أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - شيرينُ..يمامة..توارت خلف الغيوم*--قصيدة منبجسة من ضلع المرايا.للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي















المزيد.....

شيرينُ..يمامة..توارت خلف الغيوم*--قصيدة منبجسة من ضلع المرايا.للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7981 - 2024 / 5 / 18 - 15:55
المحور: الادب والفن
    


ليس الشعر إلا صياغة ساحرة وعذبة لما يختمر في داخلنا،ويعبر عن تجربة إنسانية ذاتية وشاملة.هو رؤية عميقة أداتها اللغة،وحصانها الخيال،تسافر وتجنح بدلالة اللغة الحقيقية إلى دلالات مبتكرة غير التي وضعت لها بالأصل،وتكون مليئة بالمعاني الجديدة والإشارات والإيحاءات المدهشة.والشاعر لا يقدر على فهم تجربة الحياة دون الغوص في المشاكل الإنسانية الكبرى.يتأمل ويتنقل في عالم الإنسان والكون الذي يعيش فيه.
‏تؤرق الكتابة الشاعر التونسي القدير د-طاعر مشي،والشعر بالنسبة له فعل حياة،وإبداعه الشعري يلتقط نبض الحياة،ويحاول الإمساك بلحظات فرح غير آبه بالوجع،وبجرأة مندفعة تغوص في الحياة الصاخبة التي لا تهدأ لإعادة اكتشافها من جديد.
إن الآلام التي يعبر عنها الشاعر نابعة من قلبه،وقلبه هو منبع وجعه،وكما يقول الشابي: "إن قلبي..هو مصدر آلام هاته النفس التائهة المعذبة، وهذا الجسد المُعنّى المنهوك.وما دمت أحمل بين أجنحتي مثل هذا القلب الكبير،وما دامت هاته الحياة تهد منه ولا ترحم فإنني أشقى أبنائها"
فحين تشعر بذلك الوميض من النبض في شعر الشاعر «د-طاهر مشي» تتضح لنا تلك الخافية التي يخفيها عن قرائه في واقعه واسلوبه البلاغي ومعجمه اللغوي اللفظي لتلك المفردات التي تكشف براعة شاعرنا وتألقه في كتابة الشعر،وبذلك برز شاعرنا في هذه القصيدة التي صاغها بحبر الروح،ترحما على "اليمامة الراحلة عبر الغيوم" كما وصفها شاعرنا ونقصد الشهيدة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي اغتالها حفاة الضمير..وىشذاذ الآفاق-رحمها الله رحمة واسعة-
لقد تأثرتُ كثيراً بهذه القصيدة على وجه التحديد لأنها نابعة من وجدان مفعم بالإنسانية..

شيرينُ..يمامة توارت خلف الغيوم..

فَكَمْ شيرينُ قد ذاقتْ وَذُقْنا

بساحاتِ الوَغى لا مَا افْتَرقْنا!

تجوبُ الرُّوحُ في كلِّ الدّروبِ

ويبقى في المَدى طيْفاً عَشِقنا

فنامي يا شِرينَ الشّرقِ نامي

فإنْ هبّ الهوى يوماً عُتِقْنا

وإن سالتْ دموعُ العيْن حيناً

فجرحُ الغدْرِ يبقى لوْ رَتَقْنا!

وصوتُ الحقِّ لا ي

علوهُ صوتٌ

رَصاصُ الغَدرِ من ظُلمٍ لَحِقْنا

سلامي لِلّتي في الحرب كانتْ

تُغَطّي في جِنينَ الثّأرَ لَحْنا

كما المَسجون في قفْرِ الصّحارى

نذوقُ المُر َّ ظنَّ الشّهدِ ذُقْنا

هوَى الإعلامِ في الأوْصال يسري

وكم كأسٍ من المُرّ ارْتَشفْنا!

لِتَمضِي شهيدةً مِنْ أجلِ أرضٍ

رصاصُ الغدر شيرينا سرَقْنا

ستبقَى شِرينُ جمْراً في حَشاكُمْ

صهايِنُ جُرْمُكمْ غَطّى وَعَنّى!

