أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هاني عبيد - الرقمنة وتأثيرها على البيئة














المزيد.....

الرقمنة وتأثيرها على البيئة


هاني عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 22:18
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


علاقة الإنسان مع بيئته كانت منذ القدم علاقة تبادلية. في العصور الغابرة كانت البيئة بظواهرها الطبيعية مصدر تهديد للإنسان وتشكل خطراً على حياته. وبدأ الإنسان تدريجياً يدرس بيئته ويحاول أن يحمي نفسه من أخطارها بوسائل اصطناعية بدائية. ظلت البيئة تتحكم في حياة الإنسان لمئات السنين. تعلّم الإنسان من بيئته معارف ومهارات مكنته من التكيّف معها بحيث بدأ خطر البيئه يضعف تدريجياً.
بدء الإنسان في التأثير على البيئة مع عصر البخار بحيث امتلك قوة منحته القدرة على تغيير البيئة التي يعيش فيها، وهكذا دخلت البشرية في عصر الثورة الصناعية التي سُميت بالثورة الصناعية الأولى والتي تبعتها ثورات تكنولوجبة متلاحقة. ومع هذا التقدم العلمي بدأت تظهر التأثيرات السلبية على البيئة والناتجة عن النشاط الإنساني، وومع ذلك كانت البيئة قادرة على امتصاص هذا التاثير والتكيف معه.
زادت وتيرة التقدم العلمي والتي أدت إلى تراكم المعرفة وزيادة الإنتاج المادي والذي كان محركه الأول هو الطاقة. حلّت الطاقة الكهربائية محل طاقة البخار، وسّخر الإنسان طاقة الذرة، ومع زيادة استهلاك الطاقة زادت غازات الدفيئة وأصبح تأثيرها على الطبيعة واضحاً. أدرك الإنسان أن التقدم العلمي الذي يجني فوائده الجمة له تأثيرات سلبية قوية على البيئة التي يعيش فيها بحيث أن هذه التأثيرات قد تدمر الفضاء البيولوجي للإنسان والكائنات الحية بسبب الاستغلال الوحشي للبيئة التي يعيش فيها حيث بدأت تظهر للعيان آثار التدمير الذي ألحقه إنسان العصر الحاضر بالعناصر البيولوجية والحية على الأرض.
من هنا ظهر في السنوات الأخيرة مفهوم البيئة المستدانة Ecological Debt ومفهوم التنمية المستدامة (الاستدامة) Sustainable development (Sustainability). عندما يستخدم الإنسان موارد الطبيعة بسرعة تفوق مقدرة الطبيعة على تجديدها تصبح بيئتنا مستدانة أي أننا نقترب من ما يُسمى يوم تجاوز الأرض Earth overshoot day وهو اليوم الذي نكون فيه قد استهلكنا كل موارد الأرض التي يمكن تجديدها وبالتالي نصبح نعيش في بيئة غير قادرة على تجديد نفسها، وبعبارة أخرى تكون الأنظمة البيئية التي تلبي احتياجاتنا قد دُمرت. كل الدلائل تُشير إلى أننا نقترب بسرعة من هذا اليوم، والأمثلة عديدة: تدمير الغابات ونضوب المياه الجوفية وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتآكل التربة وانقراض الكائنات الحية وغيرها من الظواهر الطبيعية التي لم يعرفها الإنسان سابقا.
ولمواجهة هذه التحديات أصبحنا نربط بين التنمية وبين استدامة الموارد الطبيعية وخاصة ونحن نعيش في عصر الاتصالات والمعلومات التي أفرزت الرقمنة Digitization والتي تُعتبر الخطوة الأولى نحو الإقتصاد الرقمي (الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية وأنظمة التجارة الإلكترونية) والإقتصاد الذكي (العملات المُشفرة في المعاملات التجارية). في ظل هذا التطور السريع لا بد أن يكون هدفنا تلبية احتياجاتنا دون المساس بقدرة الأجيال اللاحقة على تلبية احتياجاتها الخاصة. لقد عرّفت لجنة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية "التنمية المستدامة" في تقريرها المُسمى تقرير "برونتلاند" والصادر عام 1987م كما يلي: التنمية المستدامة هي التنمية التي تُلبي احتياجات الحاضر دون أن تُعرض قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها للخطر. إن هذا التعريف مشابه لما نتداوله في حياتنا اليومية بالقول: زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون.
التنمية المستدامة هي مثلث بأبعاد ثلاثة تمثلها أضلاعه، وهي: البيئة والإقتصاد والمجتمع. إن هذف التنمية المستدامة في مجال البيئة يتمثل في حماية الموارد الطبيعية والحد من التلوث والذي يؤدي إلى تغيرات في مناخ الأرض وأخيراً الحفاظ على التنوع البيولوجي للكائنات الحية. أما البعد الإقتصادي فيعني تحقيق نمو إقتصادي متوازن يؤدي إلى خلق فرص عمل مستدامة وهذا يتطلب منا تشجيع الابتكار والإبداع.
أما البعد الثالث والمتعلق بالمجتمع فيهدف إلى ضمان العدالة وتكافؤ الفرص وتوفير التعليم والرعاية الصحية للجميع والتي في النهاية تخلق فرص عمل تؤدي إلى محاربة الفقر.
تؤثر الرقمنة على البيئة بشكل كبير، وهذا التأثير يتعلق بالمياه والطاقة الكهربائية والمواد الخام. تستهلك مراكز البيانات Data centers والتي تحتوي على إعداد كبيرة من الخوادم Servers العملاقة كميات كبيرة من المياه للتبريد لاحتوائها على معالجات قوية (GPUs/TPUs) والتي تولد كميات كبيرة من الحرارة، عدا عن استهلاكها المتعاظم من الطاقة الكهربائية. ويعود السبب إلى أنها تعمل 24 ساعة متواصلة على مدار السنة وتخدم ملايين المستخدمين. فثلاً، أي طلب من الذكاء الاصطناعي (Chat GPT) يستهلك من الطاقة الكهربائية عشرة أضعاف ما يستهلكه محرك البحث غوغول (يستهلك محرك غوغول سنوياً 15 تيراواط.ساعة، علماً أن توليد الطاقة الكهربائية الإجمالية في الأردن لعام 2023 م كان حوالي 21 تيراواط.ساعة).
تعتمد الأجهزة الإلكترونية على كمية ضخمة من المواد الخام، فلتصنيع 2 كغم من الحاسوب يلزمنا 800 كغم من المواد الخام. أما الصفائح الإلكترونية فتستخدم كميات من العناصر النادرة. إن أحد الأثار السلبية لعصر الرقمنة هو في إنتاج كمية كبيرة من النفايات الإلكترونية والتي تحتوي على مواد سامة مثل الزئبق والرصاص. فقد أنتج العالم 62 مليون طن متري من النفايات الإلكترونية في عام 2022م أي بمعدل 7.8 كغم لكل فرد وتم تدوير 22.3% فقط منها.
بالرغم من الفوائد الجمة التي جناها الإنسان من التقدم العلمي والتكنولوجي، إلاّ أن مخاطر جمة تترافق مع هذه الفوائد والتي أصبحت تُشكل تهديداً للبيئة والحياة على الأرض. إن المهمة الملحة الآن أمام العالم كقيادات وشعوبٍ ومفكرين وعلماء وحتى الإنسان العادي هو كيفية التعامل مع هذه التحديات والأخطار وتحويلها إلى فرصٍ لتعظيم الفوائد من هذا التقدم العلمي.



#هاني_عبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الجامعات منتج أوروبي؟
- ألم الشوق والحنين إلى الماضي
- الاب انستاس ماري الكرملي، سفير العربية إلى العالم
- هل لإسرائيل حدود؟
- عنبرة سلام الخالدي – رائدة الحركة النسائية في بلاد الشام
- كتاب اخي وأرضي
- انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية - الجزء الخامس والأخ ...
- انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية - الجزءالرابع
- انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية - الجزء الثالث
- انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية- الجزء الثاني
- انتشار المسيحية في جنوب الجزيرة العربية
- استراتيجيات الدول الكبرى في فلسطين عشية قرار التقسيم
- هزال النظرية الإفتصادية
- سبعون عاماً على النكبة
- تأسيس الجامعات
- شواهد مسيحية في اليمن
- مسيحيون وليس نصارى
- جامعة سالرنو الطبية
- السريان ودورهم الحضاري في التاريخ
- العودة إلى قرار التقسيم


المزيد.....




- لغز يحيّر زوار اليابان.. ما سبب غياب حاويات القمامة؟
- الحجاج يبدؤون رمي الجمرات في أول أيام عيد الأضحى
- مسيّرات وصواريخ روسية تضرب مناطق عدة في أوكرانيا وتتسبب بإصا ...
- روسيا.. تطوير طلاء للطائرات يقلص كثرة الإصلاحات بنسبة 40%
- المركبة اليابانية Hakuto-R تفشل في الهبوط على سطح القمر
- مصر.. حادث مروع يودي بحياة 3 أشخاص من أسرة واحدة ليلة عيد ال ...
- 130 وسيلة إعلام ومنظمة تطالب إسرائيل بإتاحة دخول المراسلين ا ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي للرئيس اللبناني: بيروت لن تنعم بالهدو ...
- للمرة السابعة هذا العام.. إسرائيل ترفض تسليم الحرم الإبراهيم ...
- هدايا لا تقدر بثمن متبادلة بين -الردع- و-اللواء 444- في ليبي ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - هاني عبيد - الرقمنة وتأثيرها على البيئة