذا” كان الاقتصاد العراقي سيتأثر، بل أصبح السؤال الأهم: هل نملك أدوات الردع؟ وهل نتحرك قبل أن يُفرض علينا الثمن؟
المسيرات تهديد صامت يُربك الدفاعات ويستهدف الثروة الوطنية : لم تعد الطائرات المسيّرة المجهولة مجرّد خروقات عابرة لسيادة الأجواء العراقية، بل باتت تُشكّل نمطًا متكررًا من الهجمات التي تُهدد الأمن القومي، وتستهدف في الآونة الأخيرة منشآت حيوية، لا سيّما في إقليم كردستان، حيث طالت بعض الضربات البُنى التحتية النفطية الحيوية. رغم أن معظم هذه الحوادث لم تُسفر عن خسائر بشرية مباشرة، فإن تكرارها واتساع رقعتها الجغرافية – من كركوك إلى أربيل وزاخو والسليمانية – يشير إلى أن العراق بات رسميًا ساحة فرعية في حرب مسيّرات غير مُعلنة،
تُوظَّف فيها هذه التكنولوجيا لاختبار الجاهزية الدفاعية، وإرباك الأجهزة الاستخبارية، بل وربما لرسم خرائط إلكترونية للأهداف الاقتصادية والعسكرية الاستراتيجية.
القلق الاستخباري يتصاعد : في الأسبوع الأول فقط من تموز، تم تسجيل أكثر من خمس هجمات مسيّرة مجهولة الهوية، دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها، ودون أن تُصدر الجهات الرسمية روايات حاسمة بشأن الجهة المنفذة أو طبيعة الأهداف. وفي ظل هذا الصمت، تتزايد الشكوك حول أهداف أعمق، قد تتجاوز الاستطلاع أو التخريب المحدود، إلى ما يشبه التمهيد لضربات نوعية تُصيب العمق الاقتصادي العراقي.
إن استهداف المنشآت النفطية في الإقليم لا يُعدّ اعتداءً على طرف محلي فحسب، بل يُمثّل تهديدًا مباشرًا لأهم مصادر الدخل الوطني، وخرقًا سافرًا لخطوط الطاقة التي تُعدّ شرايين الاقتصاد العراقي. وهذا ما يُضاعف الحاجة إلى استراتيجية وطنية موحّدة للدفاع الجوي، تُواكب التحديات الجديدة وتُعيد رسم أولويات الأمن السيبراني والجوي، ضمن مقاربة شاملة للأمن الوطني.
الرادارات المستهدفة: الحلقة الأخطر : لا يمكن النظر إلى هذه الحوادث بمعزل عن حادثة قصف الرادارات العراقية في شهر حزيران الماضي، والتي استهدفت مراكز سيطرة واتصالات دفاعية في التاجي والناصرية، حينها تم تعطيل بعض وحدات الرصد الجوي، وسط تعتيم حكومي على التفاصيل الدقيقة.
الهجوم على الرادارات آنذاك لم يكن مجرد عملية عسكرية معزولة، بل يُفهم الآن ضمن سلسلة متصاعدة من الهجمات الإلكترونية والمسيّرة التي تهدف إلى تقويض قدرة العراق على مراقبة أجوائه. فالرادارات العسكرية تمثل العمود الفقري للسيادة الجوية، وضربها يفتح المجال واسعًا لتحرّك طائرات معادية أو مسيّرات مسلحة دون قدرة على رصدها أو اعتراضها. وعندما تُربط حادثة الرادارات اليوم مع تكرار هجمات المسيّرات في محافظات الاقليم، تتضح معالم خطر مركّب: هناك جهات تتقصّد إضعاف النظام الدفاعي العراقي، وتعمل على خلخلة الردع الجوي للعراق من الداخل.
