أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين جباري - في فضاء الغيبة المصنوعة: نقد لمقال مشير باسيل عون عن -الغيبة الإلهية في فكر هايدغر-














المزيد.....

في فضاء الغيبة المصنوعة: نقد لمقال مشير باسيل عون عن -الغيبة الإلهية في فكر هايدغر-


عزالدين جباري
(Azeddine Jabbary)


الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 04:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



يستعرض مشير باسيل عون في مقاله "الغيبة الإلهية في فكر مارتن هايدغر" أطروحة معقّدة وغامضة، يحاول من خلالها أن يقدّم تأويلًا شعريًا لفكر هايدغر، مركزًا على العلاقة بين الكينونة والله، كما تتبدّى في التحولات الأربع لمشروعه الأنطولوجي. غير أن المقال، رغم ثرائه الظاهري، يعاني من مشكلات بنيوية وأسلوبية وفكرية لا يمكن التغاضي عنها في قراءة نقدية جذرية.
أولًا: افتعال الغموض
يوظّف الكاتب أسلوبًا شعريًا مفتعلًا يُكثر من الترادف والتضخيم غير المُجدي، كقوله: "الانحجاب العمدي والتواري القصدي"، أو "إمساكات العقلانية الحسابة"، وهي تعبيرات فضفاضة لا تقابل مصطلحات هايدغر المفصلية، مثل *Entzug* أو *Verbergung*. وهذا الافتعال اللفظي يطمس الدقة الفلسفية المطلوبة في تحليل المفاهيم، ويؤدي إلى انزلاق النص إلى طابع لاهوتي غائم.
ثانيًا: غموض المصطلح وتعويم المرجع
لا يحرص الكاتب على ضبط المصطلحات الهايدغرية بأصولها الألمانية، ولا يوضح سياقها داخل مشروع هايدغر. فيُدخلنا في دوامة مصطلحية مثل "الاعتلان"، و"الإعتاق"، و"الغيبة"، و"الفسارة الأنطولوجية"، دون بيان ما تقابل هذه المصطلحات من مفاهيم مثل *Ereignis*، *Seinsvergessenheit*، أو *Geworfenheit*. الأسوأ أن بعض هذه التعابير كـ"المنغلة" أو "الكِوان" تفتقر إلى الجاذبية الأسلوبية والوضوح المفهومي، مما يجعل النص مجافياً للذائقة العربية وللانضباط الفلسفي معًا.
ثالثًا: غياب التفكيك والمنهج
يتخذ الكاتب موقفًا أقرب إلى الإنشاد التأويلي منه إلى النقد التفكيكي. لا توجد مساءلة لمنطق هايدغر، ولا اختبار لتماسك تصوراته حول الكينونة والإله، ولا تحليل بنيوي للتوترات بين أقانيم الحضور والغياب. النص يبدو كما لو أنه يخاطب مؤمنين داخل طقس رؤيوي، لا قرّاءً يسائلون ويحللون.

رابعًا: الطمس بين الدين والفلسفة
الخلط بين الغيبة الإلهية كما يصورها الكاتب، وبين مفاهيم دينية (كغيبة الإمام، أو الإله المنكفئ)، يفضي إلى خطاب غير مميّز بين الرمز الديني والمعمار المفهومي الوجودي. وبالتالي، يصبح حضور الإله في فكر هايدغر مرهونًا بمجاز شعري لا برؤية فلسفية مؤسسة.
خامسًا: مقام اللغة ومقام الفهم
إن الذي يملك رؤية واضحة عن البنية الداخلية لفكر الفيلسوف، وعن شبكة المفاهيم التي تحكم منطقه، لا يحتاج إلى هذا الافتعال الأسلوبي، لأنه قادر على تحرير القول بلغته الخاصة دون أن يخون المفهوم. لكن هذا التحرير لا يعني الانزلاق إلى الرمزيات المائعة، بل إلى التمكّن الحيّ من المفاهيم وسياقاتها. وهو ما يفتقر إليه المقال.
وختامًا: ما قدّمه مشير باسيل عون ليس قراءة هايدغرية، بل محاكاة أسلوبية لفكر هايدغر، قائمة على الانبهار أكثر من الفهم، وعلى التهويم أكثر من الفحص. وهذا لا يليق لا بهايدغر، ولا بالقارئ الفلسفي العربي الذي يستحق كشف الغموض لا تجديده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط المقالة: https://tabayyun.dohainstitute.org/ar/issue8/Pages/art03.aspx#:~:text=%D9%81%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D8%8C%20%D9%81%D9%8A%20%D9%86%D8%B8%D8%B1%20%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D8%BA%D8%B1%D8%8C%20%D9%84%D8%A7,%D9%84%D9%84%D9%83%D9%8A%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%A6%D9%86%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF%D8%A7%D8%AA%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%A1.



#عزالدين_جباري (هاشتاغ)       Azeddine_Jabbary#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مأزق التسلسل إلى إمكان التعيّن: في تأويل الخلق وفق فلسفة ...
- المتواجِد والدازاين: تأصيلٌ دلاليّ لفارق أنطولوجي بين فلسفة ...
- الإمكان الترددي وشبكة النبض: نحو تجاوز المفهوم الماهوي
- ما بعد القطيعة: نحو صيرورة أصيلة في العلاقات الجزائرية الفرن ...
- ما بعد القطيعة
- فَرْقُ ما بين الأخلاق والأخلاقيات
- لغم الوجود
- منطق الفقهاء
- الحداثة وفراغ الوجود .
- الظاهر والباطن، أو محنة الوجود.
- الحرية نداء الوجود
- مساواة أم تماثل ؟ بحث في الرؤيا الكونية.
- هل كل خطاب يحمل حقيقته في ذاته ؟
- في الموقف الفلسفي، أو الموقف من الحقيقة .
- في ماهية القول الفلسفي وضرورته .


المزيد.....




- ترامب يكشف عن تفاصيل جديدة بشأن -مجلس السلام في غزة-: رؤساء ...
- قبل السماح لهم بدخول أمريكا… واشنطن قد تطلب الاطلاع على حساب ...
- -لا نريد إضاعة الوقت في الملف الأوكراني-.. ترامب: اللقاء مع ...
- صورة صادمة لتسرب مياه بمتحف اللوفر..ما حقيقتها؟
- ترامب يحدد موعدا لإعلان مجلس السلام الخاص بغزة
- واشنطن تبحث عن حل يرضي الجميع في أوكرانيا
- -شبكات- تتناول سيول كردستان العراق وبيع لوحة سيارة مميزة بال ...
- ترامب يعلن السيطرة على ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا: -الأكب ...
- أول رد لترامب على تقارير عن -إجراء تعديلات وزارية-
- التحركات العسكرية في حضرموت: انقسام داخلي أم تضارب مصالح خلي ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزالدين جباري - في فضاء الغيبة المصنوعة: نقد لمقال مشير باسيل عون عن -الغيبة الإلهية في فكر هايدغر-