|
هل يمكننا الاحتفال في الأول من حزيران يونيو باليوم العالمي للطفل وللوالدين بلا إقرار بالمأساة التي نعيشها؟
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 22:14
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
احتفال الأول من حزيران يونيو بين عيد الطفل والطفولة وخيار عيد الوالدين احتفالا بالأبناء وحماية لهم؟ — ألواح سومرية معاصرة يحتفل العالم باليوم العالمي للوالدين كما أقرته الأمم المتحدة باتجاه رعايتهما للأبناء كما يحتفل باليوم العالمي للطفل مثلما اختير من اتحاد النساء الديموقراطي العالمي بمؤتمر موسكو 1949 إنما يهمنا من هذه المعالجة التركيز على الطفل والطفولة بخاصة شرق أوسطيا وعراقيا بما تتعرض له من ظروف تهديد مستمرة فضلا عن عما اُرتُكِب فعليا من جرائم بحقهما في ظروف الانفلات السياسي وسطوة سلطة ميليشيياوية مافيوية على الحكم بعدد من بلدان المنطقة.. فأين العيد واحتفالاته وأين ظروف الأبناء من الأطفال وطفولتهم والآباء وإمكانات حماية الأبناء في الظرف الترهيبي الراهن بما يختزن من أشكال حروب محلية وإقليمية!؟ معالجة جد موجزة تتطلع للاستكمال بمناسبتين رديفتين هما ((ضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء ومهامنا في مكافحة عمل الأطفال)) وكلاهما مما نال وينال من الطفولة في بلداننا المنهوبة.. شاكرا لكم لطف الاطلاع والتفاعل ***
نبذة تاريخية:
تعددت الأيام الدولية العالمية، وهي بمجموعها منصات رمزية لتأكيد موقف إنساني أممي من قضية أو إشكالية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتلبية الغاية السامية للاحتفالية الأممية الشعبية والرسمية. ومن بين تلك الاحتفاليات المهمة الكبيرة نتعرف إلى قضية الطفل والطفولة وما عملت البشرية وحركات السلاسم والتقدم من أجله لمعالجة تلك الإشكالية وأولويتها.
ففي العام 1925 جاء إعلان (المؤتمر الدولي لحماية الأطفال) في جنيف بسويسرا كانت التوصية الأولى بيوم مخصص للطفل، تمكيناً للطفل وللطفولة وتلبية لمصالحهما وللاعتراف بحقوق الطفل واحتياجاته كافة. وعلى الرغم من أن توصية الأمم المتحدة باليوم العالمي للطفل قد جاءت في العام 1954 وعلى وفق خيارات كل بلد فإنَّ كثيراً من البلدان اختارت قرار الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي للاحتفال بالأول من يونيو حزيران وذلك بقرار مؤتمره المنعقد في موسكو في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني 1949. وقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم منذ العام 1950. فيما تمَّ اختيار العشرين من نوفمبر - تشرين الثاني، بعد عقود لاحقة في اتخاذ للذكرى السنوية لإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ((إعلان حقوق الطفل)) عام 1959 فضلا عن ((اتفاقية حقوق الطفل)) الصادرة في العام 1989.
ولقد شرعت دول العالم وأقاليمه السياسية بمنظماته الإقليمية المعروفة باختيار أيام للطفل على وفق القرار الأممي من جهة وعلى وفق تطلعات إبراز الهوية المحلية للشعوب وتعزيز قدراتها التنافسية في الاهتمام بالطفل والطفولة.. ومن ذلك إبراز جامعة الدول العربية لظروف الطفل الفلسطيني باختيار الأول من أكتوبر من كل عام احتفالا بيوم الطفل العربي وهو اليوم الذي استشهد فيه محمد الدرة حيث أكدت على حق الطفل في الحماية بوصفه احد أبرز الحقوق الاساس التي كفلتها اتفاقية حقوق الطفل. واختار مجلس التعاون الخليجي الاحتفال بيوم الطفل الخليجي في 15 يناير كانون الثاني بقراره الصادر في 4 يناير 2020. تسليطاً للأضواء على حقوق الأطفال والتوعية بها بمختلف الميادين المعنية بقضاياهم، مثل الميدان الصحي والميدان التربوي التعليمي، مع التركيز على تعزيز الهوية الخليجية لدى الأطفال، وتوسيع المدارك في ضوء تجسيد ثقافات كل دولة خليجية وتقاليدها. كما يمكننا أن نشير إلى توكيد القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل وهو القانون المعروف باسم قانون وديمة، توكيده على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، وعلى توفير كل الفرص اللازمة لتلبية متطلبات تحقيق ذلك، إذ يعمل القانون على حماية الطفل من كل مظاهر الإهمال والاستغلال، وسوء المعاملة، ومن أي عنف بدني ونفسي.
عراقياً كانت حكومة بغداد [الاتحادية] قد قرّرت في اسنة 2007 الاحتفال في الثالث عشر من يوليو - تموز من كلّ عام بيوم الطفل العراقيّ لمناسبة استذكار ضحايا العراق من الأطفال ممن وقع صريع التفجيرات الإرهابية.
معطيات الاحتفال وأهدافه:
يعبر الاحتفال باليوم العالمي للطفل عن توجه البشرية لتحمل المسؤولية كاملة بمسيرة تلبية حقوق الأطفال في التعبير عن أنفسهم، وواجب الإنسانية جمعاء لفهم أفكار الأطفال من أجل عالم أفضل، مع إدراج أولويات الأطفال في مجمل الأنشطة النوعية للبشرية اليوم.
ومن الطبيعي أن يكون هذا اليوم منصةً لتعزيز الترابط الدولي في تبني مهمة إذكاء الوعي بين أطفال العالم والانتباه على التزامات المجتمعات تجاه تحسين رفاهية الأطفال وقبل ذلك خلاصهم من المعاناة وأشكال التهديد الوجودي..
ومن المفيد هنا إعادة توكيد موضوعة حقوق الطفل بوصفها الأساس للاحتفالية العالمية بما يشمل هنا الحق في التعبير عن الرأي، والحق في المساواة وحظر التمييز، إلى جانب حقوق أن يحيوا في أمن وأمان وضمان لحيواتهم في أن تُلبَّى حقوقهم في الصحة، والتعليم، والبيئة النظيفة، وفي الحماية من كل أشكال الأذى البدني والنفسي. ومجمل ما نصَّت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل لعام 1989، ونذكّر هنا بأن الاتفاقية المعنية هي معاهدة حقوقية حازت على أكبر قدر من التصديقات في العالم.
للاحتفال باليوم العالمي للطفل
كانت اليونيسيف والأمم المتحدة اختارت في العام 2024، شعار “الاستماع إلى المستقبل” توكيداً على أهمية الإصغاء للطفل والطفولة؛ اعترافاً بأدوارهم الكبيرة في البنية الوجودية للحاضر وفي تشكيل المستقبل وتلبية أسس بنائه..
وبات اعتماد فعاليات بعينها ضرورة تتسم بها احتفالية اليوم العالمي للطفل لعل من بين أبرزها:
تنظيم اليوم الرياضي بمختلف شعاراته المعنية بالطفل والطفولة والاهتمام بحمايتهما. تنظيم أنشطة ترفيهية من قبيل تنظيم رحلات ميدانية مجانية للأطفال تتضمن توزيع الهدايا والحاجات المناسبة الجميلة عليهم. تنظيم زيارات لأولئك الأطفال الموجودين في المستشفيات مع تخصيص وقت مناسب للتخفيف عنهم. تنظيم أنشطة توعوية تثقيفية من مثل النهوض بمهمة توزيع كتب ودوريات مجانية تفعيلا للتوجه نحو أعمق اهتمام بالقراءة. إعداد الشارات والجوائز أو الهدايا الدالة على الاحتفال بهذا اليوم ومعانيه وارتداء تلك الشارات والميداليات المخصوصة. الاهتمام الإعلامي الموجه نحو تعزيز احترام الطفل لذاته وبناء شخصيته الإيجابية وإظهار أفضل مشاعر الحب والرعاية ووسائلها في التعامل معه.. استعراض القضايا الخاصة والعامة بوساطة المتخصصين بمختلف ميادين العلوم والمعارف والعمل النقدي المناسب لكل ما يتعرض له الأطفال في كل مجتمع على وفق ما يمر به.. حول بعض معاني الطفل والطفولة والاحتفال بهما
قانوناً وبصفة عالمية يتحدد الطفل بالإنسان منذ ولادته حتى مرحلة بلوغه.. والطفل ومؤنث هذه المفردة هو (الطفلة) إنما يعبر عن مصطلح يُطلق عادةً على الإنسان بين تاريخ ولادته ومرحلة بلوغه. إذ يشير المعجم إلى المولود ما دامَ ليّنا ناعما رَخْصا بتسمية طفل. ولابد من التوكيد هنا على حاجة الإنسان في هذه المرحلة من عمره للرعاية والحماية كيما يمضي بنموه بصورة صحية صحيحة.. ومن دون ذلك تبرز معضلات ليس له حسب بل لمجمل مستقبل جيله والبشرية جمعاء بسبب الخلل الذي سيعترض نموه قيميا وجوديا.. من هنا اختارت الأمم المتحدة يوما بل شهرا لحماية الطفل وهو ما اعتادت الأمم المتحدة منذ مدة على اعتماده بين 20 نوفمبر وعشرين ديسمبر من كل عام بمسمى شهر حماية الطفل والطفولة.. وهنا تبرز الحماية من ((العنف)) بأشكاله.
