أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حاتم استانبولي - قراءة لمفهوم اليسار بنيته ودوره















المزيد.....



قراءة لمفهوم اليسار بنيته ودوره


حاتم استانبولي

الحوار المتمدن-العدد: 8389 - 2025 / 6 / 30 - 12:33
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


قراءة لمفهوم اليسار وبنيته ودوره .
كنت قد كتبت في مقال سابق حول الظروف التاريخية لظهور اليسار منذ فجر التاريخ الذي بدأ مع ظهور الملكية الخاصة التي رافقها غياب العدالة في التوزيع الاجتماعي للخيرات المادية .
اليسار وقواه هم تعبير عن تيار اجتماعي يعكس مصالح القوى الاجتماعية المنظمة التي أخذت شكل حركات وجبهات وأحزاب انعكس موقفها نتيجة تحديد موقعها في عملية الإنتاج الاجتماعي ومواقفها الذي تعبر عنها من خلال استخدام أدوات التحليل المادي للقوانين المحركة للمجتمعات تفسيرها للظواهر الطبيعية وتطورت ومعارفها الفكرية عبر الزمن نتيجة انخراطها وتفاعلها الدائم الملموس في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وانعكاسها في سلوكها السياسي.
في هذا المقال سنتطرق الجانب الفلسفي لمفهوم اليسار وتعبيراته وآلية اتخاذ مواقفه بين المعيار والناظم له وموقعه ودوره في إطار الظواهر السياسية وتفاعله مع القوى المحركة لها.
لنتفق أن الناظم لحركة اليسار هو موقفه الدائم من قضايا العدالة الاجتماعية في بعدها القانوني من تعميم قيم الحرية والمشاركة وتوزيع الخيارات المادية واحترام القيم الانسانية للطفل والمرأة والعمال والعاملات وحقوقهم في التعليم والصحة والغذاء ومناهضة التمييز القائم على أساس العرق أو المعتقد او الدين او اللون او الجنس واحترام الحقوق الاقتصادية والبيئية والعلمية أو استخدام العقائد الدينية او الفكرية كاداة للاضطهاد الإنساني بكل أشكاله آخذين بعين الاعتبار التطورات العلمية التكنولوجية المتسارعة والعميقة التي حدثت وما زالت تتقدم باضطراد و تأثيرها العميق على قوى الإنتاج موقعها وتأثيرها في عملية التغيير الاجتماعي حيث حل الروبوت الآلي مكان آلاف العمال ناهيك عن التقدم الذي حدث في التبادل المعلوماتي من حيث الزمان حيث يتطلب عنوان مثل الصراع الطبقي إعادة قراءة من حيث تصنيف الطبقات وتعارضها وتناقضات مصالحها.
فيروس كورونا وغيره من الفيروسات والميكروبات وضع البشرية أمام تحديات مصيرية جديدة وفرض حدودا جديدة بين المجتمعات الفقيرة والغنية واصبح تناقض الفقر والغنى بمعناه الشامل (الاقتصادي والمعرفي ) هو الذي يحكم العلاقات الإنسانية
هذا التناقض الذي تعمق من خلال امتلاك الوسائل المتقدمة (Digital) كوسيلة لتحقيق مكاسب مالية وعلمية هائلة في زمن قياسي.
هذا العامل الجديد فرض واقعا تبادليا متعدد الاشكال والاساليب يلعب فيه رأس المال المالي عاملا رئيسيا مقررا في انتقال الثروات المادية وتمركزها في إطار عدد محدود من البشر يتحكمون بالموارد البشرية والمادية.
بالإضافة وقائع اجتماعية جديدة على قوى اليسار ان تعيد قراءة انعكاسها على التغيرات الاجتماعية و اصطفاف القوى وتحالفاتها وانتقال فئات اجتماعية لمواقع جديدة في لوحة توزع القوى ودورها السياسي وموقعها في عملية الإنتاج الاجتماعي حيث تراجع الدور الإنساني المباشر في عملية الإنتاج لدور الآلية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (حسب رأي ابني أن علينا تغيير شعار يا عمال العالم اتحدوا إلى شعار يا روبوتات وكمبيوترات العالم اتحدوا) .
كل هذا سيكون له تأثير عميق في كافة المجالات و خاصة الحربية منها حيث بدأ عصر حروب الروبوتات التي توضح في احدثها حيث حسمت الروبوتات معركة (كاراباخ)
هذا يفرض تطوير معيار اليسار تعريفه من حيث سلوك ومواقف قواه التي تساهم بشكل فعال في تعميق المحتوى القيمي للسلوك الإنساني الذي يعتمد قيمها في نضالها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي والعلمي وسيكون العنوان الحقوقي الانساني القانوني عنوانا رئيسيا لنضال اليسار وقواه بعناوين مثل الحرية والعدالة والمشاركة التي من الممكن أن يستثمر التقدم التكنولوجي في المشاركة من خلال تعريف الهوية الشخصية الكترونيا وعنوان مثل البيئة يجب ان يحظى باولوية لاهميتها الملحة في التعامل مع متطلبات الحفاظ على عناصر الحياة البيئية والإنسانية.
أما عنوان مواجهة الجرائم بحق الانسانية التي ترتكب من خلال توسيع استخدام الروبوتات والدرونات في الأعمال الحربية والاغتيال خارج إطار القانون مما يعوق المسؤولية القانونية المباشرة في تحديد المسؤولية عن الانتهاكات والجرائم بحق القيم الإنسانية والبيئة يجعل مهمة وضع إطار قانوني لاستخدامها مهمة ملحة لقوى اليسار .
كل هذه المعطيات تؤكد صحة الأسس المعرفية لليسار فهو الفكر الذي يعتمد قوانين الديالكتيك المادي في قراءة وتفسير الظواهر الاجتماعية هذا الفكر الذي يحمل خصائص تطوره الدائم لانه يتطور لكونه يعكس الواقع المادي بحركته الدائمة وتطوره ومدى اكتساب وإدراك خاصية قوانينه يمكن قوى اليسار من التعاطي مع التحديات بكافة جوانبها بعيدا عن الارتجالية والرغبة الفردية واسقاطاتها على الواقع .
الناظم والمعيار هو مدى قدرة القوى على إدراك العلاقة بين (الملموس -المجرد- الملموس ) أي قراءة الواقع بصورة جدلية في إطار حركته وتطوره آخذين بعين الاعتبار المتغيرات التي تطرأ في كل لحظة من حيث زمانها ومكانها واعادة انتاجها برؤية تسهم في تطوره وتعتمد قيم العدالة الإنسانية والبيئية كناظم وسلوك القوى في تطبيقاتها كمعيار.
إن مدى قدرة الالتزام الواعي بالناظم والمعيار يحدد تصنيف القوى والأحزاب والأفراد على أنهم يساريون.
اليسار لا يقيم كما يقيم الجنس كذكر وأنثى أي يكتسب الطابع المطلق للصفة أو لا يمكن الذهاب الى الطبيب وطلب منه كتابة وصفة موقف يساري لصرفها من الصيدلية لهذا يمكن أن تكون يساري في الموقف السياسي ولكن في السلوك الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي يمينيا على سبيل (مثل الشيوعي الذي يعلن التزامه بالفكرة ولكن عندما يتعلق الأمر في توزيع الميراث يصر على المبدأ الديني في التوزيع ويحرم أخواته وأمه من التوزيع العادل الميراث بناء على حقوق المساواة الذي يسعى فكره لتحقيقها )هذا كمثال وليس للحصر.
اليسار كمفهوم معرفي يتسم بتعددية جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والقانونية والسياسية وامتلاك أحد هذه الخواص دون الاخرى لا يعكس تصنيف القوة او الفرد على انه يساري بل يمكن تصنيفه على أنه موقف يساري في الجانب المحدد الذي عبر عنه
اليسار كمشروع ( ثقافي, اقتصادي,سياسي,اجتماعي,بيئي) يسعى لتحقيق كل هذه الجوانب من خلال خطة تحمل أهداف بعيدة وأهداف قريبة محددة لإنجاز هذه المهام من خلال تعميم العدالة الاجتماعية وحرية خيارات المجتمعات والأفراد والمشاركة الواعية للقوى الاجتماعية عبر ممثليها وحمايتها من خلال القانون الذي يجب أن يطبق على الجميع بشكل عادل ومتساوي.
