أساس ومقومات النص

عدنان العريدي

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 22:41
المحور: الادب والفن
    

ولعملية أي إنتاج سواء كانت أدبية أم علمية أم اجتماعية لا بد لها من أدوات وعناصر تسهم في الناتج وتخرجه للواقع، فللواقع دور مهم إن لم يكن هو الأهم، فكما أن الصدفة أسهمت في معرفة الجاذبية كذلك أسهمت في اكتشاف العالم والواقع وهي التي أدت إلى البحث الذي أسهم في الكشف عن النظريات العلمية والمنطقية، فالواقع أساسي في العملية الفكرية، فالصدفة هي التي ترشد للتقصي والتجربة العلمية القائمة على البحوث العقلية التي توصل لوضع الفرضيات العقلية فالتنبؤ العقلي الموصل إلى نتائج لعملية البحث والتجربة، هو السبيل الوحيد لإدراك الواقع، وعودة للنص الأدبي الذي لا يتم إنتاجه جزافا ربما يكون أساسه صدفة قائمة على رفض الواقع ، فلا بد من وجود عناصر تسهم في إخراج النص الأدبي من خلال واقع مدفون بحاجة لنفض الغبار عنه وعلاجه بطرق فنية تسهم في حسن تقبل القاريء له ولتفاوت المقدرة التي تنم عن شحذ الملكة الفردية للكاتب وتطويرها المؤثر في مدى تقبل القاريء لها، فكل بيت له سقف وجدران يسمى بيتا فحتى لو لم يكن ذا أثاث أو مزهريات وورود وديكور يبقى يسمى بيتا فلو أضفنا للبيت أعمدة وأقواس وحديقة لصار يسمى الأجمل، فالحكم على الجمال هو حكم على الظاهر الذي يكشف عن معالم الباطن، وتوظيف اللغة من خلال طبيعة الحركة والثبات والترابط، يوصل للواقع النفسي لمعرفة الأسلوب ومجمل الحالة المسيطرة على بان النص بحيث يمكن استخراج الواقع النفسي واكتشاف الحالة النفسية من خلال أفعال تدلل على الفرح والسعادة واليأس والحزن والظلم ...كما أنه من خلال الصور الشعرية يمكننا الكشف عن الجمالية ما ينتاب الكاتب من تفاؤل وخيال فأسلوب النص وما يحويه من تنميق وترتيب له دور كبير في الكشف عن بلاغة الكاتب ومقدرته الفنية، فأساس البيت هو: سكن وأسرة وأمان ومكونات البيت أساسات وجدران وسقف وعناصر البيت ماء واسمنت وتسليح وبناء وجماليات البيت حجر وزوايا وأقواس وديكور وحديقة وبركة سباحة وأسوار ( وأنتر كوم وكميراث) أي عناصر خارجية وداخلية تشكل واقعا نفسيا مريحا، كذلك النص الأدبي له عناصر خارجية وداخلية، خارجية لما تشكله من واقع نفسي واجتماعي وسياسي وطبيعة وحاضر ومستقبل وماض وبشر وحيوانات وماديات من سيارات وعمارات وناطحات سحاب، وسياسي نظام وعدل وظلم وثورة وثائر ومياه وأمطار وثلوج ورياح... تشكل البيئة المحيطة بكاتب النص فلها تأثيرها في الواقع البنائي للنص وأخرى داخلية تتمثل في بان النص وما وهب من خيال ومقدرة وحدس كذلك في بنية النص من لغة وطبيعة أسلوبها وعناصرها ومدى دقتها والتزامها فالنص لا يقتصر على مرسل ومعالجة ومستقبل، وتغذية راجعة باتجاهين وسميت الحوليات لأن الشاعر كان يراجع القصيدة حولا كاملا قبل أن يخرجها، ومن أولويات الكاتب والأديب القدرة انتهاج نفس ثوري يسعي لإيجاد واقع أفضل تلاؤما لمعيشته من خلال أولا: مدى إخصاب خياله ودمجه مع الواقع لإنتاج عمل جميل مقبول لدى أجيال القراء على امتداد مراحل التاريخ.
ولو لم يكن كذلك لما بقينا نقرأ المعلقات وأشعار ما قبل الإسلام وما بعده ولذلك فإن هناك ثلاث عناصر أساسيات للقارئ والناقد يلفتان أنظارهم فيبحثا عنه في أية نص، وهذه العناصر متلازمة ومترابطة ومتفاعلة فيما بينها، وهذا التلازم والترابط يُصعب ما يمكن أن يكون لأحدهم أولوية على الآخر .
الواقع
وهو تشكيل أساسي لما حول النص وهو المنتج ومصدر الصدفة والتأمل والإلهام والبحث لعملية التفكير والحاث عليها فهو المؤدي والموصل إلى الفكرة ولذا قال تعالى: يتفكرون في خلق السموات والأرض.
الفكر
فإن قلت: لما قدم القرآن هنا الفكر على الواقع أقول: هو لم يقدم الفكر على الواقع بل قدم الحركة الحاضرة وهي غير ثابتة متحركة ما بين ماض وحاضر ومستقبل لإعمال التفكير في الواقع وهذا يدلل على مدى ترابط الفكر بالواقع وصعوبة الفصل بينهما، فالواقع هو الذي يدفع باتجاه التفكير لإنتاج عمليات عقلية توصل لأفكار ونتائج إيجابية وتدفع باتجاه التفكير المنطقي السليم الموصل لقناعات والواقع هو الذي يغذي عمليات الإنتاج العقلي، فللواقع تأثير على الوضع النفسي والسياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي وهو السبب المباشر المؤدي إلى إنتاج عنصر.
الخيال
هو الملكة والتي هي عبارة عن قدرة تكمن في الشاعر على فلسفة الواقع من خلال قوة خياله والربط ما بينه وبين اللغة ومدى إدراك ووعي الواقع، فإن كان الواقع جميلا ينعكس على نفسيات الكاتب والنص فيبنيه من تخيله في صور جميلة معبرة وجاذبة، وإن كان قبيحا فالعكس صحيح يتم بناءه بصور متخيلة تعبر عن الظلم ومحاربته والحث على تغييره.
فالخيال هو عملية مستوحاة من الواقع تكمن فيه قدرة الكاتب وأسلوبه، من خلال المقدرة على التحكم في صياغة لغوية تنتج إبداع فني عميق مستحدث فرديا، فللخيال علاقة بالأسلوب ومحتوى النص للوصول إلى.

أولا: الجديد أو ما استحدثه الكاتب من خلال مقدرته على صياغة أفكار وصور جديدة تتناسب مع الطرح وطرق العلاج ، مما يؤدي إلى تشكل النص كمرجع يمتد لفترات زمنية متعاقبة، ويتمثل ذلك في نصوص موغلة في القدم لا زلنا نعود إليها.

ثانيا: مدى تأثير النص بالمتلقي، مما يشكل عملية اندماج لعلاقة جدلية تفاعلية ما بين الكاتب والنص والمتلقي فيرسم له خيوط بحثية حاثة على التفكير والبحث فكثيرا ما نسمع عن قارئ قد تأثر بأفكار كاتب أو أديب أو شاعر ومدى تأثره بشاعر أو فيلسوف سار على نهج آخر.
ثالثا: هو بنية النص ولغته وانفعالاته وتفاعلاته وروح الجمال النصي ومدى تقبل وتفاعل القاريء له ومدى علاقة النص مع ما حول النص، والشيء الأهم إفراد النص الأدبي واستقلالية النص الأدبي عن النصوص الأخرى هي جوهر التميز في تفرده.

#عدنان_العريدي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل