أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيد كاظم القريشي - لا تشرق الشمس علي ضريح سيد زكي (قصة قصيرة)














المزيد.....

لا تشرق الشمس علي ضريح سيد زكي (قصة قصيرة)


سيد كاظم القريشي

الحوار المتمدن-العدد: 7486 - 2023 / 1 / 9 - 15:23
المحور: الادب والفن
    


*لا تشرق الشمس على ضريح سيد زكي

*- هل تتركيني؛ لو اطّلعتِ على سرّي؟*

وأشيح بوجهي عن وجهها؛ احدّق في اصابع رجليّ وأنا متوسّد حجرها؛ أصابعي تتحرك

*- وما هو سرّك أيها الشقي؟*

تبتسم وتداعب وجنتيّ بطرف ظفيرتها

*- سرّي هو أنني أحبكِ ولا اطيق فراقكِ*

*- لا بأس بك أيها المجنون*

تنحني عليّ وتقبّلني..
أذهب للقرية كلّ خميس. قاطعاً عشرات الكيولومترات. أصل قبل المساء إلى المقبرة حيث ضريح سيد زكي. أركن السيارة خلف الأحراش. أدلف إلى الضريح.بعدما تخلو المقبرة من الزوار.. تستقبلني روائح البخور وماء الورد. الضوء خافت داخل الضريح. القماش الأخضر يغطّي القبر. صور الأئمة تملأ الجدران. صورة رجل مهيب واضع سيفه على فخذيه. يجلس إلى جانبه أسد. وصورة كبيرة أخرى لمحارب بأزياء المحاربين القدامى وقد دخل هو وفرسه إلى الماء ليملأ قربته وصور أخرى..

*- تعالي يا سنونوتي؛ فأنا اتحرّق شوقاً للقائك. تعالي واطفئي ظمئي بقبلاتكِ قبل أن يفتت مهجتي..*

اجلس عند رأس القبر وأقرأ الفاتحة؛ وأشعل سيجارة؛ آخذ نفساً عميقاً وانفخ الدخان نحو الشبابيك. هناك صندوق حديدي أسفل الشباك على شمال القبر وبه فتحة صغيرة لدسّ النقود. وعليه قفل ذهبي اللون من طراز جديد. في الركن البعيد من الغرفة يقبع مهد حديدي لا يظهر منه الّا قطعة صفيح على شكل منارة مصبوغة باللون الأخضر. تغطيه أقمشة وأشرطة ملونة كثيرة. أنتظر حتى يحلّ الظلام.

*- أيها الليل؛ يا صديقي؛ اسكب ظلالك على القرية ليعمّ الهدوء.*

تأتي بوجل متلحفة بالصمت. تضع الصرّة التي تحملها على القبر وترمي بنفسها علي

*- اهلا بك يا ملاكي؛ اهلا بك يا حبيبي يا (بعد طوايفي) .. يا (بعد اچلاي)*

و تطوقني بذراعيها؛ تعانقني؛ تقبلني في نحري وتدسّ رأسها بين ذراعي. اقبّلها وأدس أنفي بين ظفائرها. نقضي ردحاً من الوقت متلاصقَين. تضغط نهديها على صدري وتناجيني.

*- لماذا تتأخر عليّ دائما يا مهجتي*

وتسرد لي ماجرى عليها في الفترة التي لم نلتق فيها

*- انا هنا الآن؛ لماذا تذرفين الدموع يا روحي وريحانتي؟*

*- أنت أيضا دموعك غالية يا طفلي الصغير!*

تمسح دموعي ونضحك معا وننسى كل شيء وأنسى سرّي الدفين..

*- ضمّني بقوة؛ أريد أن تتكسر أضلعي على صدرك*

وأنا اضمها بقوة جاهداً ألا ترى دموعي و آلامي

*- قبلني؛ كم اشتهي أن تلمس شفاهك شفاهي*

و أنا استسلم لها ولما تفعله.

*
هي تعيش وحيدة في بيت اخيها أو بالأحرى في ركن بعيد منه في قرية عرب ناصر. أذهب للقرية بحجة زيارة المرقد الواجم في الركن الغربي منها.. تأتي إليٌ ما إن ترى عيون الناس قد أفَلَت. تجلب الخبز واللبن. نفترش الأرض عند الرأس بعد طقوس اللقاء. ونأكل كطفلين وديعين. ونحلم بأماس ربيعية. ونكركر كالأطفال ونقهقه كالصبيان. ونغوص في الأماني والذكريات.
في قمة النشوة يفزّ ألم في جوفي؛ يجتاحني قلق يسوّط فؤادي؛ أشعر بحمّى تسري في عروقي يخيٌم الأسى على صدري وتصيبني القشعريرة.

*- ماذا دهاك؛ لماذا هذه الدموع؟.. لماذا لا تخبرني سرّك*

تسورًها الدهشة والقلق. ويطوقها الأسى. تمسح دموعي وتمسٌد على رأسي

*- سري هو أنني احبكِ*

أعانقها وأدس رأسي بين نهديها.

*
كنا أطفالا حين التقينا في ذلك الضريح لأول مرٌة. ذهبنا أنا وأمي إليه. حلقت أمي شعري ووضعته في كيس

*- أنت منذور لسيد زكي يا ولدي*

ظهرت من ناحية الشط. تمشي على مهل؛ تحمل الاواني؛ جلبتها لأمي من بيتهم. فهم قيّمون على الضريح. نظرت إلى يافوخي وكركرت

*- (صنديحة طگ الریحة)*

كانت فتاة سمراء، تمتلك قواما رشيقا، ترتدي فستانا اخضر؛ و لها ظفيرتان متدليان على كتفها؛ يشعان بسواد صارخ تحت ضوء الشمس. يبدو أنها في الثامنة من العمر كما أنا..
واستمرت الزيارات وتكررت اللقاءات.. عشقتها حدّ الجنون وأحبتني حدّ الهيام.

*
جلستُ القرفصاء في سيارتي.. طأطات راسي كي لا يراني أحد. رأيتها وهي تخرج بمعيّة العريس. تتلفت يميناً و شمالاً لعلّ يأتي فارس أحلامها لينقذها من كابوسها لكن دون جدوى. رأيت النداء في عينيها

*- أين أنت يا طفلي؛ أين أنت يا صغيري؛ لماذا لا تأتي وتنقذني*

و الدموع تحفر الأخاديد على وجنتيٌ

*- قل لي أنني أرى حلما وهذا ليس إلّا كابوساً*

وتنزّ من صدري شهقة.. ستتركني وستنام في احضان الغرباء..

*
منذ سنة ولم أذهب لزيارتها.. انقطعت عنها .. قاطعتها.. انقطعت اخباري عنها..

*- لن تريني بعد اليوم*

*- مجنون!*

وضربتني بكفها على قفاي..كيف أصارحها .. لا اريد تعاستها.. هي لا تعلم سرٌي.. هي لا تعلم بمأساتي..

*
بعد عام جاء اليها رجل لم تره في حياتها.. خطبها.. وافق اخوها.. لم تستطع ان تبوح بسرها.. أخرجوها من بيت أخيها ببدلة بيضاء محاطة بناس كانت تفر منهم إلى أحضاني.. اركبوها السيارة. مازالت تتلفت يمينا وشمالا. انطلقت السيارة.
ترجّلتُ من السيارة. خرجت من مخبئي. كنت آتي إلى هنا استقصي أخبارها. أذهب نحو الضريح. أشعل شمعه و أبكي عند المزار

*- هل ستشرق الشمس عليك يا سيد زكي بعد اليوم. لطالما توسّلت إليك لتعيد لي رجولتي.. لتعيد لي عضوي الذكري. أما تعلم بأنني فقدته في طفولتي بفعل لدغة أفعى.*

*٧ يناير ٢٠٢٣*



#سيد_كاظم_القريشي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر (صور فتوغرافية لحياة مابعد الحداثة)
- يأتي يوم الأحد بعد الثلاثاء (شعر)
- عبید الماء


المزيد.....




- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيد كاظم القريشي - لا تشرق الشمس علي ضريح سيد زكي (قصة قصيرة)