القانون الذي يحمل عدالته كناظم ومعياره احترام تطبيقه بشكل عادل على الجميع كمجموعات وأفراد بغض النظر عن موقعها السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي.
وفي سياق مفهوم اليسار بالضرورة يجب التطرق الى مفهوم الظاهرة والحالة والضرورة والصدفة والعام والخاص والوحيد.
الظاهرة تحمل في جوهرها الحالة أو مجموعة من الحالات التي تعبر عن القوى وتعارضها وتسارعها في إطار الظاهرة والضرورة التي فرضت تشكل الحالة الجادة من أجل التغيير الإيجابي التقدمي للظاهرة وتقدمية الظاهرة الاجتماعية أو مرجعيتها تعكسها محصلة القوى الداخلية التي تتصارع بين رؤيتي اليمين واليسار وميزان القوى الذي يحكم صراعهما في اليمين واليسار يحكمها قانون وحدة وصراع الأضداد (المتناقضات) كما السالب والموجب قانون الفعل ورد الفعل في الرياضيات والفيزياء.
أما الحالة المتشكلة عبر تأثير الظاهرة العامة على الظاهرة الخاصة ودور الوحيد الفرد في إطار الظاهرة الخاصة الذي يشكل حالة مؤثرة في تطور الظاهرة (سلبا او ايجابا ) بحكم موقعه وتجربته ووعيه وإدراكه لدوره في إطار تطوير الظاهرة او اعاقته لتطويرها.
هنالك حالات وطنية فردية وجدوا أنفسهم بالصدفة في إطار الظاهرة اليسارية في مرحلة التحرر الوطني نتيجة لعوامل وظروف خاصة أصبح لهم دور مؤثر نتيجة احتدام الصراع واستقطاب القوى في إطار الظاهرة وغالبا ما كانت وتكون هذه الحالات لا تملك مؤهلات الوعي المعرفي لتحديد دورها وغالبا ما تكون هذه الحالات مقررة في ميزان القوى الداخلي في إطار الظاهرة و اصطفافها يكون ناتج عن عدم وعي لدورها وأهميته وتأثيره على تطور الظاهرة ومنها من تدرك دورها الذي ينم عن وعي منفعي فردي وفي حال تعارضت المنفعة مع الموقع تغادر الظاهرة ومن الممكن أن تستثمر في تجربتها الخاصة في إطار ظاهرة نقيضة ليشكل اصطفافها الجديد عاملا مضرا في الظاهرة الأصل (انتقال البعض إلى الفكر الديني والليبرالي.
وحالات زرعت في إطار الظاهرة عن وعي لتشكل في الإطار العام دورا كابحا لتطور الظاهرة وهذه أخطر الحالات لكونها تملك وعي ودعم مادي من قوى خارجية تريد تقويض الظاهرة من داخلها وهذا يخص القوى والمجتمعات والدول والتنظيمات ودائما ما تحمل هذه الحالات صفة تآمرية من حيث الدور والفعل على الظاهرة وعلى القضية الوطنية.
أما عن التناقضات التي تحكم الظاهرة فهي تأخذ شكلين داخلي وخارجي
الداخلي بين اليمين واليسار في إطار الظاهرة ويبقى المظهر العام للظاهرة يساريا ما دامت محصلة القوى التي تتصارع في داخلها تعكس المواقف اليسارية وأدوات معرفتها ووسائلها وفي بعض الحالات ونتيجة واحتدام الصراع مع الظواهر الخارجية تتراجع قوى المحركة لليسار في داخل الظاهرة ليتحول موقفها لليمين ويكون أحيانا بفعل تأثير البنية اليمينية للمجتمع وانعكاساته على السلوك لبعض مكونات الظاهرة أو خارجي على سبيل المثال لا الحصر تأثير البترودولار على الظاهرة الفلسطينية والعربية.
