أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - همام قباني - الرقص ليس غريزة... بل بيان حرية














المزيد.....

الرقص ليس غريزة... بل بيان حرية


همام قباني

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 22:51
المحور: الادب والفن
    


في لحظة موسيقية خالصة، حين يبدأ الجسد في التحرّك بتناغم مع الإيقاع، يُولد شيء أعمق من التسلية، أسمى من الترفيه، وأبعد ما يكون عن الغريزة. إنه الرقص؛ ذاك الفنّ الإنساني الذي يحوّل الجسد إلى أداة تعبير، وإلى قصيدة صامتة تُقرأ بحواس القلب، لا بشهوة العين.

كثيرًا ما يُساء فهم الرقص حين يُنظر إليه بعدسة شهوانية أو سطحية، وكأن حركة الجسد لا تحمل في طيّاتها إلا ما يُثير، لا ما يُفكّر. وفي هذا السياق، أجدني مضطرًا إلى إعادة توجيه البوصلة الأخلاقية والجمالية في النظر إلى هذا الفن، والتمييز الضروري بين الرقص كفنٍّ راقٍ، وبين ما يُنتج داخل مساحات تجارية استهلاكية تُقحم المرأة في دائرة الاستغلال الجسدي والاقتصادي الراقصة، حين تكون فنّانة متخصصة، تؤدي عملًا مركّبًا، فيه من الانضباط ما يشبه الرياضة، ومن الإبداع ما يشبه الرسم، ومن التجلّي ما يُشبه الشعر وحين أُشاهد رقصة ما، لا أرى مجرد جسد يتحرك، بل أرى قصة تُروى بدون كلمات، اقرأ سرديةً صامتة، تحاكي في أدائها طيفًا من العواطف الفرح، الحزن، الحنين، التمرد، والحرية أرى حوارًا بين الحركة والفراغ، بين الموسيقى والزمان، أرى جسدًا يُصغي إلى الإيقاع ويردّ عليه بإحساسٍ عميقٍ وشغفٍ نقيّ.

من المؤسف أن بعضهم، حين يرسل لي مقطع رقص (ريلز)، يسبق تعليقه نظرة فجة تختزل المرأة في جسدٍ مثير يتجاهل تمامًا الأداء، التكنيك، الانسجام، والتعبير العاطفي الدقيق الذي يتطلّب سنوات من التدريب والتأمل هذه النظرة تُفسد التجربة الجمالية، وتختزل الفنّ في إطارٍ غريزيٍّ ضيّق، وكأن الجسد لا يحق له أن يتكلم إلّا بلغة الإغواء.

وأودُّ هنا أن أُفرّق أيضًا بين فنّ الرقص الحقيقي، وبين بعض أشكال الأداء المُستغَل في الملاهي الليلية، حيث يُجبر كثير من النساء على تقديم حركات خالية من التعبير، تحت ضغط اقتصادي أو اجتماعي أو حتى قسري.
لسنّ راقصات بالمعنى الفني، بل هنّ ضحايا لمنظومة اختزلت وجودهن في كائن يُسلّي الآخرين، ويُرضي شهوتهم العابرة مقابل فتاتٍ من الكرامة.حيث ينعدم الخيار وتغيب العدالة فهؤلاء النساء ضحايا، ولسن ممثلات لجوهر الرقص كفن، بل ممثلات لواقع لا بد من فضحه ومواجهته، لا وصم ضحاياه.
من المهم أن نُعيد الاعتبار للرقص كفنّ، وأن نُحرر جسد المرأة من نظرة السوق، ومن تأويلات الذكور التي لا ترى فيه إلا مادة للاستهلاك.
الرقص فنّ حرّ، ويجب أن يبقى كذلك، لا أن يُختطف من معناه الأصلي، ولا أن يُفرّغ من قيمته الإبداعية والروحية فلنعلّم أبناءنا كيف يقدّرون الجمال حين يراه، لا أن يشتهوه فحسب،ولنربّي ذائقتنا على احترام الفنّ، لا على التهام الجسد كون إن الدفاع عن الرقص بوصفه فنًا، هو دفاع عن حرية الجسد وكرامة التعبير، عن حق النساء في أن يُنظر إليهنّ كفنانات لا كسلعة هو معركة ضد العقلية الذكورية التي لا ترى إلا ما يُرضي شهوتها، وضد الجهل الذي يُشوّه كل جميل ويُفرغه من روحه فلنُعد للرقص احترامه، وللراقصات كرامتهن، وللجمال مكانته.فنحن، حين ننحاز للفن الحقيقي، فإننا في الحقيقة ننحاز للحرية.



#همام_قباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلم النووي الإيراني من مفاعل أمريكي إلى هجوم غامض.. هل يُط ...
- لا تُقارنوا المتنبي بمُطبّلي العصر!
- الشباب العراقي بين مواجهة التغرب في وطنهم والتمييز في نقاط ا ...
- الإجهاض حق من حقوق الإنسان ولا يمكن جريمه
- لست مثليًا ولكن .... ؟
- مشكلة الخطاب الديني
- العنف ضد المرأة العراقية : تفاقم المعاناة وزيادة شبكات المتا ...
- شهر فخر المثلية الجنسية .. رد على التعليقات المعادية
- في شهر الفخر هذا، عار عليكم: فضح الاستراتيجيات الحكومية ضد م ...
- مقاطعة الانتخابات لن تحل المشكلة و شعار إسقاط النظام طموح جد ...
- المتاجِرون والمراؤون في القضيّة الفلسطينيّة
- الشعب يريد إسقاط الشعب . ..؟
- الأدب والفلسفة وأشكالهما الفنية


المزيد.....




- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - همام قباني - الرقص ليس غريزة... بل بيان حرية