وحماية الطفل يلزم أن تكون تلك التي تؤدي المهمة تجاه كل شكل من أشكال الإيذاء والإهمال وأسبابهما ونتائجهما من تلك التي قد يتعرض لها الطفل في بيئته المحيطة سواء كانت في البيت أم المدرسة أم في أيٍّ من الأماكن العامة أو دور الرعاية والتربية ومؤسساتهما الحكومية والخاصة الأهلية أو الأسر البديلة أو ما في حكم كل ذلك، والحماية تكون للطفل تجاه أي طرف أو شخص سواء كان ممن له ولاية أو سلطة أو مسؤولية عليه أو له به علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالطفل أو لم يكن له أية علاقة أي من الغرباء عنه..
سمات تتميز بها اتفاقية حقوق الطفل
لقد اتسمت الاتفاقية بأنها اتفاقية حقوقية حظيت بأكبر عدد من المصادقات في التاريخ، ما جعلها سارية في كل دول العالم، حيث وفَّرت إطارا قانونيا وقيميا أخلاقيا مشتركا لتلبية حقوق الطفل.والارتقاء بها. فيما تغطي هذه الاتفاقية ميادين شاملة متنوعة منها:
فيما يلي بعض المميزات الأخرى لاتفاقية حقوق الطفل: الصحة، التعليم، الرعاية، الحماية من سوء المعاملة، وأشكال الإساءة والاستغلال مع التركيز في صياغاتها على الطفل والطفولة حصرا من أجل رعاية النمو والحماية التامة؛ وتركز الاتفاقية على إشراك الطفل في اتخاذ القرارات التي تخصه بما يكفل تعبيره الحر عن رأيه بكامل المساواة ومن دون تمييز بأي أساس كان سواء كان سواء اللغة أو الهوية القومية أو الدينية أو المذهبية أو أية أسباب أخرى للتمييز…
نماذج شرق أوسطية وانتهاكات خطيرة لمبادئ الاتفاقية
ما يهم بجميع الأحوال أن هذه الاتفاقية من الشمول والمصادقة تأتت من أكبر عدد من دول العالم ما يحتم عليها الالتزام الدولي الأوسع ببنودها وأحكامها حيث باتت الاتفاقية معياراً دوليا بشأن حماية الطفل والطفولة مما لا يمكن غض النظر عنه..
ويهمني أن أسجل ملاحظاتي حول أوضاع الطفل والطفولة في بعض بلدان الشرق الأوسط ومنها فلسطين واليمن ولبنان وسوريا والسودان والعراق..
فلسطينيا ليست الإشارة بتلك العابرة نظرا لتجاوز الخطوط الحمراء تجاه أطفال فلسطين وتحديدا في غزة إذ أن عشرات آلاف تمت تصفيتهم بدم بارد وبلا أي موقف مسؤول من المنظمات المعنية بالحقوق وبضمان أمن الشعوب واستقلال الدول.. إذ تواصل إسرائيل مجازر إبادة جماعية وقع الأطفال تحت قدرات سحق مهولة لمجنزرات الاحتلال من دون وجود طرف يمكنه توفير أبسط أشكال الحماية!!
ومثلهم فإن الحرب الدائرة في السودان تطيح بمزيد من الضحايا بوجود أكثر من 14 مليون نازح ومهجّر وبمجاعة من دون فرص وصول إلى تلك الملايين بالغذاء والدواء وليس بمختلف كثيرا ما حلَّ بأطفال اليمن حيث تقدر المنظمات الأممية تهديدات الجوع والمرض بما يشمل ملايين من أطفال اليمن..
