أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدو اللهبي - الشعوب العربية وأزمة الوعي السياسي: الخوف، الدين، والإستسلام..













المزيد.....

الشعوب العربية وأزمة الوعي السياسي: الخوف، الدين، والإستسلام..


عبدو اللهبي
(Abdo Allahabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 08:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في العالم العربي، تتكاثف الأزمنة وتتناوب السلطات، وتتغير أنظمة، وتأتي آخرى ويظل الثابت هو غياب الوعي السياسي لدى شعوب المنطقة..
هيمنة الخوف من السلطة، والتطبيع مع الاستبداد السياسي، أمور لازمت العقل العربي على مدى عقود وحقب طويلة من التاريخ..
ليس الأمر صدفة، بل نتيجة لمسار طويل من ترويض العقول وتطويع الدين لخدمة الجلاد، حتى أصبح الاستسلام طابعًا عامًا، والخنوع سياسة حياة دائمة.
العقل العربي لم يُترك ليتطوّر بطبيعته، بل أُعيد تشكيله وتدجينه عبر قرون من الهيمنة الفكرية والاجتماعية والدينية. منذ الصغر، يُلقَّن الإنسان العربي .على الطاعة ، وأن الخروج على الحاكم "فتنة"، وأن "الصبر على الظلم أفضل من الفوضى".
المفكرالمغربي محمد عابد الجابري يقول في كتابه "تكوين العقل العربي":
العقل العربي عقل بياني، يبرّر الواقع ولا ينتقده... وهو عقل لا يسائل السلطة بل يسندها ويطيعها".
إن هذا التكوين لم يأتِ من فراغ، بل تم ترسيخه في التعليم، وفي الأسرة، وفي المسجد، وفي الإعلام.
في كثير من المراحل التاريخية، لعبت المؤسسات الدينية الرسمية دورًا في تثبيت الاستبداد. وقد ساهمت العديد من الخُطب والفتاوى في جعل الطاعة للحاكم واجبًا دينيًا، مهما كان فاسدًا أو جائرًا.
خلال الاحتلال الفرنسي لمصر، أيّد الأزهر في مراحل كثيرة بقاء الخديوي المتحالف مع الاحتلال، ورفض الانتفاضات الشعبية ضد السلطة، بحجة حماية "النظام" و"أمن المجتمع".
وفي الجزائر، دعم مشايخ الطرق الصوفية الاستعمار الفرنسي مقابل امتيازات دينية. ويقول المؤرخ مالك بن نبي:
> "لقد تمكّن الاستعمار من احتلالنا جسديًا لأن عقولنا كانت محتلة سلفًا بالخرافة والخوف والطاعة العمياء..
الجلاد في العالم العربي ليس دائمًا شرطياً يحمل عصاً، بل فكرة داخلية تُراقب الإنسان لذاته. المواطن يتحوّل إلى رقيب على نفسه، يسجن أفكاره قبل أن تنطق بها شفتاه.
المفكر المصري نصر حامد أبو زيد أشار في كتابه "نقد الخطاب الديني" إلى أن:
> "الإنسان العربي لا يخاف الله بقدر ما يخاف من رجال الدين، ولا يخاف الدولة بقدر ما يخاف من سُمعتها في القمع".
بهذه العقلية، تم إنشاء نموذج المواطن المثالي: الذي لا يعترض، لا يحتج، ويبرر القهر تحت مسمى "القدر".
في بيئة مشبعة بالخوف والتجهيل، تصبح مفاهيم مثل الديمقراطية، حرية التعبير، العدالة الاجتماعية، إما أحلامًا مؤجلة أو تهديدات للـ"استقرار". الإعلام الرسمي و"الدين المُؤدلج" لعبا دورًا أساسيًا في شيطنة هذه المفاهيم، وتقديمها كخطر على "هُويتنا" و"أمننا".
المفارقة أن هذه الشعارات تم تفريغها من مضامينها حتى داخل الثورات. فعندما خرج الناس للمطالبة بالحرية، سرعان ما تم قمعهم باسم الدين أو الوطنية أو "عدم النضج السياسي".
إذاً التحرّر الحقيقي لا يبدأ بإسقاط حاكم، بل بإسقاط فكرة الطاعة من داخل العقول. الوعي هو الخطوة الأولى لأي تغيير، وهو الخطر الأكبر الذي تخشاه الأنظمة المستبدة.
نحن بحاجة إلى مشروع نهضة فكرية لا يكرر ما فعله رواد "النهضة" الأوائل فقط، بل يتجاوزه. نحتاج إلى:
إعادة قراءة التراث بنظرة نقدية لا تقديسية.
تفكيك الخطاب الديني التقليدي وفصله عن السلطة.
تعليم الناشئة ثقافة السؤال، لا ثقافة التلقين.
إنتاج إعلام تحرّري يعيد الاعتبار للفرد
كما قال جبران خليل جبران:
> "ويل لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر... وتقدّس الجلاد وتلعن الضحية."
الشعوب لا تولد خائفة، بل تُدرَّب على الخوف. والعقل العربي ليس عاجزًا بالفطرة، بل أُعيق عن النمو. تم نهكيره بالخرافات وأمجاد الماضي..
واليوم، في زمن الشبكات المفتوحة والمنصات الحرة، لا عذر للبقاء في الظلام.
ما نحتاجه ليس صحوة دينية ولا قومية... بل صحوة إنسانية تحرر الإنسان العربي من قيد الجلاد، ومن فخ الاستسلام، وتجعله يؤمن بأن الحرية حق، لا منّة، وأن الكرامة ليست رفاهية، بل جوهر الحياة وأساسها المتين ومصدر نهضة الشعوب ورقيها الدائم..



#عبدو_اللهبي (هاشتاغ)       Abdo_Allahabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب والحرب التجارية: من القوة إلى العزلة الاقتصادية..!
- العقل العربي والطائفية: إشكالية المثقف بين الإرث والتحديث
- لماذا تستبدل الشعوب العربية الأنظمة الديكتاتورية بأخرى إسلام ...
- وقوع الأحزاب الليبرالية الغربية في فخ العنصرية تجاه القضية ا ...
- فشل أحزاب اليسار في العالم العربي.. وكيف يمكنها أعادت صياغت ...
- العلمانية هي نتاج التراث الفلسفي العربي والاسلامي قديماً..أه ...
- علاقة الشعوب مع الإستبداد السياسي، ورهانها على حرية لاتعرف م ...
- محاولات الفلسفة النهوض بالفكر الديني قديماً على يد أبن عربي ...
- استبدال الديكتاتوريات العسكرية بجماعات الإسلام السياسي والمي ...
- عند باب سجن (صيدنايا)
- تهديد المهاجرين لبقاء الغرب على ديمقراطيته وليبراليته..ودعمه ...
- مشروع 2025 المخاطر والتحديات التي يواجهها المجتمع الأمريكي و ...
- الإنتخابات الأمريكية، وإنتقال العرب الأمريكيين من الإنتماء ا ...
- العنصرية..بين الموروث ومتطلبات العصر..
- العنصرية بين أمريكا والعالم العربي
- التاريخ والموروث الثقافي..تأسيس ممنهج لتحييد العقل وتغييب ال ...
- حرية التعبير عقيدة لا يؤمن بها أحد..
- التفكير الجمعي..وأثره في واقعنا وثقافتنا المعاصرة..
- الكراهية .. ثقافة البشر المتوارثة..،
- الكراهية والعنصرية هل هي مستقبل البشر المنتظر..؟!


المزيد.....




- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- مؤتمر بالدانمارك يدعو لمواجهة الصهيونية المسيحية ودعمها الان ...
- مصدر لـRT: اللجنة الوزارية العربية الإسلامية برئاسة وزير الخ ...
- كتاب جديد يبرز واجب العلماء والدعاة لنصرة فلسطين والمسجد الأ ...
- بزشكيان: لا مكان للأسلحة النووية في عقيدة الجمهورية الإسلامي ...
- سلفيت.. جغرافيا يلتهمها الاستيطان من سرطة إلى بروقين
- كتاب جديد يبرز واجب العلماء والدعاة لنصرة فلسطين والمسجد الأ ...
- تنظيم -الدولة الإسلامية- يتبنى أول هجوم ضد القوات الحكومية ا ...
- اللجنة الوزارية العربية الإسلامية تزور رام الله الأحد


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدو اللهبي - الشعوب العربية وأزمة الوعي السياسي: الخوف، الدين، والإستسلام..