في الحالة الكوبية و البوليفارية استطاع اليسار من حسم الصراع داخل الظاهرة اليسارية وحقق انتصارات تاريخية للتحرر الوطني والاجتماعي.
في الحالة السوفييتية انتصرت قوى اليمين بالرغم من البنية الاجتماعية اليسارية للمجتمع ولكن الدور الذي لعبه بعض الأفراد في إطار الظاهرة اليسارية من تآمر عليها بمساندة القوى الخارجية أدى إلى تراجع حركة اليسار بالاضافة الى تحويل الدور القيادي للحزب الى دور بيروقراطي في ادارة الدولة وتحويل المركزية الديمقراطية إلى مركزية بيروقراطية ادت الى افراغ دور الحزب السياسي وكبح الصراع الداخلي في إطار الظاهرة مما أدى لتقوية نفوذ القوى اليمينية المعادية التي وظفت النقمة على الفساد الى نقمة على الفكر اليساري التقدمي واجهضت المكتسبات الانسانية التي حققتها ثورة اكتوبر.
في الحالة الشرق أوسطية أخفق اليسار في قراءة التجربة التاريخية للمنطقة ودور الموروث التاريخي في تبلورها وغَيَب دوره في التكوين الثقافي والنفسي والاجتماعي والتاريخي. ولم تحظى بجهد لإعادة قراءة مادية للفكر الديني بصورة نقدية ايجابية لإبراز الجوانب الثورية فيه من خلال قراءة ضرورته التاريخية في زمانه ومكانه والقوى المتصارعة داخل الظاهرة الدينية. وأخص المسيحية والاسلام لدورهما في مواجهة الظروف والقوى الرجعية في زمانهما ة(التي تمثلت في عنصرية استعلائية الفكرة اليهودية التي كان محركها ومنشأها فكرة المرابي الاستغلالي ) .
التحولات التي طرأت على الفكر الديني ودور الاستعمار في مساندة أكثر الاتجاهات رجعة فيه في محاولة دائمة لا بقاء هيمنة التخلف والتبعية وإجهاض ومحاربة أية إمكانية لتطور الفكر الوطني التحرري الديمقراطي .
الفكرة التي حكمت بعض القوى في نسخ التجارب العالمية وفكرها ووسائلها الخاصة أدى إلى تغييب الدور الخاص للظواهر اليسارية في منطقتنا (حتى درج المثل القائل إذا أمطرت في موسكو يحملون المظلات في منطقتنا في اشارة الى التبعية)
بالطبع هذا مثل أطلقته القوى اليمينية للتحريض على اليسار الذي كان يغيب الخصوصية التاريخية للمجتمعات في المنطقة.
باستثناء تجربة وحيدة قُبِرَت في مهدها هي تجربة الحزب الشيوعي السوداني الذي تكالبت القوى اليمينية على إنهاء أكثر الحالات وعيا وتأثيرا في الحركة الديمقراطية اليسارية الذي مثلها كل من عبد الخالق محجوب والشفيع ورفاقهم.
في الحالة السورية كانت حالة فرج الله الحلو الذي أذيب بالأسيد تشكل حالة متقدمة من اجل وحدة الشيوعيون في سورية ولبنان.
الحالة اليسارية الفلسطينية الأبرز كانت حالة غسان كنفاني الحالة الوطنية الديمقراطية الشاملة التي فُجِرَت من قبل الموساد الإسرائيلي لكبح تأثيرها على تطور الظاهرة الوطنية الفلسطينية المعاصرة.
اما في اطار حركة فتح فكان اغتيال كل من كمال ناصر والعدوان والنجار وماجد أبو شرار وغيرهم الذين شكلوا حالة وطنية متقدمة في إطار الصراع داخل حركة فتح بين اليمين واليسار.
أما عن العامل الخارجي وتأثيره على الظاهرة اليسارية فقد أخذ عدة طرق ووسائل التأثير أهمها اغتيال العناصر الأكثر وعيا في إطار الظاهرة الذين لهم دورا واعيا في تعميق المحتوى الديمقراطي التقدمي للظاهرة ودورها الاجتماعي (اغتيال القادة الفلسطينيين السياسيون والعسكريون والمفكرون والمبدعون).
استخدام الحالات المزروعة في الظاهرة من أجل حرف اتجاهاتها الفكرية واعطاء اولوية لأفكار تعمل لإيجاد مخارج للأزمة الخصوم والأعداء والدفع لاتخاذ مواقف تتعارض مع المصلحة الوطنية العامة.
الحركة الوطنية الفلسطينية كظاهرة عامة تحمل في ثناياها ظواهر خاصة تتعارض من حيث البنية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وتتفاوت أوضاعها المعيشية ومستوى انخراطها في عملية الإنتاج الاجتماعي متأثرة بعامل المكان (الشتات الفلسطيني) وظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
اذا ما اضفنا لها البنية الثقافية العامة فإن الاتجاه العام للرأي العام يميل الى اليمين من حيث المحتوى الثقافي هذا العامل كان له تأثير على مدى فعالية اليسار الذي لم يعطي أولوية إعادة قراءة الموروث الثقافي التاريخي والديني ودوره وتأثيره على البنية التنظيمية والسياسية لليسار ومخاطر تأثيرها على دوره .
ممكن ان نتحدث بالمظهر العام عن ما اصطلح تسميته باليمين واليسار الفلسطيني مظهرين رئيسين حكما الحركة الوطنية الفلسطينية تأثرت وأثرت بهما الحركات التحررية العربية والعالمية.
في عنوان اليمين الذي كان يعكس الحالة الوطنية العامة هذا اليمين ليس محصورا في تنظيم محدد بل هو عابر للتنظيمات.
تنظيم فتح كقوة نمت نتيجة مجموعة انتقالات وتحولات مجموعة من القوى الاجتماعية المتعارضة بخلفيات فكرية مختلفة ولكن المظهر العام لبنيتها الفكرية كان وما زال يمينيا
فتح حكمها تناقض داخلي ما بين قواها الداخلية المتصارعة التي كانت محصلة ميزان قواها الداخلية تعبر عن المظهر العام لليمين السياسي الفلسطيني الذي حكم سلوكها بحكم التركيبة السياسية والاجتماعية لها ووجد دعما من القوى اليمينية العربية بكل الامكانيات المتاحة بل ان السعودية على سبيل المثال كانت تربط اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية بشرط وجود فتح في قيادتها وعبرت عن ذلك من خلال الدعم المالي الذي كان يمر عبر فتح للمنظمة.
اليمين الفلسطيني كان متلاحم مع رؤية اليمين الرجعي في النظام السياسي للبلدان العربية المدعوم من الاستعمار وأدواته المالية والاقتصادية.
كانت العلاقة تقوم بين اليمين الرجعي العربي واليمين الفلسطيني على دعم التوجهات الأكثر يمينية في الحركة الوطنية الفلسطينية من اجل اخضاعها وترويضها لمواجهة تأثير تيار اليسار السياسي الفلسطيني العابر للتنظيمات بما فيها فتح.
هذا اليسار كان ناظمه عدالة القضية الفلسطينية من حيث كونها قضية تحمل أبعاد حقوقية وطنية وانسانية وقانونية وسياسية.
القوى المعادية للقضية الفلسطينية كانت تعمل على تقويضها من خلال البوابة الخلفية بوابة القوى الرجعية المهيمنة على السلطة في النظم السياسية للدول العربية التي تعمل في إطار جبهة التحالف البريطاني-الفرنسي-الصهيوني ومن ثم الأمريكي.
أما في عنوان اليسار الفلسطيني الذي لا يمكن حصره في تنظيم محدد بمعنى لا يوجد أي تنظيم يمثل حصريا اليسار الفلسطيني كون اليسار تيارا اجتماعيا والتنظيمات التي أعلنت عن تبنيها الفكر اليساري تخضع لذات المعايير التي تحكم حركة فتح الخلاف أن الصراع في فتح بين البنية اليمينية وبين الحالات اليسارية داخلها في حين التنظيمات اليسارية التناقض الذي يحكمها بين البنية الفكرية اليسارية وبين تأثير البنية اليمينية للمجتمع وتأثيره على البنية التنظيمية لليسار.
المظهر العام الذي اعتمد لتقييم اليسار وتنظيماته بني على أساس الموقف السياسي من عدالة القضية الوطنية الفلسطينية ولهذا فان التمايز بين اليسار واليمين الفلسطيني كانت فوارق ضئيلة بحكم خصوصية الحالة الفلسطينية وشتاتها والاندماج في عملية الإنتاج الاجتماعي في خصائص وظروف مختلفة تفاوتت فيها انعكاساتها على الحالة البنيوية الفكرية والتنظيمية بالاضافة إلى خصائص سمة المرحلة التحررية الوطنية.
إذا ما اعتبرنا الجبهة الشعبية والديمقراطية والشيوعيون ومن يدور في فلكهم هم الظاهرة الخاصة لليسار الفلسطيني. هذه الظاهرة التي يحكمها صراع وتعارض داخلي بين مكوناتها من يمين ويسار وصراع خارجي مع قوى اليمين الرجعي والبنية الاجتماعية اليمينية العامة فإن يَساريتها هي نتيجة تعارض وتصارع الاتجاهات الداخلية و حسمها لصالح موقف اليسار الذي غالبا ما عُبِرَعنه بشكل رئيسي بالمواقف السياسية والنظرية ولكنها لم تنعكس في السلوك الاجتماعي والثقافي.
الظاهرة اليسارية داخل الحركة الوطنية الفلسطينية يحكمها الصراع ما بين اليمين واليسار في إطار الظاهرة بين مفاهيم اليمين السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تحملها متأثرة بالثقافة السائدة (البنيوية) وبين حالات يسارية واعية ناظِمها المعرفي أدوات المعرفة المادية. الأكثر وضوحا لهذه الطاهرة كانت التجربة اليمنية.
تفاوتت سيادة المفاهيم والمواقف اليسارية للظاهرة اليسارية الفلسطينية عبر الزمان ارتباطا بخصوصية المكان حيث شهدت تقدما في السبعينيات والثمانينيات وتراجعت في التسعينيات والالفية الثانية وما زالت تعاني من تخبط في المواقف ناتج عن عدم حسم موقفها من الهوية المعرفية واستخدامها كمنهج لسلوكها من حيث تحديد وسائلها وأدواتها ارتباطا بموازين القوى القائمة من حيث الزمان والمكان.
في الأغلب كحالة في كل تنظيم ومنها حالات خارجها من حيث الانتماء التنظيمي جميعها تشكل نسبيا مفهوم اليسار الفلسطيني الذي يحمل ناظم ومعيار عدالة القضية الفلسطينية (تحقيق عدالة المخيم) هذه العدالة التي تحمل جوهرا حقوقيا تاريخيا وطنيا وسياسيا وانسانيا وقانونيا.
الموقف اليساري هو الموقف الذي يعكس الواقع المادي والسياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي وهو موقف يتعارض مع الجمود ويكتسب حيويته وصحته من خلال عكسه للواقع المادي في إطار حركته الدائمة والمستمرة ويحدد حركته اليومية التي تعرف بـ المعيار السلوكي الذي عليه بالضرورة أن يكون في إطار الناظِم العام الذي يحمل جوهر عدالة القضية الفلسطينية وفي الحالة الفلسطينية فإن عنوان المخيم الفلسطيني هو الناظم والمعيار للعدالة الفلسطينية (عدالة المخيم) .
تحقيق عدالة المخيم يجب أن يحكم السلوك اليومي للقوى اليسارية ومواقفها أي أن كل حركتها السياسية ناظمها تحقيق عنوان العودة الفلسطيني الذي طرد وهجر من أرضه وعانى على مدى أكثر من مائة عام من تآمر على وجوده وهويته الانسانية ويتعرض منذ اكثر من سبعين عاما لعملية الغاء ممنهجة وسرقة ومصادرة إرثه الثقافي والسياسي والاجتماعي وحقوقه القانونية والوطنية تستخدم في تبريره اكثر فكرة رجعية قائمة على الصفاء العرقي والديني واعطائها مشروعية إلهية وتدعمها اكثر القوى رجعية راسمالية في العالم ولهذا تكتسب العدالة الفلسطينية بعدا و معيارا عالميا تصطف جانبها كل القوى التي تحمل موقفا يساريا متصادمة مع الاستغلال الرأسمالي الذي يعبر عن أسوأ تعبيراته وممارساته في دعم النظام الاحتلالي الإحلالي في فلسطين.
وفي هذا الصدد اود ان اشير الى ان ما وصلت اليه القضية الفلسطينية من تكالب واضح ومعلن بهدف تصفيتها تتحمله كل القوى الفلسطينية بيسارها ويمينها وكل بحجم تاثيره بالقرار السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
والسؤال الملح والاهم لليساريين ؟
ما هو الفارق بين حكومة نتنياهو واليمين الصهيوني وحكومات الانظمة العربية الرجعية اليمينية من حيث موقعها وموقفها من عملية الإنتاج الاجتماعي والعدالة الإنسانية من حرية ومشاركة واحترام حقوق مواطنيها ؟ وكيف يفسر إعلان التحالف القائم بين هذه النظم وبين نظام نتنياهو العنصري؟ اليست هذه النظم جميعها بما فيها اسرائيل هي نتاج لاتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور ؟ أليست هذه النظم بما فيها نظام نتنياهو هي جزء اصيل من النظام الرأسمالي الاستغلالي العالمي وموقعهم في الجبهة المعادية للعدالة الحقوقية الانسانية الاجتماعية بكل جوانبها؟
ما الفرق بين قصف اليمن أو قصف غزة وقصف سورية او قصف العراق او ليبيا او لبنان ؟ أليس الذين يقومون بها هم في جبهة واحدة وعبروا عن ذات المنظومة الرأسمالية الأكثر يمينية التي لا تعير أية قيمة لقيم العدالة الإنسانية؟
العدالة الاجتماعية والقانونية والسياسية والبيئية والانسانية واحدة والنضال لتحقيقها يكتسب اهمية جمعية لكافة القوى المناهضة لعملية الاستغلال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والاستخدام المزدوج للقانون الدولي ومعايير تنفيذه.
لكل ما سبق فإن المرحلة تتطلب اعادة لِقراءتها من جديد على قاعدة المتغيرات والاصطفاف الجديد المعلن للقوى المعادية ويجب إعطاء أهمية قصوى للحفاظ على جوهر قانونية عدالة القضية الوطنية الفلسطينية التي تتعرض الى التصفية المتدرجة
المهمة الأهم لليسار الفلسطيني كمعبر عن قوى التيار الاجتماعي أن تحدد مهامها المحددة من أجل الحفاظ على الظاهرة النضالية الوطنية الفلسطينية وتوحد جهودها وتخوض كافة معاركها السياسية للحفاظ على قانونية الهوية الوطنية والثقافية والسياسية وإعادة النهوض بالحالة الفلسطينية من خلال تغيير أدائها الداخلي عبر إعطاء حيز سيادة الديمقراطية الداخلية فلا يمكن ان تطالب بديمقراطية م.ت .ف بدون تفعيل الديمقراطية الداخلية واستحقاقاتها.
إن مهمة توحيد تيار اليسار الفلسطيني على قاعدة الناظم الوطني عدالة عودة فلسطينيي المخيم والمعيار السلوك اليومي المرتبط بمهمات محددة لخوض المعركة القانونية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
إذا كان هذا هو مفهوم التيار الشعبي العابر للتنظيمات والقوى المطروح فيجب أن يكون مشروط بضرورة إعطاء الصفة الديمقراطية ليكون تيارا شعبيا ديمقراطيا معبرا عن التيار الاجتماعي اليساري المقاوم .
فلا يوجد مشكلة في خوض أية معركة تحت هذا المفهوم والمعيار الذي يحكمه الناظم حتى لو كانت الانتخابات الفلسطينية القادمة التي يجب أن ينظر لها كمحطة نضالية لمواجهة مخاطر تصفية القضية الفلسطينية باعتبارها محطة لتفعيل كافة المؤسسات والقوى الاجتماعية واستثمار الحالة الشعبية التي تعارض استحقاقات أوسلو وتبعاته أو المعارك التي تخاض في مواجهة صفقة القرن التي تحمل تصفية تامة للقضية الفلسطينية التي وضحها تصريح سمو تريش الصهيوني العنصري الفاشي وزير مالية دولة إسرائيل الإرهابية عبر تحديده للهدف النهائي وهو تخليص الشرق الاوسط من ارتباطه بالقضية الفلسطينية التي تعمل عليه كل من واشنطن وتل أبيب وشركائهم في معاهدات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وابراهام.
