أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كايد الركيبات - قراءة في كتاب -كيف تحلل نصاً أدبياً-














المزيد.....

قراءة في كتاب -كيف تحلل نصاً أدبياً-


كايد الركيبات
(Kayed Rkibat)


الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 20:16
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تنبع القيمة الأدبية والمعرفية لكتاب "كيف تحلل نصاً أدبياً" لصدوق نور الدين، الصادر عن دار القلم ببيروت، من منهجه العلمي في تحليل النصوص الأدبية، إذ يتجاوز هذا المنهج الأساليب النمطية والقراءات السطحية، ويستند إلى ثلاثة مستويات مترابطة للتعامل مع النص: نقد آليات القراءة التقليدية، تأصيل مفهوم التفاعل النصي، وتأسيس منهج تأويلي حر ومنضبط في آن واحد.
منذ الصفحات الأولى، يضع المؤلف يده على الخلل الجوهري في طرائق تدريس الأدب وتحليله، وهو ما يسميه "التأطير النصي" الذي يطغى على صلب النص، ففي معظم المنظومات التعليمية، يُمنح الاهتمام الأكبر لتفاصيل حياة الكاتب والظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية المحيطة بالنص، في حين يُهمَل النص نفسه ككيان لغوي وجمالي مستقل، قال المؤلف في هذا السياق: "لقد دأب التحليل الأدبي في المؤسسة التعليمية، على إيلاء الأهمية والأولوية لما يمكن أن يسمى بالتأطير النصي... والأصل أن ما يتولد من التأطير النصي إهمال النص موضوع التحليل" (ص: 5-6). يفتح هذا النقد الباب أمام تصور جديد للعملية التحليلية، قوامه العودة إلى النص لا إلى ما يحيط به، والإنصات لمعانيه بدل إسقاط معاني مسبقة عليه.
ويُعمّق المؤلف رؤيته النقدية حين يلفت النظر إلى خطأ شائع يتمثل في إلباس النصوص معاني نابعة من تصور القارئ لا من بنيتها الداخلية، قال: "الإشكال الأساس الذي يمس النص الأدبي يتمثل في إصباغنا لمعنى نحمله نحن، على معنى كامن في النص. وكأن الأمر يتعلق بنص نحن الذين قمنا بكتابته" (ص: 15)، يؤسس هذا الطرح لمفهوم تأويلي يعتبر القراءة مشاركة في بناء المعنى، لا فرضاً له، ويعيد الاعتبار لدور النص كفاعل أساسي في إنتاج دلالاته.
في هذا الإطار، يبرز المؤلف أهمية العلاقة الجدلية بين القارئ والنص، تلك التي لا تقوم على التلقي السلبي، بل على فعل تفاعلي يعيد بناء النص وفق مرجعيات القارئ وتجربته الجمالية، قال: "لا تتحقق القراءة إلا في/ وبالعلاقة بين قارئ ونص... إن القيمة الحقة للقراءة تكتمل بتوفر النص على حد أدنى يسوغ ممكنات فعل القراءة بعيداً عن الاجتزاء" (ص: 24-25). بهذا يصبح النص الأدبي كياناً مفتوحاً لا يكتمل إلا في لحظة التفاعل القرائي، حيث تُنتج قراءات متعددة ومتغيرة بحسب السياقات.
وإلى جانب هذا التفاعل القرائي يرفض الكاتب فكرة التأويل النهائي للنص، وبرأيه أن كل قراءة هي احتمال جديد، وتوليدٌ لنص ثانٍ من رحم النص الأصلي، قال: "ما يتولد عن التحليل النصي كتأويل نهائي، لا ينبغي أن يُعد نهائياً. ذلك أن في النهاية موتاً للنص" (ص: 30). هذه الرؤية تمنح النص حياة دائمة وتجدداً مستمراً، وتفتح المجال أمام قراءات متعددة لا تُبطل إحداها الأخرى، بل تغنيها وتوسع أفقها.
أما على المستوى المنهجي، فإن الكتاب يقدم تحليلاً دقيقاً لما يسميه بـ"منزلقات التحليل النصي"، ومنها مثلاً الاعتماد الزائد على المضامين بدل الصياغات، وإقصاء البعد التخيلي للنص، يؤكد في هذا السياق أن: "التحليلات النصية... تركز على المضامين وليس على الصياغات، ما دامت الحمولة النصية فكرية وليست جمالية" (ص: 40)، مما يؤدي إلى قراءة فقيرة، تختزل النص في أفكار عارية من لبوسها الفني والجمالي.
وفي باب تصنيف النصوص، يطرح المؤلف إشكاليات دقيقة تتعلق بالتمييز بين الجنس والنوع، وأثر ذلك في اختيار المنهج الملائم للتحليل، فيوضح أن "كل نص يتطلب منهجاً خاصاً يتكيف مع بنيته وجنسه"، وأن فرض نموذج تحليلي موحد يؤدي إلى "إفقار للنص وللمعاني التي ينتجها" (ص: 58).
أخيراً، يقدم المؤلف تصوراً متوازناً للتأويل النصي، يجمع بين الحرية والانضباط، ويقول: "إن عملية التقييد خطوة نحو عقلنة المتحدث عنه... فكل تأويل ولادة لنص جديد، تتحكم فيه مخيلة القارئ" (ص: 63). وبهذا يُعيد التأويل إلى مكانه الطبيعي كعملية مشتركة بين القارئ والنص، محكومة بحدود بلاغية لا تلغي التعدد، بل تنظمه.
لقد سعى صدوق نور الدين إلى تحرير فعل التحليل الأدبي من قيود النمذجة الجامدة والقراءات السطحية، داعياً إلى إعادة إنتاج المعنى ضمن شروط تفرضها اللغة والتخييل والأسلوب. ومن هنا تنبع القيمة الأدبية لهذا الكتاب، إذ لا يقتصر على عرض آليات التحليل، بل يقدّم تصوراً نظرياً متكاملاً حول العلاقة التفاعلية بين القارئ والنص، تأسيساً لقراءة تشاركية تنظر إلى النص بوصفه كياناً حياً ومتجدداً، ويجعل القارئ شريكاً فاعلاً في فهم النص، بعيداً عن أي فوضى في التأويل، ويحفز على ممارسة تحليلية واعية، منفتحة، ومتجددة.



