أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - اشراقات اللغة..وتجليات الصور الشعرية في قصيدة الومضة لدى الشاعرة التونسية أ-ألفة العباسي














المزيد.....

اشراقات اللغة..وتجليات الصور الشعرية في قصيدة الومضة لدى الشاعرة التونسية أ-ألفة العباسي


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7982 - 2024 / 5 / 19 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


قصيدة الومضة هي تعبير عن لحظة انفعاليّة محددة أو وميض لإحساس شعريّ خاطف يمر في المخيلة، فيصطاده الشاعر ويصوغُهُ بصورة شعرية مكثفة محملة بدلالاتٍ كثيرة تثير إحساس القارئ فيتلهف لاصطياد مكنوناتها.
ولعلّ من أهم العوامل التي لعبت دوراً هاماً في نشأتها هو التحول الفكريّ والفنيّ ومتطلبات الحياة الجديدة والمؤثرات الأجنبية كل ذلك مهد الطريق في انتقال الشعر من المباشرة والخطابية إلى الإيحاء،أو الانتقال من الشعر الذي يُلقى أمام متلقين في مهرجانات شعرية لغاية التوعية،والتنوير،إلى الدعوة إلى قصيدة تقرأ في جو خاص.
الشاعرة التونسية المتميزة ألفة العباسي تحاول ابتكار زمنها الفكري بمفردات قليلة في نصوصها وهي تحمل ثقل الدلالات الفكرية المتوالدة من التكثيف دون اللجوء للتصريح بها لما لها من تأثير نفسي نابع من محاولة الشاعرة اكتناز الكثير من الدلالات الفكرية ضمن إطار ضيق وكلمات أقل تدفع بالمتلقي إلى التوقف عند صورها وهي تغويه الى عالم واسع في كنف جمالية تفاعله مع النصّ..
تهمس زليخة
في عشقك
بلغتُ من العمر العتياّ
..ذاب قلبي
.. تلاشت روحي
و إشتعل الرأس شيبا
لعلّ أهم ما يخرج به قارئ ومضات أ-ألفة العباسي أنها تركّز على ردة فعل القارئ ومدى استجابته مع النصّ الذي يشكّل جملة قراءات ناجمة عن قدرة تأويلية لديه وشد انتباه القارئ من خلال الاهتمام بالمقاربة،والتركيزعلى الجملة القصيرة المكثّفة كقولها :
كان يتقن صنع الفوانيس
من الحروف
و يسكب فيها المعنى ضوء
يرتبها و ينظم منها احلى و اعذب القصائد
كان ينصب لقلبي فخا
و انا طوعا وقعت به
إن الانسجام بين محوري الاختيار"المعنى..والضوء" يكشف شعرية خطاب الومضة لدى الشاعرة أ-ألفة العباسي-وهو خطاب يضجّ بالثنائيات أو أكثر فعناصر الصورة لديها تجمع بين أشياء بينها من التقارب والتشابه أكثر بكثير مما بينها من تنافر وتضاد عكس أكثرية شعراء الومضة،وهكذا في نصها الآخر:
أنت سمائي...
مثقلة أنا بغيمك..
فأين المفر..
أهرب منّي اليك. وأرمي بذاكرتي في قلب جورية كي تشفى من جراحها
وأركض نحوك كطفلة شقيّة كي أبتسم...
أحبّك و كفى..
هذه الجمل المحوّلة من الصور الذهنية إلى الصور الخطيّة توحي أن جدلية الحياة لا تكون إلا من خلال ثنائيات الممكن والمستحيل.
فالومضة شكل من أشكال الانزياح الذي تباغت بها الشاعرة المتلقي من خلال التركيبة الأسلوبية المتميزة القائمة على مصاحبة لغوية غير عادية.فالصورة تكشف عمقها بطريقة لا شعورية،إذ تجعل المرئيَّ روحاً خفية،وتجعل للروح الخفية طبيعةً مرئية..
ولأن قصيدة الومضة تختزل الموقف والمفردة والشعور كي تعطي للمعنى بعداً مغايراً،وتمنح الصورة روحاً تجعل القارئ يحلّق إلى حيث تشظياتها ليمسك بخيوطها لذا فهي قادرة على التوصيل للمتلقي كل دفقاته الشعرية والشعورية،ضمن تعبير متميّز يحمل الروح والفكرة والشاعرية بكل ألق وإبداع لكونها ترتكز على الشحنة الدافقة والتي من طبيعتها تدهش القارئ كقولها:
إن جئتني مكسورا
فضمّك واجب
أنا في هواك
أخالف الاعراب.
