أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيد كاظم القريشي - النقد الأدبي والفني في الأهواز: سؤال الغياب وجدلية التراكم والإبداع














المزيد.....

النقد الأدبي والفني في الأهواز: سؤال الغياب وجدلية التراكم والإبداع


سيد كاظم القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


*النقد الأدبي والفني في الأهواز: سؤال الغياب وجدلية التراكم والإبداع*

بقلم: سيد كاظم القريشي

تواجه الساحة الأدبية والفنية في الأهواز مأزقًا مركبًا يتراوح بين غزارة المحاولات الإبداعية وغياب الحركة النقدية القادرة على استيعاب هذا النتاج وتقييمه وتوجيهه. فعلى الرغم من ظهور أسماء لافتة في مجالات الشعر، القصة، المسرح، الفنون التشكيلية، والرسم، إلا أن المتابع يجد صعوبة في الإشارة إلى تقاليد نقدية ثابتة، أو حتى مساهمات منتظمة تحاول تحليل المشهد أو قراءته بعمق. يكاد يكون غياب المقالات النقدية ظاهرة واضحة، ما عدا بعض النصوص النادرة التي تُكتب غالبًا بطلب مباشر من المبدع نفسه، وكأن النقد قد أصبح خدمة تكميلية للإبداع، لا نشاطًا مستقلًا له شروطه وخطابه ورؤيته.

يُقال إن "النقد يأتي بعد الإبداع"، وهذا قول يبدو منطقيًا من الناحية الزمنية، لكنه يحتاج إلى مراجعة من الناحية المفهومية. فالإبداع لا يعيش في الفراغ، بل ينمو في بيئة تحفّزه وتقرأه وتعيد طرح أسئلته. وما لم توجد هذه البيئة، يبقى الإبداع، مهما كان قيمًا، مهددًا بالانغلاق على نفسه أو بالذوبان في ضوضاء الأسماء والأعمال غير المفروزة. هنا تُطرح الأسئلة الكبرى: هل يجب أن يتراكم الإنتاج الأدبي والفني أولًا كي تنشأ حركة نقدية؟ أم أن وجود حركة نقدية هو شرط أساس لتوجيه هذا التراكم وإكسابه قيمة نوعية؟

الواقع في الأهواز اليوم يُظهر أن التراكم – إن صح التعبير – يتم ببطء، وعلى نحو فردي ومبعثر، دون مشروع جماعي أو توجهات مدروسة. ومع ذلك، فإن هذا الإنتاج، ولو كان متواضعًا في حجمه، يمكن أن يُشكّل مادة أوليّة لنشوء نقد جديد. فالنقد لا يشترط غزارة الإنتاج بقدر ما يشترط وجود عين قادرة على الالتقاط، ومنهجية في القراءة، وأدوات تحليل تستبطن الجمالي واللغوي والاجتماعي معًا. بمعنى آخر، لا يمكن تبرير غياب النقد بضعف الإنتاج فقط، لأن العلاقة بين الإبداع والنقد هي علاقة جدلية، فيها يغذي أحدهما الآخر.

إن النقد، في جوهره، ليس مجرد حكم قيمي على النصوص أو الأعمال الفنية، بل هو ممارسة معرفية وجمالية، تفتح النصوص وتعيد تركيبها وتضعها في سياقاتها الأوسع، سواء الاجتماعية أو التاريخية أو النفسية. حين يغيب النقد، يختل توازن الساحة الثقافية، ويفقد المبدع مرآته، وتتحول العملية الإبداعية إلى نشاط فردي قد يفتقد إلى التطوير والمساءلة.

في الأهواز، لا يمكن إنكار الجهود الفردية التي تُبذل بين حين وآخر في سبيل الكتابة النقدية، سواء في الصحف المحلية أو المنصات الرقمية، لكن هذه الجهود تظل غير منتظمة، وتفتقر في أحيان كثيرة إلى العمق المنهجي أو المرجعية النقدية الواضحة. والأدهى من ذلك، أن بعض المبدعين قد لا يرحبون بالنقد إذا لم يكن مادحًا أو مؤيدًا، ما يخلق مناخًا هشًا يرفض الحوار ويُعلي من شأن المجاملة على حساب الفحص الموضوعي.

إن الساحة الأدبية والفنية في الأهواز اليوم بحاجة ماسّة إلى بناء تقاليد نقدية حقيقية، تبدأ من ورش القراءة، إلى مقالات الرأي، ثم إلى الدراسات التحليلية الموسعة التي تعتمد على مناهج حديثة وتحاور المتن بلغة معاصرة. لا بد من مبادرات تتبناها المؤسسات الثقافية، والجامعات، والمجلات المتخصصة – إن وُجدت – من أجل خلق فضاء نقدي يُعيد الثقة للكتابة التحليلية ويفتح الباب أمام أجيال جديدة من النقاد.

في المقابل، يجب على المبدعين أن يتعاملوا مع النقد لا كخطر يهدد منجزهم، بل كفرصة لفهم أعمق لأعمالهم، ولكشف نقاط القوة والضعف، ولتطوير الرؤية والأسلوب. أما الجمهور، فعليه أن يتعلم من خلال النقد كيفية التذوق والتمييز، لأن الثقافة ليست فقط في الإنتاج، بل في التلقي أيضًا.

قد تكون المقولة القائلة إن "النقد يأتي بعد الإبداع" صحيحة من حيث الترتيب الزمني، لكن على مستوى الفعل الثقافي، لا إبداع يزدهر دون نقد، ولا نقد يستقيم دون مادة يُشتغل عليها. هي علاقة تكاملية، لا تفاضلية، ونحن في الأهواز أحوج ما نكون إلى هذا التكامل، إذا ما أردنا لمشهدنا الأدبي والفني أن يخطو نحو النضج.

*٢٥ مايو ٢٠٢٥*

🔹🔹🔹



#سيد_كاظم_القريشي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية الطين الأخيرة (قصة قصيرة)
- حين ابتسمت المراثي (قصة قصيرة)
- طائر الشقراق ( قصة قصيرة)
- منفى الأساطير (قصة قصيرة)
- انت
- لم يحن دورنا بعد!
- لا يسكب ضوءه القمر على الخيّين
- قصيدة نثرية
- لا تشرق الشمس علي ضريح سيد زكي (قصة قصيرة)
- شعر (صور فتوغرافية لحياة مابعد الحداثة)
- يأتي يوم الأحد بعد الثلاثاء (شعر)
- عبید الماء


المزيد.....




- الشعب السوري وثقافة رفض التطبيع
- محمد لخضر حمينة... المخرج الذي -فتح عيون العالم- على معاناة ...
- محافظة خوزستان الإيرانية: بوابة التجارة والثقافة
- مجموعة مسلحة تُهدّد الفنان باسم ياخور بعد عودته إلى دمشق وتم ...
- مسؤولون فرنسيون: انقطاع الطاقة في اليوم الأخير من مهرجان كان ...
- اغنية.. لقد فات الأوان
- إضاءة نقدية على القصيدة العمودية المعاصرة
- بريتني سبيرز تعتذر عن الفضيحة التي تسببت بها على متن الطائرة ...
- مخرج إيراني معارض للنظام يفوز بجائزة ذهبية في مهرجان كان الس ...
- زاخاروفا: كيسليتسا يكذب بقوله إن الوفد الأوكراني تحدث باللغة ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيد كاظم القريشي - النقد الأدبي والفني في الأهواز: سؤال الغياب وجدلية التراكم والإبداع