تهديد مباشر للأمن القومي : في ظل هذه المعطيات، لم تعد هذه الحوادث “أمنية اعتيادية” أو مجرد انتهاكات محدودة، بل باتت تُصنّف على أنها تهديدات صريحة للأمن القومي العراقي، وتستدعي تغيير قواعد الاشتباك مع مثل هذه الظواهر. فالسكوت أو التهاون مع الطائرات المجهولة يشجع خصوم العراق –سواء كانوا دولاً أو جماعات غير نظامية– على استباحة أجوائه وتهديد مواطنيه ومرافقه الحيوية. والاعتماد على التصريحات دون تطوير فعلي للقدرات الجوية ومنظومات الدفاع يشكل ثغرة سيادية كارثية في زمن تُدار فيه الحروب عن بُعد، وبأقل الكلف.
ما الذي يجب فعله؟ : إن المطلوب اليوم ليس فقط التحقيق في حوادث سقوط المسيرات، بل:
1. إعادة نشر وتحديث منظومات الدفاع الجوي والرادارات في المواقع الحيوية والمنشآت الاقتصادية والعسكرية، خصوصًا في كردستان وشمال البلاد.
2. إجراء تحقيق سيادي مشترك يضم الأمن الوطني، والدفاع، وجهاز المخابرات، للتوصّل إلى مصدر هذه المسيرات، وكشف الجهة أو الدول التي تقف وراءها.
3. أجتماع عاجل لمجلس الأمن الوطني لاتخاذ قرارات استراتيجية وتوفير تمويل عاجل لتقوية الردع الجوي، ومنع تحويل العراق إلى ساحة مفتوحة للطيران غير النظامي.
4. فتح مسار دبلوماسي حازم مع الدول المحيطة، وإرسال إشارات واضحة بأن انتهاك الأجواء العراقية –بالمسيّرات أو غيرها– سيُعامل كعمل عدائي مباشر.
ختامًا : تكرار هذه الحوادث ليس عرضًا جانبيًا، بل إنذار مبكر لمرحلة أكثر خطورة. العراق اليوم بحاجة إلى إرادة سيادية حقيقية تدرك أن صون سمائه هو صون لدولته، وأن الدفاع الجوي هو الحصن الأول في عصر تتحول فيه الطائرات المسيّرة إلى أدوات سياسية وعسكرية شديدة الخطورة.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصفة إنقاذ: نحو علاج اقتصادي مستدام لسوق الأدوية في العراق
- العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لح ...
- تحولات السياسة الإيرانية: من -الشيطان الأكبر- إلى شريك أقتصا ...
- فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريك ...
- صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة و ...
- الدين كسلاح جيوسياسي: الحروب المقدسة الجديدة في الشرق الأوسط
- العجز المائي والعجز المالي كيف يقود سوء إدارة المياه إلى نزي ...
- نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاق ...
- إيران بعد الضربة الأميركية من الردع النووي إلى معادلة الردع ...
- العراق في قلب ممرات النقل العالمية: كيف يستثمر في طريق التنم ...
- الاقتصاد العراقي تحت المجهر


المزيد.....




- من البيع إلى البورصة.. هل تغير مصر أدوات التخارج من الشركات؟ ...
- “تراجع جديد” أسعار الذهب تتراجع وعيار 21 يُفاجئ الجميع
- -سندات الكوارث-: هل بات تمويل مخاطر المناخ حمّى الذهب الجديد ...
- رئيس وزراء اليمن يتهم الحوثيين بخرق الاتفاقات الاقتصادية
- محللون: ما وراء جوع غزة منظومة قتل ممنهجة بآليات اقتصادية وس ...
- السودان.. أزمة اقتصادية وأمنية -طاحنة- تطوق الملايين
- مجموعة العشرين تؤكد استقلالية البنوك المركزية في إجماع نادر ...
- الصين تحذر من فوضى الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والمركبات ...
- النفط تحت النار.. هجمات تُهدد شريان الاقتصاد العراقي وتُفاقم ...
- البيت الأبيض يوشك على توقيع أول تشريع وطني شامل للعملات الرق ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - الاقتصاد العراقي مكشوف جويًا ورقميًا: الحرب الصامتة على الموارد والثروات