أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر














المزيد.....

التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 08:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الشرق الأوسط، حيث ما يُقال هو قناع، وما يُخفى هو وجه الحقيقة، تُنسج اليوم خيوط مشروع إقليمي جديد. لا يكتفي بإعادة ترتيب الأدوار، بل يسعى لإعادة تعريف المفاهيم، من السلام إلى الهيمنة، من الشراكة إلى الخضوع، ومن التطبيع إلى الإصطفاف القسري. وبين السطور تبرز عبارة موجعة "التطبيع أولًا... والفاتورة تُدفع من إيران".
لكن، هل الفاتورة إيرانية فقط؟ في الحقيقة، هي فاتورة جماعية، تسددها فلسطين، والأردن، ولبنان، وسوريا، والعراق، ومصر، وكل من تجرأ على قول "لا" في زمن الإجماع المعلّب. لم يعد التطبيع خيارًا سياديًا، بل صار بوابة إجبارية لدخول "النظام الإقليمي الجديد"، نظام يُبنى على منطق المنتصر لا على ميزان العدالة. سلام بلا كرامة، وشراكة بلا تكافؤ، وتفاهمات تُكتب خارج إرادة الشعوب.
الخريطة الإقليمية لم تعد ساحة قتال كلاسيكية، بل تحولت إلى حلبة سطوة يتصدرها "مهندس الهيكل الثالث" إسرائيل الفاعل الوحيد الذي لا تهدد حركته أي خطوط حمراء. في المقابل، يُعاد تقديم "القيصر السوري" — وأظنكم تدركون دلالة هذا اللقب — لا كخصم في ساحة الصراع، بل كمقاتل متقاعد، يمكن تكييفه وتدويره، لا بوصفه قائد مواجهة، بل كحارسٍ لممرّ إقليمي هادئ.
ان إعادة تأهيل دمشق اليوم لا تأتي استنادًا إلى ثقلها الجيوسياسي، بل بوصفها معبرًا يمكن تطويعه ضمن معادلة جديدة تُدار من تل أبيب وواشنطن. المهمة ليست إقصاء "القيصر"، بل تحييده وضبطه، بحيث يصبح عنصر توازن مؤقت يخدم بناء السلام الهش، دون أن يشكل تهديدًا حقيقيًا لمهندس الهيكل.
في هذا السياق، يُستخدم قانون قيصر،الذي رُبط بشكل خفي بتخفيف العقوبات مقابل خطوات تطبيع وهدنة إقليمية، كأداة ضغط ناعمة، تُمارس على الدول التي ما تزال تحتفظ بمسافة رمزية عن المحور الإسرائيلي.
في غزة، المشهد أكثر قسوة.هدنة أو صفعة صمت مقنّع تُلبّس عباءة "الاعتبارات الإنسانية"، لكنها في الواقع مناورة لتجميد الجبهة الجنوبية، وإعادة ترتيب الأولويات. فالحرب على غزة، رغم ضراوتها، لم تكن إلا فاصلًا تمهيديًا في المسرح الكبير. الهدف الحقيقي لا يكمن تحت أنفاق غزة، بل خلف الجبال الإيرانية. وكل وقف لإطلاق النار اليوم ليس بدافع الرحمة، بل لتوفير الجهد للحرب الأكبر.
حيث لا يمكن لتل أبيب أن تخوض معركتين في آن، ولا لواشنطن أن تتحمل تكاليف مزدوجة في عام انتخابي ضاغط. لذلك، فكل مسار تفاوضي الآن هو مناورة للتفكيك ، وتصفية الحساب لاحقًا مع طهران، تحت عنوان "حماية الاستقرار الإقليمي".
وفي دراسة خبيثة نشرتها صحيفة هآرتس الإستخبارتية بعنوان: "بعد الحرب مع إيران... إسرائيل تخطط لشرق أوسط جديد"، أعدّتها السفيرة الإسرائيلية السابقة في القاهرة أميرة أورون والباحث أوفير وينتر، لتكشف ملامح ما هو قادم. ليست ورقة تحليل، بل أشبه بخارطة طريق لمشروع هيمنة إسرائيلي صريح.
وتشير الدراسة إلى أن إسرائيل تنظر إلى الأردن ومصر كـ"عناصر تكميلية" في هندسة الإقليم، أما المخاوف الأردنية والمصرية من هذا المشروع، فهي ليست أوهامًا، بل تعكس وعيًا عميقًا بتأريخ طويل من الإحتلال والإختراق والتطويع.
فإسرائيل، بحسب الورقة، لا تسعى إلى شرق أوسط مستقل، بل إلى شرق خاضع؛ لا يرفض بل يُطبّع، لا يشارك بل يصمت. غير أن هذا المسعى، وإن بدا هادئًا، يشعل نيرانًا قد يصعب إخمادها.ورغم الضغوط السياسية والاقتصادية المتصاعدة التي تُمارس على القرارين الأردني والمصري، يبقى صوت الشارعين في عمّان والقاهرة حاضرًا بقوة، كأحد أبرز الأصوات الرافضة للتطبيع، والمُصِرّة على حماية القضية الفلسطينية، ولو من خلف الخطوط.
لكن دمشق، في هذه المعادلة، لا تعود كعاصمة مقاومة، بل كدولة "قابلة للتكيّف"، تُعاد صياغتها لتتلاءم مع ميزان القوى الذي ترسمه إسرائيل، لا مع تطلعات الشعب السوري.فكل حديث عن "العودة إلى الحضن العربي" يخفي بين سطوره مشروعًا دقيقًا للهندسة السياسية، يتقاطع مع "خطة السلام الجديدة" التي تُصاغ في تل أبيب، بأحبار النفوذ الأميركي، وبرعاية "التطبيع الزاحف" القادم من الخليج.
"الفاتورة الإيرانية" قد تكون العنوان، لكنها ليست كامل الحساب. ما يُراد من هذا المشروع هو تطبيع العقول قبل تطبيع الخرائط. تحويل الشعوب إلى جمهور صامت، والمقاومة إلى ذكرى، والكرامة إلى رفاهية زائدة.
السلام الحقيقي لا يُبنى على الخضوع، بل على العدالة. ولا يُصنع في غرف مغلقة، بل يُنتزع من ساحات الكرامة. وإذا كان الشرق الأوسط الجديد سيُصاغ بيد "مهندس الهيكل الثالث"، فعلى شعوب المنطقة أن تقرر إن كانت ستسير في الموكب... أم تُفجّر الأسئلة في وجه التأريخ.