نلاحظ أن الشاعرة ترتكز في ومضاتها هذه على مصادر الجمال الفنّي الذي ينبع بالدرجة الأولى من جمال الصورة التي ترسمها الشاعرة والقدرة الإيحائية والصدمة المتولدة.
لذا نقول إن قيمة الصورة الشعرية في قصيدة الومضة لدى الشاعرة ألفة العباسي كغيرها من شعراء الومضة هي نوع من الاختزال الرائع والتوافق وهذا يدل على عمق التجربة الشعرية التي تتمتع بها الشاعرة وقدرتها في الجمع بين كثافة اللغة والصورة الإبداعية..
وفي الختام نقول: القصيدةُ الومضية هي التي تتعدّد فيها الأصوات الشعريّة وتحيل إلى بنية جديدة ونسيج وعلامات وإشارات متعدّدة تنطوي ثناياها على علاقات متنوّعة فيها من الإثارة والإدهاش ما يجعلها تثير المتلقّي وتجذبُ انتباهَه،وهذا ما قامت به الشاعرة الفذة أ-ألفة العباسي،لذا كانت للصورة أهمية استثنائية في نصوصها الومضية لأنها تُلتقط في لحظة انبهار ضوئيّ يكشف جزئيات،وحساسيات ذهنية في غاية الحدة.
لها مني باقة من التحايا..مفعمة بعطر الإبداع..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرينُ..يمامة..توارت خلف الغيوم*--قصيدة منبجسة من ضلع المراي ...
- هنا تونس مولود شعري فاخر لشاعر ألمعي
- تجليات البعد الفني والأسلوبي في قصيدة -حلول- للشاعرة التونسي ...
- فلسطين التاريخ والحضارة..في وجدان الشعراء ( قصيدة الشاعر الت ...
- جمالية الشعر والمشاعر..في قصائد الشاعرة التونسية المتميزة أ- ...
- غزة..في وجدان الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير
- كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاع ...
- كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاع ...
- نخبة من الشعراء العرب جعلوا من فلسطين..نبراسا يضيء عتمات الت ...
- الإبداع..بين حرية الإرادة..وهاجس الخوف من -عصا الرقيب -..!
- تجليات الحبكة والأسلوب في الخطاب الشعري..لدى الشاعر التونسي ...
- على هامش العرس الشعري التونسي : (الملتقى العربي لشعر المقاوم ...
- حين يناديني صوت الواجب النضالي..إلى ساحة الأدب المقاوم *
- حين تعزف قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي لحنا مقدَسيا ...
- حين تتحوّل الكلمات..إلى لوحة فنية بأنامل شاعر كبير بحجم هذا ...
- د-طاهر مشي شاعر تونسي كبير يغزل من خيوط العشق..قصيدة للمطلة ...
- حين تكتب المبدعة التونسية أ-نعيمة المديوني..برحيق الروح..ومد ...
- رمضان على لسان الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي (قصيدة أقبلت ...
- الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير..تكتب لغزة بحبر الر ...
- الشاعرة التونسية د- فائزة بنمسعود : تتعامل مع النص بوصفه غاي ...


المزيد.....




- روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة ...
- اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با ...
- هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت ...
- مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
- “نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن ...
- فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح ...
- هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا ...
- -الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي ...
- النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح ...
- فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - اشراقات اللغة..وتجليات الصور الشعرية في قصيدة الومضة لدى الشاعرة التونسية أ-ألفة العباسي