محمد المحسن
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 11:28
المحور:
الادب والفن
قاسٍ غيابُكِ مثل هذا الصيف
أو أقسى قليلاَ
هل أحبّكِ؟... ربّما
أو أشتهيكِ ولم أجدْ موتا بديلاَ
لا علينا...
كيف حالك؟
ما رصيدك من ضحايا اليوم
يا النار الخجولةْ؟
هل رأيت الله في التلفاز
يبدو قاتلا حينا وأحيانا قتيلا
لا علينا
هل قصصت على الليالي والبناتِ
حكاية القنّاص .. كيف غدا رسولا؟.
هل ندمت على النجاة
وصحت في ملكوتك السريّ:
سحقا للشهامة والرجولةْ
أم صنعت لطيفيَ المحزون إكليلا جميلا؟
لا علينا ...
كلّ ما في الأمر أنّي
في جنان الأرض عشّ دون طيرْ
كوني بخيرْ
تنقلت-بحذر-بين ثنايا الكلمات،لأكتشف ماوراء القصيد،ليس بالمعنى الشامل بل بالمعنى المحدد ،وأقصد الشاعر محمد الهادي الجزيري..وأتساءل : كيف كان يبدو متجليا وهو يمارس هذا العزف المنفرد على أوتار القلب..؟!
أحاول أن أقف على نقطة تفصل الاثنين عن بعضهما البعض..الشاعر والقصيدة،لأتمكن من رؤية الاثنين معا..لكن الوقوف على عتبات الإبداع،يجرني قسر الإرادة إلى مهالك الكتابة..إن لم أكن مدججا بسلاح النقد..!
عندما قرأت هذا النص تراءى لي ولكأنه عزف على نرجس القلب..هو نص فريد فتح لي النوافذ، وشرع لي الأبواب،وجعلني أطلّ عليه من أكثر من نافذة،وأدخل معه إلى عالم الشعر من أبواب متعددة خشية من-حارس المحراب-حيث يمارس هذا الشاعر الفذ طقوسه الإبداعية..
نفس عاطفي فياض،ولغة شعرية متوثبة
" كلمات ليست كالكلمات " كما يقول نزار قباني..!
هل أحبّكِ؟... ربّما
أو أشتهيكِ ولم أجدْ موتا بديلاَ..
سؤال شعري مضمخ بالإبداع،ويضج بسؤال آخر مخاتل من الصعب الإجابة عليه في هذا المرور السريع..ومن الصعب تركه يمر هكذا دون الوقوف عنده..حين يختمر عشب الكلام..
قصيدة تتوثب عشقا لا يصوغ كلماتها إلا العاشق الشاعر أو الشاعر العاشق..
إن تكرار أداة السؤال ( هل ) ثلاث مرات في هذه القصيدة المترعة بالعشق،إنما يدل على استمرارية حركة الغرام المتوثبة،ويوحي بأن الشاعر في وضع تحتدم فيه المشاعر وتفيض الأحاسيس..
إن الكتابة عن النصوص الجميلة نوع من الشعر.. وفي حالة الهطول الشعري يتنافى الكثير من أساسيات المنطق،لأن الشعر الجيد انقلاب على المنطق..فالشعر حالة إنسانية روحانية،والمنطق إرهاص عقلي لا يخضع لمقاييس الروح والوجدان..
على سبيل الخاتمة
قد لا أبالغ إذا قلت أنّي لست من الذين يتناولون القصائد الشعرية بأنامل الرّحمة ويفتحون أقلامهم أبواقا لمناصرة كلّ من ادّعى كتابة الشعر،إلاّ أنّي وجدت نفسي في تناغم خلاّق مع هذه القصيدة التي فيها كثير من التعبيرية وقليل من المباشرة والتجريد تغري متلقيها بجسور التواصل معها،مما يشجع على المزيد من التفاعل،ومعاودة القراءة والقول،فكان ما كان في هذا التقديم من مقاربة مقتضبة سعت إلى الكشف عن بعض جماليات هذه القصيدة مربوطة بالبنية اللغوية التي عبّرت عنها..
نص باذخ كما البقية تحيتي والورد لشاعر القيم والعاطفة الراقية محمد الهادي الجزيري..
#محمد_المحسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