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...
- الأردن ..ما بعد صدمة كورونا
- ماذا لو أصيب ترامب بالكورونا ؟؟؟
- حرب أسعار,صراع ديوك,غطس في النفط , وحرق دول..فمن الخاسر الأك ...
- لغز قروض البنك الدولي ....ولعبة الحكام بالشعوب
- وزراء الخارجية العرب مغيبون.. و شعوب متهمة بمعاداة السامية.. ...


المزيد.....




- تطور جديد بشأن -الرئيس التنفيذي- بعد فيديو عناقه موظفة في حف ...
- -يريد أن يأكل-.. فلسطيني يحمل طفله المصاب بطلقات إسرائيلية: ...
- بنعبد الله يقصف اخنوش ويصف حكومته بالغائبة سياسيا وتواصليا
- سوريا: اليوم السابع من القتال الدامي في السويداء رغم إعلان و ...
- حبس مصرفييْن ليبييْن بسبب الكسب غير المشروع
- ترامب مجددا: دمرنا المواقع النووية الإيرانية بالكامل
- تصاعد التوتر بين روسيا وأذربيجان يهدد -تعاون الحلفاء- ومستقب ...
- لماذا اتفاق السويداء هذه المرة يختلف عن سابقه؟
- ما وراء الخبر: هل سيصمد اتفاق السويداء؟
- متطرفون إسرائيليون يهاجمون عضو الكنيست أيمن عودة ويهتفون -ال ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر