أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسنين قيراط - أطياف راحلة .. حكاية المصري وابنته















المزيد.....

أطياف راحلة .. حكاية المصري وابنته


حسنين قيراط

الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 00:45
المحور: الادب والفن
    


تعرف يابدر.. ان فيه شاعر سوداني رحمة الله عليه كان قد وصف حاله في زمانه وماكان يقاسيه من سوء طالع اسمه إدريس جمَّاع.... وكأنه يوصف حالي الان ...أنشد يقول :
إﻥ ﺣﻈﻲ كدقيق ﻓﻮﻕ ﺷﻮﻙٍ ﻧﺜﺮﻭﻩ
ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮا: لحفاةٍ ﻳﻮﻡِ ﺭﻳﺢٍ ﺍﺟﻤﻌﻮﻩ
صعب الأمر عليهم
قلت: ياقوم اتركوه
ﺇﻥ ﻣﻦ أشقاهُ ﺭﺑﻲ ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺘﻢ تسعدوه.!

علي فكرة قالوا عنه شاعر مجنون والغريب انه اتي لندن ايضا للعلاج
كم انتِ غريبة أيتها الصدف ...!
عبدالله ....قال بدر :
فاكر زمان لما كنا في المرحلة الابتدائية وفي حصة الدين عندما قال لنا المعلم حديث الرسول (صلي الله عليه وسلم )..أحفظ الله يحفظك ..أحفظ الله تجده تجاهك
لقد جلسنا بعد اليوم الدراسي انا وانت واخذنا نردد الحديث حتي حفظناه قبل ان نعود لبيوتنا أنا سمّعته لوالدي وعلمت منك تاني يوم أنك ايضا سمّعته لوالدك وكم فرحوا بنا لفهمنا وحفظنا لهذا الحديث الشريف ...يلا نقوله مع بعض

عن أبي العباس عبدالله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلام، إني أعلمك كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام، وجفَّت الصحف))
أنت إنسان مؤمن ياعبدالله وتعلم ان ماكتبه الله لنا خير كله خير إن شاء الله سواء في الدنيا أو الآخرة .فلا تحزن ياصديقي ...أين حُسن الظن بالله ؟

هقولك حكاية حدثت هنا في لندن مع أحد الأخوة المصريين الذين يعيشون هنا في لندن حكاها لي أستاذي في كلية الطب بجامعة كمبريدج....قال لي :


وقف الأب المغترب ، والمقيم بإحدي ضواحي لندن عاصمة الضباب البريطانية ، وقف بجوار إبنته المسجاة علي أحد سرائر أكبر وأعرق
مستشفيات لندن ، وقف يتأمل أبنته زهرة عمره والبالغة من العمر ستة عشر عاما ، كانت الدموع المنهمرة من عينيه لا تنقطع ، ولا تتوقف

وعقله في شبه غيبوبة ، وبصره مسلط علي فلذة كبده ، وهوفي حيرة من أمره ، ....فكره مشتت،قلبه يكاد أن يتوقف ، قدميه لا تستطيع حمله

وشريط الذكريات يدور ويعرض في عقله الباطن ويسرد له تفاصيل رحلته منذ أكثر من عشرين سنة مضت ، يوم أن وطأت قدماه لأول مرة الأراضي

الإنجليزية كطالب علم في منحة من بلده الأم مصر، إلي أن أصبح رئيس قسم في إحدي كليات أعرق جامعاتها ، ودار شريط الذكريات به ليتذكر

قصة زواجه من إحدي جاراته بوطنه الأم مصر ، وتذكر قمة سعادته حين رزقه الله بإبنته (دعاء) ، وتمر الأيام والشهور والسنين في أقل من
لحظة حتي تصل أبنته إلي سن السادسة عشر شابة جميلة متفتحة للحياة مقبلة عليها ، مدبرة عن كل طريق يؤدي إلي اليأس أو الخصام مع
معطيات الحياة


أما الأب فقد كان يعيش حياته طولا وعرضا ،متمتعا بكل مباهج الحياة التي أتيحت له تحت مظلة حرية الفرد في المجتمعات الأوربية في مزاولة نمطه السلوكي بحرية تامة لا رقيب إلا الضمير ولاخوف إلا من نقص المادة فإذاغاب الضميروتوافرت المادة ،فلا خوف من شئ ،فلنتمتع اليوم بكل ما هو ممكن ، ولندع الغد للغد ،تلك كانت مقولته، وذاك كان سلوكه ، أما نصيبة من العبادة ،والدعاء ،والشكر وحمد الله علي نعمه يكاد
يكون معدوم ،حتي حدث ما حدث
ففي ليلة من ليالي مدينة الضباب عاد الأب إلي منزله متأخرا كعادته بعد سهرة من سهراته التي لا تنقطع كعادة أكتسبها من أصدقاء السوء
لتستقبله زوجته بدموع ونحيب وعيون حائرة ودموع منهمرة من بحر الهموم ، وأمواج من الأفكارالسوداء علي شاطئ اليأس والأحزان
ماذا حدث ؟ قالها الأب بخوف وفزع، فما كان من الأم إلا أن أخذته من يديه بدون أن تنطق بحرف واحد إلي حجرة أبنتهما الراقدة علي السرير
بلا حركة وبلا صوت ، فقط دموع تتساقط من الألم بدون صراخ،

هكذاحالها منذ عادت من المدرسة ، ما العمل ؟ ما العمل .. رحمتك يارب ..الطف بينا يارب ..قالت له الأم
حمل الأب أبنته وذهب وأمها إلي أكبر المستشفيات في العاصمة البريطانية ، وها هما في إنتظار نتائج الفحوصات من تحاليل وأشعات -

وفجأة
دخل الطبيب المختص ليخبره أن نتائج التشخيص الطبية عاجزة تماماعن تفسير وتوضيح سبب لهذه العلة التي أصابت الأبنة .... كم نحن
آسفون لما حل بأبنتكم ! وزاد الطبيب قائلا : مع الأسف لابد من إبلاغكم أن هذه الغيبوبة ستستمرعدة شهور قبل أن تفارق أبنتكم الحياة


ثلاثة شهور علي الأرجح ، وننصحكم بعودتها إلي منزلكم ، وإنتظار ساعة الرحيل ...... كم نحن آسفون ..! حمل الأب أبنته وخرج من المستشفي وهو في حاله من الألم والحزن والهم لا يعرف مداه إلا الله ، ورقدت الأبنة بالمنزل شبه مستيقظة ،

لا تدري شئ عما يدور حولها من أحداث، وجسمها يضعف ويتضاءل يوم بعد يوم حتي أصبح وزنها 25 كج بعد أن كان 65 كج ، أصبحت عبارة عن عينين
مفتوحتين ، وحدقة متحجرة لا تتحرك ، وجسم ضعيف ، ناحل ، منعدم لصور الحياة ، فقط عيون تدمع في صمت تام كلما حضر أحد لزيارتها



وفي يوم من الأيام رن جرس التليفون وكان المتحدث صديق قديم للأب من مصر ، حضر إلي لندن في زيارة عمل، وأراد أن يزور صديقه القديم
بالفعل حضر الصديق ، ولما سأل الأب عن أخبار أبنته فما كان من الأب إلا البكاء والنحيب وهو ينظر إلي صديقه ولسان حاله يقول ماذا أفعل ؟


ليس بيدي شئ ! ثم بكي كالأطفال ،وأخذ صديقه إلي حجرة أبنته ، وما كاد صديقه يري الأبنة حتي أخذ في ترديد ( لا حول ولا قوة إلا بالله،
إنا لله وإنا إليه راجعون ) ، وتسابقت دموعه كلماته، وساد الصمت لحظات، ثم مال الصديق نحو الأب وأسر إليه كلمات ، فقام الأب علي أثرها
وأغتسل وتطهر وتوضأ ، ثم خرج مع صديقه لصلاة الجمعة ،


دخل الأب مع صديقه مسجد المركز الأسلامي ، وللأسف كانت هذه هي المرة الأولي التي يدخل فيها المسجد لتأدية صلاة الجمعة ، وصلي كلا منهما ركعتين تحية المسجد ، ثم جلس الأب بجوار صديقه وتذكر الأيام التي كان يحافظ فيها علي الصلاة ، وعلي مواظبته في حضور صلاة الجمعة ودموعه لا تنقطع ولا تتوقف وعينه في تلقائية
فطرية تحلق في سماء المسجد وكأنها تبحث عن شئ أفتقده سنين طويلة ،طويلة جداً ، سنين تفوق عمر أبنته، كيف ضاعت منه كل هذه السنين؟


صعد خطيب المسجد المنبر ،وأفتتح خطبته بعد السلام وحمد الله والصلاة علي سيدنا محمد ( صلي الله عليه وسلم ) ، وكان موضوع الخطبة
نعم الله عز وجل علي عباده ، ورحمته بهم ، وفي سياق خطبة إمام المسجد ، وحينما قال :

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ


هنا أهتزت جنبات المسجد بصوت كالرعد يردد .... يارب ... يارب ... يارب ، حتي التف كل من كان بالمسجد نحومصدر
الصوت الذي كان صاحبه وحده يناجي ربه ، ولا يشعر بكل من كان معه أو حوله ... فقط الله ... الله فقط هو من كان يشعر به قريب كما قال عز وجل ،وناجي ربه : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، يارب أنا عبدك ، وليس لي إله غيرك ، سبحانك أنت في غني عن
عبادتي لك ،لكني لست في غني عن رحمتك ،لست في غني عن عفوك ، لست في غني عن رضاك ،لست في غني عن غفرانك ، لست في غني عن محبتك ،أسألك يارب ان ترفع مقتك وغضبك عني ،... وكانت آخر كلمات خطبة الجمعة هذه هي ( أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) ، وإنتهت صلاة الجمعة وودع الصديق صديقه ، وأوصاه بالصلاة والمحافظة عليها ، وذكره أن الشافي هو الله فالتجئ إليه ،ثم سلم
عليه ودعا له بشفاء أبنته وفارقه عائدا للوطن ،.


عاد الأب إلي المنزل وقلبه يدق ويشعر بإحساس لم يشعر به من قبل ،وعندما دخل المنزل قابلته زوجته بوجه تعلوه بسمة أمل ، فأخذته من يده
ودخلت به حجرة الأبنة التي ما أن دخل حتي رأها تحرك عينيها وتنظر نحوه وكانت هذه أول مرة تحرك فيها عينيها من شهور طويلة ، وبكي الأب والأم كما لم يبكيا في حياتهما ، وسجد الأب شاكرا لله ، وطالت سجدته وطال دعاءه وحمد الله وشكره ، لم ينقطع يوما عن الصلاة ، ولا
عن الذهاب إلي المسجد ما أستطاع إليه سبيلا ،


وبدأ حال الأبنة يتحسن يوم بعد يوم ، وشهر بعد شهر ، حتي عادت شبه ماكانت عليه قبل أصابتها بالمرض ، وحينما ذهبت مع الأب والأم إلي
المستشفي ، بعد أن صحت و شفاها الله، إجتمع فريق الأطباء الذين إحتاروا في تشخيص المرض وسبب العلة ،وأتفقوا علي ميعاد موتها

ثم إحتاروا للمرة الثانية في تعليل سبب عودتها للحياة مرة أخري ، وعندما سألوا الأب عن السبب أبتسم لهم ، ورفع بصره للسماء
وأنهمرت الدموع من عينيه كالسيل ، لكنها هذه المرة لم تكن دموع ألم وحزن ، بل كانت دموع فرح وأمتنان وشكر وحمد لمن بيده الأمر في الأول والآخر .

إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.



#حسنين_قيراط (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطياف راحلة .... قلب عبدالله
- أطياف راحلة .. جميلة
- أطياف راحلة ..صديقي في السكن
- أطياف راحلة
- أطياف راحلة ...أوكسفورد ستريت
- الإنسان بين الرضا والتمني ( 1 )
- الجدة ....من دفتر أبنتي هبه
- حق اليتيم
- رجالات الإسلام
- من دفتر الحياة ( وفاء الأصدقاء )
- هل ينصف قضاة مصر فاطمة مصر
- قالت : متي ؟
- إنكار السنة (1)
- يا أنا
- سنان السكاكين
- كيف عرفت الله (3)
- كيف عرفت الله(2)
- كيف عرفت الله
- خير الدعاء (1)
- سمك لبن تمر هندي


المزيد.....




- رياض شهيد يعود إلى المسرح من خلال الشاعر السياب
- اتحاد الأدباء يحتفي بالباحث والمترجم سعيد الغانمي
- مهرجان - كان- يمنح سعفته الذهبية لفيلم إيراني? وكاميرته الذه ...
- بطل -حريم السلطان- الشهير يواجه حكما بالسجن بسبب -شهادة زور- ...
- الأدب الأنغولي بين الإرث الاستعماري والهوية الأفريقية.. رؤية ...
- الصراع في نقابة الفنانين السوريين يسفر عن مجلس مركزي جديد بد ...
- سوريا.. اسقاط عضوية وتعيينات جديدة في نقابة الفنانين
- فيلم عراقي يحصد جائزة عالمية.. والسبب ’صدام’؟!
- شطب أمل حويجة ونور مهنا من نقابة الفنانين السوريين وتغييرات ...
- صفاء أبو خضرة: قصائدي خيول تحفر المسافات وأكتب الرواية لأكون ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسنين قيراط - أطياف راحلة .. حكاية المصري وابنته