ما دامت عدالة المخيم لم تتحقق فإن القضية الفلسطينية قائمة ولا تتحقق عدالتها إلا بتحقيق عدالة المخيم.
إن طبيعة المعركة تفرض أدواتها ووسائلها بناء على ميزان القوى القائم فهناك معارك الحفاظ على الذات (معارك مناضلي الحرية في المناطق المحتلة عام ١٩٤٨) والمعارك المتنقلة زمانا ومكانا لِمواجهة التصفية التي ستطال الجميع يمينا ويسارا لكون الهدف الصهيوني يتعارض من حيث المبدأ والجوهر مع الهوية الفلسطينية السياسية والاجتماعية والثقافية ويهدف إلى استمرار إلغاء الهوية القانونية الفردية والجمعية للإنسان الفلسطيني عبر دعمه للفئة الكمبرادورية العربية والفلسطينية المرتبطة بمصالحها الصهيونية الاستعمارية الإحلالية .
وفي هذا الصدد أذكر بموقف سمعه أحد القادة الفلسطينيين في أوائل الثمانينيات من أحد القادة السوفييت وكان رده على شعار تحرير كل فلسطين أجاب القائد السوفييتي هل وصلتم إلى حدود تل ابيب وطلبنا منكم العودة ؟
هذا يحمل معنى أن أي شعار لتحقيقه يلزمه ميزان قوى يحققه.



#حاتم_استانبولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار مفهومه ودوره.
- من اتخذ قرار الحرب على إيران ! ولماذا ؟
- الذي لا يقال خارج غرف التفاوض العبثي.
- تحقيق العدالة هي الناظم والمعيار
- درس شامل في الثوره الوطنيه الانسانيه
- هزيمة ام انتصارحاتم
- قراءة نقدية لفكر حركة التحرر الوطني العربي
- الشهيد حسن نصرالله بين العروبة والاسلام
- ٧اوكتوبر يعيد ضرورة السؤال من هي اسرائيل؟
- اغتيال المناضل اسماعيل هنية لماذا ؟
- تغير المعادلات
- رسالة مفتوحة للرئيس بوتين والوزير لافروف
- جريمة النكبة الفلسطينية
- تداعيات السابع من اوكتوبر
- طلاب الجامعات الامريكية يطلقون الربيع الامريكي
- ٤٨ عاما على يوم الارض الفلسطيني
- النائب بين ثلاثية الشعب والوطن والسلطة ،
- ماذا يعني الخيار الامني صفر؟
- قراءة اولية في اعلان الخطة الصهيونية بحلتها الترامبية !
- صراع الافكار


المزيد.....




- بلاغ حول نتائج المؤتمر الجهوي الثالث لحزب النهج الديمقراطي ج ...
- إيران (مقتبس من :الابواب المائة للشرق الأوسط )
- حزب التقدم والاشتراكية يهنئ نادي أولمبيك آسفي بمناسبة تتويج ...
- آلاف المتظاهرين في صربيا يغلقون الطرق الرئيسية في بلغراد
- في 29 يونيو 2025، تنير ذكرى اغتيال المناضل العمالي مصطفى لع ...
- نتائج ومقررات الملتقى الوطني السابع للمساعدين الإداريين والم ...
- دعوات غربية للتحقيق في -اعتداءات- على متظاهرين بملاوي
- فئوية المساعدات في غزة: حين يُكافأ الولاء ويُعاقب الفقر
- ألمانيا- الحزب الاشتراكي الشريك بالحكومة يطالب بحظر -البديل- ...
- بوليتيس: هكذا يشعل اليمين المتطرف الفرنسي حربا عرقية ودينية ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - حاتم استانبولي - قراءة لمفهوم اليسار بنيته ودوره