ونبقى راصدينَ لكم خَزايا

بإعلامٍ لَنا فَخُذوها رَنّا!

(طاهر مشّي)

إني أرى هذا الشاعر الفذ يحمل بين طياته الكثير من الحزن والوجع ..وبالرغم من سوداوية الشعور العام هنا ..إلا أن ذلك لم ينتقص شيئاً من جمال هذه القصيدة وعذوبتها التي بالفعل لامست شغافَ قلبي ..
لقد مضى الشاعر في تطريز قصيدته تطريزًا نابعا من صدق الإحساس المفجّر لصور إبداعيّة فيها عمق الألم المولّد لقوة العبارة والاختلاف تجعلنا ندرك الفرق بين حزين وحزين فَحَدَثُ الفَقْد تجد له ألف حزين،بينما تجد حزينا متفرّدًا في حزنه يعبّر عنه بشكل يغوص في أعماق جُرحِهِ فيبدع ويعلو وهو يحلّق بعيدًا خارج السرب.
إن الفقد لا يمثل حالة إنسانية طارئة،ومن خلال الشعر وحده يمكن أن نشعر بالمعنى متجدداً، بالقفز على فجوة الفراغ الذي تخلفه أكثر أحزاننا قتامة،وباللغة التي تنطلق لتعكس هذه السمة الإنسانية الأصيلة في البشرية،فتقدم لنا التجارب الشعرية المختلفة في هذا الاتجاه،كنوع من أنواع الحراك الاجتماعي والثقافي.
وهنا أضيف : إن الفكرة لدى كاتب الشعر لا توجه لغة الخارج، فالشاعر نفسه شبيه بلغة جديدة تبني نفسها،وتبتكر لِنفسها وسائل تعبيرية وتتنوع حسب معناها الخاص.هنا ما نسمّيه شعراً ليس سوى فرع من الادب الذي تتأكد فيه الاستقلالية في أبهى صورها. فالكثير من المتذوقين للشعر الحديث لا يعتبرون القصيدة شعراً ما لم يكن بها أنين وحكمة أو استغاثة،لذلك واحد من أصعب الأمور في كتابة الشعر هو أن يعرف المرء ما هو موضوعه ؟!.
إن جلّ الناس يعرفون ولا يكتبون الشعر لأنهم واعون جداً للفكرة..وبعبارة أخرى أكثر تحديداً وسيولة،إن القصيدة هي التي تخبر الشاعر بم يفكر وليس العكس..ولقد أخبرت هذه القصيدة شاعرنا"الطاهر" بمَ يجول في خاطره..
على سبيل الخاتمة :
الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي..أحد الشعراء (وهذا الرأي يخصني) الذين استطاعوا أن يتجاوزوا التقليدية حتى بأبهى حللها لفظاً و معنى،فلفظه يتميز بتراكيب لغوية متقنة البنية ومبتكرة الحساسية و البناء كي تعبر عن معنى شعري و فكري محلق في فضاءات الحالة الشعرية،و يتميز التركيب اللغوي و الرؤيوي لديه بحالة من التناغم الجدي،فيحاور لفظه معناه في تواشج توأمي الحالة بحيث تكون قصيدة متوحدة اللفظ و التركيب،وهذه الميزة (وحدة القصيدة) نجلت لي في كل ما قرأت له من قصائد،فقصيدته تعبر عن وحدة بنائية و فكرية شاملة للحالة الرؤيوية التي تتجلى من خلال اختياره الموفق للنمط الشكلي الموآخي للحالة الفكرية للقصيدة بحيث يُغرق المتلقي في حالة جمالية مميزة.
فرغم تعدد المضامين الفكرية لقصائد الشاعر،إلا أنك تجد نفسك غارقاً في نهر شعري واحد تتغير مياهه في كل قصيدة لكن النهر يبقى كما هو..،فعندما تنتهي من قراءة القصيدة الأخيرة في باقة قصائده تجد في نفسك حاجة ملحة للعودة لقراءة القصيدة الأولى فيها كي تكتشف القصيدة و الشاعر من جديد...فكل قصيدة تعطيك مفاتيح أكثر لكشف قصائد الشاعر،و هكذا تتراكم المعرفة الشعرية لديك فتزداد حنيناً لكشف ما لم تكتشفه عند قراءة النص لأول مرة.. مفاتيح القصيدة عند الشاعر متعانقة و متلاحقة كمتوالية قصائدية..فقراءة الشعر تحتاج إلى ثقافة كما هي كتابته.
قاصرٌ هو الحرف عن الإمساك بكل خيوط إبداعك أيها الشاعر السامق..( د- طاهرمشي)
وأتمنى أن أكون قد طرقت بعضاً من ملامح الجمال بين ربوع قصيدتك الخلابة..رغم الأسى والحزن..

*شيرين نصري أنطون أبو عاقلة (وُلدت في 3 أفريل 1971 في القدس– أستشهدت في 11 ماي2022 في جنين)،صحافيّة فلسطينيّة، عملت مراسلةً إخباريّة لشبكة الجزيرة الإعلاميّة بين عامي 1997 و2022.كانت شيرين أبو عاقلة من أبرز الصحفيين في العالم العربي،وهي مراسلة مخضرمة، حيثُ وُصفت بعد وفاتها بأنها من «أبرز الشخصيات في وسائل الإعلام العربية».
تضمنت حياتها المهنية تغطية الأحداث الفلسطينية الكبرى بما في ذلك الانتفاضة الثانية بالإضافة إلى تحليل السياسة الإسرائيلية. وكانت تقاريرها الحية على التلفزيون والإشارات المميزة معروفة جيدًا، وقد ألهمت العديد من الفلسطينيين والعرب الآخرين لمتابعة حياتهم المهنية في الصحافة، منحها الزعيم الراحل معمر القذافي في 8 مارس 2003 وسام الشجاعة تقديرًا لشجاعتها في نقل وقائع مجازر قوات الاحتلال الإسرائيلي.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هنا تونس مولود شعري فاخر لشاعر ألمعي
- تجليات البعد الفني والأسلوبي في قصيدة -حلول- للشاعرة التونسي ...
- فلسطين التاريخ والحضارة..في وجدان الشعراء ( قصيدة الشاعر الت ...
- جمالية الشعر والمشاعر..في قصائد الشاعرة التونسية المتميزة أ- ...
- غزة..في وجدان الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير
- كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاع ...
- كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاع ...
- نخبة من الشعراء العرب جعلوا من فلسطين..نبراسا يضيء عتمات الت ...
- الإبداع..بين حرية الإرادة..وهاجس الخوف من -عصا الرقيب -..!
- تجليات الحبكة والأسلوب في الخطاب الشعري..لدى الشاعر التونسي ...
- على هامش العرس الشعري التونسي : (الملتقى العربي لشعر المقاوم ...
- حين يناديني صوت الواجب النضالي..إلى ساحة الأدب المقاوم *
- حين تعزف قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي لحنا مقدَسيا ...
- حين تتحوّل الكلمات..إلى لوحة فنية بأنامل شاعر كبير بحجم هذا ...
- د-طاهر مشي شاعر تونسي كبير يغزل من خيوط العشق..قصيدة للمطلة ...
- حين تكتب المبدعة التونسية أ-نعيمة المديوني..برحيق الروح..ومد ...
- رمضان على لسان الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي (قصيدة أقبلت ...
- الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير..تكتب لغزة بحبر الر ...
- الشاعرة التونسية د- فائزة بنمسعود : تتعامل مع النص بوصفه غاي ...
- وجه من النخبة الفكرية والثقافية التونسية: الشاعر التونسي الك ...


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - شيرينُ..يمامة..توارت خلف الغيوم*--قصيدة منبجسة من ضلع المرايا.للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي