أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - الليلة التي لم يأتي بعدها الصباح














المزيد.....

الليلة التي لم يأتي بعدها الصباح


لؤي الخليفة

الحوار المتمدن-العدد: 8366 - 2025 / 6 / 7 - 23:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن سوى عربات صدئة تتحرك ببطء في طرقات موحلة.
لم يسأل أحد إلى أين هم ذاهبون، فقد كانت الأجوبة تتدلّى من فوهات البنادق.
جلسوا متلاصقين، أكتافهم تلامس بعضها كما لو أنهم يحتمون من قسوة الهواء...
ليلة بلا قمر، والريح تصفر كأنها تنشد لهم نشيد وداع.
في الزاوية، كان "سالم" يحدّق في الفراغ، كمن غاص في بئر لا قاع له.
قال لنفسه:
"ها أنا في قاع الظلام... الظلم قد بلغ مداه، فهل كنتُ ساذجًا حين آمنت؟"
لم يكن ينتظر خلاصًا، فقط أراد أن يفهم لماذا انتهت الأشياء هكذا؟
إلى جواره، تمتم "سعيد" بكلمات مرتجفة:
"كان أبي يقول: المثَل العليا لا تُمسَك، بل تُلاحق... هل خُدعتُ إذ حسبتُ العدالة قاب قوسين؟"
ثم ابتسم ابتسامة شاحبة، وكأن في داخله اعترافًا مرًّا:
"ربما لا تُبنى الأوطان بالحلم وحده..."
في الخلف، جلس "مروان" ساكنًا كالصخر، وعيناه إلى السماء المغطاة بالغيم.
كان يُعدّ الدقائق، كأنه ينتظر الفناء لا خوفًا، بل لأنه تعب من الاحتمالات.
"دعهم يطلقون النار، لعل الصمت يريحني أخيرًا." قالها داخله، ثم أغمض عينيه.
أما "نعيم"، فظل يردد نشيدًا من طفولته... نشيدًا تعلمه في المدرسة عن الوطن.
صوته كان خافتًا، كمن يحاول أن يبقي شيئًا حيًا في صدره.
"لن يأخذوا كل شيء... لن يأخذوا صوتي."
وفي المقعد الأخير، قال أحدهم فجأة بصوت خافت كأنه وُلد للتو:
"هل أحدكم كتب وصيته؟ أنا... لم أكتب شيئًا. لكن إن وجدوا حذائي، فليعطوه لأخي، ما زال طفلًا."
وصلوا، واقتيدوا إلى ساحة مربعة تحيط بها الجدران العالية، كأنها سدود بُنيت لاحتجاز الأمل.
أُطفئت أنوار المركبات، فبدا الليل أعمق، والصمت أضخم من الجدران.
لم يُسمع سوى وقع أقدام الجنود، وارتجاف الأنفاس.
وقفوا صفًا، لا مكبلين بالأغلال، بل بما في صدورهم.
"سالم" نظر إلى الحراس، ثم إلى السماء، وفكر:
"إنها اللحظة التي تختبر فيها كل أكاذيبنا القديمة... هل كنتُ شجاعًا حقًا، أم مجرد هارب من حياة عادية؟"
أحد الحراس قرأ أسماءً بصوت عآليّ، كأنه يوزع الأدوار في مسرحية الموت.
وحين نُودي على "سعيد"، تقدّم كمن يمشي على جسر من ريش.
وقبل أن يبتعد، استدار وقال للرفاق:
"لا تبكوا عليّ، فقط تذكّروا أنني كنتُ يومًا مؤمنًا."
"مروان" جلس القرفصاء، مدّ يده إلى التراب، رفعها نحو أنفه وشمّه ,العراق، تراب منسيّ ودم قديم..."
أمّا "نعيم"، فراح يحدّث شبحًا لا يُرى:
"أمي، لا تنتظريني اليوم، ضعي صورتي في صندوقك الخشبي، وغنّي لي كما كنتِ تفعلين حين أمرض."
وقبل أن يفتحوا البوابة الأخيرة، صاح أحدهم — لم يعرفوا من هو:
"لن نموت، نحن فقط نغادر الجسد إلى المعنى!"
وحدث بعدها ما يشبه السكون الأبدي، كأن اللحظة التهمت صوت العالم.



#لؤي_الخليفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات الازقة المنسية
- مرأة العراق
- مهداة للكرد الفيليين...حين ينفى الاسم !!
- مرتبة متاخرة للعراق في مؤشر الاستطلاعات الدولية !!
- لاتتركوني... فانا مدينتكم
- مدينتي معذرة ... الحياة اخذتني عنك بعيدا
- روسيا واوربا بين اطماع الماضي واوهام الحاضر
- الفاتورة الامريكية الباهضة ازاء الاصرار الحوثي
- حرب اوكرانيا ... مليارات مهدورة وارواح مفقودة
- رهانات ايران ... طبول اسرائيل ومازق واشنطن
- الانسانية اليوم امام اختبار ...اما ان تنتصر للحق او تسقط لمش ...
- نتنياهو يفقد بوصلته السياسية وحرب اهليةعلى الابواب
- التخويف والاحباط بين العقل العلمي البرهاني والعقل النصي
- اوكرانيا ... اطراف الصراع والتفاؤل الحذر
- ما بين قمتين ...الغث والسمين
- ساعة جدي
- اما فينا من يلقم هذا المعتوه حجرا؟
- وداعا مكرم الطالباني
- لا ابغي نقدا او تجريحا بل اشير الى خطأ
- ((محاكم تفتيش )) تلوح في الافق بعد فتاوى الذبح والسلخ !!


المزيد.....




- طريقة جلوسها وإطلالتها.. أول ظهور لزوجة أحمد الشرع لطيفة الد ...
- تحديث مباشر.. مظاهرات لوس انجلوس وترامب ينشر الحرس الوطني
- السعودية.. محمد بن سلمان يشعل تفاعلا بما قاله عن -إخوتنا في ...
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات قرب موسكو خلال ساعتين ...
- -ليس من مصر ولا قطر-.. تقرير إسرائيلي عن حل لأزمة الرهائن في ...
- ترامب ينشر الحرس الوطني الأمريكي بعد اشتباكات في لوس أنجلوس ...
- البرازيل تواجه انتكاسة بيئية حادة في الأمازون
- ترامب يهدد ماسك بـ-دفع ثمن باهظ-!
- العلماء يستبعدون وجود -الكوكب إكس- في 75% من مواقعه المحتملة ...
- آلاف الأوكرانيين يراسلون روسيا بحثا عن أقاربهم من الجنود الم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لؤي الخليفة - الليلة التي لم يأتي بعدها الصباح