الشرعية الدولية للمقاومة الإيرانية تتعزز: من الكونغرس الأمريكي إلى البرلمان البريطاني

عبد المجيد محمد
(Abl Majeed Mohammad)

الحوار المتمدن-العدد: 8348 - 2025 / 5 / 20 - 00:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم يعد نظام الملالي في إيران يواجه ضغوطًا بسبب برنامجه النووي وسجله الحافل بالإرهاب فقط، بل بات اليوم يصطدم بجبهة سياسية دولية آخذة في التوسع، تعترف بشرعية المقاومة الإيرانية وتدعم بديلًا ديمقراطيًا لهذا النظام القمعي. في هذا السياق، يُشكّل القرار 166 الصادر عن مجلس النواب الأمريكي، إلى جانب البيان التاريخي الصادر عن مجلسي البرلمان البريطاني والذي وقّعه أكثر من 560 نائبًا ولوردًا، منعطفًا سياسيًا وقانونيًا ذا أبعاد دولية عميقة.
القرار 166 الذي صادق عليه 220 عضوًا من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لا يُعبّر فقط عن موقف برلماني أمريكي، بل هو إعلان سياسي صريح عن دعم خارطة الطريق التي طرحتها السيدة مريم رجوي من أجل مستقبل إيران، والتي تدعو إلى إقامة جمهورية ديمقراطية علمانية غير نووية، تقوم على الفصل بين الدين والدولة، والمساواة بين الجنسين، واحترام حقوق الإنسان، وإلغاء عقوبة الإعدام. إن هذا القرار يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة النظام الإيراني وخطورته، ويمنح في الوقت ذاته الشرعية السياسية والقانونية للمقاومة الإيرانية باعتبارها الممثل الحقيقي لتطلعات الشعب الإيراني.
أما على الضفة الأخرى من الأطلسي، فقد شكّل البيان الصادر عن مجلسي البرلمان البريطاني خطوة غير مسبوقة في التاريخ البرلماني البريطاني فيما يتعلق بإيران، حيث اجتمع هذا العدد الكبير من النواب واللوردات من مختلف الأحزاب، ليؤكدوا دعمهم للمقاومة الإيرانية وخطة مريم رجوي ذات النقاط العشر. وتضمّن البيان دعوة واضحة لتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، في خطوة تُعتبر ضربة قوية للنظام الإيراني وأذرعه الإرهابية في الخارج.
تنبع الأهمية السياسية لهذه الخطوات من كونها تمثل موقفًا مؤسسيًا رسميًا من دولتين ديمقراطيتين كبريين، وليست مجرد تعاطف شعبي أو سياسي عابر. إنها بداية تشكّل محور ديمقراطي دولي، يرى في النظام الإيراني تهديدًا للسلم الإقليمي والدولي، ويعترف في الوقت نفسه بحق الشعب الإيراني في تغيير هذا النظام. والأهم من ذلك أن هذه القرارات تُبنى على أسس قانونية راسخة، ترتبط بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها، والدفاع المشروع ضد الأنظمة القمعية.
بالنسبة لنظام الملالي، فإن هذا الدعم الدولي العلني للمقاومة يُعد تهديدًا وجوديًا، لأنه يسحب منه ورقة "البديل غير الموجود"، ويفضح محاولاته لتصوير نفسه كخيار وحيد للاستقرار. لقد أصبح البديل واضحًا ومعترفًا به، ولم يعد بالإمكان تجاهله أو التشكيك في شرعيته. وهذا ما يفسر حالة الذعر التي أصابت النظام بعد صدور القرار الأمريكي، حيث انعكس في أكثر من 100 وسائط إعلامية الرسمية في اليوم الأول فقط.
إن هذه التطورات لا يمكن قراءتها بمعزل عن نضال الشعب الإيراني المستمر منذ عقود، والذي بلغ ذروته في انتفاضات 2017 و2019 و2022، حيث عبّر الشعب بصوت واحد عن رفضه القاطع لهذا النظام، وطالب بإسقاطه من جذوره. واليوم، يأتي هذا الدعم الدولي امتدادًا لصوت الداخل، لا بديلاً عنه، ويشكّل عنصرًا حاسمًا في تسريع عجلة التغيير.
ما نشهده اليوم هو اعتراف دولي صريح بشرعية مطالب الشعب الإيراني، واعتراف قانوني بوجود بديل ديمقراطي حقيقي، وتنصيب المقاومة الإيرانية طرفًا معترفًا به في المعادلة السياسية الدولية. وفي ضوء هذا التحول، لم يعد مستقبل إيران رهن قرارات داخلية بحتة، بل أصبح جزءًا من أجندة الديمقراطيات الكبرى، التي بدأت أخيرًا تضع كفة الشعب الإيراني في ميزان علاقاتها مع طهران.
إن النظام الإيراني يترنح اليوم تحت وقع عزلة دولية تتعمق، ومقاومة داخلية تتجذر، وشرعية بديلة تتكرّس. وكل ذلك يقترب من لحظة الحقيقة، حيث يصبح تغيير النظام في إيران ليس فقط مطلبًا شعبياً، بل ضرورة دولية من أجل السلام والعدالة والاستقرار في المنطقة والعالم.

#عبد_المجيد_محمد (هاشتاغ)       Abl_Majeed_Mohammad#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات