أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدو اللهبي - ترامب والحرب التجارية: من القوة إلى العزلة الاقتصادية..!














المزيد.....

ترامب والحرب التجارية: من القوة إلى العزلة الاقتصادية..!


عبدو اللهبي
(Abdo Allahabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 08:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ عقود، شكّلت الولايات المتحدة الأميركية القلب النابض للنظام الاقتصادي العالمي، لا بسبب قوتها العسكرية فقط، بل بفعل هيمنتها على الأسواق العالمية، وانفتاحها على التجارة الحرة، وبفضل الدور المركزي الذي يلعبه الدولار الأميركي كعملة احتياط رئيسية في العالم. لكن مع قدوم إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدأ تحوّل جذري في النظرة إلى هذا النظام، حيث اتبعت الإدارة نهجًا انعزاليًا، وقادت حربًا تجارية واسعة النطاق، كان لها تداعيات خطيرة على مكانة أميركا واقتصادها العالمي.

غياب الفهم العميق لقوة أميركا الحقيقية

لم يكن لدى ترامب وإدارته إدراك بأن قوة الولايات المتحدة الاقتصادية لا تنبع فقط من إنتاجها المحلي أو أسواقها الداخلية، بل من الثقة الدولية بالدولار الأميركي، ومن اعتماد العالم على النظام المالي الأميركي في إجراء التبادلات والتسويات التجارية الكبرى. لقد تجاهلت الإدارة هذه الحقائق عندما بدأت بفرض تعريفات جمركية على حلفاء تقليديين، مثل الاتحاد الأوروبي وكندا، وعلى منافسين كبار مثل الصين.

هذا التصعيد الجمركي، الذي رُوّج له تحت شعار "أميركا أولاً"، لم يُضعف فقط علاقات واشنطن التجارية، بل دفع العديد من الدول إلى التفكير في خيارات بديلة قد تضع حدًا للهيمنة الأميركية، سواء في النظام المالي أو التجاري.

تحذيرات من خبراء الاقتصاد

الخبير الاقتصادي العالمي نورييل روبيني، الذي كان من أوائل المحذرين من أزمة 2008، يرى أن السياسات الحمائية التي انتهجها ترامب "قد تؤدي إلى تآكل الثقة بالدولار الأميركي كعملة احتياط دولية". ويضيف أن "العالم بدأ يشهد حراكاً ملموساً نحو تقليص الاعتماد على الدولار، والبحث عن بدائل، مثل اليورو واليوان، وحتى التبادل الثنائي بالعملات الوطنية".

هذا التحول، بحسب روبيني، ليس مجرد احتمال بعيد، بل توجه استراتيجي تقوم به دول مثل الصين وروسيا والهند، وتسير نحوه تكتلات إقليمية مثل "بريكس" و"الآسيان"، الأمر الذي قد يسرّع من زوال الامتياز الأميركي المتجسد في طباعة الدولار بلا تكلفة حقيقية.

لقد كان آدم سميث، في كتابه الشهير "ثروة الأمم" (1776)، من أوائل من بيّنوا أن ازدهار الدول لا يتحقق بسياسات الحماية والانغلاق، بل من خلال التبادل الحر الذي يضمن استفادة كل طرف من ميزاته النسبية. وأكد سميث أن فرض القيود الجمركية يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، واحتكار الأسواق، وتقليص فرص النمو. ولو كان حيًّا اليوم، لرأى في سياسات ترامب نقيضًا صارخًا لما دعا إليه؛ إذ أن هذه السياسات تعكس فهماً مغلوطًا لطبيعة الثراء القومي، حيث يتم اختزال القوة الاقتصادية في الميزان التجاري، لا في جودة المؤسسات وانفتاح الأسواق.

وبحسب سميث، فإن حرية التجارة ليست فقط وسيلة للربح، بل ضمانة للسلم والاستقرار بين الأمم. لكن ما نراه اليوم هو عودة إلى عقلية "اللعبة الصفرية"، حيث يُنظر إلى ربح الآخر على أنه خسارة لنا، وهذا تحديدًا ما يُضعف الاقتصاد الأميركي من الداخل والخارج.


الخسائر المحتملة: ما وراء التعريفات

سياسات ترامب التجارية، التي اعتمدت على لغة التهديد والعقوبات، بدأت تأتي بنتائج عكسية. فقد واجهت الشركات الأميركية صعوبات في الأسواق الخارجية، واضطرت إلى دفع كلفة أعلى للمواد الأولية المستوردة. كما لجأت الدول المتضررة إلى فرض تعريفات مضادة، مما فاقم من أزمة الشركات المصدّرة، خصوصًا في قطاعي الزراعة والصناعة.

والأخطر من ذلك، هو أن تآكل الثقة في الدولار، وتحول جزء من المعاملات الدولية إلى عملات أخرى، سيقود إلى سلسلة من الأزمات الاقتصادية داخل أميركا نفسها، تشمل:

ارتفاع أسعار الواردات، بسبب ضعف الدولار.

تراجع الاستثمارات الأجنبية، بسبب قلة الثقة في استقرار السوق.

اهتزاز أسواق المال، نتيجة تراجع مكانة أميركا كمركز مالي عالمي.

زيادة الدين العام، بسبب ارتفاع كلفة تمويله وانخفاض الطلب على سندات الخزينة الأميركية.


نحو واقع اقتصادي جديد

لم يعد العالم كما كان قبل إدارة ترامب. فالرغبة الدولية في فك الارتباط الأحادي مع الدولار الأميركي، والانفتاح على بدائل متعددة، باتت مسألة وقت. وقد ساهمت السياسات الحمائية التي اتبعتها واشنطن، لا في تعزيز مكانتها، بل في تعجيل فك الارتباط بها.

إن خسائر الولايات المتحدة في هذا المسار لا تقتصر على الأرقام والمؤشرات، بل تشمل خسارة الثقة الدولية، وتآكل القوة الناعمة التي لطالما كانت مصدرًا لهيمنتها. ومن هنا، فإن إعادة التفكير في السياسات الاقتصادية الخارجية للولايات المتحدة، واستعادة مبدأ التعاون والاحترام المتبادل، لم تعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة لإنقاذ ما تبقى من مكانة أميركا الاقتصادية..!



#عبدو_اللهبي (هاشتاغ)       Abdo_Allahabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل العربي والطائفية: إشكالية المثقف بين الإرث والتحديث
- لماذا تستبدل الشعوب العربية الأنظمة الديكتاتورية بأخرى إسلام ...
- وقوع الأحزاب الليبرالية الغربية في فخ العنصرية تجاه القضية ا ...
- فشل أحزاب اليسار في العالم العربي.. وكيف يمكنها أعادت صياغت ...
- العلمانية هي نتاج التراث الفلسفي العربي والاسلامي قديماً..أه ...
- علاقة الشعوب مع الإستبداد السياسي، ورهانها على حرية لاتعرف م ...
- محاولات الفلسفة النهوض بالفكر الديني قديماً على يد أبن عربي ...
- استبدال الديكتاتوريات العسكرية بجماعات الإسلام السياسي والمي ...
- عند باب سجن (صيدنايا)
- تهديد المهاجرين لبقاء الغرب على ديمقراطيته وليبراليته..ودعمه ...
- مشروع 2025 المخاطر والتحديات التي يواجهها المجتمع الأمريكي و ...
- الإنتخابات الأمريكية، وإنتقال العرب الأمريكيين من الإنتماء ا ...
- العنصرية..بين الموروث ومتطلبات العصر..
- العنصرية بين أمريكا والعالم العربي
- التاريخ والموروث الثقافي..تأسيس ممنهج لتحييد العقل وتغييب ال ...
- حرية التعبير عقيدة لا يؤمن بها أحد..
- التفكير الجمعي..وأثره في واقعنا وثقافتنا المعاصرة..
- الكراهية .. ثقافة البشر المتوارثة..،
- الكراهية والعنصرية هل هي مستقبل البشر المنتظر..؟!
- الخطاب الديني وهمٌ كبير بعمرٍ كبير


المزيد.....




- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...
- TOYOUR EL-JANAH TV تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد على ن ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدو اللهبي - ترامب والحرب التجارية: من القوة إلى العزلة الاقتصادية..!