#كايد_الركيبات (هاشتاغ)       Kayed_Rkibat#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب حبال من رمل قصة إخفاق أمريكا في الشرق الأوسط
- السنوار وقرار حركة حماس
- قراءة انطباعية في رواية أكلة لحوم البشر
- قراءة انطباعية في رواية -شبرمة صاحب المزمار-
- 56 عاماً من الهزيمة
- زواج الأمير حسين
- 77 ربيعاً من الاستقلال الأردني
- الذكرى 75 للنكبة الفلسطينية
- السيرة الروائية للكاتب المغربي محمد شكري
- قراءة انطباعية في رواية -77 خريفاً- للكاتبة الأردنية فاطمة م ...
- قراءة انطباعية عن رواية -آرام- للكاتبة الأردنية فاطمة الهلال ...
- حق التعبير عن الرأي
- في الذكرى المئوية لمعركة ميسلون
- لماذا لا نتعلم من نقابة المعلمين
- المعرفة قبل الاعتراض على قانون الضريبة
- السيف والنار في السودان
- قراءة في العلاقات الثنائية الأردنية السعودية
- فرصة الإصلاح الضائعة
- أسرار داعش
- الصراع الخليجي في الدول العربية المحترقة


المزيد.....




- موقع بريطاني: أوكرانيا -ستدفع ثمن- هجومها الإرهابي على مطارا ...
- ترحيل أطفال أمريكيين مع ذويهم يثير جدلا واسعا ومطالبات بمحاس ...
- سياسة ترامب في مجال التنوع تضع مكافحة التمييز في مهب الريح! ...
- مصرع فتاة إثر زلزال في تركيا ووزير الداخلية يكشف ملابسات الح ...
- وزير الخارجية الكويتي: السفارة السورية ستفتح قريبا في الكويت ...
- أمريكي يلفق تهمة التهديد بقتل ترامب لمهاجر بهدف ترحيله
- أنقرة تأمل بأن تقرب مفاوضات إسطنبول انعقاد لقاء بوتين وزيلين ...
- عراقجي يكشف عن -مستوى غير مسبوق- في العلاقات مع مصر
- خيانة -فيروز- ليلة سقوط بوابة سوريا وفلسطين
- غزة: سقوط عشرات القتلى الفلسطينيين قرب مركز مساعدات ومقتل ثل ...


المزيد.....

- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كايد الركيبات - قراءة في كتاب -كيف تحلل نصاً أدبياً-