أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة-عجولة-في ومضات القاص والشاعر التونسي الكبير أ-عادل الجريدي ( أخطاء جليلة)















المزيد.....

قراءة-عجولة-في ومضات القاص والشاعر التونسي الكبير أ-عادل الجريدي ( أخطاء جليلة)


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


مما لا شك فيه،أن القصة الومضة هي قصة الحذف والتكثيف والاختزال والرمزية والإيحاء واللغة الشعرية،وهي فن سردي قائم بذاته.تتميز بقصرها الذي قد يكون جملة أو عبارة أو كلمة،وقد تصل إلى عدة فقرات.
ويرى بعض الباحثين والنقّاد أنّ المستقبل للقصة الومضة،أو القصيرة جدا،وبعضهم يراها فعلا،قد أصبحت فنّ العصر.
ظهرت في الأدب العربي منذ سبعينات القرن الماضي.وفي العقدين الأخيرين بشكل خاص،أخذت تنتشر بسرعة بين الكتّاب والقراء،على ما يبدو،لأنّها نتاج قلق الإنسان واغترابه في عصر السرعة والوتيرة السريعة للتقدّم التكنولوجي،حيث فقد الإنسان استقراره وهدوءه النفسي،واغترب عن ذاته ومجتمعه.وضل بالتالي الطريق إلى الحكمة في زمن متخم بالمواجع والإنكسارات..!
من جانبي أرى ( وهذا الرأي يخصني) أن القصة القصيرة جدا،فنّ صعب،أصعب من القصة القصيرة التي عرفناها حتى الآن.فهي فنّ ذو حساسية عالية جدا: أولا،تجاه ما يدور داخل النفس البشرية وخارجها،وثانيا،تجاه اللغة.فالكاتب إلى جانب ملكة اللغة،يحتاج إلى حساسية خاصة،بمكنونات مفرداتها وتراكيبها،وإلى القدرة على التركيز والتكثيف واختيار الألفاظ والعبارات،في قصة لا تتعدّى بضعة أسطر،أو بضع كلمات أحيانا.والكاتب يجب أن يُراعي فيها بعض المقوّمات الضرورية جدا المتمثلة كما أشرت في التكثيف والتركيز،الإيحاء،المفارقة والنهاية المدهشة.
وهنا أقول: لقد ازداد شغفي بهذا الجنس الأدبي مذ اطلاعي على المجموعة القصصية الصادرة حديثا " أخطاء جليلة" للكاتب والشاعر التونسي الألمعي أ-عادل الجريدي،الذي صقل منجزه الأدبي ( القصة الومضة) بمهارة عالية،لتنسجم مع طبيعة العصر استجابة يشهد بها حجم التفاعل الذي حدث مع هذا الجنس الأدبي الحديث،من جانب الكتاب والقراء والنقاد،خلال فترة وجيزة.
لقد عثرت في هذه المجموعة القصصية الرائدة تونسيا وعربيا ( أخطاء جليلة ) بإمضاء القاص والشاعر التونسي أ-عادل الجريدي،على نصوص إبداعية تداعب الذائقة الفنية للمتلقي،وهي تمثل في تقديري الخاص رؤية سردية ذات فنية عالية، وذات بعد أدبي أصيل.وعلى هذا الأساس،أبحرت فيها-مجردا من كل الأسلحة النقدية-باحثا عن أسئلة واستفسارات،وبالتالي باحثا لها عن إجابات تكون مقنعة..!
إن هذه "الومضات الجريدية" لها ارتباط بالسردية العربية العامة في خروج واضح على الشكلانية العربية الموروثة،وخروج على التكنيك الكلاسيكي العام.
وهذا الفن الإبداعي المتميز الذي يمارسه أ-عادل الجريدي،ويلقيه إلينا كرسالة تواصلية لا اغتراب فيه..وله علاقة مع هذا الواقع الذي يصفه،
وينتقده،ويعريه.
وإذن ؟
"أخطاء جليلة"إذا،هي انسجام بين المتناقضات، وتفاعل بين التوترات والمقولات المتعاكسة.قصيرة لكنها رنانة..مكتوبة نثرا لكن بها كثافة الشعر..ومركبة من كلمات سوداء،على صفحة بيضاء،لكنها تومض باللون والحركة...تنبش في القاع الإجتماعي فتعريه-دون خجل أو وجل-
هذا " الجريدي البارع" يضعنا اليوم،أمام شكل من الكتابة-لا نقول جديدا-بدأ يفرض بنيته،وأسلوبه، وتيمته.إنها القصة الومضة.والأستاذ عادل،في ومضاته،يعتمد المفاجأة،والتأثير،والتبليغ الإشاري،والمجاز، والترميز…
إنه بذلك يكسر رتابة الحكي،وثقل السرد،ويخرج عن المألوف،والموروث..إنه يتمرد على الشكل المعروف والمتبادل،أي رفض للنموذج القصصي المعروف.فيكسر البناء الدرامي الأرسطي،المستند إلى المقدمة،والعرض،والخاتمة..
إن عادل الجريدي،قاص متمكن من آلياته القصصية.متمرس في صياغة عوالم قصصية تجريبية،تشد إليها المتلقي..مؤمنا أن القصة الومضة،هي فن الحذف،والترميز،والتكثيف، وحضور النهاية القوية المركزة،والتضمين، والإيحاء،مع اعتماد لغة تلغرافية.وهو،فوق كل هذا وذاك،ومن خلال"أخطائه الجليلة" يمارس تأثيره، وسحره فينا.فيشدنا إلى ومضاته شدا،الأمر الذي يجعلنا نجوبها بحثا عن فنية الكتابة عنده،وبحثا عن تحديد العوالم التي يريد أن ينقلها إلينا كمتلقين.
والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع ونحن نقف على-هذه الومضات-،هو مفهوم الكتابة عند عادل الجريدي..؟!