أما في لبنان وسوريا فإن ارتباك الأوضاع وفوضى المرحلة الانتقالية باتجاه الاستقرار مازالت بعيدة عن توفير الأمن والأمان وأي شكل للاستقرار بل أن تصريحات أممية مسؤولة تشير إلى احتمال انفلات الأوضاع وانهيارها نحو الأسوأ بظرف أسابيع..
ما يزيد مأساة الاحتفالية ويصمها بالسوداوية أن دولة مهمة من تلك التي توصف بغنى ثرواتها المادية كالعراق تنعدم فيها العدالة الاجتماعية وتمّحي المساواة في توزيع تلك الثروات بصورة منصفة مع استمرار نظام الاقتصاد الريعي وسوء إدارة مخرجاته بين الاستثماري شبه المعدوم والتشغيلي المشوَّه حيث النهب بأعلى مستوياته..
احتفالية باليوم العالمي للوالدين بالارتباط باحتفالية اليوم العالمي للطفل
دعوني أشير إلى أن الاحتفالية اليوم تصادف أمميا مع الاحتفال باليوم العالمي للوالدين كما قررته المنظمة الدولية حيث بات للأسرة دورها المهم الذي يتطلب اهتمام المجتمع الدولي الأمر الذي جسَّدته قرارات الجمعية العامة الداعمة للأسرة و-أو الأبوين، بدءاً في توكيد دور الوالدين الجوهري الأساس في تربية الأطفال ورعاية نموهم بوصفهما المسؤول الرئيس الأول في الرعاية والحماية في ظل أجواء من المحبة والتفاهم ومعاني الاهتمام والرعاية الكافية لإعداد حياة منتجة ممتلئة بالرضا وخالقة للهوية والتمسك بقيمها الإيجابية وبيئة الاستقرار والأمن والأمان ما يفرض توجها نوعيا نحو السياسات الوطنية والاستثمار الاجتماعي بما يحقق العدالة الاجتماعية ويزيح كلكل الفقر والتفاوت في الثروات المادية والروحية ويعالج مآسي البطالة وظواهر مرتبطة بها.
لقد جاءت احتفالية هذا العام بالوالدين لتكون تحت شعار: ((تزويد الوالدين بالوقت والموارد وأشكال الدعم لإنجاز مهامهم التربوية)) ومن هنا سيركز شهر التربية لليونيسيف على أهمية تزويد مقدمي الرعاية بالمعرفة والأدوات التي يحتاجونها، الأمر الذي يجابه عراقيل بخلفية صعود قوى تتحكم بالسياسات بصيغ تضحي بأولوية الصحة والتعليم وموازناتهما وتهمل عن قصد عناصر الرعاية وتحمل الآباء والأمهات ما لا طاقة لهم في مجابهتها بظل نهج التقشف والتقتير وأسلوب اقتطاع الأموال لحساب الحروب على حساب الاهتمام بتلبية الحاجات الأساس الضرورية.
وسيصادف الرابع من يونيو حزيران اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء فيما سنحتفل في الثاني عشر من حزيران يونيو باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال ما سيكون لنا وقفة فيهما لاستكمال معالجة أوضاع الطفل بالمنطقة والعالم..
لكننا هنا بصدد التحدث عن أوضاع أطفال العراق بخاصة ما مروا به طوال أكثر من عقدين من انفلات الأوضاع وسطوة نهج السلطة الطائفية وحكمها الميليشياوي المافيوي.فما هي فرص توصيف الأوضاع وقراءة المجريات الراهنة وما تتسم به:
1. تتسم الأوضاع العامة بانهيار الخدمات الصحية للطفل والطفولة بصورة تهدد حيوات ملايين الأطفال.، سواء بالتشوهات المرضية أم بالتصفيات بمختلف أشكالها. 2. يساق ما يقارب المليون طفل عراقي نحو سوق العمل بالإكراه فضلا عن ظروف العمل ومخاطر أنماط منه هناك ابتزاز مضاعف ليس أسوأها أجور تلك الجهود الغضة ولكن الأسوأ هنا ما يُفرض عليهم من قسوة وسياقات استغلال والتحول بهم نحو الاتجار! 3. ينال الفقر من 47% من أطفال العراق حسب اليونسكو ولكن النسبة التي يقدرها المختصون فعليا تصل إلى مستوى يفوق الـ60% من أطفال العراق بينهم نسب ليست قليلة ممن يقعون بمنطقة الفقر المدقع.. 4. إن نسب الفقر العالية أرسلت الأطفال بخاصة منهم من هم دون سن الـ15 سنة كما يحدد القانون العراقي إلى الأعمال الخطرة المحظور وجودهم فيها.. كما دفعت بهم لاستغلال مضاعف إذ تحرمهم من كرامتهم، وتلحق أشد الأذى بنموهم الجسدي والذهني النفسي مثلما تنتهك أوضاعهم الاجتماعية. 5. الأنكى هنا أن التجنيد القسري للأطفال بات ظاهرة منفلتة تمارسها الميليشيات المسلحة وهو أمر جد خطير بتأثيراته المركبة المعقدة.. 6. يسحب الفقر ملايين الأطفال ليضعهم خارج العملية التعليمية فإذا كان هذا الحجم يُرسل إلى سوق العمل المضني فإنه بالحقيقة لا يكتفي بحرمانهم من اللهو واللعب الذي تنمو فيه فرص خبرات الأطفال بل يحرمهم من التعليم وأي شكل للدراسة ما يشيع الأمية من جهة ويحرمهم المستقبل المناسب للعيش الحر الكريم.. 7. لابد هنا من التأكيد على التراجع الاجتماعي بكل ميادينه ولعل نسبة لا تقل عن 42% من النازحين والمهجرين باتوا يجبرون بناتهم الصغيرات على الزواج المبكر دون السن القانوني، لأسباب شتى منها تخفيف الأعباء المالية عن كواهلهم ومنها سيطرة مفاهيم مرضية مجترة من أزمنة ظلامية متخلفة والكارثة أن مجلس نواب أحزاب الطائفية والمحاصصة شرعن لهذا الانتهاك الخطير. إن عراقاً تتحكم به السلطة الطائفية يبقى بلا استراتيجيات تتناسب وأحجام المشكلات البنيوية التي يجابهها وبهذا الميدان فإن أقل تقدير إحصائي يشير لمليون طفل يعانون الحرمان والاشتغال بأعمال خطرة وشيوع الأمية بالحرمان من التعليم ومن ثم تفشي فرص استغلالهم وتعنيفهم بداء بالعنف الأسري وليس انتهاء بعنف الشارع ولكن عنف من يشغلهم ومن يتاجر بهم ويستعبدهم..
وإذا كان لابد من الإشارة إلى أنماط الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل العراقي فإن الانتهاكات الجنسية التي تفتضح منها أو تلك التي يتم التكتم عليها. هي برأس قائمة الانتهاكات التي تعجز عنها وعن رصدها ولا أقول معالجتها اليوم مختلف المؤسسات الخاوية والقوانين التي تشرعن الاغتصاب بمسميات الدين السياسي وخطابه الماضوي الظلامي.. أما الانتهاكات العاطفية من قبيل تعرض الطفل للازدراء و-أو الاحتقار والتنمر هو مما لا يخضع لأي اهتمام بغاية المعالجة.. فيما تلتحق بهذا التراكم الكارثي تلك الانتهاكات الجسدية للإنسان الغض الرهيف أي للأطفال لنرصد منها ظواهر إيذاء أو إصابة بدنية قد تحدث عن قصد من شخص آخر ترافقها ظواهر الإهمال والتهميش والإقصاء مما ينظر إليه على انه من الوقائع العابرة فيتم التغافل عنها، فتصنع شخصية بلا مستقبل إنساني سوي..
فعن أي احتفال بالطفل وبالوالدين العاجزين عن رعايته ولا نقول حمايته بعد أن باتت السلطة للمال الفاسد في جبهة وللسلاح المنفلت في جبهة أخرى وكلاهما يرتكبان تصفية الحساب مع الطفل والطفولة بنزعة سادية متوحشة وبلا ارتباط أو خضوع لقانون أو عرف أو أخلاق.. إن مرور المناسبة في الأول من يونيو حزيران ليس سوى ومضة بفضاء معتم مظلم بما يييلبد الأجواء بغيوم وعواصف أول ضحاياها هم الأطفال وأذكر أن من وُلِد العام 2003 بات اليوم بفعل التشوهات ومن وقع تحت تأثيرها حصرا بعمر يدير مفضلا من مفاصل القوى التخريبية في مجتمع يخضع لكل أفاعيل الجريمة باختلاف مساراتها فما بالنا والآتي من نسب أطفال متضخمة هو ما يأتي بإفرازات تشويه تلك الأجيال الجديدة المسحوقة المستعبدة الكجهَّلة الموضوعة تحت سلطة الخرافة المقدسة وتوجهات أمراء الحرب الطائفية واقتسام الثروات وتحويل الأتاوات لمن يديرهم من خلف حدود الجارة ومرجعيتها الدينية العليا لأطراف باتت أداة الخراب حتى ينتفض الشعب مجددا بمعركته للتحرر والانعتاق..
عندها فقط يمكننا أن نتحدث عن الطفل والطفولة والاحتفال بهما وعن الوالدين وقدرات العطاء الصائب للتربية والرعاية وحماية الأبناء.. كل عام وأطفال العالم أقرب لعيش الحياة الحرة الكريمة التي يستحقونها وللحصول على الصحة والتعليم وفضاءات العيش الكريم وأخص هنا منهم أطفال شرقنا الأوسط والعراق وسطه حصرا… بعض الأرقام من مصادر في النت بخاصة مصدر المنظمة الدولية
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهام ربط احترام التنوع الثقافي بمسيرة بناء جسور العلاقات الإ
...
-
في اليوم الدولي للاتصالات ومجتمع المعلومات: ما الذي يدفع الح
...
-
الاستبداد ومناورات إعادة تخليقه المتكرر شرق أوسطياً؟
-
منجزات أخرى جديدة للفنان قاسم الساعدي بضيافة مجتمع يدرك غنى
...
-
شغيلة العراق في أتون عذابات العيش والمعاناة من المشكلات البن
...
-
في ذكرى الراحل الباقي بأفئدة محبي الأنسنة والتنوير وجماليات
...
-
ومضة بشأن التسامح بوصفه نهجاً تنويري الفلسفة والجوهر وسلوكا
...
-
من أجل تفعيل دور مسرحنا في المساهمة ببناء الشخصية الإيجابية
...
-
ألغام متفجرة بالأجساد وأخرى بالأنفس والأرواح والعقول
-
بين بناء سوريا ديموقراطية بنهج العلمانية أو الوقوع بمصيدة ال
...
-
تهنئة بالعيد الحادي والتسعين للحزب الشيوعي العراقي
-
أسئلة تتطلب إجابة من كل من يهتم بالمسرح العراقي
-
رسالتي السنوية بين شؤون مسرحنا العراقي وشجونه باليوم العالمي
...
-
الحزب والناس ووسائل التحول والتغيير المؤملة
-
ليتعاظم الكفاح من أجل تلبية حق معرفة الحقيقة في يومه الدولي
...
-
في اليوم الدولي لمناهضة التمييز العنصري: العراق وعالمنا المع
...
-
سوريا اليوم بين مطالب الشعب والصراعات الدائرة لفرض البديل
-
ظروف معقدة تجابه المرأة العراقية ومنظومة قيمية متهالكة تفرض
...
-
القضية الكوردية ومسيرة السلام في المنطقة والعالم في ضوء نداء
...
-
من أجل إنهاء جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث
المزيد.....
-
الأونروا: قطاع غزة بحاجة إلى 600 شاحنة مساعدات كل يوم
-
إصابات واعتقالات في الضفة الغربية
-
رئيس الحكومة اللبنانية يعلق على التقارير حول صفقة تبادل الأس
...
-
الأمم المتحدة تطالب بتكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب في بوركينا
...
-
وابل من المسيّرات على كييف وتواصل تبادل الأسرى
-
رئيس الحكومة اللبنانية يعلق على التقارير حول صفقة تبادل الأس
...
-
وسط دعوات لحل الميليشيات.. مئات الليبيين يتظاهرون دعماً لحكو
...
-
وزير حقوق الإنسان التونسي السابق: نواجه تفككا للعقد الاجتماع
...
-
تسع دول أوروبية تدعو لإعادة النظر في الاتفاقية الأوروبية لحق
...
-
الإغاثة الطبية بغزة: ارتفاع عدد الشهداء في الأيام الأخيرة را
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|