إن الكتابة عنده هي فعل لقراءة الوجود..هي تركيب جمالي لمجموعة من المكونات الجمالية، واللغوية.
إن الكتابة عنده عمل تواصلي..رسالة ذات شفرات خاصة.يدفعنا إلى قراءتها،وإعادة تركيبها،
وتحليلها،وفكها ترميزها.كما أنها إجابة على كثير من الأسئلة التي تشابكت في ذهنه،وفكره.
هكذا تصبح الكتابة عنده تأملا،ونقدا اجتماعيا،ورؤية إصلاحية.بل تصبح في رؤياه نصا يتشكل باستمرار دون أن يكف عن مساءلة نفسه..
وهذه الكتابة التي يقدمها القاص البارع عادل،على شكل ومضات،نقول فيها ما قاله الكاتب المصري محمود أمين العالم:"فهي ليست بالكتابة السطحية التي يمكن أن تمسح،أو تنسى بمجرد مغادرتها.بل هي في الحقيقة،وفي غير مغالاة،كتابة بالحفر العميق في حقائق وظواهر تجاربنا الثقافية،والإنسانية،التراثية،والمعاصرة عامة،التي تظل تتابعنا وتلاحقنا بعد قراءتها"
هذا القاص/الشاعر يكتب القليل ويقصد الكثير، لأنّه يعتمد على القارئ في فهم الكثير الذي لم يكتبه،من بين سطور القليل الذي كتبه.النصّ الكبير الغائب أو المضمر،يستشفّه القارئ من النصّ الصغير الحاضر بعدد قليل من الكلمات والعبارات شديدة التركيز والتكثيف،مليئة بالرموز التي قد لا يستطيع القارئ-أحيانا-أن يفكّ غموضها.لكن القارئ-الفطن-استنادا إلى آراء المفكّرين والنقّاد، يملك حيزا كافيا للتأويل والفهم.المفكّر والناقد الأمريكي،إريك دونالد هيرش،يؤكد على دور الكاتب نفسه.سيرة الكاتب والبيئة التي ولد فيها النصّ،لهما أهمية قصوى في جمع المعلومات التي قد تُساعد على استكمال الصورة المتشظية للحبكة،وهذا يُساعد القارئ على التأويل والفهم.
والقاص عادل الجريدي،يمكنني القول أنه في معظم ومضاته،قد نجح بجذب القارئ إلى مواضيع تهمّه كما تهمّه هو،متحها من صميم الواقع.وأثار فيها قضايا وحالات إنسانية: اجتماعية وتربوية ونفسية..،تعكس معاناة المجتمع،وقد رأى-بعين بصيرة-انزياح تلك الحالات عن مسارها الطبيعي، ولذلك،ثار عليها،انتقدها وعرضها في مجموعته، مطالبا بإعادتها إلى مسارها الصحيح.
ختاما،أقول : النصّ الواحد،مهما كان قصيرا، يحتاج إلى ساعات وساعات،وعشرات الصفحات لاستكمال الحديث عنه،وهذه العجالة لا تسمح. لذلك أختم بالقول: مبروك للقاص والشاعر التونسي الكبير أ-عادل الجريدي وللقرّاء إصداره المتميز ( أخطاء جليلة ) الذي أراه يُبشر بموهبة واعدة.وأنا على ثقة أنّ إصدارات أخرى ستتبعه قريبا،ستلعب فيها الخبرة دورها المأمول.
ولنا عودة إلى هذه المجموعة القصصية المتميزة ( أخطاء جليلة) ريثما يختمر عشب الكلام.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تراهن الشاعرة الفلسطينية الكبيرة -أ عزيزة بشير على الإده ...
- قراءة في مجموعة القاص والشاعر التونسي المتميز عادل الجريدي “ ...
- تجليات الإبداع في شعر الشاعر التونسي الكبير محمد الهادي الجز ...
- هي ذي الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير كما عر ...
- تونسيات مبدعات..في المهجر) الشاعرة والباحثة التونسية د-آمال ...
- جولة-في قصيدة الشاعرة التونسية الكبيرة د-آمال بوحرب -تجملت ب ...
- وحدها المقاومة الفلسطينية الباسلة..قادرة على كسر بعض المحرّم ...
- على هامش -الصمت العربي الخلاّب- في ظل محرقة غزة ! -متى ستُسع ...
- على هامش اليوم العالمي للغة العربية* شعراء عرب يتغزلون في سح ...
- رسالة مفتوحة..إلى..من يهمه الأمر..* الباذنجات المليئة بالبذو ...
- ايمان بن حمادي..كاتبة تونسية متميزة تعبق بعطر الإبداع..وشذى ...
- جماليات الصورة الشعرية..قراءة موضوعية جمالية في قصيدة الشاعر ...
- اشراقات اللغة..وتجليات الصور الشعرية في قصيدة الومضة لدى الش ...
- شيرينُ..يمامة..توارت خلف الغيوم*--قصيدة منبجسة من ضلع المراي ...
- هنا تونس مولود شعري فاخر لشاعر ألمعي
- تجليات البعد الفني والأسلوبي في قصيدة -حلول- للشاعرة التونسي ...
- فلسطين التاريخ والحضارة..في وجدان الشعراء ( قصيدة الشاعر الت ...
- جمالية الشعر والمشاعر..في قصائد الشاعرة التونسية المتميزة أ- ...
- غزة..في وجدان الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير
- كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاع ...


المزيد.....




- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة-عجولة-في ومضات القاص والشاعر التونسي الكبير أ-عادل الجريدي ( أخطاء جليلة)